تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الخامس والثلاثون: في الطيور الوحشية و الأهلية و المائية و سائر ذوات الأجنحة و صيد البحر و دوابه
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الخامس والثلاثون: في الطيور الوحشية و الأهلية و المائية و سائر ذوات الأجنحة و صيد البحر و دوابه
الطائر المجهول دال على ملك الموت، إذا التقط حصاة أو ورقة أو دوداً أو نحو ذلك وطار بها إلى السماء من بيت فيه مريض ونحوه مات. وقد يدل على المسافر لمن رآه سقط عليه، وقد يدل على العمل لمن رآه على رأسه وعلى كتفه وفي حجره أو عنقه، لقوله تعالى: {وكُلِّ إنسانٍ ألزَمُناهُ طائِرَهُ في عُنُقهِ} أي عمله، فإن كان أبيض فهو صاف، وإن كان كدراً ملوناً فهو عمل مختلف غير صاف، إلا أن يكون عنده امرأة حامل، فإن كان الطير ذكراً فإنه غلام، وإن كان أنثى فهو بنت، فإن قصه عاش له وبقي عنده، وإن طار كان قليل البقاء. وأما الفرخ الذي لا يطعم نفسه فهو يتفرخ على من حمله أو وجده أو أخذه، إلا أن يكون عنده حمل، فهو ولد، وكذلك كل صغير من الحيوان، وأما الطائر المعروف، فتأويله على قدره. وأما كبار الطير وسباعها. فدالة على الملوك والرؤساء وأهل الجاه والعلماء وأهل الكسب والغنى، وأما أكلة الجيف كالغراب والنسر والحدأ والرخم، ففساق أو لصوص أو أصحاب شر، وأما طير الماء فأشراف قد نالوا الرياسة من ناحيتين، وتصرفوا بين سلطانين: سلطان الماء، وسلطان الهواء، وربما دلت على رجال السفر في البر والبحر. وإذا صوتت كانت نوائح وبواكي، وأما ما يغني من الطير أو ينوح، فأصحاب غناء ونوح، ذكراً كان الطائر أو أنثى. وأما ما صغر من الطير كالعصافير والقنابر والبلابل، فإنها غلمان صغار: وجماعة الطير لمن ملكها أو أصابها أموال ودنانير وسلطان ولا سيما إن كان يرعاها أو يعلفها أو يكلمها.
البازي: ملك، وذبحه ملك يموت. وأكل لحمه نال من سلطان. وقيل: البازي ابن كبير يرزق لمن أخذه. وقيل البازي لص يقطع جهاراً، ورؤية الرجل البازي في داره ظفر بلص، وقيل إذا رأى الرجل بازياً على يديه مطواعاً وكان يصلح للملك نال سلطاناً في ظلم، وإن كان الرجل سوقياً نال سروراً وذكراً، وأن رأى الملك أنه يرعى البزاة، فإنه ينال جيشاً من العرب أو نجدة وشجاعة. فإن رأى على يده بازياً فذهب وبقي على يده منه خيط أو ريش، فإنه يزول عنه الملك ويبقى في يده منه مال بقدر ما بقي في يده من الخيط والريش.
حكي أن رجلاً سرق له مصحف وعرف السارق، فرأى كأنه اصطاد بازياً وحمله على يده، فلما أصبح أخذ السارق فارتجع منه المصحف.
وجاء رجل إلى معبر فقال: رأيت كأني أخذت بازياً أبيض، فصار البازي خنفساء، فقال: ألك زوجة؟ قال نعم، قال: يولد لك منها ابن. قال الرجل: عبرت البازي وتركت الخنفساء، قال المعبر: التحول أضغاث.
الشاهين: سلطان ظالم لا وفاء له، وهو دون البازي في الرتبة والمنزلة، فمن تحول شاهيناً تولى ولاية وعزل عنها سريعاً.
الصقر: يدل على شيئين: أحدهما سلطان شريف ظالم مذكور، والثاني ابن رفيع. ومن رأى صقراً تبعه فقد غضب عليه رجل شجاع.
الباشق: دون البازي في السلطنة، وقد قيل: إن رأى كأنه أخذ باشقاً بيده، فإن لصاً يقع على يديه في السجن. ومن خرج من إحليله باشق، ولد له ابن فيه رعونة وشجاعة.
وحكي أن رجلاً أتى سعيد بن المسيب فقال: رأيت على شرفات المسجد الجامع حمامة بيضاء، فعجبت من حسنها، فأتى صقر فاحتملها. قال ابن المسيب: إن صدقت رؤياك تزوج الحجاج بنت عبد الله بن جعفر. فما مضى يسيراً حتى تزوجها، فقيل له: يا أبا محمد، بم تخلصت إلى هذا؟ فقال: لأن الحمامة امرأة، والبيضاء نقية الحسب، فلم أر أحداً من النساء أنقى حسباً من بنت الطائر في الجنة، ونظرت في الصقر فإذا هو طائر عربي ليس هو من طير الأعجام، ولم أر في العرب أصقر من الحجاج بن يوسف.
العقاب: رجل قوي صاحب حرب، لا يأمنه قريب ولا بعيد، وفرخه ولد شجاع يصاحب السلطان. ومن رأى العقاب على سطح دار أو في عرصتها، دلت الرؤيا على ملك الموت، فإن رأى عقاباً سقط على رأسه، فإنه يموت، لأن العقاب إذا أخذ حيواناً بمخلبه قتله، فإن رأى أنه أصاب عقاباً فطاوعه، فإنه يخالط ملكاً. ومن رأى عقاباً ضربه بمخلبه، أصابته شدة في نفسه وماله. ومن رأى عقاباً يدنو منه أو يعطيه شيئاً أو يكلمه بكلام يفهمه، فإن ذلك منفعة وخير. وولادة المرأة عقاباً، ولادة ابن عظيم، فإن كانت فقيرة، كان الولد جندياً. وقيل أن ركوب العقاب للأكابر والرؤساء دليل الهلاك، وللفقراء دليل الخير.
النسر: أقوى الطير وأرفعها في الطيران وأحدها بصراً وأطولها عمراً، فمن رأى النسر عاصياً عليه، غضب عليه السلطان، ووكل به رجلاً ظلوماً، لأن سليمان عليه سلام وكل النسر بالطير، فكانت تخافه. فإن ملك نسراً مطواعاً، أصاب سلطاناً عظيماً يملك به الدنيا أو بعضها، ويستمكن من ملك أو أذى سلطان عظيم. فإن لم يكن مطواعاً وهو لا يخافه، فإنه يعلو أمره ويصير جباراً عنيداً ويطغى في دينه، لقصة نمرود، فإن طار في السماء ودخل مستوياً، مات، فإن رجع بعدما دخل في السماء، فإنه يشرف على الموت ثم ينجو، ومن أصاب من ريشه أو عظامه، أصاب مالاً عظيماً من ملك عظيم. فإن سقط عن ظهره، أصابه هول وغم، وربما هلك. فإن وهب له فرخ نسر، رزق ولداً مذكوراً. فإن رأى ذلك نهاراً، فإنه مرض يشرف منه على الموت، فإن خدشه النسر طال مرضه، وقيل النسر خليفة وملك كبير يظفر به من ملكه، ولحم النسر مال وولاية. ومن تحول نسراً طال عمره.
وسباع الطيور كلها: مثل البازي والشاهين والصقر والعقاب والنسر والباشق تنسب إلى السلطان والشرف، فمن حمله طائر منها وطار به عرضاً حتى بلغ السماء أو قرب منها، سافر سفراً في سلطان بعيد بقدر ذلك الطائر. فإن دخل في السماء مات في سفره ذلك. وجميع الطيران عرضاً محمود في التأويل. والطيران مستوياً إلى السماء طاعناً فيها، فهو موت أو هلك أو مضرة.
البوم: إنسان لص شديد الشوكة لا جند له ذو هيبة، وهي من الممسوخ.
القطاة: امرأة حسناء معجبة بحسنها.
البدرج: امرأة حسناء عربية، فمن ذبحها افتضها. ولحم البدرج مال المرأة، وقيل البدرج رجل غدار لا وفاء له.
الحباري: رجل أكول موسر سخي نفاق.
الدراج: قيل إنه مملوك، وقيل إنه امرأة فارسية.
القبجة: امرأة حسناء غير ألوف، وأخذها تزويجها. وقيل لحم القبج كسوة، ومن صاد قبجاً كثيراً، أصاب مالاً كثيراً من أصحاب السلطان. وقيل إصابة القبج الكثير، صحبة أقوام حسان الأخلاق ضاحكين. وقيل إن القبج الكثير نسوة.
واليعقوب: ابن لمن كانت امرأته حبلى، وقيل هو رجل صاحب حرب.
العقعق: رجل منكر غير أمين ولا ألوف، محتكر يطلب الغلاء، وكلامه يدل على ورود خبر من غائب.
الظليم: رجل خصي أو بدوي.
العنقاء: رئيس مبتدع، وكلامها إصابة مال من جهة الإمام، أو نيل رياسة. وقيل إنه يدل على امرأة حسناء.
النعام: امرأة بدوية لمن ملكها أو ركبها، ذات مال وجمال وقوام، وتدل أيضاً على الخصي لأنها طويلة، ولأنها ليست من الطائر ولا من الدواب، وتدل أيضاً على النجيب لأنها لا تسبق، وتدل على الأصم لأنها لا تسمع، وهي نعمة لمن ملكها أو اشتراها ما لم يكن عنده مريض، فإن كان عنده مريض فهي نعيه. ومن رأى في داره نعامة ساكنة طال عمره ونعمته، وفرخها ابن، وبيضها بنات، فإن رأى السلطان له نعامة، فإن له خادماً خصياً يحفظ الجواري.
والظليم: هو الذكر من النعام وذبحه من قفاه لواط، وركوبه ركوب البريد.
الببغاء: رجل نخاس كذاب ظلوم، وهو من الممسوخ. وقيل هو رجل فيلسوف.
البلبل: رجل موسر وامرأة موسرة، وقيل هو غلام صغير وولد مبارك قارىء لكتاب الله تعالى، لا يلحن فيه.
وأما العندليب فهو: امرأة حسنة الكلام لطيفة، أو رجل مطرب أو قارىء. وهو للسلطان وزير حسن التدبير.
الزرزور: رجل صاحب أسفار كالقبج والمكاري، لأنه لا يسقط في طيرانه، وقيل هو رجل ضعيف زاهد صابر مطعمه حلال.
الدبسي: رجل ناصح واعظ.
الخطاف: ويسمى السنونو، وهو رجل مبارك، أو امرأة مملوكة، أو غلام قارىء فمن أخذ خطافاً، أخذ مالاً حراماً، فإن رأى في بيته أو ملكه كثيراً منها، فالمال حلال.
وقيل هو رجل مؤمن أديب ورع مؤنس، فمن أفاده أفاد أنيساً، وقيل من رأى الخطاطيف تخرج من داره سافر عنه أقرباؤه، وهو أيضاً دليل خير في الأعمال والحركة وخاصة في غرس الأشجار. ويدل أيضاً على المعين. وقال بعضهم: من رأى أنه تحول خطافاً هاجم اللصوص منزله.
الخفاش: ويسمى الوطواط، رجل ناسك، وقيل امرأة ساحرة.
الرخمة: إنسان أحمق، وبالنهار مرض، وأخذها يدل على وقوع حرب ودماء كثيرة، وهي للمريض دليل الموت. ومن رأى رخماً كثيراً دخلت بلدة، نزل على أهلها سفك حرام من عسكر. وتدل على أُناس بطالين هجناء، وعلى مغسل الموتى وسكان المقابر.
الشقراق: امرأة جميلة غنية.
والسلوى والصرد: رجل ذو وجهين، والصعوة، امرأة أو جارية أو صبي أو مال. والطيطوي جارية عذراء.
الطاووس: الذكر منها ملك أعجمي حسيب، والأنثى منها امرأة أعجمية حسناء ذات مال وجمال. والجامع بين الطاووس والحمامة، رجل قواد على النساء والرجال. وقيل الطاووس يدل على أُناس صباح ضاحكي السن.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن امرأتي ناولتني طاووساً، فقال له: لئن صدقت رؤياك لتشترين جارية، ويرد عليك في ثمن تلك الجارية من الديون ستة وسبعون درهماً، ويكون ذلك برضا امرأتك. فقال الرجل: رحمك الله، لقد كان أمس على ما عبرت سواء، وردوا علي الديون مقدار ما قلت سواء، فقيل لابن سيرين: من أين عرفت ذلك؟ قال: الطاوسة الجارية، وطاوس من الديون بكلام الأنباط، وأخرجت عدد الدراهم من حروف الطاوس من حساب الجمل: الطاء تسعة، والألف واحد، والواو ستة، والسين ستين.
الغداف: لمن أصابه، نيل سلطان بحق لمن كان من أهله، ولمن يكن من أهله قول حق لا يقبل من قائله. ومن رأى غدافاً فأوقع عليه، دل على قطع للصوص.
الغراب الأبقع: رجل مختال في مشيته متبختر متكبر، وهو من الممسوخ، أو هو رجل فاسق كذاب. وقيل من صاد غراباً، نال مالاً حراماً فى فسق بمكابرة، ومن أصاب غراباً أو أحرزه، فإنه غرور باطل. فإن رأى أن له غراباً يصيد، فإنه يصيد غنائم من باطل. ومن كلمه غراب، اغتم من ذلك ثم خرج عنه. ومن أكل لحم غراب، أصاب مالاً من اللصوص. فإن رأى غراباً على باب الملك، فإنه يجني جناية يندم عليها أو يقتل أخاه ثم يتوب، لقوله تعالى: {فَبَعثَ الله غُرابَاً يبحث في الأرْض}. ومن خدشته الغربان بمخاليبها هلك بشدة البرد، أو شنع عليه قوم فجار، وناله ألم ووجع. وقيل إن الغراب دليل طول الحياة.
رأى الأمير نصر بن أحمد كأنه جالس على سريره، فجاء غراب فنقر قلنسوته بمنقاره، فسقطت عن رأسه، فنزل عن سريره ورفع قلنسوته فوضعها على رأسه، فقص رؤياه على حيوة النيسابوري فقال: سيخرج عليك رجل من أهل بيتك يزاحمك في ملكك، ثم يرجع الأمر إليك. فعرض له أن أبا إسحاق الساماني خرج وشوش عليه الأمر، ثم عاد إليه.
ورأى بعضهم كأن غراباً على الكعبة، فقص رؤياه على ابن سيرين فقال: سيتزوج رجل فاسق امرأة شريفة، فتزوج الحجاج بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ورؤية الغراب في مكان غير محمود، فإن رأى غراباَ في داره، دل على رجل يخونه في امرأته، ويدل أيضاً على هجوم شخص من السلطان داره.
الفاختة: امرأة غير ألوفة، ناقصة الدين، سليطة كذابة. وقيل هو ولد كذاب القمرية: امرأة متدينة، وقيل هو ولد صاحب نعمة طيبة.
الورشان: إنسان غريب، وقيل هو امرأة، ويدل على استماع خبر.
الهدهد: رجل بصير في عمله كاتب ناقد، يتعاطى دقيق العلم، قليل الدين، وثناؤه قبيح لنتن ريحه، وإصابته سماع خبر خير.
العصفور: رجل ضخم عظيم الخطر والمال، خامل لا يعرف الناس حقوقه، ضار لعامة الناس، محتال في أموره، كامل في رياسته، سائس شاطر مدبر، وقيل إنه امرأة حسناء مشفقة، وقيل رجل صاحب لهو وحكايات تضحك الناس منه، وقيل إنّه ولد ذكر. ومن ملك عصافير كثيرة، فإنّه يتمول ويلي ولاية على قوم لهم أخطار، وقيل إنّ العصفور كلام حسن، والقنبرة ولد صغير.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ معي جراباً وأنا أصيد عصافير وأدق أجنحتها وألقيها فيه. قال: أنت معلم كتاب تلعب بالصبيان.
وحكي أيضاً أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي عمدت إلى عصفورة، فأردت أن أذبحها فكلمتني وقالت: لا تذبحني. فقال له: استغفر الله، فإنّك قد أخذت صدقة ولا يحل لك أن تأخذها. فقال: معاذ الله أن آخذ من أحد صدقة. فقال: إن شئت أخبرتك بعددها. فقال كم؟ قال: ستة دراهم. فقال له: صدقت فمن أين عرفت؟ فقال: لأنّ أعضاء العصفورة ستة، كل عضو درهم.
وحكي أنّ رجلاً أتى أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال: رأيت كأنّ في كمي عصافير كثيرة وطيوراً، فجعلت أخرج واحدة بعد واحدة منها وأخنقها وأرمي بها. فقال: أنت رجل دلال، فاتقِ الله وتب إليه.
الكركي: قيل إنسان غريب مسكين ضعيف القدرة، فمن أصاب كركياً صاهر أقواماً أخلاقهم سيئة، وقال بعضهم: من رأى كركياً سافر سفراً بعيداً، وإن كان مسافراً رجع إلى أهله سالماً، وقيل الكراكي أناس يحبون الإجتماع والمشاركة، فإن رأى كراكي تطير حول بلد، فإنه يكون في تلك السنة برد شديد وهجوم سيل لا يطاق. ومن رأى الكراكي مجتمعة في الشتاء، دل على لصوص وقطاع طريق. وهي دليل خير للمسافرين، ولمن أراد التزويج، ولمن أراد الولد. وقيل من أصاب كركياً أصاب أجراً، ومن ركبه افتقر.
الديك: في أصل التأويل عبد مملوك أعجمي، أو من نسل مملوك. وكذلك الدجاج، لأنّهم عند ابن آدم مثل الأسير، لا يطيرون، ويكون رب الدار من المماليك، كما أنّ الدجاجة ربة الدار من الخادمات والجواري. والديك أيضاً يدل على رجل له علو همة، وصوت كالمؤذن، والسلطان الذي هو تحت حكم غيره، لأنّه مع ضخامته وتاجه ولحيته وريشه داجن لا يطير، فهو مملوك، لأنّ نوحاً عليه السلام، أدخل الديك والبدرج السفينة، فلما نضب الماء ولم يأته الإذن من الله تعالى، في إخراج من معه في السفينة، سأل البدرج نوحاً أن يأذن له في الخروج ليأتيه بخبر الماء، وجعل الديك رهينة عنده، وقيل إنّ الديك ضمنه فخرج وغدر ولم يعد، فصار الديك مملوكاً، وكان شاطراً طياراً فصار أسيراً داجناً، وكان البدرج ألوفاً فصار وحشياً. وهو طائر أكبر من الدجاج، أحمر العينين مليح. وقيل إنّ الديك رجل جلد محارب له أخلاق رديئة، يتكلم بكلام حسن بلا منفعة، وهو على كل الأحوال إما مملوك أو من نسل مملوك. وقيل من ذبح ديكاً دل على أنّه لا يجيب المؤذن، وقال بعضهم: من رأى أنّه تحول ديكاً مات وشيكاً. والديوك الصغار مماليك أو صبيان أولاد مماليك. وكذلك الفراريج الإناث أولاد جوار أو عبيد أو وصائف. وجماعة الطيور سبي وأموال رقيق، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رأيت كأنّ ديكاً نقرني نقرة أو نقرتين، أو قال ثلاثة، وقصصتها على أسماء بنت عميس فقالت: يقتلك رجل من العجم المماليك.
وجاء رجل إلى أبي عون الضراب فقال: رأيت كأنّ ديكاً كبيراً صاح بباب بيتك هذا. فجاء أبو عون إلى ابن سيرين فقص عليه تلك الرؤيا فقال له ابن سيرين: لئن صدقت رؤياك، لتموتن أنت بعد أربعة وثلاثين يوماً، وكان له خلطاء وندماء على الشراب، قال فرفع ذلك كله، وتاب إلى الله تعالى من يوم الرؤيا، ومات فجأة كما قال ابن سيرين. فقيل لابن سيرين: كيف استخرجت ذلك؟ قال من حساب الجمل، لأنّ الدال أربعة، والياء عشرة، والكاف عشرين.
الدجاجة: امرأة رعناء حمقاء، ذات جمال، من نسل مملوك أو من أولاد أمة أو سرية، أو خادمة، ومن ذبحها افتض جارية عذراء، ومن صادها أفاد مالاً حلالاً هينئاً، ومن أكل لحمها فإنّه يرزق مالاً من جهة العجم، ومن رأى الدجاجة والطاوسة يهدران في منزله، فإنّه صاحب بلايا وفجور، وقيل الدجاجة وريشها مال نافع.
الحمامة: هي المرأة الصالحة المحبوبة التي لا تبغى ببعلها بديلاً، وقد دعا لها نوح عليه السلام، وتدل على الخبر الطارىء والرسول والكتاب، لأنّها تنقل الخبر في الكتاب، وأصل ذلك أنّ نوحاً بعث الغراب ليعرف له أمر الماء، فوجد جيفة طافية على الماء، فاشتغل بها، فأرسل الحمامة فأتته بورقة خضراء، فدعا لها. فهي لمن كان في شدة أو له غائب بشرى إذا سقطت عليه أو أتت إليه طائرة، إلا أن يكون مريضاً فتسقط على رأسها، فإنّها حمام الموت، ولا سيما إن كانت من اليمام وناحت عند رأسه في المنامِ، وربما كانت الحمامة بنتاً. وأفضل الحمام الخضر، ومن رأى أنّه يملك منها شيئاَ كثيراً لا يحصى، أصاب غنيمة وخيراً. وبعضها بنات وجوار، وبرجها مجمعِ النساء، وفراخها بنون أو جوار. ومن رأى حمامة إنسان فإنّه رجل زان، فإن نثر علفاً لحمام ودعاهن إليه، فإنّه يقود. وهدير الحمامة معاتبة رجل لإمرأة. والبيض منها دين، والخضر ورع، والسود منها سادة نساء ورجال، والبلق أصحاب تخاليط، ومن نفرت منه حمامة ولم تعد إليه، فإنّه يطلق امرأته أو تموت ومن كان له حمائم فإنّ له نسوة وجواري لا ينفق عليهن. فإن قص جناح حمامة، فإنّه يحلف على امرأته أن لا تخرج، أو يولد له من امرأته، أوتحبل.
والحمامة رجل أو امرأة عربية، ومن ذبحها افتض امرأة بكراً، ومن أكل لحمها أكل مال المرأة. والحمام مع فراخهن، سبي مع أولادهن. والحمامة الهادية المنسوبة، خبر يأتي من بعيد. وإن كانت امرأته حبلى ولدت غلاماً.
حكي أن رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أصبت حمامة بيضاء معجبة لي جداً، وكأنّ إحدى عينيها من أحسن عيني حمامة، والعين الأخرى فيها حول قد غشيتها صفرة. فضحك ابن سيرين وقال: إنك تتزوج امرأة جميلة تعجبك جداً ولا يهمك الذي رأيت بعينها، فإن العيب ليس في بصرها، وإنّما هو شيء في بظرها، وتكون سيئة في خلقها وتؤذيك به. فتزوج صاحب الرؤيا امرأة فرأى منها خلقاً شديداً.
الحدأة: ملك خامل الذكر، شديد الشوكة، متواضع ظلوم، مقدر لقربه من الأرض في طيرانه، وقلة خطئه في سيده مع ما يحدث فيه، فمن ملك حدأ وكان يصيد له، فإنّه يصيب ملكاً وأموالاً، فإنّه رأى أنّه أصاب حدأ وحشياً لا يصيد له ولا يطاوعه، ورأى كأنّه ممسكه بيده، فإنّه يصيب ولداً غلاماً لا يبلغ مبلغ الرجال حتى يكون ملكاً. فإن رأى أن ذلك الحدأ ذهب منه على تلك الحال، فإنّ الغلام يولد ميتاَ أو لا يلبث إلا قليلاً حتى يموت. وفراخه أولاده. والواحدة امرأة تخون ولا تستتر. وقيل الحدأة تدل على اللصوص وقطاع الطريق الخطافين والخداعين يخفون الخير عن أصدقائهم.
اللقلق: من الطير، تدل على أناس يحبون الاجتماع والمشاركة، وإذا رآها الإنسان مجتمعة في الشتاء دل على لصوص وقطاع طريق وأعداء محاربين، وعلى برد واضطراب في الهواء، فإن رآها متفرقة، فهي دليل خير لمن أراد سفراً، وذلك لظهورها في بعض أزمنة الشتاء، وغيبوبتها في بعضها، وكما أنّها تغيب ثم تظهر بعد زمان، كذلك تدل على أنّ المسافر يقدم من سفره. وأيضاً فإنّه دليل خير لمن أراد التزويج.
طير الماء: أفضل الطير في التأويل، لأنهن أخصب عيشاً وأقل غائلة. ومن أصابها أصاب مالاً وغنيمة، لقوله تعالى: {ولَحْم طَيْرٍ ممّا يَشْتَهون}، والطائر رجل من الرجال، بمنزلة ذلك الطائر في الطيور في قدرته وسلاحه وطعمته وقوته وريشه وطيرانه وارتفاعه في الجو، فمن رأى أنّه يأكل لحم البط، فإنّه يرزق مالاً من قبل الجواري، ويرزق امرأة موسرة، لأنّ البط مأواه الماء ولا يمله، وقيل إنّ البط رجال لهم خطر، أصحاب ورع ونسك وعفة. ومن كلمته البط، نال شرفاً ورفعة من قبل امرأة.
الأوز: نساء ذوات أجسام وذكر ومال. وإذا صوتن في مكان، فهن صوائح ونوائح. ومن رأى أنّه يرعى الأوز فإنّه يلي قوماً ذوي رفعة، وينال من جهتهم أموالاً، وقيل بأنّ الاوز رجل ذو هم وحزن وسلطان في البر والبحر، ومن أصاب طيراً في البحر ولد له ولد.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أخذت كثيراً من طير الماء فجعلت أذبح الأول فالأول، فقال: إن لم تر دماً فإنّه رياش تصيبه.
ومن رأى الطير يطرق فوق رأسه، نال ولاية ورياسة، لقوله تعالى: {والطير محْشورَة ڪُلٌّ لهُ أوّابٌ}، فإن رأى طيوراً تطير في محله، فإنهّم الملائكة.
وحكي أنّ بعض الغزاة رأى كأنّ حلاقاً حلق رأسه وخرج من فيه طائر أخضر فحلق في السماء، وكأنّه عاد في بطن أمه تالياً: {منْها خَلَقناكُم وفيها نُعِيدكم ومنها نخرِجُكُم تارَة أُخرى} فقصها على أصحابه، ثم عبرها لنفسه فقال: أما حلق رأسي فضرب عنقي، وأما الطائر فروحي، وصعوده إلى الجنة، وأما عودي بطن أمي فالأرض فقتل ثاني يوم رؤياه.
وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأنّ طائراً جاء من السماء فوقع بين يدي فقال: هي بشارة تأتيك فتفرح بها.
النحل: رؤيته تدل على نيل رياسة، وإصابة منفعة. وتدل النحل على أهل البادية وأهل الكد والسعي في الكسب، والحيازة والجمع والتأليف. ومما دل على العلماء والفقهاء وأصحاب التصنيف، لأنّ العسل شفاء، والنحل قد أوحى إليها وألهمت صناعتها وتفقهت في علمها. وربما دلت على العسكر والجند، لأنّ لها أميراً وقائداً وهو اليعسوب، وفيها دواب وبغال، وقيل النحلة إنسان كسوب مخصب نفاع عظيم الخطر، فمن أصاب من النحل جماعة، أو اتخذها أو أصاب من بطونها، أصاب غنائم وأموالاً بلا مؤنة ولا تعب. وإن رأى ملك أنّه يتخذ موضع النحل، فإنّه يختص بلدة لنفسه عامرة نافقة، حلال الدخل. فإن دخل في كورها، فإنّه يستفيد ملك الكورة، ويظفر بها، فإن استخرج العسل منه ولم يترك للنحل منه شيئاً، فإنّه يجور فيهم ويأخذ أموالهم، فإن أخذ حصته وترك حصتها، فإنّه يعدل فيهم. فإن اجتمعت عليه ولسعته، فإنّهم يتعاونون ويصيبه منهم أذى، فإن قتلها، فإنّه ينفيهم من تلك الكورة.
الزنبور: رجل من الغوغاء الأوباش، مهيب صاحب قتال، ودخول الزنابير الكثيرة موضعاً، يدل على دخول جنود أولي شجاعة وقوة ذلك الموضوع، ومحاربتهم أهله. وقيل أنّه الممسوخ، وهو رجل يجادل في الباطل. وقيل هو رجل غماز سفيه دنيء المطعم، ولسعها كلام يؤذي من أوباش الناس.
الفراش: إنسان ضعيف عظيم الكلام.
الذباب: رجل ضعيف طعان دنيء، وأكله رزق دنيء أو مال حرام، ومن رأى كأنّ ذبابة دخلت جوفه، فإنّه يخالط السفلة والأرذال، ويفيد منهم مالاً حراماً لا بقاء له. والذباب الكثير عدو مضر، وأما المسافر إذا رأى وقوع الذباب على رأسه، يخاف أن يقطع عليه الطريق ويذهب بماله، لقوله تعالى: ” وإنْ يَسْلبهم الذُّبابُ شيْئاً لا يَتْسنْقِذوهُ منهُ “. وكذلك إذا وقع الذباب على شيء منه، يعني من ماله، خيف عليه اللصوص. وقيل من قتل ذبابة، نال راحة وصحة جسم.
الجراد: عسكر، وعامة، وغوغاء، يموج بعضهم في بعض. وربما دلت على الأمطار، إذا كانت تسقط على السقوف، أو في الأتاجر، فإن كثرت جداً وكانت على خلاف الجراد، وكانت بين الناس وبين الأرض والسماء، فإنّه عذاب.
وكذلك القمل والضفادع والدم، لأنّها آيات عذب بها بنو إسرائيل، إلا أن يكون الناس يجمعونها أو يأكلونها، وليست لها غائلة ولا ضرر، فإنّها أرزاق تساق إليهم، ومعاش يكثر فيهم، وقد يكون من ناحية الهواء، كالعصفور والقطا والمن والكماة والفطر ونحوه لا وقيل إنّ اجتماعها في وعاء، يدل على الدراهم والدنانير، فقد حكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أخذت جراداً فجعلته في جرة. فقال: دراهم تصيبها فتسوقها إلى امرأة.
وقيل إنّ كل موضع يظهر فيه الجراد ولا يضر، يدل على فرح وسرور، لقصة أيوب عليه السلام. ولو رأى أنّه أمطر عليه جراد من ذهب، فإنه ينال نعمة وسرور. وقيل إنّ الجراد خباز يغش الناس في الطعام.
والبراغيث: جند الله تعالى، وبها أهلك نمرود، والبرغوث رجل دنيء مهين طعان. ومن رأى برغوثاً قرصه نال مالاً.
وكذلك البق: إذا كان طرياً كثير العدد، فهو أموال وغنيمة لمن أصابه.
السمك إذا كان طريا كبارا كثير العدد فهو أموال وغنيمة لمن أصابه. وصغار السمك أحزان لمن أصابه وكذلك بمنزلة الصبيان، ومن أصاب سمكة طرية أو اثنتين، أصاب امرأة أو امرأتين، فإن أصاب في بطن السمكة لؤلؤة، فإنّه يصيب منها غلاماً. وإن أصاب في بطنها شحماً، أصاب منها مالاً وخيراً، ومن أصاب سمكاً مالحاً، أصابه هم من جهة ملوحته، وصغاره أيضاً لا خير فيه. وربما كان في طبع الإنسان إذا رأى السمك المالح في منامه، أن يصيب مالاً وخيراً، ومن خرجت من فمه سمكة، فهي كلمة يتكلم بها من المحال في امرأة، ومن رأى سمكة خرجت من ذكره، ولدت له بنت، والسمكة الحية الطرية بكر، وصيد السمك في البر، ارتكاب فاحشة، وقيل إنّه خبر سار. وصيد السمك من الماء الكدر هم شديد، ومن الماء الصافي رزق، أو يولد له ابن سعيد. ومن أكل سمكاً حياً نال ملكاً. والسمك المشوي الطري غنيمة وخير، لقصة مائدة عيسىِ عليه السلام. وقيل هو قضاء حاجة أو إجابة دعوة أو رزق واسع، إن كان الرجل تقياً، وإلا كانت عقوبة، والمالح المشوي سفر في طلب علم أو حكمة، لقوله تعالى: {نَسِيا حوتهُما}، ومن رأى أنه مرغ صغار السمك في الدقيق وقلاها بالدهن، فإنه يصلح ما لا ينفعه، وينفق على ذلك من مال شريف، ويتعب فيه حتى يصير مالاً لذيذاً شريفاً.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ على مائدتي سمكة آكل منها أنا وخادمي من ظهرها وبطنها، قالت فتش خادمك، فإنّه يصيب من أهلك. ففتشه فإذا هورجل.
السلحفاة: امرأة تتعطر وتتزين وتعرض نفسها على الرجال، وقيل السلحفاة قاضي القضاة، لأنّه أعلم أهل البحر وأورعهم، ومن رأى سلحفاة في مزبلة مستخفاً بها، فإنّ هناك عالم ضائع لجهل أهل ذلك الموضع، وقيل هو رجل عالم عابد قارىء، وأكل لحمه مال أو علم، وهي من الممسوخ.
السرطان: رجل كياد هيوب رفيع الهمة، وأكل لحمه استفادة مال وخبر من أرض بعيدة، وقيل من رأى السرطان نال مالاً حراماً.
الدعموص: مسخ، وهو في التأويل، رجل ملعون نباش.
التمساح: شرطي لأنّه أشر ما في البحر لا يأمنه عدو ولا صديق، وهو لص خائن، وهو بمنزلة السبع، ويدلك أيضاً على التاجر الظالم الخائن. فمن رأى أنّ تمساحاً جره إلى الماء وقتله فيه، فإنّه يقع في يد شرطي يأخذ ماله ويقتله. فإن سلم فإنّه يسلم.
الضفدع: رجل عابد مجتهد في طاعة الله، وأما الضفادع الكثيرة في بلد أو محلة، فهو عذاب. ومن أكل لحم ضفدعة، أصاب منفعة من بعض أصحابه، ومن رأى ضفدعاً كلمه، أصاب ملكاً، والضفدع أطفأ نار نمرود.
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الخامس والثلاثون: في الطيور الوحشية و الأهلية و المائية و سائر ذوات الأجنحة و صيد البحر و دوابه