فصل فِي رُؤْيا السجْن و الترسيم و الأسر و القيد و الغل (الأغلال) و الربط
رؤيا السجن و الأسر – تفسير الاحلام لابن شاهين
السجن في المنام
رؤيا السجن
وَهُوَ على أوجه مُتعَدِّدَة: من رأى أَنه دخل سجنا معروفاً فَإِنَّهُ يدل على مضرة. وقال الْكرْمَانِي: رُؤْيا السجْن الْمَعْرُوف لمن يكون مَشْهُورا بِعَدَمِ الْفساد دين وجاه وَمَنْفَعَة، وَإِن كَانَ مَشْهُورا بِالْفَسَادِ فغم ونقصان. وقيل: السجن المجهول غير محمود.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ فِي سجن سُلْطَان موثقًا فَإِنَّهُ يُصِيب أمرا يكرههُ وَهُوَ فِي غم ولكن يرتجي له الفرج. وَإِن كَانَ مُسَافِرًا فَهُوَ غفلته، وَإِن خرج مِنْهُ دم خرج من ذَلِك كُله.
وَقِيلَ: من رأى أَنه فِي سجن فَهِيَ الدعْوَة المستجابة.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ فِي سجن مَجْهُول مَوْضِعه وهيئته وَأَهله وَرَأى فِي ذَلِك بشاعة وَلم ير أَنه خرج مِنْهُ فَإِن ذَلِك غير محمود.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ موثق فِي بَيت فَإِنَّهُ يُصِيب خيرا.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ فِي سجن وَهُوَ فِي صفة بَيت وَلَا يعرفهُ فَإِنَّهُ يتَزَوَّج امْرَأَة وينال مِنْهَا مَالا وَولدا.
وَإِن رَأَتْ امْرَأَة أَنَّهَا فِي سجن فَإِنَّهَا تتَزَوَّج رجلا كَبِير الْقدر.
وَإِن كَانَت متزوجة فَإِنَّهَا حرَّة مصونة وَلَا بُد لَهَا من حُصُول الْخَيْر.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ معوق فِي مَكَان لَا يَسْتَطِيع الْخُرُوج مِنْهُ بِحَيْثُ يكون مشكورا فَإِنَّهُ سَعَة وَقَضَاء ونعمة وخصوصا ان كَانَ من طلبة الْعلم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ خرج من الاعتقال فَإِنَّهُ يخرج مِمَّا هُوَ فِيهِ من أَمر يكره فِي الدّين وَالدُّنْيَا إِلَى الصّلاح وَالْخَيْر وَلَا خير فِي ذَلِك لِلْأُمَرَاءِ.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يخرج من سجن مَجْهُول أَو من بَاب ضيق فَهُوَ مَحْمُود جدا فِي جَمِيع الْأَحْوَال وَالْأَفْعَال.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ خرج من سجن وَأَرَادَ أَن يعود فِيهِ فَإِنَّهُ يكون قد نأى عَن أَمر مَكْرُوه، وَإِن الشَّيْطَان قد سَوَّلَ لَهُ تحسينه، فَإِن دخل فِيهِ عَاد لما كَانَ عَلَيْهِ من أمر مكروه.
وقال جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الْحَبْس إِذا كَانَ مَعْرُوفا فَهُوَ حُصُول مُرَاد وعاقبة محمودة لقَوْله تَعَالَى: {قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} وَإِذا كَانَ مَجْهُولا فَهُوَ هم وغم لقَوْل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: السجْن قبر الاحياء ومنزل الْبلوى وتجربة الأصدقاء وشماتة الْأَعْدَاء. (وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ هرب من السجْن فَهُوَ على وَجْهَيْن متناقضين: إما خلاصه من الهموم أو إصابته بهم وغم لما رأى بَعضهم ذَلِك وَجَربه مرَارا.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ دخل السجْن ثمَّ خرج عَاجلا فَإِنَّهُ ينَال مَا يتمناه بِتَمَامِهِ.
فصل فِي رُؤْيا الترسيم
رؤيا الترسيم
[1]الترسيم: هو أن يعوقه بمكان من الأمكنة، أو يقام عليه حافظ، يعرف حالياً بالإقامة الجبرية.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ فِي الترسيم[1] فَإِنَّهُ يُصِيب خيرا خُصُوصا إن كَانَ فِي بَيته.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ فك من الترسيم فَهُوَ خير أَيْضا.
وقال بعض المعبرين: رُبمَا يؤول الترسيم بالحفظة فَيحْتَاج الرَّائِي أَن يعبر بِحسن منظر من يرَاهُ مرسما عَلَيْهِ، فَإِن كَانَ حسن المنظر فَيدل على مَنْطِقه وَفعله، وَإن رَآهُ سيء المنظر فضده لقَوْله تَعَالَى: {وَإِن عَلَيْكُم لحافظين} وَالله أعلم.
فصل فِي رُؤْيا الْأسر
رؤيا الأسر
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ أَسِير فَلَا خير فِي ذلك حيث يصيبه هم. (وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ عنده أَسِيرًا فَهُوَ مَحْمُود.
وقال السالمي: من رأى أَنه أَسِير وَقد تخلص فَإِنَّهُ ينجو من الْهم وَالْغَم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) كَأَنَّهُ أَسِير وَهُوَ يُؤمر بِخِلَاف دينه فَإِنَّهُ إن فعل لَا خير فِيهِ. وَإِن لم يفعل فَهُوَ مَحْمُود.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يحسن إِلَى أَسِير فَإِنَّهُ يفعل الْخَيْر وَيكون عِنْد الله مَقْبُولًا لقَوْله تَعَالَى: {مِسْكينا ويتيما وأسيرا}.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن أَسِيرًا فك نَفسه فَإِنَّهُ يسْعَى فِي نجاح آخرته.
فصل فِي رُؤْيا الغل
رؤيا الأغلال
[1]الغل: يوضع في يد أو عنق السجين أو الأسير، وأما القيد: فيوضع في الأرجل.
وَهُوَ على أَنْوَاع قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكره رُؤْيا الغل وَأحب رُؤْيا الْقَيْد. من رأى أَنه مغلول فَإِنَّ رؤياه غير محمودة، قال الله تعالى: {إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالا}.
وقال أَبُو سعيد الْوَاعِظ: لَا خير فِي رُؤْيا الغل فَمن رأى أَنه أَخذ وغل فَإِنَّهُ يَقع فِي شدَّة قال الله تَعَالَى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا للْكَافِرِينَ سلاسل وأغلالا}.
وَقِيلَ: إِذا رأى الرجل فِي مَنَامه كَأَن فِي عُنُقه سلسلة فَإِنَّهُ يتَزَوَّج امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق. وَإِن كَانَ الغل من فضَّة فَإِنَّهُ ينَال من قبل مشقة من جهة نسوة. وَإِن كَانَ من ذهب فَإِنَّهُ يدل على حُصُول ضَرَر بِسَبَب مَال. وَإِن كَانَ من نُحَاس فَإِنَّهُ حُصُول ضَرَر بِسَبَب الْعقار وَالْمَتَاع. وَإِن كَانَ من قصدير يكون الضَّرَر من جِهَة المكسب والمعيشة. وَإِن كَانَ الغل من خشب يكون أَهْون مِمَّا ذكر فِيمَا تقدم من الأغلال.
وَقِيلَ: من رأى ذَلِك فَإِنَّهُ يؤتمن على أَمَانَة وَلَا يقوم بهَا.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن يَده مغلولة إِلَى عُنُقه فَإِنَّهُ يدل على الْبُخْل لقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك}.
وقال بعض العبرين: (وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن يَدَيْهِ مغلولتان فإنه لا خير في ذلك قال الله تَعَالَى: {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة غلت أَيْديهم}.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) كَأَنَّهُ مغلول وَهُوَ يسحب فَإِنَّهُ يدل على النِّفَاق لقَوْله تَعَالَى: {إِذ الأغلال فِي أَعْنَاقهم والسلاسل يسْحَبُونَ} .
فصل فِي رُؤْيا الْقَيْد
رؤيا القيد
يؤول على وُجُوه: قَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: الْقَيْد فِي التَّأْوِيل ثبات صَاحب الرُّؤْيَا على أَمر هُوَ فِيهِ من خير أَو شَرّ.
وَقِيلَ: إن كَانَ الْقَيْد متخذا من حَبل فَهُوَ ثبات على أَمر الدّين لقَوْله تَعَالَى: {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا}.
وَإِن كَانَ متخذا من رصاص فَإِن ثباته يكون على أَمر غير قوي.
وَإِن كَانَ من صفر -نحاس- كَانَ ثباته على أَمر مَكْرُوه.
وَإِن كَانَ من فضَّة كَانَ ثباته على تَزْوِيج.
وَإِن من ذهب فَهُوَ انْتِظَار رُجُوع مَال ذَاهِب عَنهُ.
وَإِن كَانَ من خشب فَهُوَ ثبات فِي نفاق وبغض.
وَإِن كَانَ من حطب كَانَ ثباته على نميمة.
وَإِن كَانَ متخذا من خيط أَو خرقَة فَإِن ثباته فِي أَمر غير ثَابت وَلَا دَائِم.
وقال دانيال: إِذا رأى الْأَمِير فِي أحد رجلَيْهِ قيدا فَإِنَّهُ يدل على سَفَره من مملكته وَحُصُول التعويق فِي سَفَره. وَإِن كَانَ الْقَيْد على رجلَيْهِ فَإِنَّهُ يدل على حُصُول ولَايَة.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) برجليه أَرْبَعَة قيود فَإِنَّهُ يرْزق أَرْبَعَة أَوْلَاد.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) كَأَنَّهُ مقرون فِي قيد مَعَ رجل دلّت رُؤْيَته على اكتسابه مَعْصِيّة كَبِيرَة قال الله تَعَالَى: {وَترى الْمُجْرمين يَوْمئِذٍ مُقرنين فِي الأصفاد}.
وَقِيلَ: من رأى أَن برجليه قيدا من مفرق فَإِنَّهُ حُصُول مَنْفَعَة من الأَرْض. وَإِن كَانَ من ذهب فَإِنَّهُ يدل على السّفر أو المرض.
وقال الْكرْمَانِي: من رأى أَنه مُقَيّد وَهُوَ من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح فَإِنَّهُ ثبات فِي دينه.
وَإِن كَانَ من سُلْطَان أَو من يقوم مقَامه فَإِنَّهُ يَدُوم فِي حكمه وولايته. وَإِن كَانَ مَرِيضا أَو مَحْبُوسا أَو مكروبا فَإِنَّهُ يطول مكثه.
وَإِن كَانَ مُسَافِرًا أَو يهم بِالسَّفرِ يُقيم عَن ذَلِك.
وَإِن كَانَ الْقَيْد من فضَّة فَإِنَّهُ يمْتَحن بِامْرَأَة.
وَإِن كَانَ من ذهب فَإِنَّهُ يذهب لَهُ شَيْء.
وَإِن كَانَ من صفر أَو رصاص أَو مَا يشبه ذَلِك فَإِنَّهُ تَحْصِيل خير وَمَنْفَعَة أَزِيد مِمَّا كَانَ يَقْصِدهُ فِي سفر.
وَإِن كَانَ من حَدِيد كَانَت اقامته لعذر قَاطع.
وقال بعض المعبرين: جربت رُؤْيا الْقَيْد مرَارًا عديدة فَلم أر مِنْهُ إِلَّا خيرا وَكلما ثقل الْقَيْد كَانَ أعظم فِي الثَّبَات وأجود.
وقال جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الْقَيْد تؤول على أوجه: نفاق وبخل واحتفاظ من الْمعْصِيَة وَيحْتَاج ذَلِك إِلَى اعْتِبَار الرَّائِي.
فصل فِي رُؤْيا الربط
رؤيا الربط
وَهُوَ على أَنْوَاع مُتَفَرِّقَة، فَمن رأى أَنه مربوط من يَده فَإِنَّهُ يدل على أَنه اكْتسب مآثم وَرُبمَا دلّ على هم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ مربوط من رجله فَإِنَّهُ إِن كَانَ فِي خير فَإِنَّهُ يسْتَمر فِيهِ، وَإِن كَانَ فِي شَرّ فَإِنَّهُ يسْتَمر أَيْضا وَلَا خير فِيهِ للضعيف.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن رجلَيْهِ مربوطتان بِبَعْض حَتَّى لَا يَسْتَطِيع الْقعُود فَهُوَ حُصُول أمر يكرهه.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ ربط إنْسَانا أَو بَهِيمَة فَعِنْدَ الْبَعْض: إنَّهَا احتراس الْأُمُور، وَعند آخَرين ربط الْبَهِيمَة مَحْمُود وربط الإنسان لَيْسَ بمحمود.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ ربط حَيَوَانا من الْحَيَوَانَات فَإِن كَانَ مِمَّن يَقْتَضِي ربطه فنظير الْبَهِيمَة وَإِلَّا فَهُوَ طلب مَا لَا يكون.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ ربط على شَجَرَة أَو إلى خشب فَلَيْسَ بمحمود.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ ربط من أحد أَعْضَائِهِ (كاليد) إلى إِنْسَان آخر فَإِنَّهُ يقارنه فِي أَفعاله سَوَاء كَانَت حميدة أَو ذميمة.
وَأَمَّا ربط المراكب فَسَيَأْتِي فِي فَصله وَمَا يرْبط كل شَيْء فِي فَصله ومكانه.
رؤيا السلاسل
وَأما السلَاسِل فَإِنَّهَا تؤول بالأعوان، وسلاسل القبان تؤول بأعوان القَاضِي، وجملتها فِي أوعية تؤول بِالْمَالِ.
رؤيا الزنجير
وَأَمَّا الزنجير والقيد قد تقدم ذكر تعبيرهما فِي فصولهما فِي الْبَاب الْخَامِس وَالْعِشْرين.
وَأَمَّا مَا يعْمل مِمَّا ذكر من الْمَعَادِن مثل الْأَوَانِي والمواعين وَمَا أشبه ذَلِك فَيَأْتِي تعبيرها فِي فصولها فِي الْبَاب الثَّانِي وَالسبْعين.
وَأَمَّا غير ذَلِك مِمَّا يعْمل من كل صنف مِنْهَا هُوَ مُوَافق جنسيته فقد أَتَيْنَا بكل شيء منه في فصله وستأتي التتمة إن شاء الله.