باب: الْبَاب الثَّالِث
فِي الْحَوَادِث فِي الجو
رؤيا المطر – تفسير الاحلام لابن نعمة
و
رؤيا الرعد
و
رؤيا الرياح
و
رؤيا الجليد
و
رؤيا الصاعقة
و
رؤيا البرد
و
رؤيا البرق
و
رؤيا الرياح
و
رؤيا السحاب
و
رؤيا الثلج
فأما الرعود المزعجة أَو الأمطار أَو الجليد أَو الْبرد المؤذي أَو الصَّوَاعِق المحرقة أَو الرِّيَاح الْعَظِيمَة أَو البروق الْكَثِيرَة أَو الغيوم السود الوحشة كل مِنْهُم دَال على الْخَوْف والحوادث الْعَظِيمَة وَالْأَخْبَار الردية لمن رأى هَذَا فِي الْمَنَام خُصُوصا للمسافرين، فَإِن هدمت دوراً أَو قلعت أشجاراً، أَو أهلكت شَيْئا من الْحَيَوَانَات النافعة وَنَحْو ذَلِك فعدو أَو أمراض أَو وباء أَو طاعون أَو ظلم من الأكابر أَو جوائح أَو غلو أسعار أَو أَخْبَار ردية وَنَحْو ذَلِك لمن أَصَابَهُ فِي شَيْء مِمَّا ذكرنَا وَإِن كَانَ رائي ذَلِك مُسَافر: رُبمَا قطعت عَلَيْهِ الطَّرِيق وَرُبمَا حصل للرائي نكد من أستاذه أَو أحد أَبَوَيْهِ أَو من معلمه أَو بطلت معيشته. قَالَ المُصَنّف: لما أَن ذكرنَا الْآثَار العلوية الدائمة كل وَقت ذكرنَا مَا بَين العلوية والسفلية، وَإِنَّمَا سميناها حوادث لكَونهَا لَا ثبات لَهَا ولندرة وُقُوعهَا، وَذكرنَا مَا دلّت عَلَيْهِ، وَرُبمَا دلّت على الْحَوَادِث فِي ابْن آدم، كَرجل رأى أَن رعداً عَظِيما أزعجه وَكَانَ فِي غير أَوَانه، قلت: يَقع بسمعك صمم، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ تَحت مطر عَظِيم وَهُوَ مَكْشُوف الرَّأْس، قلت لَهُ: يَقع برأسك نزلة عَظِيمَة، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ بردا وَقع عَلَيْهِ وانغرز بجسمه وَرَأسه، قلت: يطلع فِي يَديك ورأسك دماميل أَو جدري، فَوَقع ذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عزمت على السّفر مَعَ الْعَسْكَر، قَالَ: نعم، قلت: تقع فِيك سهاك أَو حِجَارَة أَو جراحات، فَوَقع ذَلِك، وَرَأى إِنْسَان كَأَنَّهُ قد صَار صَاعِقَة، فَقلت لَهُ: أحرقت شَيْئا أم لَا، قَالَ: أحرقت شَجَرَة زيتون، قلت لَهُ: جرى مِنْك أُمُور: أَحدهَا أَنَّك تَكَلَّمت فِي عرض امْرَأَة طيبَة الأَصْل، قَالَ: نعم، وَقلت لَهُ: كنت غَائِبا عَن بلد فِيهِ زيتون قدمت عَلَيْهِ واشتريت ملكا، قَالَ: تعن، وَذَلِكَ لِأَن الصاعقة تسكن فِي الْمَكَان الَّذِي تقع فِيهِ. وَرَأى آخر أَن ريحًا دخلت فِي فَمه حَتَّى كَادَت تخرسه عَن النُّطْق، قلت لَهُ: نخشى عَلَيْك من ريح القولنج، فَكَانَ ذَلِك. وَمثله رأى آخر، قلت: نخشى عَلَيْك أَن يطلع فِي عُنُقك ريح، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ يغزل من الغيوم السود غزلاً مليحاً، قلت: تحب امْرَأَة سَوْدَاء وتغازلها بالأشعار، قَالَ: صَحِيح. وَمثله رَأَتْ امْرَأَة، قلت: أَنْت ماشطة، قَالَت: نعم، قلت: تجمعي مَالا على قدر مَا كَانَ على المغزل، فَكَانَ كَذَلِك.
فصل: وعَلى رَأْي اليونانيين من أحرقته الصاعقة إِن كَانَ فَقِيرا اسْتغنى، وَإِن كَانَ غَنِيا افْتقر، وَإِن كَانَ خَائفًا أَمن، وغن كَانَ آمنا خَافَ، وَإِن كَانَ عبدا عتق، وَإِن كَانَ حرا أسر أَو حبس، وَإِن كَانَ مَرِيضا عوفي، وَإِن كَانَ سليما مرض، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: إِنَّمَا قَالَ اليونانيون ذَلِك لكَون أَن رائي ذَلِك يعْدم بِخِلَاف الْمَيِّت فَإِن جِسْمه بَاقٍ، وضد الْأَمْن الْخَوْف، وضد الْفقر الْغنى، وضد الْحَيَاة الْمَوْت، فَإِذا عدم فِي الْمَنَام بالصاعقة أَو النَّار ذهب مَا كَانَ فِيهِ فَدلَّ على مَا ذكرنَا، بِخِلَاف الْمَيِّت فَإِن جِسْمه بَاقٍ فِي الْوُجُود وَتصرف الْأَصْحَاب والأعداء فِيهِ نَافِذ من تغسيله وتكفينه وَدَفنه وَنَحْو ذَلِك، والمحرق بِخِلَاف ذَلِك.
فصل: وَأما الغيوم الملاح أَو الرِّيَاح الطّيبَة والنور والأمطار المفيدة والثلوج فِي أَمَاكِن نَفعهَا فدليل على الْفَوَائِد لمن ينْتَفع بهَا فِي الْمَنَام، وعَلى الخصب والراحة، وعَلى عدل الأكابر، وَالْأَخْبَار الطّيبَة، والفائدة مِمَّن دلّت السَّمَاء عَلَيْهِ. قَالَ المُصَنّف: إِذا كَانَت الغيوم وَغَيرهَا على الْعَادة فَلَا كَلَام، وَإِنَّمَا الْكَلَام إِذا أكل الغيوم وطعمها طيب، دلّ على أُمُور مِنْهَا: أَنه يُفِيد من الأكابر وَمن الْمُسَافِرين وَمن الزراعات والمياه وَنَحْو ذَلِك. فَأَما إِذا وَضعه موضعا لَا يَلِيق، كَمَا رأى رجل أَنه أَخذ سَحَابَة وَجعلهَا بَين ثِيَابه، قلت لَهُ: سرقت كيساً أَو شقة من جليل الْقدر وَخفت أَن يظْهر عَلَيْك فَأعْطيت ذَلِك لامْرَأَة، قَالَ: نعم، لِأَن السَّحَاب أشبه شَيْء بِمَا ذكرنَا. وَقَالَ آخر رَأَيْت أنني أبيع الغيوم، قلت: أَنْت تبيع السفنج، قَالَ: نعم. لِأَن السفنجة تسمى غيمة. وَمثله قَالَ آخر، قلتك أَنْت تبيع الْقطن، قَالَ: نعم.