تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الثالث والأربعون: في رؤيا الأشجار المثمرة و ثمارها و الأشجار التي لا تثمر وتأويل رؤيا البستان و الكرم و الربيع
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الثالث والأربعون: في رؤيا الأشجار المثمرة و ثمارها و الأشجار التي لا تثمر وتأويل رؤيا البستان و الكرم و الربيع
البستان دال على المرأة، لأنّه يسقى بالماء فيحمل ويلد. وإن كان البستان امرأة، كانت شجرة قومها وأهلها وولدها ومالها، وكذلك ثماره. وقد يدل البستان المجهول على المصحف الكريم، لأنّه مثل البستان في عين الناظر وبين يدي القارئ، لأنّه يجني أبداً من ثمار حكمته، وهو باق بأصوله مع ما فيه من ذكر الناس، وهو الشجرة القديمة والمحدثة، وما فيه من الوعد والوعيد بمثابة ثماره الحلوة والحامضة. وربما دل مجهول البساتين على الجنة ونعيمها، لأنّ العرب تسميه جنة، وكذلك سماه الله تعالى بقوله: {أيَودُّ أحَدُكُمْ أنْ تَكونَ تكون له جنة مِنْ نخيل وأعْنابٍ تجْري مِنْ تحْتِها الأنهار}. وربما دل البستان على السوق وعلى دار العرس، فشجره موائدها، وثمره طعامها. وربما دل على كل مكان أو حيوان يشتغل منه ويستفاد فيه، كالحوانيت والخانات والحمامات والأرحاء والمماليك والدواب والأنعام وسائر الغلات، لأن شجر البستان إذا كان، فهو كالعقدة لمالكها، أو كالخدمة والأنعام المختلفة لأصحابها.
وقد يدل البستان على دار العالم والحاكم والسلطان الجامعة للناس، والمؤلفة بين سائر الأجناس، فمن رأى نفسه في بستان نظرت في حاله وزيادة منامه، فإن كان في دار الحق، فهو في الجنة والنعيم والجنان، وإن كان مريضاً مات من مرضه وصار إليها إن كان البستان مجهولاً، وإن كان مجاهداً نال الشهادة، سيما إن كان فيه امرأة تدعوه إلى نفسها، ويشرب فيه لبناً أو عسلاً من أنهاره، وكانت ثماره لا تشبه ما قد عهده، وإن لم يكن شيء من ذلك ولا دلت الرؤيا على شهادة، نظرت إلى حاله، فإن كان عزباً أو من قد عقد نكاحاً، تزوج أو دخل بزوجته ونال منها، ورأى فيها على نحو ما عاينه في البستان ونال منه في المنام من خير أو شر، على قدر الزمان.
فإن كانت الرؤيا في أدبار الزمان وإبان سقوط الورق من الشجر وفقد الثمر، أشرف منها على ما لا يحبه، ورأى فيها ما يكرهه من الفقر وعارية المتاع، أو سقم الجسم.
وإن كان ذلك في إقبال الزمان وجريان الماء في العيدان، أو بروز الثمر وينعها، فالأمر في الإصلاح بضد الأول، وإن رأى ذلك من له زوجة ممن يرغب في مالها أو يحرص على جمالها، اعتبرته أيضاً بالزمنين وبما صنع في المنام من قول أو سقي أو أكل ثمرة أو جمعها. فإن رأى ذلك من له حاجة عند السلطان أو خصومة عند الحاكم، عبرت أيضاً عن عقبى أمره ونيله وحرمانه بوقته وزمانه، وبما جناه في المنام من ثماره الدالة على الخير أو على الشر، على ما يراه في تأويل الثمار.
وأما من رأى معه فيه جماعة ممن يشركونه في سوقه وصناعته، فالبستان سوق القوم، يستدل أيضاً على نفاقها وكسادها بالزمانين والوقتين. وكذلك إن وقعت عينه في حين دخوله إليه على مقبل حمامه أو فندقه أو فرنه، فدلالة البستان عائدة على ذلك المكان، فما رأى فيه من خير أو شر عاد عليه، إلا أن يكون من رآه فيه من أجير أو عبد يبول فيه أو يسقيه من غير سواقيه، أو من بئر غير بئره، فإنّه رجل يخونه في أهله أو يخالفه إلى زوجته أو أمته، فإن كان هو الفاعل لذلك في البستان، وكان بوله دماً، أو سقاه من غير البحر، وطئ امرأة إن كان البستان مجهولاً، وإلا أتى من زوجته ما لا يحل له إن كان البستان بستانه، مثل أن يطأها بعدما حنث فيها، أو ينكحها في الدبر أو في الحيض.
وقيل إنّ البستان والكرم والحديقة هو الاستغفار، والحديقة امرأة الرجل على قدر جمال الكرم وحسنه وقوته وثمرته مالها وفرشها وحليها وذهبها، وشجره وغلظ ساقه سمنها، وطوله طول حياتها، وسعته سعة في دنياها، فإن رأى كرماً مثمراً فهو دنيا عريضة، ومن رأى أنّه يسقي بستانه، فإنّه يأتي أهله، ومن دخل بستاناً مجهولاً قد تناثر ورقه، أصابه هم، ومن رأى بستانه يابساً، فإنه يجتنب إتيان زوجته.
الشجر المعروف عددها، هم الرجال، وحالهم في الرجال بقدر الشجرة في الأشجار، فإن رأى أنّه زاول منها شيئاً، فإنّه يزاول رجلاً بقدر جوهر الشجرة ومنافعها. فإن رأى له نخلاً كثيراً، فإنّه يملك رجالاً بقدر ذلك، إذا كانت النخل في موضع لا يكاد النخل تكون في مثل ذلك الموضع، وإن كانت في مثل بستان أو أرض تصلح ذلك، فإنَّ جماعة النخل عند ذلك عقدة لمن ملكها، فإن رأى أنّه أصاب من ثمرها، فإنّه يصيب من الرجال مالاً، أو من العقدة مالاً، ويكون الرجال أشرافاً، والعقدة شريفة، على ما وصفت من حال النخل وفضله على الشجر في الخصب والمنافع.
وإن كانت شجرة جوز، فإنّه رجل أعجمي شحيح نكد عسر، وكذلك ثمره، هو مال لا يخرج إلا بكد ونصب، فإن رأى أنّه أصاب جوزاً يتحرك وله صوت، فإنّ الجوز إذا تحرك أو صوت أو لعب به، فإنّه صخب ويظفر القامر بصاحبه، وكل ما يقامر به كذلك، إذا قمر صاحبه ظفر بما طلب، وأصل ذلك كله حرام فاسد، فإن رأى أنّه على شجرة جوز، فإنّه يتعلق برجل أعجمي ضخم، فإن نزل منها فلا يتم ما بينه وبين ذلك الرجل. فإن سقط منها أو مات، فإنّه يقتل على يد رجل ضخم أو ملك، فإن انكسرت به هلك ذلك الرجل الضخم، وهلك الساقط إذا كان رأى أنّه مات حين سقط، فإن لم يمت حين سقط، فإنّه ينجو. وكذلك لو رأى أن يديه أو رجليه انكسرتا عند ذلك، فإنّه يشرف على هلاك وينال بلاء عظيماً، إلا أنّه ينجو بعد ذلك.
وكذلك كل شجرة عظيمة تجري مجرى الجوز، وتنسب في جوهرها مثل الجوز إلى العجم.
وشجر السدر رجل شريف حسيب كريم فاضل مخصب بحسب الشجرة وكرم ثمرتها.
والنبق مال غير منقوش، وليس شيء من الثمار يعدله في ذلك خاصة.
شجر الزيتون رجل مبارك نافع لأهله، وثمره هم وحزن لمن أصابه، أو ملكه أو أكله. وربما دلت الشجرة أيضاً على النساء، لسقيها وحملها وولادتها لثمرها، وربما دلت على الحوانيت والموائد والعبيد والخدم والدواب والأنعام، وسائر الأماكن المشهورة بالطعام والأموال، كالمطامر والمخازن، وربما دلت على الأديان والمذاهب، لأنّ الله تعالى شبه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة، وهي النخلة، وقد أولها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجل المسلم، وأول الشجرة التي أمسكها في المنام، بالصلاة التي أمسكها على أمته.
قال المفسرون: وإذا دلت الشجرة على عمل صاحبها وعلى دينه ونفسه، دل ورقها على خلقه وجماله وملبسه، وشعبها على نسبه وإخوانه واعتقاداته، ويدل قلبها على سرائره وما يخفيه من أعماله، ويدل قشرها على ظاهره وجلده وكل ما تزين به من أعماله، ويدل ماؤها على إيمانه وورعه وملكه وحياته، لكل إنسان على قدره، وربما رتبوها على خلاف هذا الترتيب، وقد ذكرته في البحور.
فمن رأى نفسه فوق شجرة أو ملكها في المنام، أو رؤي ذلك له، نظرت في حاله وفي حال شجرته، فإن كان ميتاً في دار الحق نظرت إلى صفة الشجرة، فإن كانت الشجرة كبيرة جميلة حسنة، فالميت في الجنة ولعلها شجرة طوبى فطوبى له وحسن مآب، وإن كانت شجرة قبيحة ذات شوك وسواد ونتن، فإنه في العذاب، ولعلها شجرة الزقوم قد صار إليها لكفره أو لفساد طعمته، فإن رأى ذلك المريض، انتقل إلى أحد الأمرين على قدره وقدر شجرته، وإن كان حياً مفيقاً نظرت إلى حاله، فإن كان رجلاً طالب نكاح أو امرأة لزوج، نال أحدهما زوجاً على قدر حال الشجرة وهيئتها إن كانت مجهولة، أو على طبع نحو طبعها ونسبها وجوهرها إن كانت معروفة، وإن كان زوج كل واحد منهما في اليقظة مريضاً، نظرت إلى الزمان في حين ذلك، فإن كانت تلك الشجرة التي ملكها أو رأى نفسه فوقها في إقبال الزمان، قد جرى الماء فيها، فالمريض سالم قد جرت الصحة في جسده وظهرت علامات الحياة على بدنه، وإن كان في إدباره، فالمريض ذاهب إلى الله تعالى وصائر إلى التراب والهلاك.
وإن رآها في حانوته أو مكان معيشته، فهي دالة على كسبه ورزقه، فإن كانت في إقباله، أفاد استفاد. وإن كانت في إدباره، خسر وافتقر. وإن رآها في مسجد، فهي دالة على دينه وصلواته. فإن كانت في إدبار الزمان، فإنه غافل في دينه لاه عن صلواته، وإن كانت في إقباله، فالرجل صالح مجتهد قد تمت أعماله وزكت طاعته. وأما من ملك شجراً كثيراً، فإنّه يلي على جماعة ولاية تليق به، إما إمارة أو قضاء أو فتوى، أو إمامة محراب، أو يكون قائداً على رفقه، و رئيساً على سفينة، أو في دكان فيه صناع تحت يده، وعلى هذا ونحوه.
وأما من رأى جماعتها في دار فإنّها رجال أو نساء أو كلاهما يجتمعان هناك على خير أو شر، فإن رأى ثمارها عليها والناس يأكلون منها، فإن كانت ثمارها تدل على الخير والرزق فهي وليمة وتلك موائد الطعام فيها، وإن كانت ثمارها مكروهة تدل على الغم فهو مأتم يأكلون فيه طعاماً، وكذلك إن كان في الدار مريض، وإن كان ثمرها مجهولاً نظرت، فإن كان ذلك في إقبال الشجر كان طعامها في الفرح، وإن كان في إدبارها كان مصيبة، سيما إن كان في اليقظة قرائن أحد الأمرين.
وأما من رأى شجرة سقطت أو قطعت أو احترقت أو كسرتها ريح شديدة، فإنّه رجل أو امرأة يهلكان أو يقتلان، يستدل على الهلاك بجوهرها أو بمكانها وبما في اليقظة من دليلها، فإن كانت في داره فالعليل فيها من رجل أو امرأة هو الميت أو من أهل بيته وقرابته وإخوانه، أو مسجون على دم أو مجاهد أو مسافر، وإن كانت في الجامع فإنّه رجل أو امرأة مشهوران يقتلان أو يموتان موتة مشهورة. فإن كانت نخلة، فهو رجل عالي الذكر بسلطان أو علم، أو امرأة ملك، أو أم رئيس، فإن كانت شجرة زيتون فعالم واعظ أو عابر أو حاكم أو طبيب، ثم على نحو هذا يعبر سائر الشجر على قدر جوهرها ونفعها وضرها ونسبها وطبعها.
ومن رأى أنّه غرس شجرة فعلقت، أصاب شرفاً أو اعتقد لنفسه رجلاً بقدر جوهرها لقول الناس: فلان غرس فيه، إذا اصطنعه. وكذلك إن بذر بذراً فعلق أو لم يعلق ذلك، فإنّه هم. وغرس الكرم نيل شرف، وقيل: من رأى في الشتاء كرماً حاملاً أو شجرة فإنّه يعثر بامرأة أو رجل قد ذهب مالهما أو يظنهما غنيين.
وشجرة السفرجل رجل عاقل لا ينتفع بعقله، والصفرة ثمرها.
وشجر اللوز رجل غريب.
وشجر الخلاف رجل مخالف لمن والاه مخالط لمن عاداه.
وشجرة الرمان رجل صاحب دين ودنيا، وشوكها مانع له من المعاصي، وقطع شجرة الرمان قطع الرحم. وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ قائلاً يقول: إن شئت أن تنال العافية من مرضك فخذ لا ولا فكله، فقال ابن سيرين: إنّما ذلك يدل على أكل الزيتون لأنّ الله تعالى قال: {زَيْتُونَة لا شَرْقِيّة ولا غرْبِيّة}.
وحكي أيضاً عنه أنَّ رجلاً أتاه فقال: رأيت كأني أصب الزيت في أصل شجرة الزيتون، فقال له: ما قصتك؟ قال: سبيت وأنا صبي صغير فأعتقت وبلغت مبلغ الرجال، قال فهل لك امرأة؟ قال: لا ولكني اشتريت جارية، قال انظر فإنّها أمك. قال: فرجع الرجل من عنده وما زال يفتش عن أحوال الجارية حتى وجدها أمه.
وحكي عنه أيضاً أنّ رجلاً أتاه فقال: رأيت كأني عمدت إلى أصل زيتون فعصرته وشربت ماءه. فقال له ابن سيرين: اتق الله فإنَّ رؤياك تدل على أنَّ امرأتك أختك من الرضاعة، ففتش عن الأمر فكان كما قال.
ومن رأى شجرة مجهولة الجوهر في دار، فإنَّ ناراً تجتمع هناك أو يكون هناك بيت نار، لقوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشّجَرِ الأخْضَرِ نارَاً}. وربما كانت الشجرة في الدار أو في السوق مشاجرة بين قوم إذا كانت الشجرة مجهولة، لقوله تعالى: {يحَكموكَ فيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ}. وأما الشجر العظام التي لا ثمر لها مثل السرو، والدلب، فرجال صلاب ضخام لا خير عندهم، وما كان من الأشجار طيب الريح، فإنَّ الثناء على الرجل الذي تنسب إليه تلك الشجرة مثل ريح تلك الشجرة، وكل شجرة لها ثمر فإنَّ الرجل الذي ينسب إليها مخصب بقدر ثمرها في الثمار في تعجل إدراكها ومنافعها. والشجر التي لها الشوك رجل صعب المرام عسر، ومن أخذ ماء من شجرة فإنّه يفيد مالاً من رجل ينسب إلى نوع تلك الشجرة، ومن رأى أنّه يغرس في بستانه أشجاراً فإنّه يولد له أولاد ذكور أعمارهم في طولها وقصرها كعمر تلك الأشجار، فإن رأى أشجاراً نابتة وخلالها رياحين نابتة فإنهم رجال يدخلون ذلك الموضع للبكاء والهم والمصيبة.
الكرم والعنب، الكرم دال على النساء لأنّه كالبستان لشربه وحمله ولذة طعمه، ولا سيما أنّ السكر المخدر للجسم يكون منه، وهو بمثابه خدران الجماع مع ما فيه من العصير، وهو دال على النكاح لأنه كالنطفة. وربما دل على الرجل الكريم الجواد النافع لكثرة منافع العنب، فهو كالسلطان والعالم والجواد بالمال، فمن ملك كرماً كما وصفناه تزوج امرأة إن كان عزباً، أو تمكن من رجل كريم، ثم ينظر في عاقبته وما يصير من أمره إليه بزمان الكرم في الإقبال والإدبار، فإن كان ذلك في إدبار الزمان وكانت المرأة مريضة هلكت من مرضها، وإن كانت حاملاً أتت بجارية، وإن كان يرجو فرجاً أو صلة أو مالاً من سلطان أو على يد حاكم أو سلطان أو امرأة كالأم والأخت والزوجة، حرم ذلك وتعذر عليه، وإن كان عقد نكاحها تعذر عليه وصول زوجته إليه، وإن كان موسراً افتقر من بعد يسر، وإن كان في إقبال ونفاق في سوقه وصناعته تعذرت وكسدت، وإن كان ذلك في إقبال الزمان والصيف فالأمر على ذلك بالضد منه، ويكون جميع ذلك صالحاً.
والعنب الأسود في وقته مرض وخوف، وربما كان سياطاً لمن ملكه على قدر عدد الحب، ولا ينتفع بسواد لونه مع ضر جوهره. والعنب الأبيض في وقته عصارة الدنيا وخيرها، وفي غير وقته مال يناله قبل الوقت الذي كان يرجوه.
والزبيب كله أسوده وأحمره وأبيضه خير ومال.
ومن رأى أنّه يعصر كرماً فخذ بالعصير واترك ما سواه، وهو أن يخرج الملك ويملك من ملك العصير غصباً. وكذلك عصير القصب وغيره، لأنّ العصير ومنافعه يغلب ما سواه من أمره مما يكون معه مما لم تمسه النار، إلاّ ما يتفاضل فيه جوهره. وقيل من التقط عنقوداً من العنب نال من امرأته مالاً مجموعاً، وقيل العنقود ألف درهم. وقيل: إنّ العنب الأسود مال لا يبقى، وإذا رآه مدلى من كرمه فهو برد شديد وخوف. وقد قال بعض المعبرين: العنب الأسود لا يكره، لقوله تعالى: {سكراً ورِزْقاً حَسَناً}. وكان زكريا عليه السلام يجده عند مريم فهو لا يكره وأكثر المعبرين يكرهونه. وقيل: إنّه كان بجوار ابن نوح حين دعا عليه أبوه، وكان أبيض اللون، فلما تغير لونه تغير ما حوله من العنب، فأصل الأسود من ذلك.
وما كان من الثمار لا ينقطع في كل أبان وليس له حين ولا جوهر يفسده، فهو صالح كالتمر والزبيب، وما كان منها يوجد في حين ويعدم في حين غيره، فهي في إبانها صالحة إلا ما كان له منها اسم مكروه أو خبر قبيح، وفي غير إبانها فهو مكروه في المآل. وما كان له أصل يدل على المكروه فهو في إقباله هم وغم، وفي غير حينه ضرب أو مرض، كالتين، لأنّ آدم عليه السلام خصف عليه من ورقه وعوتب عليه عند شجرته، وهو مهموم نادم، فلزم ذلك في كل حين ولزم شجرته وورقه كذلك.
وكل ما كان من الثمار في غير إبانه مكروهاً صرفت بكروهه، فما كان أصفر اللون كان مرضاً، كالسفرجل والزعرور والبطيخ مع ضرره في غير إبانه، وغير أصفرها هموم وأحزان. فإن كانت حامضة كانت ضرباً بالسياط لأكلها، سيما إن كان عدداً، لأنّ ثمر السوط طرفه، والشجر التي هي أصل الثمر في إدبارها عصاً يابسة. وما كان له اسم في اشتقاقه فائدة، حمل تأويله على لفظه إن كان ذلك أقوى من معانيه، كالسفرجل الأخضر في غير وقته تعب، وأصفره مرض. والخوخ الأخضر توجع من هم أو أخ، وأصفره مرض. والعناب في وقته ما ينوبه من شركة أو قسمة، وأخضره في غير وقته نوائب تنوبه وحوادث تصيبه، ويابسه في كل حين رزق آزف، وشجرته رجل كامل العقل حسن الوجه، وقيل رجل شريف نفاع صاحب سرور وعز وسلطنة.
والإجاص في وقته رزق أو غائب جاء أو يجيء، وفي غير وقته مرض جاء إن كان أصفر، أو هم جاء إن كان أخضر. فإن رأى مريض أنّه يأكل إجاصاً، فإنّه يبرأ. وما كان له اسم مكروه وأصل مكروه جمعا عليه في كل حين، كالخرنوب خراب من اسمه، ولما يروى عن سليمان عليه السلام فيه. وربما دل التين الأخضر والعنب الأبيض في الشتاء على الأمطار، وأسودهما جميعاً على البرد. وقد يكون ذلك في الليل والأول في النهار، فمن اعتاد ذلك فيهما أو رآه العامة أو في الأسواق أو على السقوف، كان ذلك تأويله، والهم في ذلك لا يزاوله، لأنّ المطر مع نفعه وصلاحه فيه عقلة للمسافر، وعطلة للصناع تحت الهواء، والقطر والهدم والطين.
وقد تدل الثمرة الخضراء في غير إبانها، التي هي صالحة في وقتها، إذا كان معها شاهد يمنع من ضررها في الدنيا، على الرزق والمال الحرام إذا أكلها أو ملكها من ليس له إليها سبيل ومن هو ممنوع منها.
العصير والعصر صالح جداً، فمن تولى ذلك في المنام نظرت في حاله، فإن كان فقيراً استغنى، وإن كانت رؤياه للعامة كأنهم يعصرون في كل مكان العنب أو الزيت أو غيرهما من سائر الأشياء المعصورات، وكانوا في شدة أخصبوا وفرج عنهم. فإن رأى ذلك مريض أو مسجون، نجا من حاله بخروج المعصور من حبسه فإن رأى ذلك من له غلات أو ديون، اقتضاها وأفاد فيها، وإن رأى ذلك طالب العلم والسنن تفقه وتعصر له الرأي من صدره انعصاراً، وإن رأى ذلك عزب تزوج فخرجت نطفته وأخصب عيشه.
وإن كان العصير كثيراً جداً وكان معه تين أو خمر أو لبن نال سلطاناً. ومن رأى كأنه عصر العنب وجعله خمراً أصاب حظوة عند السلطان ونال مالاً حراماً لقصة يوسف عليه السلام.
والتين مال كثير، وشجرته رجل غني كثير المال نفاع يلتجئ إليه أعداء الإسلام، وذلك لأن شجرة التين مأوى الحيات، والأكل منه يدل على كثرة النسل وقال بعضهم: التين رزق يأتي من جهة العراق، وأكل القليل منه رزق بلا غش وأكثر المعبرين على أن التين محمود، لأن الله تعالى عظمه حيث أقسم به في القرآن وقد كرهه من المعبرين جماعة، وذكروا أنه يدل على الهم والحزن، واستدلوا بقوله تعالى في قصة آدم وحواء عليهما السلام: {ولا تَقربَا هَذهِ الشّجَرَة} وقد قال بعضهم: إن التين حزن وندامة لمن أكله أو أصابه.
التفاح هو همة الرجل وما يحاول، وهو بقدر همة من يراه، فإن كان ملكاً فإن رؤية التفاح له ملكه، وإن كان تاجراً فإن التفاح تجارته، وإن كان حراثاً فإن رؤية التفاح حرثه. وكذلك التفاح لمن يراه همته التي تهمه، فإن رأى أنه أصاب تفاحاً أو أكله أو ملكه، فإنه ينال من تلك الهمة بقدر ما وصفت. وقيل: التفاح الحلو رزق حلال، والحامض حرام. ومن رماه السلطان بتفاحة، فهو رسول فيه مناه. وشجرة التفاح رجل مؤمن قريب إلى الناس، فمن رأى أنه يغرس شجرة التفاح، فإنه يربي يتمياً. ومن رأى أنه يأكل تفاحة، فإنه يأكل ما لا ينظر الناس إليه، وإن اقتطفها أصاب مالاً من رجل شريف مع حسن ثناء. والتفاح المعدود دراهم معدودة، فإن شم تفاحة في مسجد، فإنه يتزوج. وكذلك المرأة فإن شمتها في مجلس فإنها تشتهر، وإن أكلتها في موضع معروف، فإنها تلد ولداً حسناً. وعض التفاح نيل خير ومنية وربح.
وقد حكي أن هشام بن عبد الملك رأى قبل الخلافة كأنه أصاب تسع عشرة تفاحة ونصفاً، فقص رؤياه على معبر فقال له: تملك تسع عشرة سنة ونصفاً. فلم يلبث أن ولي الخلافة المذكورة.
الكمثري، أكثر المعبرين يكرهونه ويقولون هو مرض، وقال بعضهم هو مال يصيبه من أصابه أو أكله، لأن نصف اسمه مثري يدل على الثروة. وقيل الأصفر منه مال في مرض، وشجره رجل أعجمي يداري أهله ليستخرج منها مالاً، وقيل: إن المرأة إذا رأت كأنها تملك حمل كمثرى حملت ولداً فولدته. وقيل من أصاب كمثراة ورث مالاً مجموعاً.
الأترج الواحدة ولد، وكثيره ثناء طيب. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {مثل المؤمن الذي يقرأ القران مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب}. وأنشد بعض الشعراء يمدح قوماً:
كأنهم شجر الأترج طاب معاً…نوراً وريحاً وطاب العود والورق
ومنهم من كرهها وعبرها بالمعنى فقال: إنها تدل على النفاق لأن ظاهرها مخالف لباطنها وأنشد:
أهدى له إخوانه أترجة…فبكى وأشفق من عيافة زاجر
ومنهم من أنشد في كراهيتها قول القائل:
أترجة قد أتتك برّاً…لا تقبلنها إذا بررتا
لا تقلبنها فدتك نفسي…فإن مقلوبها هجرتا
وذكر بعضهم أن النارنج والأترج جميعاً محمودان، وأن الكل إذا كان حلواً يدل على المال المجموع، وإذا كان حامضاً يدل على مرض يسير وولد يصيبه منه هم وحزن. والأترجة الخضراء، تدل على خصب السنة وصحة جسم صاحب الرؤيا إذا اقتطفها. والأترجة الصفراء، خصب السنة مع مرض. وقيل: إن الأترج امرأة أعجمية شريفة غنية، فإن رأى كأنه قطعها نصفين رزق منها بنتاً ممراضة وابناً ممراضاً. وإن رأت امرأة في منامها كأن على رأسها إكليلاً من شجرة الأترج تزوجها رجل حسن الذكر والدين. فإن رأت كأن في حجرها أترجة، ولدت ابناً مباركاً. فإن رأى رجل كأن امرأة أعطته أترجة، ولد له ابن. ورمي الرجل آخر بأترجة، يدل على طلب مصاهرة. والنارنج دون الأترج في باب المحمدة، وفوقها في باب الكراهة على قول من كرهه، وقد كرهه أكثرهم لما في اسمه من لفظ النار، وأنشد في معناه:
إن فاتنا الورد زماناً فقد…عوّضنا البستان نارنجنا
يحسب جانيها وقد أشرقت… حمرتها في الكف ناراً جنا
والأترج نظير المؤمن في طعمه وريحه وكرم شجرته وجوهره. ولا تضر صفرته مع قوة جوهره، فمن أصاب منه واحدة أو اثنتين أو ثلاثة، فهي ولد. والكثير منه مال طيب مع اسم صالح، والأخضر منه أجود من الأصفر. وربما كانت الأترجة الواحدة دولة، فإن أكله وكان حلواً كان مالاً مجموعاً. وإن كان حامضاً مرض مرضاً يسيراً.
الخوخ في غير وقته مرض شديد، وقيل إن الحامض من الخوخ خوف. وشجر الخوخ رجل شجاع منفق في الناس، شديد الرأي يجمع مالاً كثيراً في عنفوان شبابه ويموت قبل أن يبلغ الشيب.
المشمش مرض، وأكل الأخضر منه تصدق بدنانير وبرء من مرض، وأكل الأصفر منه نفقة مال في مرض. فإن رأى كأنه يأكل مشمشاً من شجرة، فإنه يصاحب رجلاً فاسد الدين كثير الدنانير. وقيل: إن التقط المشمش من شجرة تزوج بامرأة في يدها مال من ميراث. فإن رأى كأن بعض السلاطين التقط مشمشاً من شجرة التفاح، فإنه يضع في رعيته مالاً غير محمود. وشجرة المشمش رجل كثير المرض. وقال بعضهم: بل هي رجل منقبض مع أهله منبسط مع الناس جريء غير جبان. فإن كانت موقرة بحملها، فإنها تدل على رجل صاحب دنانير كثيرة، وإذا كان مشمشاً أخضر كانت رجلاً صاحب دراهم كثيرة.
ومن كسر غصناً من شجرته، فإنه يجحد مالاً من رجل أو ينكر عليه، أو يترك صلاة أو صياماً أو يفسد مالاً ليس له. فإن كسر من شجرة غيره مثمرة غصناً ليتخذه عصاً، فإنه ينال منه سروراً. وما كان من الثمار والفواكه أصفر فهو مرض، وما كان حامضاً فهو هم وحزن، والأخضر منه ليس بمرض.
السفرجل، قد كرهه أكثر المعبرين وقالوا: إنه مرض لصفرة لونه، ولما فيه من القبض. وقيل: إنه يدل على سفر، وقال قوم إنه سفر واقع مع وفق، وقال بعضهم: إنه سفر لا خير فيه. وأنشد في ذلك:
أهدي إليه سفرجلاً فتطيرا…منه وظل نهاره متفكرا
خاف الفراق لأن أول اسمه…سفر وحق له بأن يتطيرا
وشجرة السفرجل رجل عاقل لا ينتفع بعقله لصفرة ثمرها. وقال بعضهم: إن السفرجل محمود في المنام لمن رآه على أي حال يراه، لأن اسمه بالفارسية بهي وهو خير، والتاجر إذا رآه دل على ربحه، والوالي إذا رآه دل على زيادة ولايته.
ومن رأى أنه يعصر سفرجلاً فإنه يسافر في تجارة وينال ربحاً كثيراً.
والغبيرا، قيل: إنه يدل على إصابة مال، وشجرته رجل أعجمي، وقيل رجل فقير نفاع للناس.
التوت،’ أكله يدل على كسب واسع لصاحب الرؤيا، الأسود منه دنانير، والأبيض منه دراهم، وشجرته رجل صاحب أموال وأولاد.
النبق، وأما النبق فإنه رجل محمود بإجماع المعبرين لشرف شجرته وقوة جوهره، وهو مال ورزق، ورطبه أقوى من يابسه، وليس تضر صفرته، وليس شيء من الثمار يعدله في التأويل. وهو لأصحاب الدنيا مال، ولأصحاب الدين زيادة في الدين وصلاح، وهو مال غير دنانير أو دراهم.
وحكي أن امرأة أتت ابن سيرين فقالت: رأيت كأن سدرة في داري سقطت، فالتقطت من نبقها دوخلتين. فقال: ألك زوج غائب؟ قالت: نعم. قال: فإنه قد مات وترثين منه ألفين.
وقال بعضهم هو رزق من قبل العراق. وأكل النبق للسلطان قوة في سلطانه. وقد تقدم ذكر شجرته في أول الباب.
الموز، وأما الموز فإنه لطالب الدنيا رزق يناله بحسب منبته، ولطالب الدين يبلغ فيه بحسب إرادته قوة في عبادته. وشجرة الموز تدل على رجل غني مؤمن حسن الخلق، ونباتها في دار دليل على ولادة ابن، قال الله تعالى: {وطَلَح مَنْضُود}، وهو الموز. وليس يضر معه لونه ولا حموضته ولا غير أوانه، وهو مال مجموع. وشجرته من أكرم الشجر، وورقها أفضل الورق وأوسعها، ويكون تأويل ذلك حسن خلق من تنسب إليه شجرته.
وكل ثمر حلو سوى ما وصفت مما يغلب عليه صفرة اللون أو يكون حامضاً، لم يدرك في وقته المعروف، فإنه رزق ومال وخير. ويكون بقاؤه بقدر بقاء ذلك الثمر مع الثمار، وخفة مؤونته وتعجيل طلوعه ومنفعته لأهله، إلا العنب الأسود والتين، فإنه لا خير فيهما على حال.
ومن رأى أنه أصاب من الثمر شيئاً فإن ذلك لا بأس به في وقته إذا كان فيه ما يستحب مما وصفت من أنواع الخير من الرزق والدين ومن العلم. فإن كان ضميره أن تلك الثمار من ثمار الجنة، فإنه علم ودين لا شك فيه، وإلا فعلى ما وصفت الشجرة الموقرة، رجل مكثر. ومن التقط من شجرة وهو جالس، فإنه مال يصيبه بلا كد ولا تعب. فإن كلمته الشجرة بما وافقه، كان ما يقال من ذلك أمراً عجباً يتعجب الناس منه. وقيل إن الشجرة امرأة، وذلك إذا كان معها ما يشبه المرأة، وينبغي لتلك المرأة أن تكون أم ملك أو امرأته أو بنت ملك، أو خادم ملك.
اللوز مال، وأكله إصابة مال في خصومة، والتقاطه من الشجر إصابة مال من رجل بخيل. وشجرة اللوز رجل غريب، والحلو منه يدل على حلاوة الإيمان، والمر يدل على كلام الحق. وإن رأى كأنه نثر عليه قشور اللوز، فإنه ينال كسوة. وقيل: إن اللوز اليابس القشر يدل على صخب، وذلك لصوت الخشخشة، وقد يدل أيضاً على حزن.
الفستق مال هين، وشجرته تدل على رجل كريم، فمن أكل فستقاً أكل مالاً هينأ. والجوز الهندي هو النارجيل، قال بعضهم: هو مال من جهة رجل أعجمي ومنهم من قال: هو يدل على رجل منجم. فمن رأى كأنه يأكل جوزاً هندياً، فإنه يتعلم علم النجوم، أو يتابع منجماً في رأيه ويصدقه. وكذلك من رأى أنه كاهن أو منجم، فإنه يصيب في اليقظة جوزاً هندياً.
والبلوط رجل صعب موسر جماع للمال، وشجرته رجل غني وذلك لأن البلوط كثير الغذاء، يدل على شح وذلك لعظمها، أو على زمان ذلك لأنها تتقادم وتكبر. وكذلك تدل على عبودية.
النخل هو الرجل العالم، وولده وقطعه موته، والنخلة رجل من العرب حسيب نفاع شريف عالم مطواع للناس، وأصله عشيرته، وجذوعه نكال، لقوله تعالى: {ولأصلِبَنّكُمْ فِي جُذُوع النّخْل}. وكربه أصحابه يقوى بهم وعلى أيديهم، والسعف زيادة في العيال والذرية. وإصابة النخل الكثير ولاية للوالي وتجارة للتاجر، وللسوقي مكسب. وربما كانت النخلة الواحدة امرأة شريفة كثيرة الخير والذكر. والنخلة اليابسة رجل منافق.
ومن رأى كأن الرياح قلعت النخل، وقع هناك الوباء، وربما كان ذلك عذاباً في تلك البلدة من الله تعالى أو السلطان، وطلعها مال، لقوله تعالى: {لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رزْقَاً لِلعِبَادِ}.
والبلح مال ليس باق، ومن رأى أنه صرم نخلة، فإن الأمر الذي هو فيه من خصومة أو ولاية أو سفر مكروه ينصرم. وخوصها بمنزلة الشعر من النساء. ومن رأى نواة صارت نخلة، فإن هناك ولداً يصير عالماً، أو يكون هناك رجل وضيع يصير رفيعاً. وقال بعضهم: النخل طول العمر.
رأى السيد الحميري رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه في أرض سبخه ذات نخيل، وإلى جانبها أرض طيبة لا نبات فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: أتدري لمن هذه الأرض؟ قال: لا، قال: هذه لامرئ القيس بن حجر، خذ هذا النخل الذي فيها فأغرسه في تلك الأرض الطيبة. ففعلت ما أمرني به، فلما أصبحت غدوت على ابن سيرين وأنا غلام، فقصصت عليه رؤياي، فتبسم وقال: يا غلام أتقول الشعر؟ قلت: لا، قال: أما إنك ستقول الشعر مثل امرئ القيس إلا أنك تقول في أقوام طاهرين. وقد تقدم ذكر النخل في أول الباب.
الرطب رزق حلال وشفاء وفرج. ومن رأى كأنه يأكل رطباً في غير وقته فإنه ينال شفاء وبركة وفرحاً لقصة مريم عليها السلام، وكان في غير أوانه. وقيل: إن أكل الرطب الجني قرة عين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [رأيت الليلة كأني في دار أبي رافع، فأتينا برطب من ابن طاب، فتأولنا أن الرفعة لنا في الدنيا وأن دنيانا قد طابت].
والتمر مال حلال على قدر قلته وكثرته.
ومن التقط من شجرة ثمراً غير ثمرها، فإنه مشتغل بحرام، أو طالب شيئاً لا يجاب له، أو راسم رسوماً جائرة. واقتطاف الثمر من الشجرة يدل على نيل علم من عالم، والتقاطها من أصل الشجرة مخاصمة رجل. وقيل: إن الفواكه للفقراء غنى، وللأغنياء زيادة مال، لقوله تعالى: {وفَاكِهة وأَبّا مَتَاعاً لكم ولأنْعَامكُمْ}. وللخائفين أمن، قال الله تعالى: {يَدعُونَ فِيها بِكُل فَاكهة آمِنين}. وقيل: إن الفواكه الرطبة رزق لا بقاء له، لأنها تفسد سريعاً. واليابسة رزق كثير باق. ومن رأى كأن فاكهة تنثر عليه، فإنه يشتهر بالصلاح والخير. ومن رأى كأنه يقتطف من شجرة موصولة غير ثمرها، فإن رؤياه تدل على صهر سار بار وشريك صالح. ومن رأى في الشتاء شجراً مثمراً فاستحسن ذلك، فإنه يحتاج إلى رجل يظن أنه موسر، فإن لم يجن من ثمرها شيئاً نجا منه على السواء، وإن جنى منه فإنه ينفق من ماله على ذلك بقدر ما جنى.
الرمان مال مجموع إذا كان حلواً وربما كانت الرمانة كورة عامرة، وربما كانت عقدة. وشجرة الرمان رجل وربما كانت امرأة، والرمان الحامض هم وغم.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت في يدي رمانة، فقال: هي امرأة. تتزوجها، فإن أكلتها فجيد.
والرمانة أيضاً ربما كانت ولداً، وتدل للوالي على ولاية بلدة عامرة، وعلى ضيعة فاخرة للدهقان، ومال مجموع للتاجر. وقيل: من رأى كأنه أصاب رمانة حبها أحمر، أصاب ألف دينار، وإن كان حبها أبيض، أصاب ألف درهم. وإن كانت حلوة، كان ذلك في سرور. وإن كانت حامضة، كان في هم وحزن. ومن باع رمانة، فإنه رجل قد اختار الدنيا على الآخرة. فإن رأى كأنه أكل قشور الرمان، عوفي من المرض.
وعصر الرمان وشرب مائه نفقة الرجل على نفسه. وشجرة الرمان تدل على قطع الرحم. وأما الرمان المبهم الذي لا يدرى حلو هو أم حامض، فهو بمنزلة الحلو إلا أن يدل كلام صاحب الرؤيا على غير ذلك.
وأما الأزادرخت، فرجل حسن المعاشرة حسن الاسم لحسن نوره.
الورد ولد أو مال شريف، وقيل: إن الورد يدل على ورود غائب أو ورود كتاب.
وقيل: إن الورد امرأة مفارقة، أو ولد يموت، أو تجارة لا تدوم، أو فرح يزول، لقلة بقاء الورد. ومن رأى كأن شاباً دفع إليه ورداً، فإن عدواً له يدفع إليه عهداً لا يدوم عليه. ومن رأى كأن على رأسه إكليلاً من الورد، فإنه يتزوج امرأة وتقع الفرقة بينهما عن قريب. وإن رأت ذلك امرأة، فهو لها زوج بهذه الصفة. والورد المبسوط، زهرة الدنيا من غير أن يكون لها قوة أو بقاء. وقطع شجرة الورد غم، وقطف الورد سرور، والتقاط الأبيض من بستانه تقبيل امرأة له عفيفة. فإن كان الورد أحمر، فإن امرأته صاحبة لهو وطرب. وإن كان الورد أصفر، فهي امرأة مسقام. والتقاط أزرار الورد الذي لم تفتح، دليل على إسقاط المرأة ولداً. وقيل: إن الورد طيب الذكر. ومن التقط وردة كبيرة الأوراق معروفة، فإنه قبل منه متواترة لامرأة حسناء مليحة يراودها كل إنسان، ترمى بالمقالة القبيحة، وهي بريئة منها.
وقد قال جماعة من المعبرين: إن الرياحين قليلها وكثيرها هم وحزن. والورد بكاء وهم وحزن، إلا ما يرى منها في موضعها الذي تعرف فيه، من غير أن يمسه أو يقلعه. فإن الريحان بكاء إذا نزع من موضعه ومات شجره. فأما ما دام حياً في منبته تجد رائحته، فإنه يكون ولداً وما يشبه ذلك. وكذلك الورد والآس والبهار وكل ما ينسب إلى الرياحين، وكذلك البقول وما لا يعرف عدد أصوله في منابته فإنه هم وحزن. وأكل البقول هم وحزن والنعنع ناع ونعي.
وأما الياسمين، فقد حكي أن رجلاً أتى الحسن البصري رحمه الله فقال: رأيت البارحة كأن الملائكة نزلت من السماء تلتقط الياسمين من البصرة، فاسترجع الحسن وقال: ذهب علماء البصرة. وقد قيل إن الياسمين يدل على الهم والحزن لأن أول اسمه يأس.
وأما القصب، فمن رأى بيده قصبة متوكئاً عليها، فإنه قد بقي من عمره أقله ويفتقر ويموت في الفقر. وكل شيء مجوف لا بقاء له. والقصبة قصب الناس ونميمه، والقصب إنسان معتقل لا دين له ولا وفاء، وقيل: هو أوباش الناس وكلام سوء.
وأما قصب السكر، فمن رأى أنه يمصه فإنه يصير إلى أمر يكثر فيه الكلام ويردده، إلاّ أن كلامه يستحيل فيه. ومن رأى أنه يعصره، فإنه يملك من ملكه خصباً ما لم تمسه النار، ويؤخذ بالعصير ويترك ما سواه، لأن ذكر العصير ومنافعه تغلب على ما سواه من أمره.
الصفصاف رجل رفيع صبور مخلف. ومن رأى كأنه نبت في داره عود وقد اخضر وزاد في الحسن على كل نبات، دل ذلك على زيادة ولد مختار شريف في تلك الدار.
الطرفاء رجل مضر منافق بالأغنياء، وينفع الفقراء.
الصنوبر رجل بعيد رفيع الصوت مقل، سيء الخلق شحيح، تأوي إليه الظلمة واللصوص، كما يأوي إلى الصنوبر الحدأ والبوم والغربان. والباب المتخذ من خشب الصنوبر للسلطان بواب سيء الخلق ظالم، وللتاجر حافظ ظالم لص.
وأما السرو فيدل على الأولاد، وقيل: السرو يدل على طول الحياة وصبر في الأشياء ومنفعة، وذلك بسبب طولها. وقيل أيضاً: شجر الصنوبر للملاحين ولمن يعمل السفن دليل يعرف منه أمر السفينة، وذلك لما يتهيأ من هذه الشجرة من الزفت.
وقال بعضهم: السرو يدل على ولد كريم، لأن معنى الكرم في اللغة السرو ويقال للكريم سري. وأنشد:
إن السري هو السري بنفسه… وابن السري إذا سرى أسراهما
وأما الشوك فرجل بدوي جاهل صعب. وقيل: هو فتنة أو دين. ومن رأى كأنه يجري على الشوك، فإنه يماطل في قضاء الديون. ومن ناله من الشوك ضرر نال من الدين ما يكرهه بقدر ما ناله من الشوك. وكل شجرة لها شوك، فهو رجل صعب بقدر شوكها.
والخشب نفاق في الدين ورجال فيهم نفاق. والحطب رطبه ويابسه كلام نميمة وخصومة. والعصا رجل شريف رفيع بقدر جوهر العصا وقوتها، وهو رجل قوي منيع. والشجرة الكثيرة الشعب، تدل على كثرة إخوان من تنسب إليه، وولده وأقربائه.
وأما شجرة الحنظل فرجل جزوع جبان لا دين له مثر، وقد سماها الله تعالى خبيثة، وقد وصفها بأن لا ثبات لها فقال: {ڪَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْض مَا لهَا مِنْ قَرَار}. وثمره هم وحزن.
الأبنوس امرأة هندية موسرة، أو رجل صلب موسر.
وأما الآجام فرجال لا ينتفع بصحبتهم وفيهم دغل، لأن أصل الدغل الشجر الملتف، والصياد يختفي فيها فيرمي الصيد من حيث لا يعلم الصيد ذلك، فإن رأى أن الأجمة لغيره ملكاً فإنه يقاتل أقواماً هذه صفتهم فيظفر بهم.
شجرة الساج ملك أو عالم أو شاعر أو منجم.
وأما الشجرة المجهولة الجوهر، فمن رآها في داره، فإنها تدل إما على مشاجرة بين أقوام، وإما على نار في تلك الدار.
وأما الربيع فيدل على الدراهم، وقيل: إنه يدل على ولد لا يطول عمره، وامرأة لا يدوم نكاحها، أو ولاية لا تبقى، أو فرح يزول سريعاً. والحشيش والمرعى دين، فمن رأى أنه نبت على كفه حشيش، رأى امرأته مع رجل. فإن نبت على باطن راحته، فإنه يموت وينبت على قبره الحشيش. وكذلك الحلفاء.
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الثالث والأربعون: في رؤيا الأشجار المثمرة و ثمارها و الأشجار التي لا تثمر وتأويل رؤيا البستان و الكرم و الربيع