معنى كلمة جنن – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
معنى كلمة جنن – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
جنن: جَنَّ الشَّيْءَ يَجُنُّهُ جَنًّا: سَتَرَهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ سُتِرَ عَنْكَ فَقَدْ جُنَّ عَنْكَ. وَجَنَّهُ اللَّيْلُ يَجُنُّهُ جَنًّا وَجُنُونًا وَجَنَّ عَلَيْهِ يَجُنُّ – بِالضَّمِّ – جُنُونًا، وَأَجَنَّهُ: سَتَرَهُ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ جَنَّهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وَمَاءٍ وَرَدْتُ عَلَى جَفْنِهِ وَقَدْ جَنَّهُ السَّدَفُ الْأَدْهَمُ
وَفِي الْحَدِيثِ: جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ؛ أَيْ: سَتَرَهُ، وَبِهِ سُمِّيَ الْجِنُّ لِاسْتِتَارِهِمْ وَاخْتِفَائِهِمْ عَنِ الْأَبْصَارِ; وَمِنْهُ سُمِّيَ الْجَنِينُ لِاسْتِتَارِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. وَجِنُّ اللَّيْلِ وَجُنُونُهُ وَجَنَانُهُ: شِدَّةُ ظُلْمَتِهِ وَادْلِهْمَامُهُ، وَقِيلَ: اخْتِلَاطُ ظَلَامِهِ; لِأَنَّ ذَلِكَ ڪُلَّهُ سَاتِرٌ; قَاْلَ الْهُذَلِيُّ:
حَتَّى يَجِيءَ وَجِنُّ اللَّيْلُ يُوغِلُهُ وَالشَّوْكُ فِي وَضَحِ الرِّجْلَيْنِ مَرْكُوزُ
وَيُرْوَى: وَجُنْحُ اللَّيْلِ; وَقَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةَ بْنِ دَنْيَانَ، وَقِيلَ: هُوَ لِخُفَافِ بْنِ نُدْبَةَ:
وَلَوْلَا جَنَانُ اللَّيْلِ أَدْرَكَ خَيْلُنَا بِذِي الرِّمْثِ وَالْأَرْطَى عِيَاضَ بْنَ نَاشِبِ
فَتَكْنَا بِعَبْدِ اللَّهِ خَيْرِ لِدَاتِهِ ذِئَابَ بْنَ أَسْمَاءَ بْنِ بَدْرِ بْنِ قَارِبِ
وَيُرْوَى: وَلَوْلَا جُنُونُ اللَّيْلِ؛ أَيْ: مَا سَتَرَ مِنْ ظُلْمَتِهِ. وَعِيَاضُ بْنُ جَبَلٍ: مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: عِيَاضُ بْنُ نَاشِبٍ فَزَارِيٌّ، وَيُرْوَى: أَدْرَكَ رَكْضُنَا; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:
وَلَوْلَا جَنَانُ اللَّيْلِ مَا آبَ عَامِرٌ إِلَى جَعْفَرٍ سِرْبَالُهُ لَمْ تُمَزَّقِ
وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: الْجَنَانُ اللَّيْلُ. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى ڪَوْكَبًا، يُقَالُ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ، وَأَجَنَّهُ اللَّيْلُ إِذَا أَظْلَمَ حَتَّى يَسْتُرَهُ بِظُلْمَتِهِ. وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا سَتَرَ: جَنَّ وَأَجَنَّ. وَيُقَالُ: جَنَّهُ اللَّيْلُ، وَالِاخْتِيَارُ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَأَجَنَّهُ اللَّيْلُ; قَاْلَ ذَلِكَ أَبُو إِسْحَاقَ. وَاسْتَجَنَّ فُلَانٌ إِذَا اسْتَتَرَ بِشَيْءٍ. وَجَنَّ الْمَيِّتَ جَنًّا وَأَجَنَّهُ: سَتَرَهُ; قَاْلَ وَقَوْلُ الْأَعْشَى:
وَلَا شَمْطَاءَ لَمْ يَتْرُكْ شِفَاهَا لَهَا مِنْ تِسْعَةٍ إِلَّا جَنِينَا
فَسَّرَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ فَقَالَ: يَعْنِي مَدْفُونًا؛ أَيْ: قَدْ مَاتُوا ڪُلُّهُمْ فَجُنُّوا. وَالْجَنَنُ – بِالْفَتْحِ -: هُوَ الْقَبْرُ لِسَتْرِهِ الْمَيِّتَ. وَالْجَنَنُ أَيْضًا: الْكَفَنُ لِذَلِكَ. وَأَجَنَّهُ: ڪَفَّنَهُ; قَالَ:
مَا إِنْ أُبَالِي إِذَا مَا مُتُّ مَا فَعَلُوا أَأَحْسَنُوا جَنَنِي أَمْ لَمْ يُجِنُّونِي؟
أَبُو عُبَيْدَةَ: جَنَنْتُهُ فِي الْقَبْرِ وَأَجْنَنْتُهُ؛ أَيْ: وَارَيْتُهُ، وَقَدْ أَجَنَّهُ إِذَا قَبَرَهُ; قَاْلَ الْأَعْشَى:
وَهَالِكُ أَهْلٍ يُجِنُّونَهُ ڪَآخَرَ فِي أَهْلِهِ لَمْ يُجَنْ
وَالْجَنِينُ: الْمَقْبُورُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْجَنَنُ الْمَيِّتُ; قَاْلَ ڪُثَيِّرٌ:
وَيَا حَبَّذَا الْمَوْتُ الْكَرِيهُ لِحُبِّهَا! وَيَا حَبَّذَا الْعَيْشُ الْمُجَمَّلُ وَالْجَنَنْ!
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْجَنَنُ هَهُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَيِّتُ وَالْقَبْرُ. وَفِي الْحَدِيثِ: وَلِيَ دَفْنَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَإِجْنَانَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ؛ أَيْ: دَفْنَهُ وَسَتْرَهُ. وَيُقَالُ لِلْقَبْرِ: الْجَنَنُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَجْنَانٍ; وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: جُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ أَجْنَانٌ. وَالْجَنَانُ – بِالْفَتْحِ -: الْقَلْبُ لِاسْتِتَارِهِ فِي الصَّدْرِ، وَقِيلَ: لِوَعْيِهِ الْأَشْيَاءَ، وَجَمْعِهِ لَهَا، وَقِيلَ: الْجَنَانُ رُوعُ الْقَلْبِ، وَذَلِكَ أَذْهَبُ فِي الْخَفَاءِ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الرُّوحُ جَنَانًا; لِأَنَّ الْجِسْمَ يُجِنُّهُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سُمِّيَتِ الرُّوحُ جَنَانًا; لِأَنَّ الْجِسْمَ يُجِنُّهَا فَأَنَّثَ الرُّوحَ، وَالْجَمْعُ: أَجْنَانٌ، عَنِ ابْنِ جِنِّي. وَيُقَالُ: مَا يَسْتَقِرُّ جَنَانُهُ مِنَ الْفَزَعِ. وَأَجَنَّ عَنْهُ وَاسْتَجَنَّ: اسْتَتَرَ. قَاْلَ شَمِرٌ: وَسُمِّيَ الْقَلْبُ جَنَانًا; لِأَنَّ الصَّدْرَ أَجَنَّهُ; وَأَنْشَدَ لِعَدِيٍّ:
كُلُّ حَيٍّ تَقُودُهُ ڪَفُّ هَادٍ جِنَّ عَيْنٍ تُعْشِيهِ مَا هُوَ لَاقِي
الْهَادِي هَهُنَا: الْقَدَرُ. قَاْلَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: جِنَّ عَيْنٍ؛ أَيْ: مَا جُنَّ عَنِ الْعَيْنِ فَلَمْ تَرَهُ، يَقُولُ: الْمَنِيَّةُ مَسْتُورَةٌ عَنْهُ حَتَّى يَقَعَ فِيهَا; قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: الْهَادِي الْقَدَرُ هَهُنَا، جَعَلَهُ هَادِيًا; لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ الْمَنِيَّةَ وَسَبَقَهَا، وَنَصَبَ ” جِنَّ عَيْنٍ ” بِفِعْلِهِ أَوْقَعَهُ عَلَيْهِ; وَأَنْشَدَ:
وَلَا جِنَّ بِالْبَغْضَاءِ وَالنَّظَرِ الشَّزْرِ
وَيُرْوَى: وَلَا جَنَّ مَعْنَاهُمَا، وَلَا سَتْرَ. وَالْهَادِي: الْمُتَقَدِّمُ، أَرَادَ أَنَّ الْقَدَرَ سَابِقُ الْمَنِيَّةِ الْمُقَدَّرَةِ; وَأَمَّا قَوْلُ مُوسَى بْنُ جَابِرٍ الْحَنَفِيِّ:
فَمَا نَفَرَتْ جِنِّي وَلَا فُلَّ مِبْرَدِي وَلَا أَصْبَحَتْ طَيْرِي مِنَ الْخَوْفِ وُقَّعَا
فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالْجِنِّ الْقَلْبَ، وَبِالْمِبْرَدِ اللِّسَانَ. وَالْجَنِينُ: الْوَلَدُ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لِاسْتِتَارِهِ فِيهِ، وَجَمْعُهُ أَجِنَّةٌ وَأَجْنُنٌ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ، وَقَدْ جُنَّ الْجَنِينُ فِي الرَّحِمِ يَجِنُّ جَنًّا وَأَجَنَّتْهُ الْحَامِلُ; وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
إِذَا غَابَ نَصْرَانِيُّهُ فِي جَنِينِهَا أَهَلَّتْ بِحَجٍّ فَوْقَ ظَهْرِ الْعُجَارِمِ
عَنَى بِذَلِكَ رَحِمَهَا; لِأَنَّهَا مُسْتَتِرَةٌ، وَيُرْوَى: إِذَا غَابَ نَصْرَانِيُّهُ فِي جَنِيفِهَا، يَعْنِي بِالنَّصْرَانِيِّ، ذَكَرَ الْفَاعِلِ لَهَا مِنَ النَّصَارَى، وَبِجَنِيفِهَا: حِرَهَا، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ جَنِيفًا; لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا، وَهِيَ جَنِيفَةٌ، وَقَدْ أَجَنَّتِ الْمَرْأَةُ وَلَدًا; وَقَوْلُهُ أَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
وَجَهَرَتْ أَجِنَّةً لَمْ تُجْهَرِ
يَعْنِي الْأَمْوَاهَ الْمُنْدَفِنَةَ، يَقُولُ: وَرَدَتْ هَذِهِ الْإِبِلُ الْمَاءَ فَكَسَحَتْهُ حَتَّى لَمْ تَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا لِقِلَّتِهِ. يُقَالُ: جَهَرَ الْبِئْرَ نَزَحَهَا. وَالْمِجَنُّ: الْوِشَاحُ. وَالْمِجَنُّ: التُّرْسُ. قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَرَى اللِّحْيَانِيَّ قَدْ حَكَى فِيهِ الْمِجَنَّةَ، وَجَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ فِعْلًا وَسَنَذْكُرُهُ، وَالْجَمْعُ الْمَجَانُّ – بِالْفَتْحِ. وَفِي حَدِيثِ السَّرِقَةِ: الْقَطْعُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، هُوَ التُّرْسُ; لِأَنَّهُ يُوَارِي حَامِلَهُ؛ أَيْ: يَسْتُرُهُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ – ڪَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: ڪَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَلَبْتَ لِابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ; قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هَذِهِ ڪَلِمَةٌ تُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ ڪَانَ لِصَاحِبِهِ عَلَى مَوَدَّةٍ أَوْ رِعَايَةٍ ثُمَّ حَالَ عَنْ ذَلِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَلَبَ فُلَانٌ مِجَنَّهُ؛ أَيْ: أَسْقَطَ الْحَيَاءَ، وَفَعَلَ مَا شَاءَ. وَقَلَبَ أَيْضًا مِجَنَّهُ: مَلَكَ أَمَرَهُ، وَاسْتَبَدَّ بِهِ; قَاْلَ الْفَرَزْدَقُ:
كَيْفَ تَرَانِي قَالِبًا مِجَنِّي؟ أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرُهُ لِلْبَطْنِ
وَفِي حَدِيثِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: وُجُوهُهُمْ ڪَالْمَجَانِّ الْمُطْرَقَةِ، يَعْنِي التُّرْكَ. وَالْجُنَّةُ – بِالضَّمِّ -: مَا وَارَاكَ مِنَ السِّلَاحِ وَاسْتَتَرْتَ بِهِ مِنْهُ. وَالْجُنَّةُ: السُّتْرَةُ، وَالْجَمْعُ: الْجُنَنُ. يُقَالُ: اسْتَجَنَّ بِجُنَّةٍ؛ أَيِ: اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ، وَقِيلَ: ڪُلُّ مَسْتُورٍ جَنِينٌ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ: حِقْدٌ جَنِينٌ، وَضِغْنٌ جَنِينٌ; أَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
يُزَمِّلُونَ جَنِينَ الضِّغْنِ بَيْنَهُمُ وَالضِّغْنُ أَسْوَدُ أَوْ فِي وَجْهِهِ ڪَلَفُ
يُزَمِّلُونَ: يَسْتُرُونَ وَيُخْفُونَ، وَالْجَنِينُ: الْمَسْتُورُ فِي نُفُوسِهِمْ، يَقُولُ: فَهُمْ يَجْتَهِدُونَ فِي سَتْرِهِ، وَلَيْسَ يَسْتَتِرُ، وَقَوْلُهُ ” الضِّغْنُ أَسْوَدُ “، يَقُولُ: هُوَ بَيِّنٌ ظَاهِرٌ فِي وُجُوهِهِمْ. وَيُقَالُ: مَا عَلَيَّ جَنَنٌ إِلَّا مَا تَرَى؛ أَيْ: مَا عَلَيَّ شَيْءٌ يُوَارِينِي; وَفِي الصِّحَاحِ: مَا عَلَيَّ جَنَانٌ إِلَّا مَا تَرَى؛ أَيْ: ثَوْبٌ يُوَارِينِي. وَالِاجْتِنَانُ: الِاسْتِتَارُ. وَالْمَجَنَّةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُسْتَتَرُ فِيهِ. شَمِرٌ: الْجَنَانُ الْأَمْرُ الْخَفِيُّ; وَأَنْشَدَ:
اللَّهُ يَعْلَمُ أَصْحَابِي وَقَوْلَهُمُ إِذْ يَرْكَبُونَ جِنَانًا مُسْهِبًا وَرِبَا
أَيْ يَرْكَبُونَ أَمْرًا مُلْتَبِسًا فَاسِدًا. وَأَجْنَنْتُ الشَّيْءَ فِي صَدْرِي أَيْ أَكْنَنْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: تُجِنُّ بَنَانَهُ؛ أَيْ: تُغَطِّيهِ وَتَسْتُرُهُ. وَالْجُنَّةُ: الدِّرْعُ، وَكُلُّ مَا وَقَاكَ جُنَّةٌ. وَالْجُنَّةُ: خِرْقَةٌ تَلْبَسُهَا الْمَرْأَةُ فَتُغَطِّي رَأْسَهَا مَا قَبَلَ مِنْهُ وَمَا دَبَرَ غَيْرَ وَسَطِهِ، وَتُغَطِّي الْوَجْهَ وَحَلْيَ الصَّدْرِ، وَفِيهَا عَيْنَانِ مَجُوبَتَانِ مِثْلَ عَيْنَيِ الْبُرْقُعِ. وَفِي الْحَدِيثِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ؛ أَيْ: يَقِي صَاحِبَهُ مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ. وَالْجُنَّةُ: الْوِقَايَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ: الْإِمَامُ جُنَّةٌ; لِأَنَّهُ يَقِي الْمَأْمُومَ الزَّلَلَ وَالسَّهْوَ، وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ: ڪَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُنَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ؛ أَيْ: وِقَايَتَانِ، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، تَثْنِيَةُ جُبَّةِ اللِّبَاسِ. وَجِنُّ النَّاسِ وَجَنَانُهُمْ: مُعْظَمُهُمْ; لِأَنَّ الدَّاخِلَ فِيهِمْ يَسْتَتِرُ بِهِمْ; قَاْلَ ابْنُ أَحْمَرَ:
جَنَانُ الْمُسْلِمِينَ أَوَدُّ مَسًّا وَلَوْ جَاوَرْتُ أَسْلَمَ أَوْ غِفَارَا
وَرَوِيَ:
وَإِنْ لَاقَيْتُ أَسْلَمَ أَوْ غِفَارَا
قَالَ الرِّيَاشَيُّ فِي مَعْنَى بَيْتِ ابْنِ أَحْمَرَ: قَوْلُهُ أَوَدُّ مَسًّا؛ أَيْ: أَسْهَلُ لَكَ، يَقُولُ: إِذَا نَزَلْتَ الْمَدِينَةَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ جِوَارِ أَقَارِبِكَ، وَقَدْ أَوْرَدَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْبَيْتَ شَاهِدًا لِلْجَنَانِ السِّتْرِ; ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: جَنَانُهُمْ جَمَاعَتُهُمْ وَسَوَادُهُمْ، وَجَنَانُ النَّاسِ دَهْمَاؤُهُمْ; أَبُو عَمْرٍو: جَنَانُهُمْ مَا سَتَرَكَ مِنْ شَيْءٍ، يَقُولُ: أَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ لِي، قَالَ: وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرُ النَّاسِ جِوَارًا; وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ الْعِيرَ:
وَهَابَ جَنَانَ مَسْحُورٍ تَرَدَّى بِهِ الْحَلْفَاءُ وَأْتَزَرَ ائْتِزَارَا
قَالَ: جَنَانُهُ عَيْنُهُ، وَمَا وَارَاهُ. وَالْجِنُّ: وَلَدُ الْجَانِّ. ابْنُ سِيدَهْ: الْجِنُّ نَوْعٌ مِنَ الْعَالَمِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاجْتِنَانِهِمْ عَنِ الْأَبْصَارِ، وَلِأَنَّهُمُ اسْتَجَنُّوا مِنَ النَّاسِ فَلَا يُرَوْنَ، وَالْجَمْعُ: جِنَانٌ، وَهُمُ الْجِنَّةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ; قَالُوا: الْجِنَّةُ هَهُنَا الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ قَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا، قَالَ: يُقَالُ الْجِنَّةُ هَهُنَا الْمَلَائِكَةُ، يَقُولُ: جَعَلُوا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ نَسَبًا، فَقَالُوا: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ مُحْضِرُونَ فِي النَّارِ. وَالْجِنِّيُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى الْجِنِّ أَوِ الْجِنَّةِ. وَالْجِنَّةُ: الْجِنُّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ; قَاْلَ الزَّجَّاجُ: التَّأْوِيلُ عِنْدِي قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ، الَّذِي هُوَ مِنِ الْجِنِّ: (وَالنَّاسِ)، مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَسْوَاسِ، الْمَعْنَى مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ، وَمِنْ شَرِّ النَّاسِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْجِنُّ خِلَافُ الْإِنْسِ، وَالْوَاحِدُ جِنِّيٌّ سُمِّيَتْ، بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَخْفَى وَلَا تُرَى. جُنَّ الرَّجُلُ جُنُونًا وَأَجَنَّهُ اللَّهُ، فَهُوَ مَجْنُونٌ، وَلَا تَقُلْ مُجَنٌّ; وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
رَأَتْ نِضْوُ أَسْفَارِ أُمَيَّةَ شَاحِبًا عَلَى نِضْوِ أَسْفَارٍ فَجُنَّ جُنُونُهَا
فَقَالَتْ مِنَ ايِّ النَّاسِ أَنْتَ وَمَنْ تَكُنْ؟ فَإِنَّكَ مَوْلَى أُسْرَةٍ لَا يَدِينُهَا
وَقَالَ مُدْرِكُ بْنُ حُصَيْنٍ:
كَأَنَّ سُهَيْلًا رَامَهَا وَكَأَنَّهَا حَلِيلَةُ وَخْمٍ جُنَّ مِنْهُ جُنُونُهَا
وَقَوْلُهُ:
وَيْحَكِ يَا جِنِّيَّ هَلْ بَدَا لَكِ أَنْ تَرْجِعِي عَقْلِي فَقَدْ أَنَّى لَكِ؟
إِنَّمَا أَرَادَ مَرْأَةً ڪَالْجِنِّيَّةِ، إِمَّا فِي جِمَالِهَا، وَإِمَّا فِي تَلَوُّنِهَا وَابْتِدَالِهَا، وَلَا تَكُونُ الْجِنِّيَّةُ هُنَا مَنْسُوبَةً إِلَى الْجِنِّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْإِنْسِ حَقِيقَةً; لِأَنَّ هَذَا الشَّاعِرَ الْمُتَغَزِّلَ بِهَا إِنْسِيٌّ، وَالْإِنْسِيُّ لَا يَتَعَشَّقُ جِنِّيَّةً; وَقَوْلُ بَدْرِ بْنِ عَامِرٍ:
وَلَقَدْ نَطَقْتُ قَوَافِيًا إِنْسِيَّةً وَلَقَدْ نَطَقْتُ قَوَافِيَ التَّجْنِينِ
أَرَادَ بِالْإِنْسِيَّةِ الَّتِي تَقُولُهَا الْإِنْسُ، وَأَرَادَ بِالتَّجْنِينِ مَا تَقُولُهُ الْجِنُّ; وَقَالَ السُّكَّرِيُّ: أَرَادَ الْغَرِيبَ الْوَحْشِيَّ. اللَّيْثُ: الْجِنَّةُ الْجُنُونُ أَيْضًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمْ بِهِ جِنَّةٌ; وَالِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُقَالُ: بِهِ جِنَّةٌ وَجُنُونٌ وَمَجَنَّةٌ; وَأَنْشَدَ:
مِنَ الدَّارِمِيِّينِ الَّذِينَ دِمَاؤُهُمْ شِفَاءٌ مِنَ الدَّاءِ الْمَجَنَّةِ وَالْخَبْلِ
وَالْجِنَّةُ: طَائِفُ الْجِنِّ، وَقَدْ جُنَّ جَنًّا وَجُنُونًا وَاسْتُجِنَّ; قَاْلَ مُلَيْحٌ الْهُذَلِيُّ:
فَلَمْ أَرَ مِثْلِي يُسْتَجَنُّ صَبَابَةً مِنَ الْبَيْنِ أَوْ يَبْكِي إِلَى غَيْرِ وَاصِلِ
وَتَجَنَّنَ عَلَيْهِ وَتَجَانَّ وَتَجَانَنَ: أَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ. وَأَجَنَّهُ اللَّهُ، فَهُوَ مَجْنُونٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَذَلِكَ; لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ جُنَّ، فَبُنِيَ الْمَفْعُولُ مِنْ أَجَنَّهُ اللَّهُ عَلَى هَذَا، وَقَالُوا مَا أَجَنَّهُ; قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: وَقَعَ التَّعَجُّبُ مِنْهُ بِمَا أَفْعَلَهُ، وَإِنْ ڪَانَ ڪَالْخُلُقِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَوْنٍ فِي الْجَسَدِ وَلَا بِخِلْقَةٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: جُنَّ الرَّجُلُ وَمَا أَجَنَّهُ، فَجَاءَ بِالتَّعَجُّبِ مِنْ صِيغَةِ فِعْلِ الْمَفْعُولِ، وَإِنَّمَا التَّعَجُّبُ مِنْ صِيغَةِ فِعْلِ الْفَاعِلِ; قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا وَنَحْوُهُ شَاذٌّ. قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَجْنُونِ مَا أَجَنَّهُ شَاذٌّ لَا يُقاسُ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْمَضْرُوبِ مَا أَضْرَبَهُ، وَلَا فِي الْمَسْلُولِ مَا أَسَلَّهُ. وَالْجُنُنُ – بِالضَّمِّ -: الْجُنُونُ، مَحْذُوفٌ مِنْهُ الْوَاوُ; قَاْلَ يَصِفُ النَّاقَةَ:
مِثْلُ النَّعَامَةِ ڪَانَتْ وَهْيَ سَائِمَةٌ أَذْنَاءُ حَتَّى زَهَاهَا الْحَيْنُ وَالْجُنُنُ
جَاءَتْ لِتَشْرِيَ قَرْنًا أَوْ تُعَوِّضَهُ وَالدَّهْرُ فِيهِ رَبَاحُ الْبَيْعُ وَالْغَبَنُ
فَقِيلَ أُذْنَاكِ ظُلْمٌ ثُمَّتَ اصْطُلِمَتْ إِلَى الصِّمَاخِ فَلَا قَرْنٌ وَلَا أُذُنُ
وَالْمَجَنَّةُ: الْجُنُونُ. وَالْمَجَنَّةُ: الْجِنُّ. وَأَرْضٌ مَجَنَّةٌ: ڪَثِيرَةُ الْجِنِّ; وَقَوْلُهُ:
عَلَى مَا أَنَّهَا هَزِئَتْ وَقَالَتْ هَنُونُ أَجَنَّ مَنْشَاذًا قَرِيبُ
أَجَنَّ: وَقَعَ فِي مَجَنَّةٍ، وَقَوْلُهُ: هَنُونُ، أَرَادَ يَا هَنُونُ، وَقَوْلُهُ مَنْشَاذًا قَرِيبُ، أَرَادَتْ أَنَّهُ صَغِيرُ السِّنِّ تَهْزَأُ بِهِ، وَ ” مَا ” زَائِدَةٌ؛ أَيْ: عَلَى أَنَّهَا هَزِئَتْ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: بَاتَ فُلَانٌ ضَيْفَ جِنٍّ؛ أَيْ: بِمَكَانٍ خَالٍ لَا أَنِيسَ بِهِ; قَاْلَ الْأَخْطَلُ فِي مَعْنَاهُ:
وَبِتْنَا ڪَأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلَةٍ
وَالْجَانُّ: أَبُو الْجِنِّ، خُلِقَ مِنْ نَارٍ، ثُمَّ خُلِقَ مِنْهُ نَسْلُهُ. وَالْجَانُّ: الْجِنُّ، وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ ڪَالْجَامِلِ وَالْبَاقِرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ. وَقَرَأَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَأَنٌّ)، بِتَحْرِيكِ الْأَلِفِ وَقَلْبِهَا هَمْزَةً، قَالَ: وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ: (وَلَا الضَّأَلِّينَ)، وَعَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْأَصْبَغِ وَغَيْرِهِ: شَأَبَّةٌ وَمَأَدَّةٌ; وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
خَاطِمَهَا زَأَمَّهَا أَنْ تَذْهَبَا
وَقَوْلُهُ:
وَجَلَّهُ حَتَّى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ
وَعَلَى مَا أَنْشَدَهُ أَبُو عَلِيٍّ لِكُثَيِّرٍ:
وَأَنْتَ ابْنَ لَيْلَى خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهَدًا إِذْ مَا احْمَأَرَّتْ بِالْعَبِيطِ الْعَوَامِلُ
وَقَوْلُ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ الْحَرُورِيِّ:
قَدْ ڪُنْتُ عِنْدَكَ حَوْلًا لَا تُرَوِّعُنِي فِيهِ رَوَائِعُ مِنْ إِنْسٍ وَلَا جَانِي
إِنَّمَا أَرَادَ مِنْ إِنْسٍ وَلَا جَانٍّ، فَأَبْدَلَ النُّونَ الثَّانِيَةَ يَاءً; وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: بَلْ حَذَفَ النُّونَ الثَّانِيَةَ تَخْفِيفًا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، رُوِيَ أَنَّ خَلْقًا يُقَالُ لَهُمُ الْجَانُّ، ڪَانُوا فِي الْأَرْضِ فَأَفْسَدُوا فِيهَا وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ أَجْلَتْهُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَقِيلَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةَ صَارُوا سُكَّانَ الْأَرْضِ بَعْدَ الْجَانِّ، فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا، أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا. أَبُو عَمْرٍو: الْجَانُّ مِنِ الْجِنِّ، وَجَمْعُهُ جِنَّانٌ مِثْلَ حَائِطٍ وَحِيطَانٍ; قَاْلَ الشَّاعِرُ:
وَيَهْمَاءَ تَعْزِفُ جِنَّانُهَا مَشَارِبُهَا دَاثِرَاتٌ أُجُنْ
وَقَالَ الْخَطَفَى جَدُّ جَرِيرٍ يَصِفُ إِبِلًا:
يَرْفَعْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا مَا أَسْدَفَا أَعْنَاقَ جِنَّانٍ وَهَامًا رُجَّفَا
وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ مُقْبِلٍ: جِنَّانُ الْجِبَالِ؛ أَيِ: الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْفَسَادِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ أَوْ مِنِ الْجِنِّ. وَالْجِنَّةُ – بِالْكَسْرِ -: اسْمُ الْجِنِّ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ، قَالَ: هُوَ أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ الدَّارَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهَا ذَبْحَ ذَبِيحَةً، وَكَانُوا يَقُولُونَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ أَهْلَهَا الْجِنُّ. وَفِي حَدِيثِ مَاعِزٍ: أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَأَلَ أَهْلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيَشْتَكِي أَمْ بِهِ جِنَّةٌ؟ قَالُوا: لَا الْجِنَّةُ – بِالْكَسْرِ -: الْجُنُونُ. وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ: لَوْ أَصَابَ ابْنُ آدَمَ فِي ڪُلِّ شَيْءٍ جُنَّ؛ أَيْ: أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ حَتَّى يَصِيرَ ڪَالْمَجْنُونِ مِنْ شِدَّةِ إِعْجَابِهِ; وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: وَأَحْسَبُ قَوْلَ الشَّنْفَرَى مِنْ هَذَا:
فَلَوْ جُنَّ إِنْسَانٌ مِنَ الْحُسْنِ جُنَّتِ
وَفِي الْحَدِيثِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جُنُونِ الْعَمَلِ؛ أَيْ: مِنَ الْإِعْجَابِ بِهِ، وَيُؤَكِّدُ هَذَا حَدِيثُهُ الْآخَرُ: أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا مُجْتَمِعِينَ عَلَى إِنْسَانٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: مَجْنُونٌ، قَالَ: هَذَا مُصَابٌ، إِنَّمَا الْمَجْنُونُ الَّذِي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيْهِ وَيَنْظُرُ فِي عِطْفَيْهِ وَيَتَمَطَّى فِي مِشْيَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ فَضَالَةَ: ڪَانَ يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ قَامَتِهِمْ فِي يالصَّلَاةِ مِنَ الْخَصَاصَةِ حَتَّى يَقُولُ الْأَعْرَابُ مَجَانِينُ أَوْ مَجَانُونَ، الْمَجَانِينُ: جَمْعُ تَكْسِيرٍ لِمَجْنُونٍ وَأَمَّا مَجَانُونَ، فَشَاذٌّ ڪَمَا شَذَّ شَيَاطُونَ فِي شَيَاطِينَ، وَقَدْ قُرِئَ: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ. وَيُقَالُ: ضُلَّ ضَلَالَهُ، وَجُنَّ جُنُونَهُ; قَاْلَ الشَّاعِرُ:
هَبَّتْ لَهُ رِيحٌ فَجُنَّ جُنُونَهُ لَمَّا أَتَاهُ نَسِيمُهَا يَتَوَجَّسُ
وَالْجَانُّ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ، أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ، يَضْرِبُ إِلَى الصُّفْرَةِ، لَا يُؤْذِي، وَهُوَ ڪَثِيرٌ فِي بُيُوتِ النَّاسِ. سِيبَوَيْهِ: وَالْجَمْعُ جِنَّانٌ; وَأَنْشَدَ بَيْتَ الْخَطَفَى جَدِّ جَرِيرٍ يَصِفُ إِبِلًا:
أَعْنَاقَ جِنَّانٍ وَهَامًا رُجَّفَا وَعَنَقًا بَعْدَ الرَّسِيمِ خَيْطَفَا
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ، قَالَ: هِيَ الْحَيَّاتُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ، وَاحِدُهَا جَانٌّ، وَهُوَ الدَّقِيقُ الْخَفِيفُ. التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَهْتَزُّ ڪَأَنَّهَا جَانٌّ، قَالَ: الْجَانُّ حَيَّةٌ بَيْضَاءُ. أَبُو عَمْرٍو: الْجَانُّ حَيَّةٌ، وَجَمْعُهُ جَوَانٌ; قَاْلَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنَّ الْعَصَا صَارَتْ تَتَحَرَّكُ ڪَمَا يَتَحَرَّكُ الْجَانُّ حَرَكَةً خَفِيفَةً، قَالَ: وَكَانَتْ فِي صُورَةِ ثُعْبَانٍ، وَهُوَ الْعَظِيمُ مِنَ الْحَيَّاتِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَاْلَ أَبُو الْعَبَّاسِ؛ قَالَ: شَبَّهَهَا فِي عِظَمِهَا بِالثُّعْبَانِ، وَفِي خِفَّتِهَا بِالْجَانِّ، وَلِذَلِكَ قَاْلَ تَعَالَى مَرَّةً: فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ، وَمَرَّةً: ڪَأَنَّهَا جَانٌّ; وَالْجَانُّ: الشَّيْطَانُ أَيْضًا. وَفِي حَدِيثِ زَمْزَمَ: أَنْ فِيهَا جِنَّانًا ڪَثِيرَةً؛ أَيْ: حَيَّاتٍ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ – عَلَيْهِمُ السَّلَامُ – جِنًّا لِاسْتِتَارِهِمْ عَنِ الْعُيُونِ; قَاْلَ الْأَعْشَى يَذْكُرُ سُلَيْمَانَ – عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلَائِكِ تِسْعَةً قِيَامًا لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلَا أَجْرِ
وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِلَّا إِبْلِيسَ ڪَانَ مِنَ الْجِنِّ، إِنَّهُ عَنَى الْمَلَائِكَةَ، قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: فِي سِيَاقِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِبْلِيسَ أُمِرَ بِالسُّجُودِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ: وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ إِبْلِيسَ مِنْ غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، فَقَالَ: ڪَانَ مِنِ الْجِنِّ; وَقِيلَ أَيْضًا: إِنَّ إِبْلِيسَ مِنِ الْجِنِّ بِمَنْزِلَةِ آدَمَ مِنِ الْإِنْسِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْجِنَّ ضَرْبٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ڪَانُوا خُزَّانَ الْأَرْضِ، وَقِيلَ: خُزَّانَ الْجِنَانِ، فَإِنْ قَاْلَ قَائِلٌ: ڪَيْفَ اسْتَثْنَى مَعَ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ، ڪَيْفَ وَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ؟ فَالْجَوَابُ فِي هَذَا: أَنَّهُ أَمَرَهُ مَعَهُمْ بِالسُّجُودِ، فَاسْتَثْنَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ: أَمَرْتُ عَبْدِي وَإِخْوَتِي فَأَطَاعُونِي إِلَّا عَبْدِي، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَرَبُّ الْعَالَمِينَ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَعْرِفَ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ غَيْرَ هَذَا; قَالَ: وَيَصْلُحُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: رَبَّ الْعَالَمِينَ; لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ، وَلَا يَحْسُنُ أَنَّ مَا بَعْدَهُ صِفَةٌ لَهُ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَلَا جِنَّ بِهَذَا الْأَمْرِ؛ أَيْ: لَا خَفَاءَ; قَاْلَ الْهُذَلِيُّ:
وَلَا جِنَّ بِالْبَغْضَاءِ وَالنَّظَرِ الشَّزْرِ
فَأَمَّا قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
أَجِنِي ڪُلَّمَا ذُكِرَتْ ڪُلَيْبٌ أَبِيتُ ڪَأَنَّنِي أُكْوَى بِجَمْرٍ
فَقِيلَ: أَرَادَ بِجِدِّي، وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ (ج ن) إِنَّمَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلتَّسَتُّرِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِجِنِّي; لِأَنَّ الْجِدَّ مِمَّا يُلَابِسُ الْفِكْرَ وَيُجِنُّهُ الْقَلْبُ، فَكَأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ لَهُ وَمُنْطَوِيَةٌ عَلَيْهِ. وَقَالَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَهُ: أَجَنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَاْلَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَاْلَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَتَرَكَتْ ” مِنْ “، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ تَدَعُ ” مِنْ ” مَعَ أَجْلِ، ڪَمَا يُقَالُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ أَجْلِكَ، وَإِجْلَكَ، بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِكَ، قَالَ: وَقَوْلُهَا أَجَنَّكَ، حُذِفَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَأُلْقِيَتْ فَتْحَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى الْجِيمِ ڪَمَا قَاْلَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي; يُقَالُ: إِنَّ مَعْنَاهُ لَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّي، فَحُذِفَ الْأَلِفَ وَالْتَقَى نُونَانِ، فَجَاءَ التَّشْدِيدُ، ڪَمَا قَاْلَ الشَّاعِرُ – أَنْشَدَهُ الْكِسَائِيُّ -:
لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيَّةٍ لَوَسِيمَةٌ عَلَى هَنَوَاتٍ ڪَاذِبٍ مَنْ يَقُولُهَا
أَرَادَ لِلَّهِ إِنَّكِ فَحَذَفَ إِحْدَى اللَّامَيْنِ مَنْ لِلَّهِ، وَحَذَفَ الْأَلْفَ مِنْ إِنَّكِ، ڪَذَلِكَ حُذِفَتِ اللَّامُ مِنْ ” أَجْلِ “، وَالْهَمْزَةُ مِنْ ” إِنَّ “; أَبُو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
أَجْلَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ فَوْقَ مَنْ أَحْكِي بِصُلْبٍ وَإِزَارْ
الْأَزْهَرِيِّ قَالَ: وَيُقَالُ ” إِجْلَ “، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، أَرَادَ مِنْ أَجْلِ; وَيُرْوَى:
فَوْقَ مَنْ أَحْكَأَ صُلْبًا بِإِزَارْ
أَرَادَ بِالصُّلْبِ الْحَسَبَ، وَبِالْإِزَارِ الْعِفَّةَ، وَقِيلَ: فِي قَوْلِهِمْ: أَجِنَّكَ ڪَذَا؛ أَيْ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ، فَحَذَفُوا الْأَلِفَ وَاللَّامَ اخْتِصَارًا وَنَقَلُوا ڪَسْرَةَ اللَّامِ إِلَى الْجِيمِ; قَاْلَ الشَّاعِرُ:
أَجِنَّكِ عِنْدِي أَحْسَنُ النَّاسِ ڪُلِّهِمْ وَأَنَّكِ ذَاتُ الْخَالِ وَالْحِبَرَاتِ
وَجِنُّ الشَّبَابِ: أَوَّلُهُ، وَقِيلَ: جِدَّتُهُ وَنَشَاطُهُ، وَيُقَالُ: ڪَانَ ذَلِكَ فِي جِنِّ صِبَاهُ؛ أَيْ: فِي حَدَاثَتِهِ، وَكَذَلِكَ جِنُّ ڪُلِّ شَيْءٍ أَوَّلُ شِدَّاتِهِ، وَجِنُّ الْمَرَحِ ڪَذَلِكَ; فَأَمَّا قَوْلُهُ:
لَا يَنْفُخُ التَّقْرِيبُ مِنْهُ الْأَبْهَرَا إِذَا عَرَتْهُ جِنُّهُ وَأَبْطَرَا
قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُنُونُ مَرَحِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْجِنُّ هُنَا هَذَا النَّوْعَ الْمُسْتَتِرَ عَنِ الْعَيْنِ؛ أَيْ: ڪَأَنَّ الْجِنَّ تَسْتَحِثُّهُ، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ: عَرَتْهُ; لِأَنَّ جِنَّ الْمَرَحِ لَا يُؤَنَّثُ إِنَّمَا هُوَ ڪَجُنُونِهِ، وَتَقُولُ: افْعَلْ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِجِنِّ ذَلِكَ وَحِدْثَانِهِ وَجِدِّهِ; بِجِنِّهِ، أَيْ: بِحِدْثَانِهِ; قَاْلَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
كَالسُّحُلِ الْبِيضِ جَلَا لَوْنُهَا سَحُّ نِجَاءِ الْحَمَلِ الْأَسْوَلِ
أَرْوَى بِجِنِّ الْعَهْدِ سَلْمَى وَلَا يُنْصِبْكَ عَهْدُ الْمَلِقِ الْحُوَّلِ
يُرِيدُ الْغَيْثَ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ يَقُولُ: سَقَى هَذَا الْغَيْثُ سَلْمَى بِحِدْثَانِ نُزُولِهِ مِنَ السَّحَابِ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ ثُمَّ نَهَى نَفْسَهُ أَنْ يُنْصِبَهُ حُبُّ مَنْ هُوَ مَلِقٌ. يَقُولُ: مَنْ ڪَانَ مَلِقًا ذَا تَحَوُّلٍ فَصَرَمَكَ فَلَا يَنْصِبْكَ صَرْمُهُ. وَيُقَالُ: خُذِ الْأَمْرَ بِجِنِّهِ، وَاتَّقِ النَّاقَةَ فَإِنَّهَا بِجِنِّ ضِرَاسِهَا؛ أَيْ: بِحِدْثَانِ نِتَاجِهَا. وَجِنُّ النَّبْتِ: زَهْرُهُ وَنَوْرُهُ، وَقَدْ تَجَنَّنَتِ الْأَرْضُ وَجُنَّتْ جُنُونًا; قَالَ:
كُومٌ تَظَاهَرَ نِيُّهَا لَمَّا رَعَتْ رَوْضًا بِعَيْهَمَ وَالْحِمَى مَجْنُونَا
وَقِيلَ: جُنَّ النَّبْتُ جُنُونًا غَلُظَ وَاكْتَهَلَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: نَخْلَةٌ مَجْنُونَةٌ إِذَا طَالَتْ; وَأَنْشَدَ:
يَا رَبِّ أَرْسِلْ خَارِفَ الْمَسَاكِينْ عَجَاجَةً سَاطِعَةَ الْعَثَانِينْ
تَنْفُضُ مَا فِي السُّحُقِ الْمَجَانِينْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي بِخَارِفِ الْمَسَاكِينِ الرِّيحَ الشَّدِيدَةَ الَّتِي تَنْفُضُ لَهُمْ التَّمْرَ مِنْ رُءُوسِ النَّخْلِ; وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أَيَا بَارِحَ الْجَوْزَاءِ مَا لَكَ لَا تَرَى عِيَالَكَ قَدْ أَمْسَوْا مَرَامِيلَ جُوَّعَا؟
الْفَرَّاءُ: جُنَّتِ الْأَرْضُ إِذَا قَاءَتْ بِشَيْءٍ مُعْجِبٍ; وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَلَمَّا يَسْلَمِ الْجِيرَانُ مِنْهُمْ وَقَدْ جُنَّ الْعِضَاهُ مِنَ الْعَمِيمِ
وَمَرَرْتُ عَلَى أَرْضٍ هَادِرَةٍ مُتَجَنِّنَةٍ: وَهِيَ الَّتِي تُهَالُ مِنْ عُشْبِهَا، وَقَدْ ذَهَبَ عُشْبُهَا ڪُلَّ مَذْهَبٍ. وَيُقَالُ: جُنَّتِ الْأَرْضُ جُنُونًا إِذَا اعْتَمَّ نَبْتُهَا; قَاْلَ ابْنُ أَحْمَرَ:
تَفَقَّأَ فَوْقَهُ الْقَلْعُ السَّوَارِي وَجُنَّ الْخَازِبَازِ بِهِ جُنُونًا
جُنُونُهُ: ڪَثْرَةُ تَرَنُّمِهِ فِي طَيَرَانِهِ; وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْخَازِبَازِ نَبْتٌ، وَقِيلَ: هُوَ ذُبَابٌ. وَجُنُونُ الذُّبَابِ: ڪَثْرَةُ تَرَنُّمِهِ. وَجُنَّ الذُّبَابُ؛ أَيْ: ڪَثُرَ صَوْتُهُ. وَجُنُونُ النَّبْتِ: الْتِفَافُهُ; قَاْلَ أَبُو النَّجْمِ:
وَطَالَ جِنُّ السَّنَامِ الْأَمْيَلِ
أَرَادَ تُمُوكَ السَّنَامِ وَطُولَهُ. وَجُنَّ النَّبْتُ جُنُونًا؛ أَيْ: طَالَ وَالْتَفَّ وَخَرَجَ زَهْرُهُ; وَقَوْلُهُ:
وَجُنَّ الْخَازِبَازِ بِهِ جُنُونًا
يَحْتَمِلُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. أَبُو خَيْرَةَ: أَرْضٌ مَجْنُونَةٌ مُعْشِبَةٌ لَمْ يَرْعَهَا أَحَدٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ لِلنَّخْلِ الْمُرْتَفِعُ طُولًا مَجْنُونٌ. وَلِلنَّبْتِ الْمُلْتَفِّ الْكَثِيفِ الَّذِي قَدْ تَأَزَّرَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ مَجْنُونٌ. وَالْجَنَّةُ: الْبُسْتَانُ، وَمِنْهُ الْجَنَّاتُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي النَّخِيلَ جَنَّةً; قَاْلَ زُهَيْرٌ:
كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ مِنَ النَّوَاضِحِ تَسْقِي جَنَّةً سُحُقَا
وَالْجَنَّةُ: الْحَدِيقَةُ ذَاتُ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ، وَجَمْعُهَا: جِنَانٌ، وَفِيهَا تَخْصِيصٌ، وَيُقَالُ لِلنَّخْلِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: لَا تَكُونُ الْجَنَّةُ فِي ڪَلَامِ الْعَرَبِ إِلَّا وَفِيهَا نَخْلٌ وَعِنَبٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ذَلِكَ وَكَانَتْ ذَاتَ شَجَرٍ فَهِيَ حَدِيقَةٌ، وَلَيْسَتْ بِجَنَّةٍ، وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الْجَنَّةِ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَالْحَدِيثِ الْكَرِيمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَالْجَنَّةُ: هِيَ دَارُ النَّعِيمِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، مِنَ الِاجْتِنَانِ، وَهُوَ السِّتْرُ لِتَكَاثُفِ أَشْجَارِهَا وَتَظْلِيلِهَا بِالْتِفَافِ أَغْصَانِهَا، قَالَ: وَسُمِّيَتْ بِالْجَنَّةِ، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ مَصْدَرِ جَنَّهُ جَنًّا، إِذَا سَتَرَهُ، فَكَأَنَّهَا سُتْرَةٌ وَاحِدَةٌ لِشِدَّةِ الْتِفَافِهَا وَإِظْلَالِهَا; وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَزَعَمَ أَنَّهُ لِ لَبِيدٍ:
دَرَى بِالْيَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً مُسَطَّعَةَ الْأَعْنَاقِ بُلْقَ الْقَوَادِمِ
قَالَ: يَعْنِي بِالْجَنَّةِ إِبِلًا ڪَالْبُسْتَانِ، وَمُسَطَّعَةٌ: مِنَ السِّطَاعِ، وَهِيَ سِمَةٌ فِي الْعُنُقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّهُ جِنَّةٌ – بِالْكَسْرِ – لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ ” بِعَبْقَرِيَّةٍ “؛ أَيْ: إِبِلًا مِثْلَ الْجِنَّةِ فِي حِدَّتِهَا وَنِفَارِهَا، عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ وَصَفَهَا بِالْعَبْقَرِيَّةِ; لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهَا جَنَّةً اسْتَجَازَ أَنْ يَصِفَهَا بِالْعَبْقَرِيَّةِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَعْنِيَ بِهَا مَا أَخْرَجَ الرَّبِيعُ مِنْ أَلْوَانِهَا وَأَوْبَارِهَا وَجَمِيلِ شَارَتِهَا، وَقَدْ قِيلَ: ڪُلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ، فَإِذَا ڪَانَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ أَنْ يُوصَفَ بِهِ الْجِنَّةُ وَأَنْ يُوصَفَ بِهِ الْجَنَّةُ. وَالْجِنِّيَّةُ: ثِيَابٌ مَعْرُوفَةٌ. وَالْجِنِّيَّةُ: مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ عَلَى خِلْقَةِ الطَّيْلَسَانِ تَلْبَسُهَا النِّسَاءُ. وَمَجَنَّةُ: مَوْضِعٌ; قَاْلَ فِي الصِّحَاحِ: الْمَجَنَّةُ اسْمُ مَوْضِعٍ عَلَى أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ، وَكَانَ بِلَالٌ يَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِمَكَّةَ حَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ؟
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ؟ وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ؟
وَكَذَلِكَ مِجَنَّةُ; وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فَوَافَى بِهَا عُسْفَانَ ثُمَّ أَتَى بِهَا مِجَنَّةَ تَصْفُو فِي الْقِلَالِ وَلَا تَغْلِي
قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَحْتَمِلُ مَجَنَّةُ وَزْنَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَفْعَلَةً مِنَ الْجُنُونِ، ڪَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِشَيْءٍ يَتَّصِلُ بِالْجِنِّ أَوْ بِالْجِنَّةِ أَعْنِي الْبُسْتَانَ أَوْ مَا هَذَا سَبِيلُهُ، وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَّةً مِنْ ” مَجَنَ يَمْجُنُ ” ڪَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ; لِأَنَّ ضَرْبًا مِنَ الْمُجُونِ ڪَانَ بِهَا، هَذَا مَا تُوجِبُهُ صَنْعَةُ عِلْمِ الْعَرَبِ، قَالَ: فَأَمَّا لِأَيِّ الْأَمْرَيْنِ وَقَعَتِ التَّسْمِيَةُ فَذَلِكَ أَمْرٌ طَرِيقُهُ الْخَبَرُ، وَكَذَلِكَ الْجُنَيْنَةُ; قَالَ:
مِمَّا يَضُمُّ إِلَى عِمْرَانَ حَاطِبُهُ مِنَ الْجُنَيْنَةِ جَزْلًا غَيْرَ مَوْزُونِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ڪَانَتْ مَجَنَّةٌ وَذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَالِاسْتِجْنَانُ: الِاسْتِطْرَابُ. وَالْجَنَاجِنُ: عِظَامُ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: رُءُوسُ الْأَضْلَاعِ، يَكُونُ ذَلِكَ لِلنَّاسِ وَغَيْرِهِمْ; قَاْلَ الْأَسْعَرُ الْجُعْفِيُّ:
لَكِنْ قَعِيدَةُ بَيْتِنَا مَجْفُوَّةٌ بَادٍ جَنَاجِنُ صَدْرِهَا وَلَهَا غِنَا
وَقَالَ الْأَعْشَى:
أَثَّرَتْ فِي جَنَاجِنٍ ڪَإِرَانِ الْ مَيْتِ عُولِينَ فَوْقَ عُوجٍ رِسَالِ
وَاحِدُهَا جِنْجِنٌ وَجَنْجَنٌ، وَحَكَاهُ الْفَارِسِيُّ – بِالْهَاءِ – وَغَيْرِ الْهَاءِ: جِنْجِنٌ وَجِنْجِنَةٌ; قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يُفْتَحُ; قَاْلَ رُؤْبَةُ:
وَمِنْ عَجَارِيهِنَّ ڪُلُّ جِنْجِنِ
وَقِيلَ: وَاحِدُهَا جُنْجُونٌ، وَقِيلَ: الْجَنَاجِنُ أَطْرَافُ الْأَضْلَاعِ مِمَّا يَلِي قَصَّ الصَّدْرِ وَعَظْمَ الصُّلْبِ. وَالْمَنْجَنُونُ: الدُّولَابُ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا، نَذْكُرُهُ فِي مَنْجَنَ، فَإِنَّ الْجَوْهَرِيَّ ذَكَرَهُ هُنَا، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَقَالَ: حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ فِي مَنْجَنَ; لِأَنَّهُ رُبَاعِيٌّ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ.
معنى كلمة جنن – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
العودة إلى معجم لسان العرب حسب الحروف – قاموس عربي عربي