رؤيا النداء – تفسير الأحلام للسالمي
فَإِن رأى أِنَّه يُنَادى عليه من مَكَان بعيد ولكنه لم يجيب النداء، فإن كان مَرِيضا شفَاه الله وَإِن كَانَ خائفاً أَمنَ وَإِن كَانَ مَظْلُوما انتصر.
موقع عربي
فَإِن رأى أِنَّه يُنَادى عليه من مَكَان بعيد ولكنه لم يجيب النداء، فإن كان مَرِيضا شفَاه الله وَإِن كَانَ خائفاً أَمنَ وَإِن كَانَ مَظْلُوما انتصر.
وقيل: من رأى وكأنه اسْتغنى فَوق قدره فَإِنَّ ذلك قد يدل على قناعته فِي معيشته وَرضاه بِمَا قسم الله لَهُ. والغنى هي قناعة في التأويل والقناعة غنى. فَإِن رأى وكأنه افْتقر فَوق قدره الْمَعْرُوف فَإِنَّ ذلك قد يدل على ضعف القناعة بِمَا قسم الله لَهُ من الرزق.
و
وَمن رأى أنَّه يَبُول فِي قَمِيصه فَإِن يُولد لَهُ ولد، وَإن بَال فِي غير قَمِيصه فَإِنَّهُ يقْضِي حَاجته، وَإن بَال أَو تغوط فِي سراويله فَإِنَّهُ ينْفق على عِيَاله أو خدمه، فَإِن سَقَطت عذرته -برازه- مِنْهُ فِي الطَّرِيق ذهب مِنْهُ مَال يقدر مَا سقط مِنْهُ، وَإِن سَقَطت عذرته -غائطه- فِي قَمِيصه أَو سراويله أَو فرَاشه فَإِنَّهُ ينْفق على عِيَاله بِقَدرِهَا لِأَن الْعذرَة مَال.
فَإِن رأى أَن نطفته تسيل مِنْهُ فَإِنَّهُ يظْهر لَهُ مَال فَإِن كانت نطفة من غيره فَهُوَ مَال غَيره يصير إِلَيْهِ.
وَمن رأى كَأَن شَيْئا من الْأَشْيَاء تحول إِلَى شَيْء من غير جنسه فَإِن ذَلِك ظُهُور أَمر عجيب أو صعب على مِقْدَار مَا رأى.
وَمن رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ صبي فَإِنَّهُ لَا خير فِي ذلك لِأَنَّهُ إما يصبوا أَو يَأْتِي جهلا.
الْخصي في المنام يؤول بإِنْسَان زاهد متكبر فَمن خالط فِي الْمَنَام خَصيا خالط إنْسَانا كَذَلِك لَيْسَ لَهُ مَال وَلَا جاه. وَيُقَال أَن الْخصي إِذا كان فِي هَيْئَة حسنة فَإِنَّهُ ملك من الملائكة، فَمن رأى كَأَنَّهُ خصي أصَاب ذلا وَهوانا. وَمن رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ تحول امْرَأَة فَإِنَّهُ يُصِيبهُ هم أو خصومة أو تشاجر وَلَا خير فِي ذلك.
وَمن رأى أَنه ركب دَابَّة مقلوباً أَو لَبسَ ثوبا مقلوباً فَهُوَ يَأْتِي أمرا مُنْكرا من غير وَجه إِن كَانَ تعمد ذَلِك وَإِلَّا فَإِنَّهُ كَذَلِك من غير أَن يعلم.
الْبَاب السَّادِس وَالْخَمْسُونَ مَا يسْتَعْمل فِي الْبيُوت مثل المروحة والغرابيل والمناخل والمقراض والمشط والقارورة والطبق والقصعة والسكرجة والكوز وَغير ذَلِك
المقراض يؤول برفيقان نافعان أَو صاحبان موافقان يصلحان للدّين وَالدُّنْيَا.
الْمشْط إِنْسَان ذُو أَصْحَاب متساويين متوافقين إلا أَنه لَا حسب لَهُم وَفِي دينهم نفاق إن كان المشط من خشب إِلَّا أَن يكون المشط من حَدِيد فَإِنَّهُ يكون إِنْسَان ذُو مَنْفَعَة أو إخوان صالحين مستورين.
القارورة تؤول بامْرَأَة أَو خَادِم يُحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يسْتَغْنِى عنه.
الطَّبَق يؤول بخَادِم يزين أُمُور النِّسَاء وَالرِّجَال فِي أَوْقَات التَّلَذُّذ والتنعم وَالسُّرُور والفرح يسر بِرُؤْيَتِهِ كل إِنْسَان.
القطاعة تؤول بمنفعة ورزق أو بإنسان تجري على يديه قسْمَة الْأَمْوَال والخيرات.
الغربال خَادِم مُمَيّز ظريف يخْتَار من كل شَيْء أجوده وأهنأه وَأَصْلحهُ إِلَّا أِنَّه يستعين في خدمته بِرَجُل سيء. المنخل خَادِم أَو امْرَأَة ويشبه الغربال في التأويل إِلَّا أنَّ دَاخله رَدِيء.
السكرجة والكوز يؤولان بخادمين لَا يسْتَغْنى عَنْهُمَا على كل حَال، يكون بهَما قوام الْبدن وَصَلَاح النَّفس.
وَمن رَأْي كَأَنَّهُ ميت وَهُوَ يحمل على أَعْنَاق الرِّجَال وَالنَّاس يشيعونه فَإِن ذَلِك قدر وسلطان ورفْعَة وَلكن يكون ذلك مَكْرُوها فِي أمور الدّين لِأَن المتوفي مُنْقَطع الْعَمَل حيث لا خير فِي ذلك فيما يخص أمر الْآخِرَة، وَرُبمَا سَاءَ حَاله فِي معيشته وكسب رزقه، أَو يُولد لَهُ ولد وَيطول عمره.
الْمَيِّت يدل على أمر ميت أو أمر ليس على ما يرام. وَمن مَاتَ وَلَم يبكى عَلَيْهِ ثمَّ صَار حَيا ينهدم شَيْئا من دَاره ثمَّ يعود إِلَى الصّلاح، وَقيل: لَو رأى أَنه مات ثمَّ دفن ثمَّ حيي بعد ذَلِك فَإِنَّهُ إن كَانَ لَهُ أَمر مُشكل استبان لَهُ وَلَو كَانَ معزولاً نَالَ ملكا لقَوْله تَعَالَى {فأماته الله مائة عامٍ ثمَّ بَعثه} وَإِذا رأى وكأَنه ميت فَإِنَّهُ يَقع بَينه وَبَين أحد أقربائه منازعة. وَإن عانق الْحَيّ مَيتا فَإِنَّهُ يطول عمره ويسمو ذكره ويرتفع شَأْنه. وَمن رأى يحْفر قبراً فَإِنَّهُ يَبْنِي دَارا فِي ذَلِك الْبَلَد الَّذِي حفر فِيهِ الْقَبْر. وَمن رأى بأنَّه دفن فِي قَبر وَهُوَ حَيّ فَإِنَّهُ يضيق عَلَيْهِ وتصيبه شدَّة للقول: السجن قبور الأحياء وشماتة الأعداء وتجربة الأصدقاء . وَإن رأى وكأن مَيتا يَأْكُل مَعَه أَو يشرب فَإِن ذَلِك الشي الَّذِي أكل مِنْهُ الْمَيِّت فَإِنَّهُ يَغلُو وربما دل على حسن حال الميت.
من رأى أَنه يغسل مَيتا مَجْهُولا فَإِنَّهُ يظفر بِرَجُل فَاسد الدّين وَيَتُوب على يَدَيْهِ. وَمن رأى أَنه يضْرب مَيتا وَكَانَ الْمَيِّت رَاضِيا خاضعاً بِمَا يصنع بِهِ فَإِن ذَلِك قُوَّة حَال الْحَيّ فِي دينه وأفضاله على الْمَيِّت بِالدُّعَاءِ والصدقة. وَمن رأى فِي مَنَامه مَيتا مَرِيضا فَإِنَّهُ مسؤول عَن دينه أَو دُنْيَاهُ. وَمن رأى مَيتا قد حَيّ فَإِنَّهُ يحيا للرائي أَمرا ميتا أَو ينال أَمرا كَانَ قد أيس مِنْهُ أَو يظْهر له أَمر من أُمُور ذلك الميت وَسيرَته الَّتِي كَانَت قبل وَفَاته سواء كان خيرا أو شرا. فَإِن رأى مَيتا قد اسْتغنى وَصَارَ غَنِيا أكثر وَأفضل مِمَّا كَانَ فِي حَيَاته فَإِن ذَلِك حسن حَاله عِنْد الله. ورؤية الميت وعَلِيهِ ثِيَابا خلقا رثة بالية مهترئة فإن ذَلِك قد يدل على فقره إِلَى الْحَسَنَات وحاجته لدعاء وصدقة.
الْبَاب الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ فِي رُؤْيَة النصارى وَالْيَهُود وَالْمَجُوس والبيعة والكنيسة والمقبرة والنواقيس وبيوت النيرَان
النَّصْرَانِي في المنام قد يؤول بإِنْسَان قدري سيء الدّين غير أَن اسْمه مُشْتَقّ من النُّصْرَة فَإِن كَانَ للرأي خصومة في اليقظة استبان في حجَّته وعلا أو يظفر على إِنْسَان مُخَالف فِي الدّين.
الْمَجُوسي في المنام يؤول بإِنْسَان مغرور فِي الدُّنْيَا ذَا غَفلَة وهمه دنياه يحرص عليها.
وَمن رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ مشرك أو رَاهِب فَإِن كان صاحب معاصي دل ذلك على معصيته أو دل على بدعة وَمذهب رَدِيء مفرط فِي ذَلِك، وَإن كَانَ مَسْتُورا فَإِنَّهُ رجل مهتم فِي غوامض الْعُلُوم.
الْبيعَة والكنيسة فِي التَّأْوِيل مَوضِع كَلَام وحيرة وشغب وصخب.
نَار الْمَجُوس في المنام تؤول بمَوضِع مَكْرُوه وَمَوْضِع صخب وشغب وخصومة من جِهَة السُّلْطَان أَو مَوضِع مخاطر فَإِن أَصَابَهُ شَيْء من ضررها أصَاب الرَّائي بمقداره.
الناقوس فِي الْمَنَام خير إِن كَانَ الرَّائي مَسْتُورا إِلَّا فَلَا خير فِيهِ.
وَمن رأى فِي الْمَنَام كَأَن على وَسطه زنارا فإن كَانَ مَسْتُورا أصَاب قُوَّة وطهارة فِي الدّين أَو وجد إنصافاً من خَصمه وَإن لم يكن مَسْتُورا فَلَا خير فِي ذلك.
الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة بتمام ركوعها وسجودها وقرأتها وَحسن آدابها فِي أدائها وأوقاتها وطهورها وأمكنتها الْمُسْتَحبّ فذلك خير وَطَاعَة رَئِيس وَأَدَاء الْأَمَانَة والمحافظة على فراض الله تَعَالَى وخشوع وتواضع وَخير وَرَحْمَة وألفة ومحبة. وَمن رأى أِنَّه يُصَلِّي نَحْو الْمشرق فَإِنَّهُ يرى الْخَوَارِج وَإن كَانَ مَسْتُورا فَإِنَّهُ يحجّ أَو يَغْزُو أَو يعْمل عملا يقوم مقَام الْحَج والغزو، وَإن صلى نَحْو الشمَال سَافر سفرا بَعيدا.
الْبَاب الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ فِي الْعِبَادَة وَالشُّكْر لله تَعَالَى وَالِاسْتِغْفَار وَالْحَمْد وَالتَّسْبِيح وَقرَاءة الْقُرْآن والصلوات وَالصِّيَام وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وقراءة الْقُرْآن ورؤية الْمُصحف في المنام تؤول بحكم عَظِيمَة.
قَرَاءة الْقُرْآن في المنام تؤول برياسة وَشرف وغبطة وسرور وَأمن. وَقَرَاءة الْقُرْآن تعبر كذلك على تَفْسِير الْآيَة الَّتِي يقْرؤهَا فِي مَنَامه، مثال ذَلِك:
من قَرَأَ فِي الْمَنَام فَاتِحَة الْكتاب فتح الله عَلَيْهِ أَبْوَاب الْيُسْر.
وَمن قَرَأَ سُورَة الْبَقرة كَانَ طَوِيل الْعُمر على كل حَال.
وَمن قَرَأَ سُورَة آل عمرَان فَإِنَّهُ يكون مُخْتَارًا فِي النَّاس.
وَمن قَرَأَ سُورَة النِّسَاء أصَاب مِيرَاثا من النِّسَاء بعد عمر طَوِيل.
وَمن قَرَأَ سُورَة الْأَنْعَام كثرت أَمْوَاله وماشيته.
وَمن قَرَأَ سُورَة الْأَنْفَال فَإِنَّهُ يُصِيب غنائم ويظفر بأعدائه.
وَمن قَرَأَ سُورَة هود رزق الْحَرْث والنسل.
ومن قَرَأَ سُورَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام دل على حسن حاله وتوحيده لله تعالى.
وَمن قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي مَنَامه فَإِنَّهُ يَأْمَن من كل مَخَافَة وَإن كَانَ مَرِيضا شفَاه الله تَعَالَى وَإن كَانَ مكروباً فرج الله عَنهُ وَإن كَانَ مسجوناً تخلص من سجنه.
وَمن قَرَأَ: {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} الْآيَة، فَإِنَّهُ رجل موحد مخلص يوثر أَخَّرته على دُنْيَاهُ وَإِن كَانَت فِي عُنُقه أَمَانة أَدَّاهَا وَلم يخن صَاحبهَا فِيهَا وكل أَحْوَاله محمودة.
من قَرَأَ: {إنا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} الْآيَة، فَإِنَّهُ يبْعَث فِي رِسَالَة بَين قوم فِي صَلَاح وألفة ومحبة وينال عمرا وسروراً وَبشَارَة وثناؤ حسنا.
وكل أَيَّة تعبر على حسب تَفْسِيرهَا ومعانيها، وَفِي الْجُمْلَة فإن قراءة القرآن في المنام نجاة من كل سوء وَنَجَاة من كل غم.
مثل
و
التهليل وَ التَّكْبِير و التهجد وَ التَّسْبِيح وَ الِاسْتِغْفَار وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل ذلك في المنام خير وَعز وَشرف وَقُوَّة وَأمن وَمَنْفَعَة ورزق وَتمسك بِالسنةِ وندامة من الذُّنُوب.
الْمُصحف مِيرَاث ورزق حَلَال وَقُوَّة.
وَالحكمة المنشورة خير ظَاهر وَولَايَة وَمَنْفَعَة على مِقْدَار صَاحب الرُّؤْيَا.
الْبَاب السَّابِع الْخَمْسُونَ فِي الْأَسَامِي والمسائل المتفرقة الَّتِي سَقَطت من أماكنها فأنبتناها فِي هَذَا الْموضع ليتم بهَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَمن رأى فِي الْمَنَام إِنْسَانا مُسَمّى باسم حسن مُسْتَحبّ فَإِنَّهُ ينَال خيرا أَو ظفراً أَو مَنْفَعَة على قدر ذَلِك الْإِنْسَان وَمِقْدَار اسْمه، وَإن كَانَ اسْمه مِمَّا لَا يسْتَحبّ أَو يقبح لفظه فَإِنَّهُ ينَال خصومة وشغل أو تعسر على حسب ذَلِك الِاسْم وقربه من النحوس وَبعده من السُّعُود وَالله أعلم. فَمثلا من الأسامي السعود: سعد وَسَعِيد وسعدان ومسعود فإن تَأْوِيله أَمر محمود عاقبته، وَكَذَلِكَ كل كنية مثل أبي مُحَمَّد وَأبي صَالح وَأبي الْحسن وَأبي عَليّ وَأبي نصر وَأبي الْفضل، فصَالح من الصُّلْح وَالصَّلَاح، وعَلي من الْعُلُوّ الشّرف، وَالْفضل من الْفضل وَالْإِحْسَان، وَنصر من النُّصْرَة وَالْقُوَّة وَالزِّيَادَة فِي النِّعْمَة أو الأمن من الْخَوْف. وَاسم سَهل من السهولة واللين وَالْبر واللطف، و اسم الطّيب فِي التَّأْوِيل طيب وَأمن وَبشَارَة، وَاسم عَبد الله وَأَبُو عبدالله طَاعَة وَعبادة ذَات حلاوة وَخير. وَاسم النَّصَارَى نَصرة. وَاسم الْيَهُود هدى. وَالريحَان رَاحَة وعافية وَسَلَامة والله أعلم. وَأما الأسامي التي هِيَ دَّالَّة على النحوس مثل: حَرْب، وفهد، ونمر، وكلب، وحمار، وَأبي لَهب، وَأبي الْحَارِث، وَأبي مرّة، وَأبي شهَاب وأشباهها فَإِن تَأْوِيل ذَلِك كُله دَلِيله على النحوس ويستدل على ذَلِك بِكَلَام صَاحب الرُّؤْيَا.
رؤية أبو بكر الصديق رضي الله عنه
من رأى أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ فِي مَدِينَة أَو بلد فَإِن النَّاس يغفلون عن أَدَاء الصَّدقَات والزكوات فيسلط عَلَيْهِم من ينْتَقم مِنْهُم.
وَمن رأى أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَنَام فِي بلد فَإِنَّهُ يبسط فِيهَا الْعدْل ويميز بَين الْمُوَحِّدين والملحدين.
وَمن رأى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَنَام فَإِن النَّاس يتعاهدون قِرَاءَة الْقُرْآن ودروس الْعلم ويعملون الْخَيْر وَالْفضل فيما بينهم ويستعملون الْأَدَب وَالْحيَاء وَالْحكم والحلم وَحسن الْخلق فِيمَا بَينهم.
وَإن رأى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَإِن الْعدْل يظْهر ويختفي الظُّلم والجور ويتسع الْعلم وَيكثر طالبوه ويعز الله تَعَالَى الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء وتذل أهل الْبدع إِلَّا أَنه يَقع نزاع وقتال بَين النَّاس.
وَمن رأى فِي الْمَنَام أَنه أَخذ بيد آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ ينَال ملكا عَظِيما ورياسة يطيعه فِيهَا الْعَدو وَالصديق وَالْكَبِير وَالصَّغِير، وَإن كَانَ الرَّأْي طَالب علم وأدب بلغ إِلَيْهِمَا وحصلهما.
وَمن رأى فِي الْمَنَام حَوَّاء عَلَيْهَا السَّلَام كَمَا يَلِيق بهَا، فَإِنَّهَا تؤول بجده ودولته.
الْبَاب الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ فِي الرُّؤْيَا الَّتِي تدل على الْمُلُوك ورؤية الرئيس وَالسُّلْطَان وَغَيرهم والِاسْتِدْلَال بالأسامي على النحس والسعد
قال إبراهيم بن عبدالله: الرُّؤْيَا الدَّالَّة على طول أَعمار الْمُلُوك هِيَ أَن يرى الْملك أَنه يشرب المَاء الْبَارِد العذب الصافي من حَوْض أَو نهر أَو جرة أَو إِنَاء كَبِير فَذَلِك دَلِيل على طول عمره، وَأن يرى الْملك طَعَاما كثيرا يَأْكُل مِنْهُ أكلا شَدِيدا فَهُوَ دَلِيل على طول عمره، لبس الدرْع دَلِيل على طول عمره، أَو يرى أَنه يصعد على سلم طَوِيل كَبِير الأرجل فَهُوَ دَلِيل ارْتِفَاع شَأْنه وَزِيَادَة عمره وَطول ملكه، أَو يرى بساطه مبسوطا وَاسِعًا محكماً جَدِيدا فَإِن ذَلِك دَلِيل على طول عمره.
وسئل إِبْرَاهِيم بن عبدالله عَن الرُّؤْيَا الَّتِي تدل على حسن حَال الْملك عِنْد الله تَعَالَى فَقَالَ: هِيَ أَن يرى الْملك أِنَّه يُصَلِّي مُسْتَقْبل الْقبلة وَيتم ركوعها وسجودها فَذَلِك دَلِيل على حسن حَاله عِنْد الله تَعَالَى، أَو يرى أِنَّه فتح مُصحفا يقْرَأ فِيهِ آيات الله ومرتلا فَذَلِك دَلِيل على حسن حَاله وَبسط الْعدْل وَالْحكمَة واستعماله الْفِقْه وَالسّنة ويستدل أَيْضا بمعنى الْآيَة أو الآيات الَّتِي يَقْرَأها. أو يرى أَن بعض السلف أَو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسلمُونَ عَلَيْهِ مستبشرين غير معرضين عَنهُ حيث أنهم قد فارقوا الدُّنْيَا وصاروا إِلَى دَار الْحق وَلَا يستبشرون بِهِ إِلَّا بعد أَن يعلمُوا حسن حَاله عِنْد الله تَعَالَى، أَو يرى الْملك فِي الرؤْيا أَنه يتبع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ دَلِيل على اتِّبَاع أمره وعَلى حسن حَاله عِنْد الله تَعَالَى، أَو يرَاهُ يعالج حبلاً أَو يفتل لَهُ فَهُوَ دَلِيل على أِنَّه متمسك معتصم بِحَبل الله تَعَالَى.
وَمن رأى أَنه قريب من بعض الْمُلُوك أو السلاطين فِي الْمَنَام فَإِنَّهُ يتقرب إلى ذي سلطان.
وقيل: كل من رأى رُؤْيا خير أو شر للملوك وَلم يكن أَهلا لصحبتهم فَإِن رُؤْيَاهُ ليست بخير وَلَا شَرّ لذَلِك الْملك ولا يؤخذ بها، وَفِي وَجه آخر: إن كَانَ الرَّأْي تقياً صَدُوقًا فسرت رُؤْيَاهُ بِالْخَيرِ أو الشَّر على مَا ينْسب إِلَيْهِ جنسه فِي التَّأْوِيل بِقدر مَا رأى من الْخَيْر وَالشَّر.
لَيْسَ لملك من الْمُلُوك أَن يعزم على أَمر وَعمل وتدبير فِي أَسبَاب مملكته إِلَّا أرَاهُ الله تَعَالَى عاقبة ذَلِك فِي مَنَامه، حفظه أَو نسيه عرفه أَو لم يعرفهُ.
ورؤيا الملك من أصدق الرُّؤْيَا وأصحها لِأَنَّهُ رَاع والخلق لَهُ رعية وَيجب عَلَيْهِ في كل رُؤْيا صغرت أَو كَبرت أن يسْأَل عَنْهَا ويفحص عَن مَعَانِيهَا على قدر علمه وعقله ونظرته أَو من معبريه المعروفين لعلم الْعِبَادَة ليقف على حَقِيقَة رُؤْيَاهُ ثمَّ يسْتَعْمل مَا يجب اسْتِعْمَاله إِلَى أَن تمضي عاقبة رُؤْيَاهُ على طَرِيق محمودة إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وكل ملك أَو سُلْطَان أَو رَئِيس يرَاهُ فِي الْأَحْيَاء فِي بَلَده أَو مدينته كَانَ ذَلِك إحياء سيرته ومذهبه فِي عدله وجوره وفساده وصلاحه.
وكل زِينَة وجمال يرَاهُ فِي لِبَاس الْملك وبساطه وسلاحه وقصره وجاهه ونحو ذلك، كَانَ ذَلِك قُوَّة وَعزا ودولة فِي رياسته وولايته.
فصل فِي رُؤْيَة الْخُلَفَاء والسلاطين وجندهم والأئمة والصالحين
من رأى أَنه كلم الْخَلِيفَة أَو أعطَاهُ أَشْيَاء أَو كَسَاه أَو قَلّدهُ أَو أعطَاهُ مركوباً فَإِنَّهُ يؤول بسُلْطَان إن كان أهلا لذلك وَشرف يُصِيبهُ فَإِن رأى الْملك والوزير أصَاب عزا دون ذَلِك -دون الخليفة-. فَإِن رأى أنَّه يخْتَلف إِلَى الخليفة فَإِن ذَلِك غنيمَة له.
وَإِن رأى أنَّه أَقَامَ الصَّلَاة ولي ولَايَة عدل وَإِن تمت صلَاته بشروطها فَإِن كَانَ ذَلِك فِي الْمَوْسِم فَزِيَارة وإن كان أهلا للولاية نالها وَإِن لم يكن أَهلا للولاية نال محنة في أمر من أمور الدُّنْيَا. وَإن رأى أَنه يمشي خلف الإِمَام أَو من ذكرنَا اقْتدى بِهِ وَكَذَلِكَ إِن أردفه على دَابَّته.
ورؤية الصَّالِحين دون رُؤْيَة الْأَنْبِيَاء ورؤية الْمَلَائِكَة قد تؤول بالشَّهَادَة ورؤية الْأَنْبِيَاء دين وَشرف وبر فَإِن رأى أَنه تحول نَبيا نَالَ شدة في الدنيا وَأَجرا وثواباً عَظِيما وَإِن تحول ملكا نَالَ عزا وشرفاً وَدُنْيا وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي حَقًا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي.
الْبَاب الْخَمْسُونَ فِي الصناعات ووجوهها وَاخْتِلَاف ذَلِك وتعبير كل صنف مِنْهَا بِمَا يَلِيق له
الْحداد الْمَجْهُول فِي التَّأْوِيل رجل عَظِيم أَو ملك على قدر مقدرة الْحداد فِي معالجة الْحَدِيد وقوته عَلَيْهِ لِأَن الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد وَمَنَافع للنَّاس. وَكلما كَانَ من حَدِيد سِلَاحا فَهُوَ فِي التَّأْوِيل سُلْطَان. والْحداد مثل الْوَزير فإنه يجلو السيوف والأسلحة وَكَذَلِكَ الْوَزير يزين أَمر السُّلْطَان ويعظم شَأْنه، وهما فِي ذَلِك يجريان الْحق والصدق وتجري على أيدهما الْأُمُور الْعِظَام.
السيوفي رجل فصيح.
صانع المكايل والموازين رجل صَدُوق.
الموازيني قَاضِي.
القباني أَمِين القَاضِي.
الجواشني رجل يَأْمر النَّاس بِالْخَيرِ.
القوّاس رجل يحض الناس على الْحج والخير.
الرمّاح رجل يحث الناس على معاونة بَعضهم بَعْضًا.
بائع الخلقان -الملابس البالية- يؤول برجل يدْفع الْمَكْرُوه عَن نَفسه لِأَن الحلقان فقر وهم لمن يلْبِسهُمْ وَلَا خير فيهم لمن يشتريهم ويأخذهم وَهُوَ صَالح لمن يدفعهم ويطرحهم، وكل جَدِيد صَالح إِلَّا الْخُف الْجَدِيد الضّيق فَإِنَّهُ هم أَو امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق مؤذية أَو سفر صَعب إِلَّا أَن يكون لينًا معتدلاً فِي السعَة والضيق.
الحناط -بائع الحنطة- رجل يطْلب الْولَايَة ويتبعه الْخَاص وَالْعَام يجيبه القريب والبعيد.
الصائغ في المنام يؤول برجل كذوب اللِّسَان لَا خير فِيهِ.
الصّباغ يؤول برجل يجْرِي على يَدَيْهِ الْخَيْر.
الطَّبِيب يؤول برجل فَقِيه عَالم يعالج الصَّالح والطالح.
الْقصّار يؤول برجل يجْرِي على يَدَيْهِ أمور فيها خير للناس وَذَلِكَ إِذا لم يَأْخُذ عَلَيْهِ أجرا.
النساج مُسَافر، فَإِن انْقَطع نسجه انْقَطع سَفَره بِقدر مبلغ نسج الثوب. ورُبمَا دل نسج الثَّوْب على أمر يعالجه أَو خصومة فَإِن رأى أَنه قطع الثَّوْب فَإِن ذَلِك الْأَمر وَالْخُصُومَة يَنْقَطِع، وَرُبمَا كَانَ ذَلِك من جِهَة سَفَره.
الإسكافي يؤول بقسام الْمَوَارِيث وَالتّركة مصلحاً ي ذلك لِأَن الْجُلُود من الْحَيَوَان مَوَارِيث وَتركة لمن ينْسب إِلَيْهِ ذَلِك الْحَيَوَان فِي التَّأْوِيل.
والفرّاش يؤول برجل يصلح أمور الناس.
النعّال -صانع النعال- فِي التَّأْوِيل امْرَأَة والفراش امْرَأَة.
والكيزان وَجَمِيع مَا يتَّخذ من الخزف كلهَا خدم أو نساء.
وَكَذَلِكَ القوارير والزجاج فَإِنَّهَا من جَوْهَر النِّسَاء.
السراج امْرَأَة ذَات مِيرَاث أَو قسام أَمْوَال.
النّحاس رجل صَاحب أخبار.
النجار مؤدب للرِّجَال قاهراً لَهُم، أو مزينا مصلحا لبعض أمور رجال فيهم فساد أو نفاق، بِقدر مَا يصلح النجار من الْخشب ويقومه وينحته.
القصاب الْمَجْهُول فِي التَّأْوِيل إذا رؤي بأنه في موضع من المواضع فإن ذلك غير محمود.
الْخباز يؤول سُلْطَان عَادل، وكل طَعَام مسته النَّار فَهُوَ شغب أو شغل، وَمَا كَانَ بَينه وَبَين النَّار حاجز فَهُوَ خير وَفضل.
الطَّحَّان يؤول برجل مَشْغُول يدر عَلَيْهِ رزق وَقد يدل على قيم أهل الْبَيْت، فَإِن كَانَ شَيخا كَانَ خيرا وصلاح ورزق.
السقاء يؤول برجل ذُو دين وبر وتقوى إن كان يسقي النَّاس ماء عذبا صافيا أو رجل يجْرِي على يَدَيْهِ أَعمال الْبر، فَإِن كَانَ يجلب الماء في أوعية وأواني إلى منزله من غير أَن يمر بِهِ على أحد أَو يَسْتَقِي لغيره فَإِنَّهُ يجد مَالا مجموعاً لِأَن المَاء إِذا دخل فِي الْإِنَاء كَانَ مَالا مجموعاً فِي التَّأْوِيل على قدر صفائه وطيبته وعذوبته.
البواب يؤول برجل قريب من السلْطَان أو حاجب الملك.
الدَّلال يؤول بإِنْسَان صَالح فِي اسْمه وَذكره وَعَمله، وَهُوَ إِنْسَان مرشد نفاع يرشد النَّاس فِي مصالحهم وكسبهم.
الْبَقَّال قد يؤول برجل صَاحب هموم لأن الْبُقُول في التأويل هموم.
وكل صَلَاح أو فساد يرَاهُ فِي آلات ومعدات الصناع وأدواتهم مثل المطرقة للحداد و المبرد و المنشار للنجار و الإبرة و المقراض -المقص- للخياط فَإِن تَأْوِيل ذَلِك بصلاح أو فساد في صنعته على حسب حالة عدته.
الْبَاب التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ رؤبة الْجِنّ والأبالسة وَالشَّيَاطِين والسحرة والكهنة والأصنام وَأَشْبَاه ذَلِك
الشَّيْطَان يؤول بإِنْسَان عَدو آيس من كل خير خداع مكار لَا خير فِيهِ. وعداوته غير ضارة لمن أخْلص وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى {إلا عِبَادك مِنْهُم المخلصين}. فَأَما إِذا كَانَ الرجل غير مخلص فَإِن عداوته تضره. رُؤْيَة إِبْلِيس فِي الْمَنَام تدل على عدو غير ذِي دين وكَذَّاب وآيس من كل خير لَا ينفعه لدين وَلَا لدُنْيَا يريد له الضَّلَالَة فليحذر الرَّائي من مُخَالطَة إِنْسَان هَذِه صفته وشأنه وليجتهد فِي رِعَايَة نَفسه وصيانتها عَن أَن تتصل بِمثل هكذا رجل كَيْ لا يغويه أَو يضله.
الْجِنّ فِي التَّأْوِيل أَصْحَاب أخبار كاذبة أو أباطيل أو أشياء مزخرفة. وكذلك يكون تأويل الرؤيا على ما فيها من زيادة فيميز الرائي بين الخير والشر في رؤياه وحسب ما في الرؤيا من شواهد إضافية تدل على خير أو شر.
السحر فِي التَّأْوِيل فتْنَة أو غرور أو افتعال أمر، وَرُبمَا دل على أنه يكيد بِهِ إِنْسَان كيداً، أو يعصمه الله تَعَالَى من كيد سحر إن كان في الرؤيا ما يدل على خير.
الدَّجَّال يؤول بإِنْسَان مخادع يفتن النَّاس. فَإِن رأى الدَّجَّال فِي مَوضِع فَإِنَّهُ يظْهر هُنَاكَ إِنْسَان كَذَلِك صفاته.
الصَّنَم يؤول بإِنْسَان غدار جَبان حسن الْوَجْه سيء الْخلق لَا خير فِيهِ. والصنم قد يؤول بامْرَأَة حسناء غدارة من نسل الْأَعَاجِم، وقيل: من أصَاب صنماً في المنام ظفر بِامْرَأَة أَو دنيا.
الْبَاب الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْحَيَّات والعقارب والهوام وأسلحتها وسمومها وَاخْتِلَاف تَأْوِيلهَا
الْحَيَّة عَدو مكار كاتم الْعَدَاوَة، فَإِن رأى أَنه يعالج حَيّة فَإِنَّهُ يعالج رجلا كَذَلِك صفاته، فَإِن ظفر بالحية ظفر بعدوه فَإِن لم يظفر وَاحِد مِنْهُمَا بصاحبة فَلَا يمسهُ من عدوه مكروه. فَإِن رأى أَن حَيَّة لسعته فَإِنَّهُ يَنَالهُ من عدوه مَكْرُوه بِقدر مَا رأى. فَإِن رأى أَنه قتل حَيَّة فَإِنَّهُ يظفر بعدوه. فَإِن رأى أَنه يَأْكُل من لَحمهَا فَإِنَّهُ يُصِيب مَالا من جهة عدوٍ وينال سُرُورًا وغبطة. فَإِن رأى حَيَّة تكَلمه بِكَلَام لين لطيف فَإِنَّهُ يُصِيبهُ خيرا يتعجب مِنْهُ النَّاس، وَكَذَلِكَ كل حَيّ لَا يتَكَلَّم فِي الْيَقَظَة ثمَّ يرَاه يتَكَلَّم فِي الْمَنَام فَإِن كَلَامه يدل على أمر يتعجب النَّاس مِنْهُ. فَإِن كَانَت الْحَيَّة من الْحَيَّات الْبيض فَإِن ذَلِك يجْرِي فِي التَّأْوِيل على قدر جوهرها، فَإِن رأى أَنه ملك جمَاعَة من الْحَيَّات السود والكبار فَإِنَّهُ يَقُود جيشا إن كان أهلا لذلك أو يصيب مَالا عَظِيما، فَإِن ملك حَيّة مَاء وَهِي مطيعة لَهُ يُخرجهَا حَيْثُ شَاءَ وَلَيْسَت لَهَا غائلة وَلَا سلَاح يُؤذي فَإِنَّهُ يُصِيب كنزاً من كنوز الْمُلُوك. الهروب من الْحَيَّة وكل شَيْء يهرب مِنْهُ الرَّائي فِي الْمَنَام فإن لم يعاين طَالبه فَإِنه فرج فإن عاين الرَّائي المهروب مِنْهُ فإنه هم، فإن عاينه وقد نجا منه فإنه ينجو من مكروه. وَقيل: إِذا خَافَ الرّائي من شَيْء يكرههُ فِي النّوم فَإِنَّهُ أَمن لَهُ من ذَلِك الشَّيْء الَّذِي يخافه بقدر مَا وصل إِلَيْهِ من مَكْرُوه أَو مَحْبُوب. فَإِن رأى أَن حَيَّة خرجت من ذكره أَو من أَنفه أَو من ظَهره أو رأى حَيَّة تخرج من دبره أَو من أُذُنه أَو من بَطْنه فَإِنَّهُ عدو من الأقربين.
وأما العقرب فإنه يؤول بعدو. فَإِن رأى أِنَّه لدغته عقرباً فَإِنَّهُ يغتابه عدوا لَهُ ويناله مِنْهُ مَكْرُوه. فَإِن رأى أَنه قتل عقرباً فَإِنَّهُ يظفر بعدوه. وَإن أكل لَحْمه يُصِيب مَالا من جهة عدو. وَمن رأى الْعَقْرَب وَهو لَا يخَافه فإنه يأمن شر عدو.
والهوام على الجملة أَعدَاء بِقدر منازلها وأخطارها، فَمَا كَانَ مِنْهَا ذَا سم فَهُوَ عدو قوي فِي عداوته وأبلغ النكاية من غَيره.
التنين يؤول بإِنْسَان رَئِيس عَدو شَدِيد الْعَدَاوَة.
الْبَاب السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ فِي السّمك والسلحفاة والسرطان والتمساح ودواب المَاء وَاخْتِلَاف ذَلِك
السّمك الْكَبِير الْكثير الْعدَد الطري أَمْوَال وغنيمة. من أصَاب من السّمك الْكَبِير شيئاً أصَاب مَا بقدر ذَلِك. وقيل: صغار السّمك هموم لمن يصيبها لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الصّبيان وَالصَّبِيّ هم في التأويل، ولأن السمك الصغير شوكه أكثر من لحمه. والسمك الْكَبِير الطري إِذا أصَاب مِنْهَا وَاحِد أَو اثْنَتَيْنِ تزوج امْرَأَة أَو امْرَأتَيْنِ. فَإِن رأى أَنه أصَاب من بطن سَمَكَة لؤلؤة أَو لؤلؤتين فَإِنَّهُ يُصِيب مِنْ امرأة يتزوجها غُلَاما أَو غلامين، وشحمها خير وَمَال وَمَنْفَعَة. فَإِن رأى أَنه أكل سَمَكَة طرية فَإِنَّهُ يُصِيب غنيمَة وَخيرا لِأَنَّهُ من الصَّيْد وَقد كَانَت الْمَائدة الَّتِي أنزلهَا الله على عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ عَلَيْهَا سمكًا طرياً. وَطَعَام أهل الْجنَّة أول مَا يدْخلُونَهَا السّمك. من رأى أِنَّه أصَاب سمكًا مالحاً أكله أَو لم يَأْكُلهُ بعد أَن صَار فِي يَده فَإِنَّهُ يُصِيبهُ هم ربما من جهة الملك أَو يغتنم بِقدر مَا نَالَ من السّمك، وَرُبمَا خَالَفت الطبايع فِي السّمك المالح فَكَانَ مَالا وَخيرا إِذا كَانَت كبارًا. فإن رأى وكأن سمكَة خرجت من ذكره فَإِنَّهُ يُولد لَهُ بنتا، وَلَو رأى سَمَكَة خرجت من فمه فَإِنَّهُ يتَكَلَّم بِكَلَام محَال.
التمساح عَدو مكار لص لَا يأمنه صديق وَلَا عَدو. فَإِن رأى أَن التمساح جره إِلَى المَاء وَقضى عَلَيْهِ فَإِن ذلك غير محمود فقد يدل على مكروه ينال من جهة عدو، فإن لم ير أَنه قضى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ينَال من عَدو مكروه ثمَّ يسلم من ذلك إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
الضفدع يؤول بإِنْسَان مُجْتَهد. فَإِن رأى أَنه داول ضفدعاً فَإِنَّهُ يداول إنْسَانا هو كَذَلِك. الضفادع إِذا كَانَت في مَحَلة أَو نَاحيَة فَإِنَّهَا جند من جنود الله تَعَالَى أَو أمرا يحل بأَهْل ذَلِك الْموضع أو المحلة.
السلحفاة تؤول برجل عابد زاهد كثير العلم راسخ فِيهِ. فإن رأى أَنه أصَاب سلحفاة أَو ملكهَا أَو دخلت منزلَه فَإِنَّهُ رجل كذلك صفاته يخالطه. وَلَو رأى سلاحف فِي وعَاء أَو كيس أَو رأى كَأنَ النَّاس يكومونها في مكان فَإِن الْعلم هُنَاكَ عَزِيز مكرم مَعْرُوف لَهُ قدره وفضله على قدر مَا رأى.
سرطان البحر يؤول إِنْسَان قليل الهمة فِي أمره له نفع. من رأى أَنه أصَاب سرطاناً أَو ملكه أَو أَخذه فَإِنَّهُ يتَّخذ صديقا كَذَلِك في صفاته وطبائعه ويناله مِنْهُ بقدر مَا ناله من السرطان فِي مَنَامه من خير أَو شَرّ. فَإِن رأى أِنَّه يَأْكُل سرطاناً فَإِنَّهُ يُصِيب مَالا وَخيرا من مَكَان بعيد. وكل أَمر يخالطه السرطان فِي الرُّؤْيَا فَإِنَّهُ يطول على صَاحبه وَيبعد عَلَيْهِ. والسرطان أعظم الْحَيَوَان خلقا بعد الْحَيَّة.
رؤيا الفراشة
الْفراشة إِنْسَان ضَعِيف يعرض نفسه للخطر من غير رؤية.
وَكَذَلِكَ العيسوب إِنْسَان ضعيف، من عالج شَيْئا مِنْهَا دل على إِنْسَان هو كَذَلِك.
فَإِن رأى أَن الْقمل والديدان تتناثر مِنْهُ أَو تخرج من دبره فَإِنَّهُم يؤول بعيال أو ربما بهم من جهة العيال.
البق إِنْسَان ضَعِيف مهين، من رأى أَنه يداول شَيْئا مِنْهَا فَإِنَّهُ يداول إنْسَانا أَو امْرَأَة كَذَلِك.
الْجَرَاد جنود وفراخ الْجَرَاد أَتبَاع. فَإِن رأى أَن الْجَرَاد يدْخل موضعا فَإِنَّهُ يدْخل فِي ذَلِك الْموضع الْجند على قدر مَا رأى مِنْهُ.
النَّمْل فِي التَّأْوِيل يؤول بأهل الموضع. وَمن رأى النَّمْل يخرج من دَار أَو من أرض أَو من مَحَلة فَإِن عدد أهل ذَلِك الْموضع يقل. وقيل: النَّمْل الْكثير كَثْرَة مَال أَو نسب أَو دينا أَو دين.
الْبَاب السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ فِي النَّحْل والفراش وَالْعَنْكَبُوت والذباب والبق والبرغوث والدود وَالْجَرَاد وأنواع طيور المَاء وَغير ذَلِك
النَّحْل إِنْسَان خصب عَظِيم الْخَيْر وَالْبركَة نفاع لمن صحبه، فَإِن رأى أنَّه أصَاب مِنْهَا جمَاعَة أَو اتخذها أَو أصَاب شَيْئا مما فِي بطونها فَإِنَّهُ يُصِيب غَنَائِم وأموال وبركة بِلَا كد.
الْعَسَل غنيمَة من أَمْوَال وبر من الْأَعْمَال وَفِيه شفاء للنَّاس، وَالْعَسَل مالا حَلَالا.
الْبَاب الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ فِي أَنْوَاع الطيور
النسْر سيد الطُّيُور وأقواها على الطيران وَأَحدهَا بصراً وأطولها عمرا، فمن رأى أَنه أصَاب نسراً أَو ملكه وَكَانَ النسْر لَهُ مطاوعاً فإنَّهُ يُصِيب سُلْطَانا عَظِيما ويتمكن من ملك عَظِيم إن كان أهلا لذلك. فَإِن رأى أَنه أصَاب لحم نسر أَو عِظَامه أَو ريشه فَإِنَّهُ يُصِيب من ذَلِك السُّلْطَان مَالا أَو ينال رفعة وشرفاً فِي دُنْيَاهُ. فَإِن رأى أَن نسراً احتمله وطار بِهِ عرضا حَتَّى بلغ السما أَو دونهَا فَإِنَّهُ يُسَافر سفرا بَعيدا فِي سُلْطَان وَملك ويعلو أمره، فَإِن رأى أَنه سقط من السماء فِي تِلْكَ الْحَال أَو هوى بِهِ النسْر إِلَى الأَرْض فَإِنَّهُ يَزُول عَن سُلْطَانه وَلَا يتم لَهُ أمره. فَإِن صعد بِهِ إِلَى السماء حَتَّى غَابَ فِيهَا فَإِنَّهُ سفره يطول، فإن عاد كان ذلك محمودا.
الْعقَاب سُلْطَان قوي مهاب صَاحب حَرْب وبأس وَهُوَ فِي طبيعته ظلوم يخافه الْقَرِيب والبعيد. فَمن رأى أَن عقَابا ضربه بمخالبه فَإِنَّهُ تناله شدَّة أو مضر من ذَلِك السُّلْطَان بقدر مَا ناله بمخالبه إما فِي نَفسه أَو مَاله. ومقاتلة الْعقَاب ومنازعته هو منازعة مَعَ رجل كَمَا وصفت.
الرخمة رجل قريب من السُلْطَان وصَاحب سفر. من رأى أَنه أصَاب رخمه فِي يوم النَّهَار أَو عالجها فَإِنَّهُ يمرض.
البوم إِنْسَان لص مريب مكار شَدِيد الشوكة وحيد لَيْسَ لَهُ جند وَلَا نفع ومطعمه ومعيشته من غير حَلَال وعمره طَوِيل.
الحدأة ملك جَاهِل الذّكر شَدِيد الشوكة مقتدر متواضع لقُرْبه من الأَرْض فِي طيرانه. فَإِن رأى أَنه أصَاب حداة وحشية لَا تُطِيعهُ وَلَا تصيد لَهُ قد أمْسكهَا بِيَدِهِ فَإِنَّهُ يُولد لَهُ غُلَام يصير ملكا إن كان أهلا لذلك أو يظْهر على إِنْسَان كَمَا ذكرت.
إن أصَاب صقراً صياداً معلما نَالَ سُلْطَانا وَقُوَّة وَكَانَ فِي سُلْطَانه ذَلِك ظلوماً غشوماً. والصَّقْر إِذا كَانَ وحشياً لَا يتَعَلَّم الصَّيْد وَلَيْسَ بمطيع دل على غير ذلك. والصقر قد يؤول بغلام يولد له.
الْبَازِي إِذا كَانَ مطاوعاً مجيباً إِذا دعي فَإِنَّهُ سُلْطَان لصَاحبه وَيكون أَيْضا ظلوماً غشوماً فيه. وَإن رأى أَنه طَار عَنهُ وبقى خيطه فِي يَده أَو ريشه فَإِنَّهُ يذهب سُلْطَانه وَيبقى عِنْده مَال وَرُبمَا كَانَ مثلا بِمثل.
و
الشاهين والباشق إِنْسَان سُلْطَان أَو ولد أَو مَال أَو ظفر. وجلودها وريشها ولحمها مَال وَمَنْفَعَة. وَلَو رأى أِنَّه اصطاد باشقا أَو شاهيناً فَإِنَّهُ ينَال قضاء أَو عَدَالَة غير أَنه يسْتَحل مَال الْمَسَاكِين.
الْغُرَاب إِنْسَان فَاسق فِي دينه كذوب فِي كَسبه.
العقعق إِنْسَان لَيْسَ لَهُ عهد وَلَا وَفَاء، فَإِن عالج العقعق فَإِنَّهُ يعالج أمرا لَا يتم لَهُ.
فَإِن رأى أنه أصاب غراباً فأمسكه فَإِنَّهُ غرور أو باطل أو أمرٍ لَا ينتفع بِهِ. وَلَو رَأى غرباناً فِي دَار أو محلة فإن ذلك يؤول بفساق يَجْتَمعُونَ هُنَاكَ.
الطاووس الذّكر فِي التَّأْوِيل ملك أعجمي ذُو حشم وَمَال وَمَنْفَعَة وجمال. فَإِن رأى أَنه صَاد طاووساً فَإِنَّهُ يتَمَكَّن من رجل كَذَلِك في صفاته أَو من سُلْطَان إن كان أهلا لذلك أو ينال مِنْهُ مَنْفَعَة ومالاً على مِقْدَاره. وَالْأُنْثَى منه امْرأة أعجمية حسناء ذَات مَال وجمال. وَلَو رأى أَنه أصَاب من رَأس الطاووس أَو عظمه أَو من أَعْضَائِهِ شَيْئا فَإِنَّهُ يُصِيب مَالا من امْرَأَة. وَإن أصَاب شَيْئا من فراخها أصَاب من تِلْكَ الْمَرْأَة أَوْلَادًا تقر بهم عينه.
البط يؤول بإنسان ذُو مَال وحشم وقرابات وَله قُوَّة. فَمن أصَاب مِنْهَا شَيْئا ظهر على إِنْسَان كَذَلِك وَينْتَفع بِهِ.
وَجَمِيع طيور المَاء مَال وَمَنْفَعَة وظفر على إِنْسَان كَذَلِك.
الكركي إِنْسَان مِسْكين غَرِيب. فَإِن رأى أِنَّه أعْطي كركيا أَو شَيْئا من ريشه أَو لَحْمه فَإِنَّهُ يُصِيب أجرا فِي مِسْكين. فَإِن ركب كركياً أَصَابَهُ مَسْكَنة. وفراخها مفاز الْمَسَاكِين وأطفالهم. وبيضهم نسَاء فيهن مسكنة.
الْحَمَامَة امْرَأَة. وَمن رأى أَنه وهبت لَهُ حمامة فَإِنَّهُ يتزوج امْرَأَة أَو يولد لَهُ بنت. وَإن أصَاب مِنْهَا شيئاً كثيرا أصَاب خيرا كثيرا من جهة نساء بِقدر عددهن. فَإِن أكل لحومهن أصَاب من أَمْوَال النِّسَاء. وفراخها أولاد وبيضها نساء فيهن خير. وَيُقَال فراخ الْحمام شغل وَهم من قبل النِّسَاء أَو من جنس الْإِنَاث.
الدَّجَاجَة امرأة أو خادمة وفراخه أولاد أو خدم. فَإِن رأى دجاجاً كثيرا لَا يحصيها فَإِنَّهُ ينَال رياسة على جماعة من النَّاس. ولحومها وريشها مَال بِقدر مَا نَالَ مِنْهَا. وبيضها نسَاء بِقَدرِهَا أَو أَوْلَاد. فَإِن رأى أَنه يَأْكُل دجاجا مشوياً أَو مطبوخاً أو بيضا أصَاب خيرا فِي تَعب. وَإن رأى أَنه يَأْكُل قشر الْبيض ويدع ما في دَاخله فَإِنَّهُ يقوم بسرقة. فَإِن رأى أِنَّه ذبح دجَاجَة فَإِن يتزوج بكرا ويدخل بها. فَإِن أصَاب ديكاً أَو ملكه فَهُوَ يؤول برجل أعجمي وَرُبمَا كَانَ إنْسَانا ذَا نسك ودين. وفراخ الديك أَوْلَاد من نسل الأعجميين.
طائر الدراج في المنام يؤول برجل ذَا غدر أو خيانة وجفاء، أو امْرَأَة هي كَذَلِك. قيل: إن الدراج والديك كإنا فِي سفينة نوح عَلَيْهِ السلام. الدراجة امْرَأَة حسناء لَيْسَ لَهَا وَفَاء.
النعامة امْرَأَة بدوية، فَإِن أصَاب فِي مَنَامه نعَامَة تزوج امرأة بدوية. كَذَلِك الظليم -ذكر النعام- رجل بدوي، فَإِن ركب ظليماً أَو ذبحه فَإِن يستمكن من رجل هو كذلك. وريشها ولحمها مال، وبيضها نساء من البادية وفراخها صغار أهل الْبَادِيَة.
وَمن رأى أَنه أصَاب عُصْفُورا فَإِنَّهُ يتقرب إلى رجل. فَإِن اصطاده بفخ أَو بشبكة يصطاد بِمثلِها فَإِنَّهُ يتَمَكَّن من رجل ضخم ويقهره. وإناث العصافير نسْوَة عظيمات. وَرُبمَا تقع فِي التَّأْوِيل على بَعْلهَا وأخيها. فَإِن رأى أَنه يذبح عصفوراً فَإِنَّهُ يظفر بِمَا أَرَادَ من ذَلِك الرجل الضخم، فَإِن نتف ريشه أصَاب من مَاله. فَإِن أصَاب من فراخ العصافير رزق بأولاد. وَكَذَلِكَ أكل لحم العصفور وشحمه مَال وَمَنْفَعَة من قبل إِنْسَان خطير إِلَّا أَن يكون نياً أَو فَاسِدا. فَإِن رأى أِنَّه سمع أصوات العصافير وكلامها فَإِنَّهُ يسمع كَلَام يُعجبهُ. والعصافير الْكَثِيرَة الْعدَد مَال وَمَنْفَعَة ورياسة. وفراخ العصافير أَوْلَاد أو أحداث فِي أَمر الدُّنْيَا. وكل كَلَام مَكْرُوه من كَلَام الطُّيُور وَالسِّبَاع وَغَيرهَا وكل صَوت مُنكر قَبِيح كَانَ فِي التَّأْوِيل هماً وغماً وتشاجر وَكَلَام سوء حيث لَا خير فِي ذلك.
طير الفاختة يؤول بامْرَأَة كَاذِبَة أو مخالفة.
والبلبل يؤول بغُلَام صَغِير.
الخطاف رجل مُوسر أَو امْرَأَة موسرة تؤنسه. والخطاف قد يؤول بلص.
وقيل: الخفاش يؤول بإِنْسَان عَابِد مُجْتَهد. فَإِن أصَاب خفاشاً أَو قَتله أَو كَانَ فِي بَيته فَإِنَّهُ يداخل إِنْسَان هو كَذَلِك أَو يُخَالطهُ أَو يعاشره. وَلَو رأى وكأنه أكل لحم الخفاش أو من شحمه نَالَ من علم ذَلِك الرجل وَلكن لَا ينْتَفع بِهِ.
الزرزور يؤول بإِنْسَان صَاحب أسفار، فَإِن أصَاب مِنْهَا وَاحِدًا أَو ملكه أَو أكل من لَحْمه استمكن من رجل كَذَلِك أَو أصَاب مِنْهُ خيرا.
الهدهد إِنْسَان كَاتب بَصِير ناقد داهية صاحب علم يستفاد من علمه. فَإِن رأى انه أصَاب هدهداً أَو ملكه فَإِنَّهُ يُصِيب رجلا كَذَلِك ويستمكن مِنْهُ، وذبحه وَقَتله ظفر بِرَجُل هو كذلك، وريشه ولحمه مَال وَمَنْفَعَة. والهدهد قد يؤول بإِنْسَان لَبِيب يقول الْحكم وطيب الْكَلَام.
وَقيل: إن رأى وكأَنه يحمل الحمولات على ظُهُور الطُّيُور كمل يحملهُ على ظُهُور الدَّوَابّ فَإِنَّهُ يظلم أَقْوَامًا ينسبون فِي التَّأْوِيل إِلَى تِلْكَ الطُّيُور وكذلك على قدر تِلْكَ الحمولات.
وطيور المَاء أفضل فِي التَّأْوِيل من غَيرهَا لِأَنَّهَا أَكْثَرهَا ريشاً وأخصبها عَيْشًا وأقلها غائلة وَلها سُلْطَان فِي الجو وسلطان فِي المَاء. فَمن رأى أَنه أصَاب طيراً مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصِيب مَالا وسلطاناً بِقدر الطير الَّذِي أَصَابَهُ وعظمه وَكبره وريشه.
صوت الطير يؤول بكلام يسمعه من إنسان، فإن كان ما سمع مكروها له كان ما يسمعه مكروها، وإن كان ما سمعه محبوبا له كان ما يسمعه من كلام محبوبا له. فإن رأى مجموعة من الطيور في محلة وتطلق أصواتا قبيحة مع بعضها دل ذلك على هم يكون في تلك المحلة.
فراخ طيور المَاء مثل طيور الماء الكبيرة فِي التَّأْوِيل غير أَن الْعِظَام مِنْهَا أبلغ وَأفضل من الصغار، وقد تكون فراخ الطيور دالة على أولاد، وبيض الطيور قد تدل على نسوة وقد تدل على أولاد، وَالبيضة الْوَاحد مِنْهَا قد تؤول بامْرَأَة جميلَة على قدر صفاء الْبيضة ونقاوتها قال الله تعالى{كأنهن بيض مَكْنُون}.
الْقُنْفُذ إِنْسَان ضَعِيف متواضع مع الضعفاء متكبر على الأقوياء، والقنفذ إنسان لَا يقدر الْعَدو عَلَيْهِ لشوكه، فَإِن قَاتله وغلبه فَإِنَّهُ يقهر رجلا كَذَلِك، وَإن أكل لَحْمه أَصَابَهُ هم أو مرض.
السنور امْرَأَة أَو خَادِم أَو لص أَو غماز. فَإِن رأى أَن سنورا دخل دَاره فَإِنَّهُ يدْخل عَلَيْهِ لص أَو غماز. فَإِن ذهب بشي فَإِنَّهُ يسرق مِنْهُ شَيئا وَلَا خير فِي ذلك. فَلَو قَاتل سنوراً حَتَّى خدشه أو عضه فَإِنَّهُ يمرض. وَإِن كَانَ السنور وحشياً كَانَ أقوى وَأَشد. والسنور قد يكون إِنْسَان من القرابة أَو خَادِم. ولحمه وشعره وَجلده مَال من جِهَة لص أَو مِمَّا يسرق. وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَن سنور عضه فَإِنَّهُ يمرض ثمَّ يبرأ من مَرضه ذَلِك.
ابْن عرس كالسنور إِلَّا أَنه أَضْعَف وَأَقل منه في التأويل.
الْكَلْب عَدو أَو سُلْطَان أَو طامع أَو خَادِم وَهُوَ فِي عداوته دنيء وَلَيْسَ يُبَالغ فِي عداوته. وكلب الصيد في المنام قد يؤول بفقيه، فَإِن رأى أَنه صَاحب كلب صيد فَإِنَّهُ يصحب فَقِيها أَو ينَال مِنْهُ خيرا. وَلَو نبح عَلَيْهِ كلب وَلم يضرّهُ فإن عدوه يطعن به وَهو لَا يعبره. والْكَلْب قد يؤول بامْرَأَة دنيئة سليطة يسمع منها ما يكره. فَإِن رأى كَلْبا تناوله أو عضه فَإِنَّهُ يَنَالهُ كَلَام مَكْرُوه. وَإِن رأى أَن كَلْبا مزق ثِيَابه فَإِنَّهُ غير محمود فقد يدل على إنسان يفرق مَاله أَو يَنَالهُ منه مَكْرُوه بقدر مبلغ التخريق من ثِيَابه. وَكَذَلِكَ الكلبة لَو تناولته أَو مزقته فَإِنَّهَا امْرَأَة سليطة. وَمن رأى أَنه يَأْكُل لحم الْكَلْب فَإِنَّهُ يظْهر على عدوه ويصيب من مَاله أَو أنه يبتلى بِمَرَض. فَإِن رأى أَنه شرب لبن الْكَلْب فَإِنَّهُ أمر يخافه لا يرغب فيه. فَإِن رأى الْكَلْب مزق جلده وَترك أثرا فِيهِ فإن ذلك خصومة ومنازعة. فَإِن كَانَ الْكَلْب سلوقياً كَانَ الْعَدو من من خلطائه أَو من الأقربين. وَإن كَانَ الْكَلْب من غير كلاب الصيد وليس بسلوقي فَهَذَا الْعَدو من الأبعدين. وَالْكَلب الْمُطِيع إِنْسَان مُطِيع معِين لَك على أعدائك بالْكلَام.
فَإِن وهب لَهُ قرد كَانَ ذلك عدوا. فَإِن قَاتل قرداً فَإِنَّهُ يمرض أَو يُصِيبهُ أَذَى.
وكل ذِي نابٍ من السبَاع ينْسب إِلَى عدوٍ مجاهر على قدر سلامته وقوة ذكره ومقدرته وقدره.
والْكَلْب عدو ضَعِيف الْعَدَاوَة. والنمر عَدو كثير الْعَدَاوَة مُسْتَمر فِيهَا، شَدِيد عَظِيم الْخطر. فَإِن رأى أَنه نَازع نمراً فَإِنَّهُ يُنَازع إنْسَانا عدوا كَذَلِك ويظفر بِهِ بِقدر مَا نَالَ من النمر. أكل لحم النمر شرف وصون وسرور وَمَال من حَرْب حَاصِل. فَإِن رأى أَنه ركب نمراً فَإِنَّهُ يُصِيب سُلْطَانا ويقهر عدوا على قدر مَا رأى وعَلى مِقْدَار صَاحب الرُّؤْيَا. فَإِن رأى أَنه يعالج نمراً وَلم يظفر وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يُصِيبهُ أمر من سُلْطَان أَو شدَّة أَو مرض أو خوف ولكنه ينال بعد ذلك أمنا من خَوفه وشفاء من مرضه وفرجا من الشدة والهم. فَإِن رأى أنَّه شرب لبن النمر فَإِنَّهُ يُصِيبهُ خوف من جِهَة عَدو وَيُظْهر لَهُ عداوته ثمَّ ينجو مِنْهُ ويظفر بِهِ إِن شاءالله تَعَالَى. فَإِن رأى أَنه أصَاب من جلده وعظامه فَإِنَّهُ ينَال من مَال ذَلِك الْعَدو بقدر ذَلِك. وقيل: النمر في المنام هو عَدو شرِيف كريم مُطَاع حسيب له صَوت وَذكر. ومعالجة الْأسد والنمر فَإِنَّهُ عدو يظْهر عداوته وَهُوَ مذبذب فيها.
وَمن رأى أِنَّه ركب ضبعاً فَإِنَّهُ يتَزَوَّج امْرَأَة عَجُوزا، فَإِن رَمَاهَا فَإِنَّهُ يطعن في امرأة. وَمن أكل لحم الضبع فَإِنَّهُ امْرَأَة تغدر بِهِ وتخونه وَرُبمَا كَانَت عَجُوزا. وَجلد الضبع وشعره وعظامه مَال من جِهَة تِلْكَ الْمَرْأَة. وَإن كَانَ الضبع فحلاً فَإِنَّهُ فِي التَّأْوِيل عَدو مخذول محروم. ومعالجته كمعالجة سائر السبَاع.
الدب سُلْطَان غشوم ظلوم جريء كَذَّاب حلاف. وَرُبمَا كَانَ الدب خصما يخاصمه هو كَذَلِك أَو غَرِيبا. وَإن شرب من لبنه فَإِنَّهُ ضر في أمر.
لبن الدب ضرّ وعزم وَخبر عَاجل. ولحمه وَجلده مَال إِن أكلهَا أَو وجدهَا.
الثَّعْلَب إِنْسَان خداع مكار. فَإِن رأى أِنَّه يعالجه وينازعه فَإِنَّهُ يُخَاصم لصاً أَو يُخَاصم ذَا قرَابَة لَهُ. فَإِن طلبه ثَعْلَب أَو أَنه راوغه ثَعْلَب فإنه يرواغه غَرِيم لَهُ. وَإِن شرب لبنه فَإِنَّهُ إن كَانَ مَرِيضا شفَاه الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مغموماً أذهب الله غمه. ابن أوى يجرِي مجْرى الثَّعْلَب فِي التَّأْوِيل إِلَّا أَن الثَّعْلَب أقواهما فِي الرُّؤْيَا.
الْبَاب الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ فِي السبَاع ولحومها وَأَلْبَانهَا وجلودها وَاخْتِلَاف تغيرها
وَمن رأى أنه ينازع أسداً أَو يقاتله فَإِنَّهُ يُنَازع عدوا مسلطاً وَيكون الظفر للغالب مِنْهُمَا لِأَنَّهَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ. فَإِن كلمه أَسد فَإِنَّهُ يظْهر لَهُ شَأْن ويقهر أعداءه ويبلغ مُرَاده فيهم. فَإِن رأى أَنه ركب أسداً وَهُوَ يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء فَإِنَّهُ يُصِيب سُلْطَانا عَظِيما ويقهر عدوا منيعاً مسلطاً. فَإِن رأى أسداً استقبله أَو رَآهُ عِنْده وَلم يخَافه فَإِنَّهُ عَدو ظالم أَو سُلْطَان جائر وَلكن لَا يضرّهُ ذَلِك. فَإِن رأى أَنه هرب من أَسد وَلم يَطْلُبهُ الْأسد فَإِنَّهُ نجاة مِمَّا يحذر. وَكَذَلِكَ كل هارب من إِنْسَان غير طَالبه فَإِنَّهُ ينجو حيث أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام هرب من فِرْعَوْن ثمَّ ظفر بِهِ. فَإِن رأى أَنه يَأْكُل لحم الْأسد فَإِنَّهُ يجد مَالا وغنى من سُلْطَان ويظفر بعدوه ويتمكن مِنْهُ. فَإِن رأى أَنه يشرب لبن اللبؤة فَإِنَّهُ أَيْضا يظفر بعدوه ويصيب مِنْهُ مَا لم يكن يرجوه.
فَإِن رأى أِنَّه يَأْكُل شَيْئا من أَعْضَاء الْأسد فَإِنَّهُ يُصِيب مَال عَدو مسلط بِقدر ذَلِك الْعُضْو من الْأَعْضَاء. وَكَذَلِكَ شعره وَجلده مَال عَدو. وَكَذَلِكَ فَإِن رأى أِنَّه ناكح لَهُ فَإِنَّهُ ينجو من شَدَّاد كَثِيرَة ويظفر ويعلو أمره.
الْبَاب الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ هِيَ الْخَنَازِير من تَفْسِير ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى
الْخِنْزِير يؤول برجل شَدِيد الشَّوْكَة دنيء. ولحمه وشعره وَجلده مَال حرَام. من رأى أِنَّه يرْعَى خنازير ولي على قوم كَذَلِك. وَمن ملك خنازير أَو أحرزها أو أوثقها فِي مَوضِع أصَاب مَالا حَرَامًا. وَأَوْلَاد الخنزير هموم. وَأَلْبَانهَا مُصِيبَة فِي مَال حرَام لمن يشْربهَا. وَمن ركب خنزيراً أصَاب سُلْطَانا أَو ظفر بعدو. وَالْخِنْزِير يؤول برجل خصيب دنيء خَبِيث الدّين والطبيعة، فَإِن كَانَ وحشياً كَانَ أقوى وَأَمْنَع وَأفضل خصْبًا وإن كَانَ أهلياً كَانَ أقل. فَإِن رأى أَنه أصَاب خنزيراً أَو ملكه أَو قَتله فَإِنَّهُ يَقْهَر رجلا أَو يظفر بحاجته مِنْهُ بِقدر ذَلِك. فَإِن رأى أكل من لَحْمه فَإِنَّهُ يُصِيب مَالا حَرَامًا. فَإِن رأى أَنه ملك خنازير فِي مَوضِع فَإِنَّهُ يُصِيب أَمْوَالًا حراماً بِقدر الْخَنَازِير وعددها. فَإِن رأى أِنَّه شرب لبن خِنْزِير فَإِنَّهُ يذهب مِنْهُ مَال أَو يمرض.
الْبَاب الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ فِي الفيلة والجواميس
من رأى أِنَّه ركب فيلاً يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء وَعَلِيهِ آلَة الفيلة وأسلحتها وثيابها فَإِنَّهُ يُصِيب سُلْطَانا عَظِيما، وَكَذَلِكَ أكل لحم الْفِيل مَال من سُلْطَان أعجمي أَو إنْسَانا مسلطاً بِقدر مَا أكل مِنْهُ. شَحم الْفِيل مَال على قدر قلته وكثرته. جلد الْفِيل وشعره وَجَمِيع أَعْضَائِهِ مَال وَمَنْفَعَة عَظِيمَة على قدر عَظمَه وَكبره. وَمن رأى أَنه ركب الْفِيل فِي أَرض حَرْب على أَي هَيْئَة كَانَت فَإِن الدولة تكون على أَصْحَاب الْفِيل لأَنهم لَا ينْصرُونَ إِلَّا أَن يكون الرَّائي مُعْتَاد على ركوب الْفِيل في اليقظة وقيل غير ذلك. وَمن رأى وكأَن فيلاً رفسه أو أسقطه فَإِنَّهُ يُصِيب شدة وَكَذَلِكَ لَو رفسه أو أسقطه بَعِيرًا أو غَيره من الدَّوَابّ. فَإِن رأى أَنه ركب فيلاً فِي غير أَرض حَرْب على غير هَيْئَة الْفِيل ولباسه وسلاحه فَإِنَّهُ يتزوج امْرَأَة أَعْجَمِيَّة فَإِن كان الْفِيل مواتي له تكون تِلْكَ الْمَرْأَة لَهُ مواتية، فَإِن كان الفيل غير مواتي ولا مطيع كانت تِلْكَ الْمَرْأَة غير مطيعة له، فَإِن حمل الْفِيل على مَكْرُوه ولم يطيعه فَإِنَّهُ يحمل تِلْكَ الْمَرْأَة على مَكْرُوه ولا تطيعه. وقيل: إِن رأى فِي مَنَامه بِالنَّهَارِ وكَأَنَّهُ ركب فيلاً فَإِنَّهُ يفارق امرأته أو يطلقها حيث قيل: لَا خير فِي رُؤْيَة الْفِيل بِالنَّهَارِ. والفيل سُلْطَان أعجمي أَو رَئِيس. فَإِن رأى أَن فيلا خرج من بلد أو أرض أو بلدة بلباسه وزينته فَإِنَّهُ زَوَال سُلْطَان تِلْكَ البلد أو الأَرْض أَو خُرُوجه من تِلْكَ البلدة إِلَى غَيرهَا. فَإِن رأى أنه قتل فيلاً فَإِنَّهُ يقهر رجلا ضخماً أعجمياً أَو امْرَأَة كَمَا وصفت. فَإِن رأى للفِيل قرونا كثيرة كَانَ ذَلِك أَشد شَوْكَة لمن نسب الْفِيل إليه فِي التَّأْوِيل وأنفع. والقرون كلهَا مَنْفَعَة وشوكة وَقُوَّة.
وَمن أصَاب ظَبْيًا فِي مَنَامه فإنه يتزوج امرأة حسناء. وَلَو ذبح ظَبْيًا فإنه يتزوج امرأة بكرا ويدخل بها. فَإِن ذَبحهَا من قفاها -مؤخر عنقها- فإنه يرتكب فاحشة أَو يَأْتِي امرأته من دبرها.
فَإِن رأى أِنَّه رمى ظَبْيًا أَو بقر من بقر الْوَحْش لغير الصيد فَإِنَّهُ يقذف امْرَأَة كَذَلِك. فَإِنَّهُ رَمَاهَا بقصد الصيد وأصابها فَإِنَّهُ يُصِيب غنيمَة أَو يطلب مَنْفَعَة وينالها.
فَإِن رأى أِنَّه أصَاب حشفاً فَإِنَّهُ يرزق بولد. وَإن أصَاب فِي مَنَامه عجلاً من الْوَحْش مَجْهُولا فَإِنَّهُ يرزق بولد وَرُبمَا كَانَ غُلَاما وَكَذَلِكَ كل ولد من أَوْلَاد الْوَحْش.
وَأما الوحش من الحيوان، فقد قيل: من رأى كَبْشًا من الْوَحْش أَو نعجا أَو إبِلا أَو اصطاد شَيْئا مِنْهَا أَصَابَهُ همه فإن أصَاب شيئاً من قُرُونهَا أَو جلودها أَو لحومها فَإِن ذَلِك كُله جيد وغنيمَة وظفر لمن أَصَابَهُ بِقدر مَا أصَاب من الصَّيْد. وَأَلْبَانهَا أوألبان الْبَقر وَالْغنم إِذا كَانَ لَبَنًا طيبا يدل على مَنْفَعَة وَقُوَّة فِي الدّين على قدر مَا أصَاب وعَلى مِقْدَار صَاحب الرُّؤْيَا. اللَّبن الحامض مَنْفَعَة فِي الدُّنْيَا مَعَ مرض على قدر مَا شرب مِنْهُ وعَلى مِقْدَار حموضته، وكل طَعَام وشراب حامض مالح فَوق الْوَاجِب أَو فَاسد.
وَإن رأى أَنه رَاكب حمَار من حمر الْوَحْش يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء وَهُوَ يطيعه فَإِنَّهُ يركب مَعْصِيّة أو يُفَارق جمَاعَة الْمُسلمين فِي رأي أو أمر من أمور دينه، وإِن لم يكن الْحمار ذلولاً أو جمح بِهِ أَو صرعه أَو كسر عضوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يُصِيبهُ شدَّة وهم لسوء رأيه. فَإِن رأى أَنه أدخلهُ بَيته على هَذِه الصّفة فَإِنَّهُ يداخل رجلا كَذَلِك فِي رَأْيه وَلَا خير فِيهِ. وَإن رَأى أَنه أدخلهُ بَيته وضميره أَنه قد اصطاده لطعام فَإِنَّهُ يُصِيب غنيمَة وَخيرا على مِقْدَار ذلك. فَإِن رأى حيوانان من الْوَحْش يتنازعان فَإِنَّهُمَا رجلَانِ يتنازعان فِي أَمر من أمور الدين، وكَذَلِك لَو نَازع الرجل شَيْئا من ذَلِك فَإِنَّهُ يتنازع رجلا كَذَلِك فِي دينه ورأيه، وَالْغَالِب مِنْهُمَا فِي منازعته هُوَ الغالب على صَاحبه، فَإِن كَانَ كبشين أَو وعلين أَو حيوانيين من جنس وَاحِد يتنازعان فَإِن ذَلِك بِخِلَاف الأول والمصروع مِنْهُمَا الْغَالِب لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا من جنس وَاحِد. وإناث الْوَحْش نساء صفاتهم على ما تم وصفه. لُحُوم الْوَحْش وشعورها وجلودها وَأَلْبَانهَا مَال وبركة وَأَلْبَانهَا خَاصَّة نسك فِي الدّين وَمَنْفَعَة فِي الدُّنْيَا. فَإِن رأى أَنه تحول حمَار وَحش فَإِنَّهُ يُفَارق جمَاعَة الْمُسلمين في رأي أو أمر من أمور الدين. وَقيل: لَو رأى وكأنه تحول لنوع من أَنْوَاع الْوَحْش فَإِنَّهُ يرزق بولد.
وبقرة الْوَحْش فِي التَّأْوِيل امْرَأَة حسناء، وَكلما أصَاب من لحومها وشعورها وشحومها وبطونها مَال من قبل النِّسَاء.
فَإِن رأى يَأْكُل كرَاع شاة فَإِنَّهُ يُصِيبهُ مَالا وَخيرا. وَسمن الْغنم مَال وخصب وَمَنْفَعَة على قدر مَا وجد مِنْهُ. شَحم الْغنم مَال كثير لمن يُصِيبهُ، والشحم خير من السّمن في التأويل. وبطون الشاة مَال لمن يُصِيبهَا وَجَمِيع مَا فِيهَا من الدَّسم وَغَيره مَال كثير على قدر مَا نَالَ مِنْهَا.
الكبد من الْحَيَوَان كُله مَال مدفون لمن أَصَابَهَا أَو ملكهَا أو أكلهَا إِلَّا أَن أفضلهَا في التأويل فِي عرض الدُّنْيَا وأقربها إِلَى المَال وَالنعَم كبد الْإِنْسَان.
الْقلب من الحيوان مَال مَذْكُور لمن ملكه أَو أكله على مِقْدَار صَاحبه.
المصران من كل حَيَوَان لمن يُصِيبهَا أَو يأكلها أَو يملكهَا خير وَمَنْفَعَة وَشرف وسعادة وقربة من جِهَة الْقرَابَات.