تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الخامس والعشرون: في رؤيا الأمراض و الأوجاع و العاهات التي تبدو على أعضاء الإنسان
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الخامس والعشرون: في رؤيا الأمراض و الأوجاع و العاهات التي تبدو على أعضاء الإنسان
قال الأستاذ أبو سعد رحمه الله: الحمى لا تحمد في التأويل، وهي نذير الموت ورسوله. فكل من تراه محموماً، فإنّه يشرع في أمر يؤدي إلى فساد دينه. ودوام الحمى إصرار على الذنوب. والحمى الغب، ذنب تاب منه بعد أن عوقب عليه. والنافض تهاون. والصالب تسارع إلى الباطل. وحمى الربع تدل على أنّه أصابه عقوبة الذنب، وتاب منه مراراً، ثم نكث توبته. وقيل إنّ من رأى كأنّه محموم، فإنّه يطول عمره، ويصح جسمه، ويكثر ماله.
وأما البرص، فإنّه إصابة كسوة من غير زينة، وقيل هو مال. ومن رأى كأنّه أبلق أصابه برص.
والثآليل مال نام بلا نهاية يخشى ذهابه.
والجرب إذا لم يكن فيه ماء، فهو هم وتعب من قبل الأقرباء. وإن كان في الجرب ماء، فإنّه إصابة مال من كد. وقيل الجرب في الفقراء يدل على ثروة.
وفي الأغنياء يدل على رياسة. وقيل إذا رأى الجرب أو البرص في نفسه، كان أحب في التأويل من أن يراه في غيره، فإنّه إن رآه في غيره، نفر عنه، وذلك لا يحمد في التأويل.
والبثور إذا انشقت وسالت صديداً، دلت على الظفر. والمدة في البثور والجرب والجدري وغيرها، تدل على مال ممدود.
والجدري زيادة في المال. وكذلك القروح.
والحصبة اكتساب مال من سلطان مع هم وخشية هلاك.
فأمّا الحكة في الجسد، فتفقد أحوال القرابات وافتقادهم، واحتمال التعب منهم.
والدماميل مال بقدر ما فيها من المدة.
والدرن على الجسد والوجه كثرة الذنوب.
وذهاب شعر الجسد، ذهاب المال.
والرعشة في الأعضاء عسر. فإن رأى الرعشة في رأسه، أصابه العسر من قبل رئيسه. وفي اليمين، تدل على ضيق المعاش. وفي الفخذ، على العسر من قبل العشيرة. وفي الساقين، تدل على العسر في حياته. وفي الرجلين، تدل على العسر في ماله.
ومن رأى كأنّه سقي سماً، فتورم وانتفخ وصار فيه القيح، فإنّه ينال بقدر ذلك مالاً. وإن لم ير القيح، نال غماً وكرباً. وقيل السموم القاتلة تدل على الموت.
ومن رأى بجسده سلعة، نال مالاً.
والشرى مال سريع في فرح، وتعجيل عقوبة.
والطاعون يدل على الحرب. وكذلك الحرب يدل على الطاعون.
والعقر لا يحمد في النوم.
ومن رأى أنه قد أُغشي عليه، فلا خير فيه ولا يحمد في التأويل.
واللقوة تدل على اظهار بدعة تحل به عقوبة الله تعالى.
وقيل عامة الأمراض، في الدين، لقول الله تعالى: {في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}. إلا أنّها توجب صحة البدن. فإذا رأى هذه الرؤيا من كان في حرب، أصابه جراحة. لقوله تعالى: {أوْ ڪُنْتُم مَرْضَى أنْ تَضَعُوا أسلحتكم}. يعني جرحى. فإن رأى أنه مريض مشرف على النزع ثم مات وتزوجت امرأته، فإنه يموت على كفر. فإن رأى امرأته مريضة، حسن دينها. ولا يستحب للمريض أن يرى نفسه مضمخاً بالدم، ولا راكباً بعيراً ولا حماراً ولا خنزيراً لا جاموساً. ويستحب للمريض أن يرى نفسه سميناً أو طويلاً أو عريضاً، أو يرى الغنم والبقر من بعيد، أو يرى الاغتسال بالماء، فهذه كلها دليل الشفاء والعافية للمريض. وكذلك لو رأى كأنه شرب ماء عذباً، أو لبس إكليلاً، أو صعد شجرة مثمرة، أو ذروة جبل. فإن رأى في نفسه نقصاناًً من مرض، فهو قلة دين. وقيل أن رؤية المريض، دليل الفرج والظفر وإصابة مال لمن كان مكروباً. وأما في الأغنياء، فيدل على الحاجة، لأنّ العليل محتاج. ومن أراد سفراً، فرأى كأنه مريض، فإنه يعوقه في سفره عائق، لأن المرضى ممتنعون عن الحركة. ومن رأى نقصاناً في بعض جوارحه، فهو نقصان في المال والنعمة.
والورم في النوم، زيادة في ذات اليد وحسن حال واقتباس علم، وقيل هو مال بعد هم وكلام، وقيل هو حبس أو أذى من جهة سلطان.
والهزال هو نقص مال، وضعف الحال.
وأما التخمة فدليل أكل الربا.
وأما الجذام، فمن رأى أنه مجذوم، فإنه يحبط عمله بجرأته على الله تعالى، ويرمى بأمر قبيح وهو بريء منه. فإن رأى كأن الجذام أظهر في جسده زيادة أو ورماً، فهو مال باق، وقيل هو كسوة من ميراث. ومن رأى كأنه في صلاته وهو مجذوم، دلت رؤياه على أنه ينسى القرآن.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي مجذوم. فقال: أنت رجل يشار إليك بأمر قبيح وأنت منه بريء.
والقوباء، مال يخشى صاحبه على نفسه المطالبة من جهته.
وأما اختلاف الأمراض، فمن رأى كأنّه به أمراضاً باردة، فإنّه متهاون بالفرائض من الطاعات والواجبات من الحقوق، وقد نزلت به عقوبة الله تعالْى. والأمراض الحارة في التأويل، هم من جهة السلطان.
وأما اليبوسة، فمن رأى به مرضاً من يبوسة، فقد أسرف في ماله من غير رضا الله، وأخذ ديوناً من الناس وأسرف فيها، ولم يقضها، فنزلت به العقوبة.
وأما الرطوبة، فدليل العسر والعجز عن العمل.
وأما الجنون فمال يصيبه صاحبه بقدر الجنون منه، إلا أنّه يعمل في إنفاقه، بقدر ما لا ينبغي من السرف فيه، مع قرين سوء، وقيل كسوة من ميراث، وقيل نيل سلطان لمن كان من أهله. وجنون الصبي، غنى أبيه من ابنه. وجنون المرأة، خصب السنة.
ومرض الرأسِ في الأصل، يرجع تأويله إلى الرئيس. وقيل الصداع ذنب يجب عليه التوبة منه، ويعمل عملاً من أعمال البر. لقوله تعالى: {أوْ بِهِ أذَىً مِنْ رَأسِهِ فَفِدْيةٌ مِنْ صِيَامٍ أوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}. ومن رأى شعر رأسه تناثر حتى صلع، فإنّه يخاف عليه ذهاب ماله وسقوط جاهه عند الناس. ومن رأى امرأة صلعاء، دل على أمر مع فتنة.
ومن رأى كأنّه أجلح، ذهب بعض رأس مال رئيسه، وأصابه نقصان من سلطان أو جاه. وقيل إن كان صاحب هذه الرؤيا مديوناً، أدى دينه. ومن رأى كأنّه أقرع، فإنّه يلتمس مال رئيسه لا ينتفع به ولا يحصل منه إلا على العناء. والمرأة القرعاء، سنة جدبة.
والآفة في الصدغ تدل على الآفة في المال.
والمرض في الجبهة، نقصان في الجاه.
وأما جدع الأنف وفقء العينِ، فيدلان أنّ الجادع والفاقئ يقضيان ديناً للمجدوع والمفقوء، ويجازيان قوماً على عمل سبق منهم. لقوله تعالى: {والأذْن بالأذن}.
فإن رأى كأنّ شيخاً مجهولاً قطع أذنيه، فإنّه يصيب ديتين. ومن رأى كأنه صلى الله عليه وسلم جدع أذن رجل، فإنّه يخونه في أهله أو ولده، ويدل على زوال دولته.
وقال بعضهم: من رأى كأنّ أذنيه جدعتا وكانت له امرأة حبلى، فإنّها تموت. وإن لم تكن له أمرأة، فإنّ امرأة من أهل بيته تموت.
وأما الصمم، فإنّه فساد في الدين.
وأما الرمد، فدليل على إعراض صاحبه عن الحق ووقوع فساد في دينه على حسب الرمد، لأنّه يدل على العمى. وقد قال الله تعالى: {فإنّها لا تَعْمَى الأبصارُ ولَكِنْ تَعْمَى القلُوبُ التي في الصُّدور}. وقد قيل إنّ الرمد دليل على أنّ صاحبه قد أشرف على الغنى. فإن لم ينقص الرمد من بصره شيئاً، فإنّه ينسب في دينه إلى ما هو بريء منه، وهو على ذلك مأجور. وكل نقصان في البصر، نقصان في الدين. وقيل: إنّ الرمد غم يصيبه من جهة الولد.
وكذلك لو رأى أنّه يداوي عينه، فإنّه يصلح دينه. فإن رأى أنّه يكتحل، فإن كان ضميره في الكحل لإصلاحِ البصر، فإنّه يتعاهد دينه بصلاح. وإن كان ضميره للزينة، فإنّه يأتي في دينه أمراً يتزين به. فإن أُعطي كحلاً، أصاب مالاً، وهو نظير الرقيق. فإن رأى أنّ بصره دون ما يظن الناس به، ويرى أنّه قد ضعف وكل، وليس يعلم الناس بذلك، فإنّ سريرته في دينه دون علانيته. وإن رأى أنّ بصره أحد وأقوى مما يظن الناس به، فإنّ سريرته خير من علانيته. فإن رأى بجسده عيوناً كثيرة، فهو زيادة في الدين.
فإن رأى لقلبه عيناً يبصر بها، فهو صالح في دينه. وقيل إنّ صلاح العين وفسادها فيما تقر به العين من مال أو ولد أو علم أو صحة جسم.
وأما العور، فإن رأى رجل مستور أنّه أعور، دل على أنّه رجل مؤمن صادق فيِ شهادته. وإن كان صاحب الرؤيا فاسقاً، فإنّه يذهب نصف دينه، أو يرتكب ذنباً عظيماً، أو يناله هم أو مرض يشرف منه على الموت، وربما يصاب في نفسه أو في إحدى يديه، أو فيِ ولد، أو في امرأته أو شريكه، أو زوال النعمة عنه. لقوله تعالى: {ألمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْن}. فإذا ذهبت العين، زالت النعمة. ومن رأى كأنّ عينيه فقئتا، فإنّه يصاب بشيء مما تقر به عينه.
وأما العمى فهو ضلال في الدينِ وإصابة مال من جهة بعض العصبات. وقيل من رأى كأنّه أعمى، فإنّه إن كان فقيراً نال الغنى. ويدل العمى على نسيان القرآن، لقوله تعالى: {قالَ ربِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعمى} الآية. فإن رأى كأنّ إنساناً أعماه، فإنّه يضله ويزيله عن رأيه. ورؤية الكافر العمى تدل على خسران يصيبه أو هم أو غم. وإن رأى كأنّه أعمى ملفوف في ثياب جدد، فإنه يموت. وإن رأى أعمى أنّ رجلاً داواه فأبصر، فإنّه يرشده إلى ما فيه له منافع ويحمله على التوبة. وربما دلت رؤية العمى على خمول الذكر.
فإن رأى في سواد العين بياضاً، دل على غم وهم يصيبه.
وحكي أنّ رجلاً أتى جعفر الصادق رضي الله عنه، فقال: رأيت كأنّ في عيني بياضاً. فقال: يصيبك نقص في مالك، ويفوتك أمر ترجوه.
ومن غاب عنه بعض أقربائه، فإن كان الغائب قد قدم وهو أعمى، فإنّ صاحب الرؤيا يموت لأنّ رؤياه تدل على أنّ القادم الأعمى زائر. وقيل انّ الغشاوة على العين من البياض وغيره، تدل على حزن عظيم يصيب صاحب الرؤيا ويصبر عليه، لقصة يعقوب عليه السلام. ومن رأى كأنّ الماء الأسود نزل من عينيه فلم يبصر شيئاً، دلت رؤياه على قلة حيائه، لأنّ العين موضع الحياء.
وأما العلة في الوجه من القبح والتشقق، فهي دالة على قلة الحياء. كما أن حسن الوجه، دليل على الحياء في التأويل. وصفرة الوجه، دليل على حزن يصيب صاحب الرؤيا. والنمش في الوجه، دليل على كثرة الذنوب.
أما الأنف، فمن رأى أنّ إنساناً جدع أنفه، فإنّه يكلمه بكلام يرغم به أنفه. وقيل إنّ جدع الأنف من أصله، يدل على موت المجدوع. وقيل: انّ ذلك يدل على موت امرأة المجدوع، إن كان بها حبل. وقيل: جدع الأنف هو أن يصيبه خسارة، فإنّ الوجه إذا أبين منه الأنف قبح. والتاجر إذا رأى كأنّ أنفه جدع، خسر في تجارته.
وأما اللسان، فهو ترجمان الإنسان، والقائم بحجته. فمن رأى لسانه شق ولا يقدر على الكلام، فإنّه يتكلم بكلام يكون عليه وبالاً ويناله من ذلك ضرر بقد ما رأى من الضرر. ويدل أيضاً على أنّه يكذب. وعلى أنّه إن كان تاجراً خسر في تجارته. وإن كان والياً عزل عن ولايته. ومن رأى كأنّ طرف لسانه قطع، فإنّه يعجز عن إقامة الحجة في المخاصمة. وإن كان من جملة الشهود، لم يصدق في شهادته أو لم تقبل شهادته. وقال بعضهم من رأى لسانه قطع، كان حليماً. ومن رأى كأنّ أمرأته قطعت لسانه، فإنّه يلاطفها ويبرها. ومن رأى كأنّ امرأة مقطوعة اللسان، دل عفتها وسترها. فإن رأى كأنّه قطع لسان فقير، فإنّه يعطي سفيهاً شيئاً. ومن التزق لسانه بحنكه، جحد ديناً عليه أو أمانة كانت عنده.
وأما الخرس، ففساد الدين وقول البهتان ويدل على سب الصحابة، وغيبة الأشراف. ومن رأى كأنّه منعقد اللسان، نال فصاحة وفقهاً. لقوله تعالى: {واحلل عقْدَة مِنْ لِسَاني يَفْقَهُوا قَوْلي} ورزق رياسة وظفراً بالأعداء.
وأما الشفة، فمن رأى أنّه مقطوع الشفتين، فإنّه غمّاز. فإن رأى شفته العليا قطعت، فإنّه ينقطع عنه من يعينه في أموره. وقيل انّ تأويل الشفتين أيضاً في المرأة.
وأما البخر، فمن رأى كأنّ به بخراً، فإنّه يتكلم بكلام يثني به على نفسه وينكر ويقع منه في شدة وعذاب. فإن وجد البخر من غيره، فإنّه يسمع منه قولاً قبيحاً. فإن رأى كأنّه لم يزل أبخر، فإنّه رجل يكثر الخنا والفحش.
وأما الحلق، فمن رأى كأنّه يسعل، فإنّه يشكو إنساناً متصلاً بالسلطان. فإن رأى كأنّه سعل حتى شرق، فإنّه يموت. وقيل انّ السعال يدل على أنّه يهم بشكاية إنسان ولا يشكوه. ومن رأى كأنّه خرج من حلقه شعر أو خيط، فمده ولم ينقطع ولم يخرج بتمامه، فإنّه تطول محاجته ومخاصمته لرئيسه. فإن كان تاجراً، نفقت تجارته. وإن رأى كأنّه يخنق، فقد قهر على تقلد أمانة. فإن مات في الخناق، فإنّه يفتقر. فإن رأى كأنّه عاش بعدما مات، فإنّه يستغني بعد الإفتقار. وإن رأى كأنّه يخنق نفسه، فإنّه يلقي نفسه في هم وحزن.
وأما وجع الأضراس، فإن رأى أن بضرس من أضراسه أو سن من أسنانه وجعاً، فإنّه يسمع قبيحاً من قريبه الذي ينسب إليه ذلك الضرس في التأويل ويعامله بمعاملة تشد عليه على مقدار الوجع الذي يجده.
وأما وجع العنق، فدليل على أنّ صاحبه أساء المعاشرة حتى تولدت منه شكاية. وربما دلت هذه الرؤيا على أنّ صاحبها خان أمانة فلم يؤدها، فنزلت به عقوبة من الله تعالى.
وأما الحدبة، فمن رأى أنّه أحدب، أصاب مالا كثيراً وملكاً من ظهر قوي من ذوي قراباته.
وأما الفواق، فمن رأى كأنّ به ذلك، فإنّه يغضب ويتكلم بما لا يليق به، ويمرض مرضاً شديداً.
وأما وجع المنكب، فمن رأى به ذلك، فإساءة الرجل في كده وكسب يده.
وأما آفات اليد، فإن الآفة في اليد تدل على محنة الأخوة. وفي أصابعها تدل على أولاد الأخوة. ومن رأى كأنّ ليس له يدان، فإنّه يطلب مالا يصل إليه. ومن رأى كأنّه صافح رجلاً مسلماً فخلع يده، فإنّه يدفع إليه أمانة فلا يؤديها. ومن رأى كأن يمينه لم تزل مقطوعة، فإنّه رجل حلاف.
ومن رأى كأنّ يمينه مقطوعة موضوعة أمامه، فإنّه يصيب مالاً من كسب. والنقص في اليد، دليل على نقصان القوة والأعوان. وربما دل قطع اليد على ترك عمل هو بصدده. فإن رأى كأنّ يده قطعت من الكف، فهو مال يصير إليه. فإن قطعت من المفصل، فإنّه يصيب جور حاكم. فإن قطعت من العضد وذهبت، مات أخوه، إن كان له أخ. لقوله تعالى: {سَنَشّدُّ عَضُدَكَ بِأخيكَ}. فإن لم يكن له أخ ولا من يقوم مقامه، قل ماله. فإن رأى كأنّ والياً قطع أيدي رعيته وأرجلهم، فإنّه يأخذ أموالهم ويفسد عليهم كسبهم ومعاشهم.
وسئل ابن سيرين عن رجل رأى كأنّ يده قطعت، فقال: هذا رجل يعمل عملاً فيتحول عنه إلى غيره. وكان نجاراً فتحول إلى عمل آخر.
وأتاه رجل آخر فقال: رأيت رجلاً قطعت يداه ورجلاه، وآخر صلب. فقال: إن صدقت رؤياك عزل هذا الأمير وولي غيره. فعزل من يومه قطن بن مدرك، وولي الجراح بن عبد الله.
فإن رأى كأنّ حاكماً قطع يمينه، حلف عنوة يميناً كاذبة. فإن رأى كأنّه قطع يساره، فإنّ ذلك موت أخ أو أخت أو انقطاع الألفة بينه وبينهما، أو قطع رحم، أو مفارقة شريك، أو طلاق امرأة. فإن رأى كأنّ يده قطعت بباب السلطان، فارق ملك يده. وأما قصر اليد، فدليل على فوت المراد والعجز عن المراد، وخذلان الأعوان والإخوان إياه.
وسئل ابن سيرين عن رجل رأى أنّ يمينه أطول من يساره، فقال: هذا رجل يبذل المعروف ويصل الرحم. ومن رأى كأنّه قصير الساعدين والعضدين، دلت رؤياه على أنّه لص أو خائن أو ظالم. فإن رأى كأن ساعديه وعضديه أطول مما كانا، فإنّه رجل محتال سخي شجاع. وأما الشلل في اليدين وأوصالهما، فمن رأى كأنّ يديه قد شلتا، فإنّه يذنب ذنباً عظيماً. فإن رأى كأنّ يمينه شلت، فإنّه يضرب بريئاً ويظلم ضعيفاً. فإن رأى كأنّ شماله شلت، مات أخوه أو أخته. وإن يبست ابهامه، مات والده. وإن يبست سبابته، ماتت أخته. وإن يبست وسطاه، مات أخوه. وإن يبست البنصر، أصيب بابنته. وإن يبست الخنصر، أصيب بأمه وأهله. فإن رأى في يده اعوجاجاً إلى وراء، فإنّه يتجنب المعاصي. وقيل إنّه يكسب إثماً عظيماً يعاقبه الله عليه. ومن رأى يديه ورجليه قطعت من خلاف، فإنّه يكثر الفساد أو يخرج على السلطان. لقوله تعالى: {إنّمَا جَزَاءُ الّذينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ} الآية. وقيل انّ من رأى يمينه قطعت، فإنّه يسرق، لقوله تعالى: {فاقْطَعُوا أيْدِيَهُمَا}.
ورأى رجل كأن يده مقطوعة، فقص رؤياه على معبر فقال: يقطع عنه أخ أو صديق أو شريك، فعرض له أنّه مات صديق له.
ورأى رجل أن يده قطعها رجل معروف، فقال: تنال على يده خمسة آلاف درهم إن كنت مستوراً، وإلا فتنتهي عن منكر على يده.
والآفة في الأصابع، دليل على محنة الولد. فإن لم يكن له ولد فهو دليل على إضاعة الصلوات. وقيل من رأى كأن خنصره قطعت، غاب عنه ولده. ومن رأى بنصره قطعت، فإنّه يولد له ولد. ومن رأى الوسطى قطعت، مات عالم بلده أو قاضيها. فإن رأى كأنّ أربع أصابعه قطعت، تزوج أربع نسوة فيمتن كلهن. وقيل من رأى كأنّه قطع أصبع إنسان، أصابه بمصيبة في ماله. وقيل ذهاب الأصابع فقدان الخدم. ومص الأصابع زوال المال. وانقباض الأصابع يدل على ترك المحارم.
وأما الأظفار، فالآفة فيها تدل على ضعف المقدرة وفساد الدين والأمور. وقيل انّ طول الأظفار غم. ومن رأى كأنّه لا ظفر له، فإنّه يفلس. فإن رأى كأنّ أظفاره مكسورة كلها، فإنّه يموت. وكذلك إذا رآها مخضرة وهو يرقيها فلا ينفع، فإنّه يموت.
وأما الصدر، فمن رأى أنّه توجع صدره، فإنّه ينفق مالاً في إسراف من غير طاعة الله، وقد عوقب عليه.
والزكام، يدل على مرض يسير يتعقبه عافية وغبطة.
والبرسام، فمن رأى أنّه مبرسم، فإنه رجل مجترىء على المعاصي، وقد نزل به عقوبة من السلطان.
ومن رأى أنّه مبطون، فإنّه قد أنفق ماله في معصية وهو نادم عليه، ويريد أن يتوب من ذلك.
ومن رأى كأنّه أصابه القولنج، فقد قتر على أولاده وأهله القوت، ونزلت به العقوبة.
وقيل انّ وجع البطن، يدل على صحة الأقرباء وأهل البيت. وأما وجع السرة، فإنّ رؤياه تدل على أنّ صاحبه يسيء معاملة امرأته.
ووجع القلب، دليل على سوء سيرته في أمور الدين. ومرض القلب، دليل على النفاق والشك. لقوله تعالى: {في قُلُوبِهِمْ مَرَض}. والكرب في القلب، دليل على التوبة.
وأما وجع الكبد، فهو في التأويل اساءة إلى الولد. فقد قال عليه الصلاة والسلام: {أولادنا أكبادنا}. وقطع الكبد موت الولد. وقرح الكبد غلبة الهوى والعشق.
وأما وجع الطحال، فدليل على إفساد صاحبه مالاً عظيماً، كان به قوامه وقوام أهله وأولاده، وأشرف معهم على الهلاك. فإن اشتد وجعه حتى خيف عليه الموت، دل ذلك على ذهاب الدين، نعوذ بالله منه.
وأما الرئة، فمن رأى أن رئته عفنة، دل على دنو أجله، لأنّ الرئة موضع الروح.
وأما وجع الظهر، فيدل على موت الأخ. فقد قيل موت الأخ قاصمة الظهر. وقيل وجع الظهر يرجع تأويله إلى من يتقوى به الرجل من ولد ووالد ورئيس وصديق.
فإن رأى في ظهره انحناء من الوجع، فإنّه يدل على الافتقار والهرم.
وأما نقصان الفخذ، فدليل على قلة العشيرة والغربة عن الأهل والوحدة. ووجع الفخذ يدل على أنّ صاحبه مسيء إلى عشيرته.
ووجع الرجل يدل على كثرة المال. وقطع الأخمص يدل على الزمانة. فإن رأى كأنّ رجليه قطعتا فبانتا منه، ذهب ماله أو مات. فإن رأى إحدى رجليه قطعت، ذهب نصف ماله أو ذهبت قوته وضعفت حيلته وعجز عن الحرِكة. فإن رأى كأنّ إنساناً قطع إبهام رجله، فإنّه يحبس عنه ديناً عليه، أو يقطع عليه مالاً كان يتكل عليه. فإن رأى كأنّه مقعد، ضعفت قدرته في أمور الدنيا والدين. فإن رأى كأنّه يحبو على بطنه، فإنّه تصيبه علة تمنعه عن العمل وتحوجه إلى إنفاق ماله فيفتقر. فإن رأى أنّه لا يقدر على أن يحبو وقد ذهبت جلدة بطنه من الحبو، ويسأل الناس أن يحملوه، فإنّه يفتقر ويسأل الناس.
ومن رأى أنّ ذكره توجع، فقد اساء إلى قوم، وهم يذكرونه بالسوء ويدعون عليه. فإن رأى أنّه قطع ورمي به، فإنّه يدل على موته أو انقطاع نسله أو على موت ابنه. فإن كانت له ابنة، ورأى كأنّ ذكره انقطع ووضع على أذنه، فإن ابنته تلد بنتاً لا من زوجها. وقطعه للوالي عزل. وللمحارب هزيمة. ومن رأى كأنّه خصي أو خصى نفسه، أصابه ذل. فإن أراد أن يودع رجلاً وديعة، أو يفضي إليه بسر، فرأى في منامه خصياً، فليجتنب أن يودعه. وقيل من رأى كأنّه تحول خصياً، نال كرامة. وإن رأى خصياً مجهولاً له سمة الصالحين وكلام الحكمة، فهو ملك من الملائكة ينذر أو يبشر.
ومن رأى كأنّه مأسور، انسدت عليه أبواب المعيشة كما إذا انسد احليله عن البول. ويدل على أنّ عليه ديناً لا يمكنه قضاؤه.
ومن رأى كأنّ به ادرة، أصاب مالاً لا يأمن عليه أعداءه.
ومن رأى كأنّ بعضو من أعضائه وجعاً لا صبر له عليه، فإنّه يسمع قبيحاً من قريبه الذي ينسب إليه ذلك العضو والوجع.
فإن رأى كأنّ إنساناً خدش عضواً من أعضائه، فإنّه يضره في ماله وفي بعض أقربائه. فإن رأى في الخدشة قيحاً أو دماَ أو مدة، فإنّ الخادش يقول في المخدوش قولاً، وينال المخدوش بعد ذلك مالاً. ومن رأى كأنّ جبهته خدشت، فإنّه يموت سريعاً. وكل أثر في الجسد فيه قيح أو مدة، فهو مال.
وكل زيادة في الجسم إذا لم تضر صاحبها، فهي زيادة في النعمة.
وأما البرص والجذام والجدري، فقد تقدم القول عليه. والأفضل أن يرى الإنسان كأنّه هو الذي به البرص والجرب والجدري والبثر. فإن رآها في غيره فهي تدل على حزن ونقصان جاه لصاحب الرؤيا، لأنّ كل من كان منظره قبيحاً فإنّ نفس الذي يراه تنفر منه. وخصوصاً إذا رآها في مملوكه، فإنّه لا يصلح لخدمته على كل ما يفعله، فهو قبح وفضيحة، وكذلك كل من يعاشره. ومن رأى أنه جدر، فهو زيادة في ماله. وإن رأى أنّ ولده جدر، ففضل يصير إليه وإلى ابنه.
وكذلك القروح في الجسد، زيادة في المال. وإذا رأى في يده قروحاً تسيل منها مدة، فإنّه مال ينفعه ولا يضره ذلك.
والحصبة، اكتساب مال من سلطان، وقيل هي تهمة.
وأما الرعشة، فإنّها عسر في الأمور التي تنسب إلى ذلك العضو المرتعش. ومن رأى يده اليمنى ترتعش، تعسرت عليه معيشته. فإن رأى فخذه يرتعش، دخل عليه عسر من قبل عشيرته. وارتعاش الرجلين، عسر في المال.
وأما الطاعون، فهو الحزن. فمن رأى أنّه أصابه الطاعون أصابه حزن. كما لو رأى أنّه أصابه حزن، أصابه الطاعون.
ومن رأى كأنّ أعضاءه قطعت، فإنّه يسافر وتتفرق عشيرته. لقوله تعالى: {وَقَطّعْنَاهُمْ في الأرْض أُمَماً}.
وأما العنّة، فإنّه لا يزال صاحبها معصوماً زاهداً في الدنيا وما فيها، ولا يكون له ذكر البتة. فإن زالت عنه العنة، فإنّه ينال دولة وذكراً. وقيل من رأى أنّه تزوج بامرأة، أو اشترى جارية، فلم يقدر على مجامعتها لعنته، فإنّه يتجر تجارة بلا رأس مال ولا تجلد.
وأما العقر، فإذا كان من عقر الخف، فإنّه يناله هم ويصيبه من ذلك الهم نكبة. فإن عقره إنسان، فإنّ المعقور يناله من العاقر نكبة يصير ذلك حقداً عليه.
وأما آفات الرجل، فمن رأى أن رجله اليمنى اعتلت أو انكسرت أو انخلعت، فإن كان بها جرح فإن ابنه يمرض. فإن رأى ذلك في رجله اليسرى، وكان له ابنة، خطبت. وإن لم يكن له بنت، ولدت له بنت. وإن رأى انكسار رجله وهو يريد سفراً، فليُقمْ ولا يبرح. وإن خلعت، فإن امرأته تمرض. وإن طالت إحدى ساقيه على الأخرى، فإنّه يسافر سفراً. ومن رأى أنّه أعرج أو مقعد ولا تقله رجلاه، فذلك ضعف مقدرته عما يطلبه، وخذلان من ينتسب إليه ذلك العضو من أقاربه إياه. وقيل من رأى أنّه أعرج، حسن دينه وتفقه. وإن حلف على يمين لم يكن عليه فيها بأس، هذا قول ابن سيرين. والأعرج، لا يحسن حرفة ولا يتكل على مال ناقص يكون عيشه من ذلك. فإن رأى رجل امرأة عرجاء، فإنّه ينال أمراً ناقصاً. وإذا رأت امرأة رجلاً أعرج، نالت أمراً ناقصاً. والشيخ الأعرج، جد الرجل أو صديقه، وفيه نقص. فإن رأى إنسان أنّه يمشي برجل واحدة وقد وضع إحداهما على الأخرى، فإنّه يخبىء نصف ماله ويعمل بالنصف الآخر.
وأما الكي، فله وجوه. فمن رأى به أثر كي عتيق أو حديث ناتىء عن الجلد فإنّه يصيب دنيا من كنز. فإن عمل بها في طاعة الله عزّ وجل، فاز. وإن عمل بها في معصية الله، كوي بذلك الكنز الذي كان يجمع في الدنيا يوم القيامة. لقوله تعالى {فَتَكْوَى بها جِبَاهُهُم وَجنوبُهُم}. وقيل إنّ أثر الكي العتيق والجديد، إذا كان قد تقشرت القشرة منه فلم تؤلمه، فهو أعظم الدواء وأبلغه وأقواه، فعند ذلك يجري مجرى الدواء. وقيل الكي كلام موجع. وقيل الكي المستدير، ثبات في أمر السلطان أو ملك بخلاف السنة. وقيل الكي يدل على التزويج أو على الولادة.
وروي أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، رأيت في المنام كأنّ في صدري كيتين. فقال صلى الله عليه وسلم: تلي أمر الدنيا سنتين.
وحكي أنّ امرأة رأت كأنّ بنيها قد مرضوا، فرمدت عيناها.
ورأى رجل كأنّه مريض وليس له طبيب يعالجه، وكان له مع آخر خصومة، فعرض له أنّ خصمه غلبه. والمرض دليل خصم، والطبيب معوان عليه.
ورأى رجل كأنّ أباه قد مرض، فعرض له وجع في رأسه، وذلك أنّ الرأس تدل على الأب.
وأما قحل الوجه وتشققه، فهو قلة حيائه ومائه. فمن رأى أنّ وجهه طري صبيح، فإنّه صاحب حياء. والسماجة فيه عيب. والعيب في سماجة.
ورأى رجل كأنّ الوباء قد نزل بالناس والمواشي، فسأل المعبر عنه، فقال: إنّ ملك عصرنا يقصم رجالاً أو يحبسهم أو يؤذي المستورين.
وكان بعض الملوك ظالماً جباراً، فرأى رجل من الصالحين هذا الملك قد قبح ورد وجهه على دبره، وقد عرج وقطعت يداه ورجلاه، وسمع تالياً يتلو: {ألَمْ تَرَ ڪَيْفَ فَعَلَ رَبكَ بِعَادٍ * إرَمَ ذَاتِ العِمَاد}. فقص رؤياه على معبر، فقال: إن الملك سيهلك، كما أهلك عاد. فبعد عشرين يوماً ذهب ملكه وماله، وأهلكه الله تعالى وكفى الناس شره.
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب الخامس والعشرون: في رؤيا الأمراض و الأوجاع و العاهات التي تبدو على أعضاء الإنسان