معنى كلمة عشا – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
معنى كلمة عشا – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
عشا: الْعَشَا – مَقْصُورٌ -: سُوءُ الْبَصَرِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، يَكُونُ فِي النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ وَالطَّيْرِ، وَقِيلَ: هُوَ ذَهَابُ الْبَصَرِ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ إِذَا تَأَمَّلْتَهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ لَا يُبْصِرَ بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: الْعَشَا يَكُونُ سُوءَ الْبَصَرِ مِنْ غَيْرِ عَمًى، وَيَكُونُ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَيُبْصِرُ بِالنَّهَارِ، وَقَدْ عَشَا يَعْشُو عَشْوًا، وَهُوَ أَدْنَى بَصَرِهِ، وَإِنَّمَا يَعْشُو بَعْدَمَا يَعْشَى. قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: أَمَالُوا الْعَشَا، وَإِنْ ڪَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ; تَشْبِيهًا بِذَوَاتِ الْوَاوِ مِنَ الْأَفْعَالِ ڪَغَزَا وَنَحْوِهَا، قَالَ: وَلَيْسَ يَطَّرِدُ فِي الْأَسْمَاءِ، إِنَّمَا يَطَّرِدُ فِي الْأَفْعَالِ، وَقَدْ عَشِيَ يَعْشَى عَشًى، وَهُوَ عَشٍ وَأَعْشَى، وَالْأُنْثَى عَشْوَاءُ، وَالْعُشْوُ جَمْعُ الْأَعْشَى، قَاْلَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعُشْوُ مِنَ الشُّعَرَاءِ سَبْعَةٌ: أَعْشَى بَنِي قَيْسٍ أَبُو بَصِيرٍ، وَأَعْشَى بَاهِلَةَ أَبُو قُحَافَةَ، وَأَعْشَى بَنِي نَهْشَلٍ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ، وَفِي الْإِسْلَامِ أَعْشَى بَنِي رَبِيعَةَ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ، وَأَعْشَى هَمْدَانَ، وَأَعْشَى تَغْلِبَ ابْنُ جَاوَانَ، وَأَعْشَى طِرْوَدٍ مِنْ سُلَيْمٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَأَعْشَى بَنِي مَازِنٍ مِنْ تَمِيمٍ، وَرَجُلَانِ أَعْشَيَانِ وَامْرَأَتَانِ عَشْوَاوَانِ، وَرِجَالٌ عُشْوٌ وَأَعْشَوْنَ.
وَعَشَّى الطَّيْرَ: أَوْقَدَ لَهَا نَارًا لِتَعْشَى مِنْهَا فَيَصِيدُهَا. وَعَشَا يَعْشُو إِذَا ضَعُفَ بَصَرُهُ، وَأَعْشَاهُ اللَّهُ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَعْشُو بِالْأُخْرَى، أَيْ يُبْصِرُ بِهَا بَصَرًا ضَعِيفًا. وَعَشَا عَنِ الشَّيْءِ يَعْشُو: ضَعُفَ بَصَرُهُ عَنْهُ، وَخَبَطَهُ خَبْطَ عَشْوَاءَ: لَمْ يَتَعَمَّدْهُ. وَفُلَانٌ خَابِطٌ خَبْطَ عَشْوَاءَ، وَأَصْلُهُ مِنَ النَّاقَةِ الْعَشْوَاءِ; لِأَنَّهَا لَا تُبْصِرُ مَا أَمَامَهَا فَهِيَ تَخْبِطُ بِيَدَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَرْفَعُ رَأْسَهَا فَلَا تَتَعَهَّدُ مَوَاضِعَ أَخْفَافِهَا، قَاْلَ زُهَيْرٌ:
رَأَيْتُ الْمَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ تُمِتْهُ وَمَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
. وَمِنْ أَمْثَالِهِمُ السَّائِرَةِ: هُوَ يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ، يُضْرَبُ مَثَلًا لِلسَّادِرِ الَّذِي يَرْكَبُ رَأْسَهُ وَلَا يَهْتَمُّ لِعَاقِبَتِهِ، ڪَالنَّاقَةِ الْعَشْوَاءِ الَّتِي لَا تُبْصِرُ، فَهِيَ تَخْبِطُ بِيَدَيْهَا ڪُلَّ مَا مَرَّتْ بِهِ، وَشَبَّهَ زُهَيْرٌ الْمَنَايَا بِخَبْطِ عَشْوَاءَ; لِأَنَّهَا تَعُمُّ الْكُلَّ وَلَا تَخُصُّ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعُقَابُ الْعَشْوَاءُ الَّتِي لَا تُبَالِي ڪَيْفَ خَبَطَتْ وَأَيْنَ ضَرَبَتْ بِمَخَالِبِهَا، ڪَالنَّاقَةِ الْعَشْوَاءِ لَا تَدْرِي ڪَيْفَ تَضَعُ يَدَهَا. وَتَعَاشَى: أَظْهَرَ الْعَشَا، وَأَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ أَعْشَى وَلَيْسَ بِهِ. وَتَعَاشَى الرَّجُلُ فِي أَمْرِهِ إِذَا تَجَاهَلَ، عَلَى الْمَثَلِ. وَعَشَا يَعْشُو إِذَا أَتَى نَارًا لِلضِّيَافَةِ وَعَشَا إِلَى النَّارِ وَعَشَّاهَا عَشْوًا وَعُشُوًّا وَاعْتَشَاهَا وَاعْتَشَى بِهَا – ڪُلُّهُ: رَآهَا لَيْلًا عَلَى بُعْدٍ فَقَصَدَهَا مُسْتَضِيئًا بِهَا، قَاْلَ الْحُطَيْئَةُ:
مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ
، أَيْ: مَتَى تَأْتِهِ لَا تَتَبَيَّنُ نَارَهُ مِنْ ضَعْفِ بَصَرِكَ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
وُجُوهًا لَوْ أَنَّ الْمُدْلِجِينَ اعْتَشَوْا بِهَا صَدَعْنَ الدُّجَى حَتَّى تَرَى اللَّيْلَ يَنْجَلِي
، وَعَشَوْتُهُ: قَصَدْتُهُ لَيْلًا، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، ثُمَّ صَارَ ڪُلُّ قَاصِدٍ عَاشِيًا. وَعَشَوْتُ إِلَى النَّارِ أَعْشُو إِلَيْهَا عَشْوًا، إِذَا اسْتَدْلَلْتَ عَلَيْهَا بِبَصَرٍ ضَعِيفٍ، وَيُنْشَدُ بَيْتُ الْحُطَيْئَةِ أَيْضًا، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الْمَعْنَى مَتَى تَأْتِهِ عَاشِيًا، وَهُوَ مَرْفُوعٌ بَيْنَ مَجْزُومَيْنِ; لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُسْتَقْبَلَ إِذَا وَقَعَ مَوْقِعَ الْحَالِ يَرْتَفِعُ، ڪَقَوْلِكَ: إِنْ تَأْتِ زَيْدًا تُكْرِمُهُ يَأْتِكَ، جَزَمْتَ تَأْتِ بِإِنْ، وَجَزَمْتَ يَأْتِكَ بِالْجَوَابِ، وَرَفَعْتَ تُكْرِمُهُ بَيْنَهُمَا وَجَعَلْتَهُ حَالًا، وَإِنْ صَدَرْتَ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ قُلْتَ: عَشَوْتُ عَنْهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. قَاْلَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ: مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَمَنْ قَرَأَ: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ فَمَعْنَاهُ مَنْ يَعْمَ عَنْهُ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ أَيْ: يُظْلِمْ بَصَرُهُ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَرُدُّ قَوْلَ الْفَرَّاءِ، وَيَقُولُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا يُجِيزُ عَشَوْتُ عَنِ الشَّيْءِ أَعْرَضْتُ عَنْهُ، إِنَّمَا يُقَالُ تَعَاشَيْتُ عَنِ الشَّيْءِ، أَيْ تَغَافَلْتُ عَنْهُ ڪَأَنِّي لَمْ أَرَهُ، وَكَذَلِكَ تَعَامَيْتُ، قَالَ: وَعَشَوْتُ إِلَى النَّارِ، أَيِ اسْتَدْلَلْتُ عَلَيْهَا بِبَصَرٍ ضَعِيفٍ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَغْفَلَ الْقُتَيْبِيُّ مَوْضِعَ الصَّوَابِ وَاعْتَرَضَ مَعَ غَفْلَتِهِ عَلَى الْفَرَّاءِ يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لِأُبَيِّنَ عَوَارَهُ فَلَا يَغْتَرُّ بِهِ النَّاظِرُ فِي ڪِتَابِهِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عَشَوْتُ إِلَى النَّارِ أَعْشُو عَشْوًا، أَيْ قَصَدْتُهَا مُهْتَدِيًا بِهَا، وَعَشَوْتُ عَنْهَا، أَيْ أَعْرَضْتُ عَنْهَا، فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ إِلَى وَعَنْ مَوْصُولَيْنِ بِالْفِعْلِ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: عَشَا فُلَانٌ إِلَى النَّارِ يَعْشُو عَشْوًا إِذَا رَأَى نَارًا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَيَعْشُو إِلَيْهَا يَسْتَضِيءُ بِضَوْئِهَا. وَعَشَا الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ يَعْشُو: وَذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِذَا عَلِمَ مَكَانَ أَهْلِهِ فَقَصَدَ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: عَشِيَ الرَّجُلُ يَعْشَى إِذَا صَارَ أَعْشَى لَا يُبْصِرُ لَيْلًا، وَقَالَ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ: فَجَعَلَ الِاعْتِشَاءَ بِالْوُجُوهِ ڪَالِاعْتِشَاءِ بِالنَّارِ يَمْدَحُ قَوْمًا بِالْجَمَالِ:
يَزِينُ سَنَا الْمَاوِيِّ ڪُلَّ عَشِيَّةٍ عَلَى غَفَلَاتِ الزَّيْنِ وَالْمُتَجَمَّلِ
وُجُوهٌ لَوِ انَّ الْمُدْلِجِينَ اعْتَشَوْا بِهَا سَطَعْنَ الدُّجَى حَتَّى تَرَى اللَّيْلَ يَنْجَلِي
، وَعَشَا عَنْ ڪَذَا وَكَذَا يَعْشُو عَنْهُ إِذَا مَضَى عَنْهُ. وَعَشَا إِلَى ڪَذَا وَكَذَا يَعْشُو إِلَيْهِ عَشْوًا وَعُشُوًّا إِذَا قَصَدَ إِلَيْهِ مُهْتَدِيًا بِضَوْءِ نَارِهِ. وَيُقَالُ: اسْتَعْشَى فُلَانٌ نَارًا إِذَا اهْتَدَى بِهَا، وَأَنْشَدَ:
يَتْبَعْنَ حُرُوبًا إِذَا هِبْنَ قَدَمْ ڪَأَنَّهُ بِاللَّيْلِ يَسْتَعْشِي ضَرَمْ
يَقُولُ: هُوَ نَشِيطٌ صَادِقُ الطَّرْفِ جَرِيءٌ عَلَى اللَّيْلِ ڪَأَنَّهُ مُسْتَعْشٍ ضَرَمَةً، وَهِيَ النَّارُ، وَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ سَاقَ الْخَارِبُ إِبِلَهُ فَطَرَدَهَا، فَعَمَدَ إِلَى ثَوْبٍ فَشَقَّهُ وَفَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا، ثُمَّ غَمَرَهُ فِي زَيْتٍ أَوْ دُهْنٍ فَرَوَّاهُ، ثُمَّ أَشْعَلَ فِي طَرَفِهِ النَّارَ، فَاهْتَدَى بِهَا وَاقْتَصَّ أَثَرَ الْخَارِبِ لِيَسْتَنْقِذَ إِبِلَهُ، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهَذَا ڪُلُّهُ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا أَتَى الْقُتَيْبِيَّ فِي وَهْمِهِ الْخَطَأُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَشَا إِلَى النَّارِ وَعَشَا عَنْهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ڪُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضِدُّ الْآخَرِ مِنْ بَابِ الْمَيْلِ إِلَى الشَّيْءِ وَالْمَيْلِ عَنْهُ، ڪَقَوْلِكَ: عَدَلْتُ إِلَى بَنِي فُلَانٍ إِذَا قَصَدْتَهُمْ، وَعَدَلْتُ عَنْهُمْ إِذَا مَضَيْتَ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ مِلْتُ إِلَيْهِمْ، وَمِلْتُ عَنْهُمْ، وَمَضَيْتُ إِلَيْهِمْ، وَمَضَيْتُ عَنْهُمْ وَهَكَذَا قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ أَيْ: يُعْرِضُ عَنْهُ، ڪَمَا قَاْلَ الْفَرَّاءُ قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنِ الْحِكْمَةِ إِلَى أَبَاطِيلِ الْمُضِلِّينَ، نُعَاقِبْهُ بِشَيْطَانٍ نُقَيِّضُهُ لَهُ حَتَّى يُضِلَّهُ وَيُلَازِمَهُ قَرِينًا لَهُ فَلَا يَهْتَدِي; مُجَازَاةً لَهُ حِينَ آثَرَ الْبَاطِلَ عَلَى الْحَقِّ الْبَيِّنِ، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ مَعْرِفَةٍ بِالْغَرِيبِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، وَهُوَ بَلِيدُ النَّظَرِ فِي بَابِ النَّحْوِ وَمَقَايِيسِهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: ڪَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلٌ هَلْ يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: عَشِّ وَلَا تَغْتَرَّ، ثُمَّ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، هَذَا مَثَلٌ لِلْعَرَبِ تَضْرِبُهُ فِي التَّوْصِيَةِ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْأَخْذِ بِالْحَزْمِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ مَفَازَةً بِإِبِلِهِ وَلَمْ يُعَشِّهَا; ثِقَةً عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْكَلَإِ، فَقِيلَ لَهُ: عَشِّ إِبِلَكَ قَبْلَ أَنْ تُفَوِّزَ وَخُذْ بِالِاحْتِيَاطِ، فَإِنْ ڪَانَ فِيهَا ڪَلَأٌ لَمْ يَضُرُّكَ مَا صَنَعْتَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ ڪُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ بِالثِّقَةِ وَالْحَزْمِ، فَأَرَادَ ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِهِ هَذَا اجْتَنِبِ الذُّنُوبَ وَلَا تَرْكَبْهَا اتِّكَالًا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَخُذْ فِي ذَلِكَ بِالثِّقَةِ وَالِاحْتِيَاطِ، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ تَعَشَّ إِذَا ڪُنْتَ فِي سَفَرٍ وَلَا تَتَوَانَ ثِقَةً مِنْكَ أَنْ تَتَعَشَّى عِنْدَ أَهْلِكَ، فَلَعَلَّكَ لَا تَجِدُ عِنْدَهُمْ شَيْئًا. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَشْوُ إِتْيَانُكَ نَارًا تَرْجُو عِنْدَهَا هُدًى أَوْ خَيْرًا، تَقُولُ: عَشَوْتُهَا أَعْشُوهَا عَشْوًا وَعُشُوًّا، وَالْعَاشِيَةُ: ڪُلُّ شَيْءٍ يَعْشُو بِاللَّيْلِ إِلَى ضَوْءِ نَارٍ مِنْ أَصْنَافِ الْخَلْقِ ڪَالْفَرَاشِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ الْعَوَاشِي تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارٍ، وَأَنْشَدَ:
وَعَاشِيَةٍ حُوشٍ بِطَانٍ ذَعَرْتُهَا بِضَرْبِ قَتِيلٍ وَسْطَهَا يَتَسَيَّفُ
، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: غَلِطَ فِي تَفْسِيرِ الْإِبِلِ الْعَوَاشِي أَنَّهَا الَّتِي تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ النَّارِ، وَالْعَوَاشِي جَمْعُ الْعَاشِيَةِ وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى لَيْلًا وَتَتَعَشَّى، وَسَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ. وَالْعُشْوَةُ وَالْعِشْوَةُ: النَّارُ يُسْتَضَاءُ بِهَا. وَالْعَاشِي: الْقَاصِدُ، وَأَصْلُهُ مِنْ ذَلِكَ; لِأَنَّهُ يَعْشُو إِلَيْهِ ڪَمَا يَعْشُو إِلَى النَّارِ، قَاْلَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
شِهَابِي الَّذِي أَعْشُو الطَّرِيقَ بِضَوْئِهِ وَدِرْعِي فَلَيْلُ النَّاسِ بَعْدَكَ أَسْوَدُ
، وَالْعُشْوَةُ: مَا أُخِذَ مِنْ نَارٍ لِيُقْتَبَسَ أَوْ يُسْتَضَاءَ بِهِ. أَبُو عَمْرٍو: الْعُشْوَةُ ڪَالشُّعْلَةِ مِنَ النَّارِ، وَأَنْشَدَ:
حَتَّى إِذَا اشْتَالَ سُهَيْلٌ بِسَحَرْ ڪَعُشْوَةِ الْقَابِسِ تَرْمِي بِالشَّرَرْ
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: ابْغُونَا عُشْوَةً، أَيْ نَارًا نَسْتَضِيءُ بِهَا. قَاْلَ أَبُو زَيْدٍ: عَشِيَ الرَّجُلُ عَنْ حَقِّ أَصْحَابِهِ يَعْشَى عَشًى شَدِيدًا، إِذَا ظَلَمَهُمْ، وَهُوَ ڪَقَوْلِكَ: عَمِيَ عَنِ الْحَقِّ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَشَا، وَأَنْشَدَ:
أَلَا رُبَّ أَعْشَى ظَالِمٍ مُتَخَمِّطِ جَعَلْتُ بِعَيْنَيْهِ ضِيَاءً فَأَبْصَرَا
، وَقَالَ: عَشِيَ عَلَيَّ فُلَانٌ يَعْشَى عَشًى – مَنْقُوصٌ – ظَلَمَنِي. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلرِّجَالِ يَعْشَوْنَ، وَهُمَا يَعْشَيَانِ، وَفِي النِّسَاءِ هُنَّ يَعْشَيْنَ، قَالَ: لَمَّا صَارَتِ الْوَاوُ فِي عَشِيَ يَاءً لِكَسْرَةِ الشِّينِ، تُرِكَتْ فِي يَعْشَيَانِ يَاءً عَلَى حَالِهَا، وَكَانَ قِيَاسُهُ يَعْشَوَانِ فَتَرَكُوا الْقِيَاسَ، وَفِي تَثْنِيَةِ الْأَعْشَى: هُمَا يَعْشَيَانِ، وَلَمْ يَقُولُوا: يَعْشَوَانِ; لِأَنَّ الْوَاوَ لَمَّا صَارَتْ فِي الْوَاحِدِ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا تُرِكَتْ فِي التَّثْنِيَةِ عَلَى حَالِهَا، وَالنِّسْبَةُ إِلَى أَعْشَى أَعْشَوِيٌّ، وَإِلَى الْعَشِيَّةِ عَشَوِيٌّ.
وَالْعَشْوَةُ وَالْعُشْوَةُ وَالْعِشْوَةُ: رُكُوبُ الْأَمْرِ عَلَى غَيْرِ بَيَانٍ. وَأَوْطَأَنِي عَشْوَةً وَعِشْوَةً وَعُشْوَةً: لَبَّسَ عَلَيَّ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَ أَمْرًا غَيْرَ مُسْتَبِينِ الرُّشْدِ فَرُبَّمَا ڪَانَ فِيهِ عَطَبُهُ، وَأَصْلُهُ مِنْ عَشْوَاءَ اللَّيْلِ وَعُشْوَتِهِ، مَثَلِ ظَلْمَاءِ اللَّيْلِ وَظُلْمَتِهِ، تَقُولُ: أَوْطَأْتَنِي عَشْوَةً، أَيْ أَمْرًا مُلْتَبِسًا، وَذَلِكَ إِذَا أَخْبَرْتَهُ بِمَا أَوْقَعْتَهُ بِهِ فِي حَيْرَةٍ أَوْ بَلِيَّةٍ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ: أَوْطَأْتُهُ عَشْوَةً، أَيْ غَرَرْتُهُ وَحَمَلْتُهُ عَلَى أَنْ يَطَأَ مَا لَا يُبْصِرُهُ فَرُبَّمَا وَقَعَ فِي بِئْرٍ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ – ڪَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: خَبَّاطُ عَشَوَاتٍ، أَيْ يَخْبِطُ فِي الظَّلَامِ وَالْأَمْرِ الْمُلْتَبِسِ فَيَتَحَيَّرُ. وَفِي الْحَدِيثِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، احْمَدُوا اللَّهَ الَّذِي رَفَعَ عَنْكُمُ الْعُشْوَةَ، يُرِيدُ ظُلْمَةَ الْكُفْرِ، ڪُلَّمَا رَكِبَ الْإِنْسَانُ أَمْرًا بِجَهْلٍ لَا يُبْصِرُ وَجْهَهُ فَهُوَ عُشْوَةٌ مِنْ عُشْوَةِ اللَّيْلِ، وَهُوَ ظُلْمَةُ أَوَّلِهِ. يُقَالُ: مَضَى مِنَ اللَّيْلِ عَشْوَةٌ – بِالْفَتْحِ – وَهُوَ مَا بَيْنَ أَوَّلِهِ إِلَى رُبْعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: حَتَّى ذَهَبَ عَشْوَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. وَيُقَالُ: أَخَذْتُ عَلَيْهِمْ بِالْعَشْوَةِ، أَيْ بِالسَّوَادِ مِنَ اللَّيْلِ. وَالْعُشْوَةُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الْأَمْرُ الْمُلْتَبِسُ. وَرَكِبَ فُلَانٌ الْعَشْوَاءَ إِذَا خَبَطَ أَمْرَهُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ. وَعَشْوَةُ اللَّيْلِ وَالسَّحَرِ وَعَشْوَاؤُهُ: ظُلْمَتُهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْأَكْوَعِ: فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ بِالْعَشْوَةِ، أَيْ بِالسَّوَادِ مِنَ اللَّيْلِ، وَيُجْمَعُ عَلَى عَشَوَاتٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – ڪَانَ فِي سَفَرٍ فَاعْتَشَى فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ أَيْ: سَارَ وَقْتَ الْعِشَاءِ ڪَمَا يُقَالُ: اسْتَحَرَّ وَابْتَكَرَ. وَالْعِشَاءُ: أَوَّلُ الظَّلَامِ مِنَ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعَتَمَةِ. وَالْعِشَاءَانِ: الْمَغْرِبُ وَالْعَتَمَةُ، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ لِصَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْعِشَاءَانِ، وَالْأَصْلُ الْعِشَاءُ فَغُلِّبَ عَلَى الْمَغْرِبِ، ڪَمَا قَالُوا الْأَبَوَانِ وَهُمَا الْأَبُ وَالْأُمُّ، وَمِثْلُهُ ڪَثِيرٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الْعِشَاءُ حِينَ يُصَلِّي النَّاسُ الْعَتَمَةَ، وَأَنْشَدَ:
وَمُحَوَّلٌ مَلَثَ الْعِشَاءُ دَعَوْتُهُ وَاللَّيْلُ مُنْتَشِرُ السَّقِيطِ بَهِيمُ
، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: صَلَاةُ الْعِشَاءِ هِيَ الَّتِي بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَوَقْتُهَا حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ. وَأَمَّا الْعَشِيُّ فَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ دُعِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْعَشِيَّ، فَتَحَوَّلَ الظِّلُّ شَرْقِيًّا وَتَحَوَّلَتِ الشَّمْسُ غَرْبِيَّةً، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَصَلَاتَا الْعَشِيِّ هُمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهَا الْعَصْرُ، وَسَاقَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فَقَالَ: صَلَّى بِنَا إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ يُرِيدُ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يَقَعُ الْعَشِيُّ عَلَى مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى وَقْتِ غُرُوبِهَا، ڪُلُّ ذَلِكَ عَشِيٌّ، فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ فَهُوَ الْعِشَاءُ، وَقِيلَ: الْعَشِيُّ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى الصَّبَاحِ، وَيُقَالُ لِمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ: عِشَاءٌ، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ:
غَدَوْنَا غَدْوَةً سَحَرًا بِلَيْلٍ عِشَاءً بَعْدَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ
، وَجَاءَ عَشْوَةً، أَيْ عِشَاءً، لَا يَتَمَكَّنُ، لَا تَقُولُ مَضَتْ عَشْوَةٌ. وَالْعَشِيُّ وَالْعَشِيَّةُ: آخِرُ النَّهَارِ، يُقَالُ: جِئْتُهُ عَشِيَّةً وَعَشِيَّةَ، حَكَى الْأَخِيرَةَ سِيبَوَيْهِ.
وَأَتَيْتُهُ الْعَشِيَّةَ: لِيَوْمِكَ، وَآتِيهِ عَشِيَّ غَدٍ – بِغَيْرِ هَاءٍ – إِذَا ڪَانَ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَأَتَيْتُكَ عَشِيًّا، غَيْرُ مُضَافٍ، وَآتِيهِ بِالْعَشِيِّ وَالْغَدِ، أَيْ ڪُلَّ عَشِيَّةٍ وَغَدَاةٍ، وَإِنِّي لَآتِيهِ بِالْعَشَايَا وَالْغَدَايَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَشِيُّ، بِغَيْرِ هَاءٍ، آخِرُ النَّهَارِ، فَإِذَا قُلْتَ عَشِيَّةً فَهُوَ لِيَوْمٍ وَاحِدٍ، يُقَالُ: لَقِيتُهُ عَشِيَّةَ يَوْمِ ڪَذَا وَكَذَا، وَلَقِيتُهُ عَشِيَّةً مِنَ الْعَشِيَّاتِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا يَقُولُ الْقَائِلُ: وَهَلْ لِلْعَشِيَّةِ ضُحًى؟ قَالَ: وَهَذَا جَيِّدٌ مِنْ ڪَلَامِ الْعَرَبِ، يُقَالُ: آتِيكَ الْعَشِيَّةَ أَوْ غَدَاتَهَا، وَآتِيكَ الْغَدَاةَ أَوْ عَشِيَّتَهَا، فَالْمَعْنَى لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَى الْعَشِيَّةِ، فَأَضَافَ الضُّحَى إِلَى الْعَشِيَّةِ، وَأَمَّا مَا أَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
أَلَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ زِيَارَةِ أُمِّيَهْ غَدِيَّاتُ قَيْظٍ أَوْ عَشِيَّاتِ أَشْتِيَهْ
فَإِنَّهُ قَالَ: الْغَدَوَاتُ فِي الْقَيْظِ أَطْوَلُ وَأَطْيَبُ، وَالْعَشِيَّاتُ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلُ وَأَطْيَبُ، وَقَالَ: غَدِيَّةٌ وَغَدِيَّاتٌ مِثْلُ عَشِيَّةٍ وَعَشِيَّاتٌ، وَقِيلَ: الْعَشِيُّ وَالْعَشِيَّةُ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعَتَمَةِ، وَتَقُولُ: أَتَيْتُهُ عَشِيَّ أَمْسِ وَعَشِيَّةَ أَمْسِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَلَيْسَ هُنَاكَ بُكْرَةٌ وَلَا عَشِيٌّ، وَإِنَّمَا أَرَادَ: لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِي مِقْدَارٍ مَا بَيْنَ الْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، وَقَدْ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ مَعْنَاهُ: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ ڪُلَّ سَاعَةٍ، وَتَصْغِيرُ الْعَشِيِّ عُشَيْشِيَانٌ – عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ – وَذَلِكَ عِنْدَ شَفًى وَهُوَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ، وَقِيلَ: تَصْغِيرُ الْعَشِيِّ عُشَيَّانٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسِ مُكَبَّرِهِ، ڪَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا عَشْيَانًا، وَالْجَمْعُ عُشَيَّانَاتٌ. وَلَقِيتُهُ عُشَيْشِيَةً وَعُشَيْشِيَاتٍ وَعُشَيْشِيَانَاتٍ وَعُشَيَّانَاتٍ، ڪُلُّ ذَلِكَ نَادِرٌ، وَلَقِيتُهُ مُغَيْرِبَانَ الشَّمْسِ وَمُغَيْرِبَانَاتِ الشَّمْسِ. وَفِي حَدِيثِ جُنْدَبٍ الْجُهَنِيِّ: فَأَتَيْنَا بَطْنَ الْكَدِيدِ فَنَزَلْنَا عُشَيْشِيَةً قَالَ: هِيَ تَصْغِيرُ عَشِيَّةٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، أُبْدِلَ مِنَ الْيَاءِ الْوُسْطَى شِينٌ، ڪَأَنَّ أَصْلَهُ عُشَيِّيَةٌ. وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: أَتَيْتُهُ عُشَيْشَةً وَعُشَيْشَيَانًا وَعُشَيَّانًا، قَالَ: وَيَجُوزُ فِي تَصْغِيرِ عَشِيَّةٍ: عُشَيَّةٌ وَعُشَيْشِيةٌ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: ڪَلَامُ الْعَرَبِ فِي تَصْغِيرِ عَشِيَّةٍ عُشَيْشِيَةٌ جَاءَ نَادِرًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ عُشَيَّةً فِي تَصْغِيرِ عَشِيَّةٍ; وَذَلِكَ أَنَّ عُشِيَّةً تَصْغِيرُ الْعَشْوَةِ وَهُوَ أَوَّلُ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَأَرَادُوا أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ تَصْغِيرِ الْعَشِيَّةِ وَبَيْنَ تَصْغِيرِ الْعَشْوَةِ، وَأَمَّا مَا أَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ قَوْلِهِ:
هَيْفَاءُ عَجْزَاءُ خَرِيدٌ بِالْعَشِيِّ تَضْحَكُ عَنْ ذِي أُشُرٍ عَذْبٍ نَقِيِّ
فَإِنَّهُ أَرَادَ بِاللَّيْلِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ سَمَّى اللَّيْلَ عَشِيًّا لِمَكَانِ الْعِشَاءِ الَّذِي هُوَ الظُّلْمَةُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وَضَعَ الْعَشِيَّ مَوْضِعَ اللَّيْلِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ ڪَانَ الْعَشِيُّ آخِرَ النَّهَارِ، وَآخِرُ النَّهَارِ مُتَّصِلٌ بِأَوَّلِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّاعِرُ أَنْ يُبَالِغَ بِتَخَرُّدِهَا وَاسْتِحْيَائِهَا; لِأَنَّ اللَّيْلَ قَدْ يُعْدَمُ فِيهِ الرُّقَبَاءُ وَالْجُلَسَاءُ، وَأَكْثَرُ مَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ، يَقُولُ: فَإِذَا ڪَانَ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ هَؤُلَاءِ فَمَا ظَنُّكَ بِتَخَرُّدِهَا نَهَارًا إِذَا حَضَرُوا؟ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَعْنِيَ بِهِ اسْتِحْيَاءَهَا عِنْدَ الْمُبَاعَلَةِ; لِأَنَّ الْمُبَاعَلَةَ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ لَيْلًا.
وَالْعِشْيُ: طَعَامُ الْعَشِيِّ وَالْعِشَاءِ، قُلِبَتْ فِيهِ الْوَاوُ يَاءً لِقُرْبِ الْكَسْرَةِ. وَالْعَشَاءُ: ڪَالْعِشْيِ، وَجَمْعُهُ أَعْشِيَةٌ. وَعَشِيَ الرَّجُلُ يَعْشَى وَعَشَا وَتَعَشَّى، ڪُلُّهُ: أَكَلَ الْعَشَاءِ فَهُوَ عَاشٍ. وَعَشَّيْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَطْعَمْتَهُ الْعَشَاءَ، وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَالْعِشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ الْعَشَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ عِنْدَ الْعِشَاءِ، وَهُوَ خِلَافُ الْغَدَاءِ وَأَرَادَ بِالْعِشَاءِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْعَشَاءَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ قَلْبُهُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا قِيلَ: إِنَّهَا الْمَغْرِبُ; لِأَنَّهَا وَقْتُ الْإِفْطَارِ وَلِضِيقِ وَقْتِهَا. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْمَثَلِ سَقَطَ الْعَشَاءُ بِهِ عَلَى سِرْحَانٍ، يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يَطْلُبُ الْأَمْرَ التَّافِهَ فَيَقَعُ فِي هَلَكَةٍ، وَأَصْلُهُ أَنَّ دَابَّةً طَلَبَتِ الْعَشَاءَ فَهَجَمَتْ عَلَى أَسَدٍ. وَفِي حَدِيثِ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ: صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ ڪُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا أَيْ: أَنَّهُ تَعَشَّى بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. قَاْلَ الْأَصْمَعِيُّ: وَمِنْ ڪَلَامِهِمْ: لَا يَعْشَى إِلَّا بَعْدَمَا يَعْشُو، أَيْ لَا يَعْشَى إِلَّا بَعْدَمَا يَتَعَشَّى. وَإِذَا قِيلَ: تَعَشَّ قُلْتَ: مَا بِي مِنْ تَعَشٍّ، أَيْ احْتِيَاجٍ إِلَى الْعَشَاءِ، وَلَا تَقُلْ مَا بِي عَشَاءٌ. وَعَشَوْتُ، أَيْ تَعَشَّيْتُ. وَرَجُلٌ عَشْيَانٌ: مُتَعَشٍّ، وَالْأَصْلُ عَشْوَانٌ، وَهُوَ مِنْ بَابِ أَشَاوَى فِي الشُّذُوذِ وَطَلَبِ الْخِفَّةِ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: رَجُلٌ عَشْيَانُ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ; لِأَنَّهُ يُقَالُ: عَشَيْتُهُ وَعَشَوْتُهُ فَأَنَا أَعْشُوهُ أَيْ عَشَّيْتُهُ، وَقَدْ عَشِيَ يَعْشَى إِذَا تَعَشَّى.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ مِنَ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ رَجُلٌ غَدْيَانُ وَعَشْيَانُ، وَالْأَصْلُ غَدْوَاَنُ وَعَشْوَانُ; لِأَنَّ أَصْلَهُمَا الْوَاوُ، وَلَكِنَّ الْوَاوَ تُقْلَبُ إِلَى الْيَاءِ ڪَثِيرًا; لِأَنَّ الْيَاءَ أَخَفُّ مِنَ الْوَاوِ. وَعَشَّاهُ عَشْوًا وَعَشْيًا فَتَعَشَّى: أَطْعَمَهُ الْعَشَاءَ، الْأَخِيرَةُ نَادِرَةٌ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
قَصَرْنَا عَلَيْهِ بِالْمَقِيظِ لِقَاحَنَا فَعَيَّلْنَهُ مِنْ بَيْنِ عَشْيٍ وَتَقْيِيلِ
وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِقُرْطٍ بْنِ التُّؤَامِ الْيَشْكُرِيِّ:
كَانَ ابْنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوهُ وَيَصْبَحُهُ مِنْ هَجْمَةٍ ڪَفَسِيلِ النَّخْلِ دُرَّارِ
، وَعَشَّاهُ تَعْشِيَةً وَأَعْشَاهُ ڪَعَشَّاهُ، قَاْلَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فَأَعْشَيْتُهُ مِنْ بَعْدِ مَا رَاثَ عِشْيُهُ بِسَهْمٍ ڪَسَيْرِ التَّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ
، عَدَّاهُ بِالْبَاءِ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى غَذَّيْتُهُ. وَعَشَّيْتُ الرَّجُلَ: أَطْعَمْتُهُ الْعَشَاءَ. وَيُقَالُ: عَشِّ إِبِلَكَ وَلَا تَغْتَرَّ، وَقَوْلُهُ:
بَاتَ يُعَشِّيهَا بِعَضْبٍ بَاتِرِ يَقْصِدُ فِي أَسْؤُقِهَا وَجَائِرِ
أَيْ: أَقَامَ لَهَا السَّيْفَ مَقَامَ الْعَشَاءِ. الْأَزْهَرِيُّ: الْعِشْيُ مَا يُتَعَشَّى بِهِ، وَجَمْعُهُ أَعْشَاءُ، قَاْلَ الْحُطَيْئَةُ:
وَقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَعْشَاءَ صَادِرَةٍ لِلْخِمْسِ طَالَ بِهَا حَوْزِي وَتَنْسَاسِي
قَالَ شَمِرٌ: يَقُولُ انْتَظَرْتُكُمُ انْتِظَارَ إِبِلٍ خَوَامِسَ; لِأَنَّهَا إِذَا صَدَرَتْ تَعَشَّتْ طَوِيلًا وَفِي بُطُونِهَا مَاءٌ ڪَثِيرٌ، فَهِيَ تَحْتَاجُ إِلَى بَقْلٍ ڪَثِيرٍ، وَوَاحِدُ الْأَعْشَاءِ عِشْيٌ. وَعِشْيُ الْإِبِلِ: مَا تَتَعَشَّاهُ، وَأَصْلُهُ الْوَاوُ. وَالْعَوَاشِي: الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ الَّتِي تَرْعَى بِاللَّيْلِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ وَالْفِعْلُ ڪَالْفِعْلِ، قَاْلَ أَبُو النَّجْمِ:
يَعْشَى إِذَا أَظْلَمَ عَنْ عَشَائِهِ ثُمَّ غَدَا يَجْمَعُ مِنْ غَدَائِهِ
يَقُولُ: يَتَعَشَّى فِي وَقْتِ الظُّلْمَةِ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ عَشِيَ بِمَعْنَى تَعَشَّى. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: مَا مِنْ عَاشِيَةٍ أَشَدُّ أَنَقًا وَلَا أَطْوَلُ شِبَعًا مِنْ عَالِمٍ مِنْ عِلْمٍ. الْعَاشِيَةُ: الَّتِي تَرْعَى بِالْعَشِيِّ مِنَ الْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا. يُقَالُ: عَشِيَتِ الْإِبِلُ وَتَعَشَّتِ، الْمَعْنَى: أَنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ لَا يَكَادُ يَشْبَعُ مِنْهُ، ڪَالْحَدِيثِ الْآخَرِ: مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا. وَفِي ڪِتَابِ أَبِي مُوسَى: مَا مِنْ عَاشِيَةٍ أَدْوَمُ أَنَقًا وَلَا أَبْعَدُ مَلَالًا مِنْ عَاشِيَةِ عِلْمٍ. وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الْعَشْوُ إِتْيَانُكَ نَارًا تَرْجُو عِنْدَهَا خَيْرًا.
يُقَالُ: عَشَوْتُهُ أَعْشُوهُ، فَأَنَا عَاشٍ مِنْ قَوْمٍ عَاشِيَةٍ، وَأَرَادَ بِالْعَاشِيَةِ هَاهُنَا طَالِبِي الْعِلْمِ الرَّاجِينَ خَيْرَهُ وَنَفْعَهُ. وَفِي الْمَثَلِ: الْعَاشِيَةُ تُهَيِّجُ الْآبِيَةَ، أَيْ إِذَا رَأَتِ الَّتِي تَأْبَى الرَّعْيَ الَّتِي تَتَعَشَّى هَاجَتْهَا لِلرَّعْيِ فَرَعَتْ مَعَهَا، وَأَنْشَدَ:
تَرَى الْمِصَكَّ يَطْرُدُ الْعَوَاشِيَا جِلَّتَهَا وَالْأُخَرَ الْحَوَاشِيَا
، وَبَعِيرٌ عَشِيٌّ: يُطِيلُ الْعَشَاءَ، قَاْلَ أَعْرَابِيٌّ وَوَصَفَ بَعِيرَهُ:
عَرِيضٌ عَرُوضٌ عَشِيٌّ عَطُوٌّ
وَعَشَا الْإِبِلَ وَعَشَّاهَا: أَرْعَاهَا لَيْلًا. وَعَشَّيْتُ الْإِبِلَ إِذَا رَعَيْتَهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَعَشِيَتِ الْإِبِلُ تَعْشَى عَشًا إِذَا تَعَشَّتْ، فَهِيَ عَاشِيَةٌ. وَجَمَلٌ عَشٍ وَنَاقَةٌ عَشِيَةٌ: يَزِيدَانِ عَلَى الْإِبِلِ فِي الْعَشَاءِ، ڪِلَاهُمَا عَلَى النَّسَبِ دُونَ الْفِعْلِ، وَقَوْلُكُثَيِّرٍ يَصِفُ سَحَابًا:
خَفِيٌّ تَعَشَّى فِي الْبِحَارِ وَدُونَهُ مِنَ اللُّجِّ خُضْرٌ مُظْلِمَاتٌ وَسُدَّفُ
، إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ السَّحَابَ تَعَشَّى مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ، جَعَلَهُ ڪَالْعَشَاءِ لَهُ، وَقَوْلُ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ:
تَعَشَّى أَسَافِلُهَا بِالْجَبُوبِ وَتَأْتِي حَلُوبَتُهَا مِنْ عَلُ
يَعْنِي بِهَا النَّخْلَ، يَعْنِي أَنَّهَا تَتَعَشَّى مِنْ أَسْفَلَ، أَيْ تَشْرَبُ الْمَاءَ وَيَأْتِي حَمْلُهَا مِنْ فَوْقُ، وَعَنَى بِحَلُوبَتِهَا: حَمْلَهَا، ڪَأَنَّهُ وَضَعَ الْحَلُوبَةَ مَوْضِعَ الْمَحْلُوبِ. وَعَشِيَ عَلَيْهِ عَشًى: ظَلَمَهُ. وَعَشَّى عَنِ الشَّيْءِ: رَفَقَ بِهِ ڪَضَحَّى عَنْهُ. وَالْعُشْوَانُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أَوِ النَّخْلِ. وَالْعَشْوَاءُ مَمْدُودٌ: ضَرْبٌ مِنْ مُتَأَخِّرِ النَّخْلِ حَمْلًا.
معنى كلمة عشا – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
العودة إلى معجم لسان العرب حسب الحروف – قاموس عربي عربي