الْبَاب الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ فِي الرُّؤْيَا الَّتِي تدل على الْمُلُوك ورؤية الرئيس وَالسُّلْطَان وَغَيرهم والِاسْتِدْلَال بالأسامي على النحس والسعد
رؤيا الملك – تفسير الأحلام للسالمي
قال إبراهيم بن عبدالله: الرُّؤْيَا الدَّالَّة على طول أَعمار الْمُلُوك هِيَ أَن يرى الْملك أَنه يشرب المَاء الْبَارِد العذب الصافي من حَوْض أَو نهر أَو جرة أَو إِنَاء كَبِير فَذَلِك دَلِيل على طول عمره، وَأن يرى الْملك طَعَاما كثيرا يَأْكُل مِنْهُ أكلا شَدِيدا فَهُوَ دَلِيل على طول عمره، لبس الدرْع دَلِيل على طول عمره، أَو يرى أَنه يصعد على سلم طَوِيل كَبِير الأرجل فَهُوَ دَلِيل ارْتِفَاع شَأْنه وَزِيَادَة عمره وَطول ملكه، أَو يرى بساطه مبسوطا وَاسِعًا محكماً جَدِيدا فَإِن ذَلِك دَلِيل على طول عمره.
وسئل إِبْرَاهِيم بن عبدالله عَن الرُّؤْيَا الَّتِي تدل على حسن حَال الْملك عِنْد الله تَعَالَى فَقَالَ: هِيَ أَن يرى الْملك أِنَّه يُصَلِّي مُسْتَقْبل الْقبلة وَيتم ركوعها وسجودها فَذَلِك دَلِيل على حسن حَاله عِنْد الله تَعَالَى، أَو يرى أِنَّه فتح مُصحفا يقْرَأ فِيهِ آيات الله ومرتلا فَذَلِك دَلِيل على حسن حَاله وَبسط الْعدْل وَالْحكمَة واستعماله الْفِقْه وَالسّنة ويستدل أَيْضا بمعنى الْآيَة أو الآيات الَّتِي يَقْرَأها. أو يرى أَن بعض السلف أَو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسلمُونَ عَلَيْهِ مستبشرين غير معرضين عَنهُ حيث أنهم قد فارقوا الدُّنْيَا وصاروا إِلَى دَار الْحق وَلَا يستبشرون بِهِ إِلَّا بعد أَن يعلمُوا حسن حَاله عِنْد الله تَعَالَى، أَو يرى الْملك فِي الرؤْيا أَنه يتبع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ دَلِيل على اتِّبَاع أمره وعَلى حسن حَاله عِنْد الله تَعَالَى، أَو يرَاهُ يعالج حبلاً أَو يفتل لَهُ فَهُوَ دَلِيل على أِنَّه متمسك معتصم بِحَبل الله تَعَالَى.
وَمن رأى أَنه قريب من بعض الْمُلُوك أو السلاطين فِي الْمَنَام فَإِنَّهُ يتقرب إلى ذي سلطان.
وقيل: كل من رأى رُؤْيا خير أو شر للملوك وَلم يكن أَهلا لصحبتهم فَإِن رُؤْيَاهُ ليست بخير وَلَا شَرّ لذَلِك الْملك ولا يؤخذ بها، وَفِي وَجه آخر: إن كَانَ الرَّأْي تقياً صَدُوقًا فسرت رُؤْيَاهُ بِالْخَيرِ أو الشَّر على مَا ينْسب إِلَيْهِ جنسه فِي التَّأْوِيل بِقدر مَا رأى من الْخَيْر وَالشَّر.
لَيْسَ لملك من الْمُلُوك أَن يعزم على أَمر وَعمل وتدبير فِي أَسبَاب مملكته إِلَّا أرَاهُ الله تَعَالَى عاقبة ذَلِك فِي مَنَامه، حفظه أَو نسيه عرفه أَو لم يعرفهُ.
ورؤيا الملك من أصدق الرُّؤْيَا وأصحها لِأَنَّهُ رَاع والخلق لَهُ رعية وَيجب عَلَيْهِ في كل رُؤْيا صغرت أَو كَبرت أن يسْأَل عَنْهَا ويفحص عَن مَعَانِيهَا على قدر علمه وعقله ونظرته أَو من معبريه المعروفين لعلم الْعِبَادَة ليقف على حَقِيقَة رُؤْيَاهُ ثمَّ يسْتَعْمل مَا يجب اسْتِعْمَاله إِلَى أَن تمضي عاقبة رُؤْيَاهُ على طَرِيق محمودة إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وكل ملك أَو سُلْطَان أَو رَئِيس يرَاهُ فِي الْأَحْيَاء فِي بَلَده أَو مدينته كَانَ ذَلِك إحياء سيرته ومذهبه فِي عدله وجوره وفساده وصلاحه.
وكل زِينَة وجمال يرَاهُ فِي لِبَاس الْملك وبساطه وسلاحه وقصره وجاهه ونحو ذلك، كَانَ ذَلِك قُوَّة وَعزا ودولة فِي رياسته وولايته.
فصل فِي رُؤْيَة الْخُلَفَاء والسلاطين وجندهم والأئمة والصالحين
رؤيا السلطان
من رأى أَنه كلم الْخَلِيفَة أَو أعطَاهُ أَشْيَاء أَو كَسَاه أَو قَلّدهُ أَو أعطَاهُ مركوباً فَإِنَّهُ يؤول بسُلْطَان إن كان أهلا لذلك وَشرف يُصِيبهُ فَإِن رأى الْملك والوزير أصَاب عزا دون ذَلِك -دون الخليفة-. فَإِن رأى أنَّه يخْتَلف إِلَى الخليفة فَإِن ذَلِك غنيمَة له.
رؤيا الإمام
وَإِن رأى أنَّه أَقَامَ الصَّلَاة ولي ولَايَة عدل وَإِن تمت صلَاته بشروطها فَإِن كَانَ ذَلِك فِي الْمَوْسِم فَزِيَارة وإن كان أهلا للولاية نالها وَإِن لم يكن أَهلا للولاية نال محنة في أمر من أمور الدُّنْيَا. وَإن رأى أَنه يمشي خلف الإِمَام أَو من ذكرنَا اقْتدى بِهِ وَكَذَلِكَ إِن أردفه على دَابَّته.
رؤيا الصالحين
ورؤية الصَّالِحين دون رُؤْيَة الْأَنْبِيَاء ورؤية الْمَلَائِكَة قد تؤول بالشَّهَادَة ورؤية الْأَنْبِيَاء دين وَشرف وبر فَإِن رأى أَنه تحول نَبيا نَالَ شدة في الدنيا وَأَجرا وثواباً عَظِيما وَإِن تحول ملكا نَالَ عزا وشرفاً وَدُنْيا وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي حَقًا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي.