معنى كلمة سبح – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
معنى كلمة سبح – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
سبح: السَّبْحُ وَالسِّبَاحَةُ: الْعَوْمُ. سَبَحَ بِالنَّهْرِ وَفِيهِ يَسْبَحُ سَبْحًا وَسِبَاحَةً، وَرَجُلٌ سَابِحٌ وَسَبُوحٌ مِنْ قَوْمٍ سُبَحَاءَ، وَسَبَّاحٌ مِنْ قَوْمٍ سَبَّاحِينَ؛ وَأَمَّا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: فَجَعَلَ السُّبَحَاءَ جَمْعَ سَابِحٍ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمَاءٍ يَغْرَقُ السُّبَحَاءُ فِيهِ سَفِينَتُهُ الْمُوَاشِكَةُ الْخَبُوبُ
قَالَ: السُّبَحَاءُ جَمْعُ سَابِحٍ. وَيَعْنِي بِالْمَاءِ هُنَا السَّرَابَ. وَالْمُوَاشِكَةُ: الْجَادَّةُ فِي سَيْرِهَا وَالْخَبُوبُ مِنَ الْخَبَبِ فِي السَّيْرِ؛ جَعَلَ النَّاقَةَ مِثْلَ السَّفِينَةِ حِينَ جَعَلَ السَّرَابَ ڪَالْمَاءِ. وَأَسْبَحَ الرَّجُلَ فِي الْمَاءِ: عَوَّمَهُ؛ قَاْلَ أُمَيَّةُ:
وَالْمُسْبِحُ الْخُشْبَ فَوْقَ الْمَاءِ سَخَّرَهَا فِي الْيَمِّ جَرْيَتُهَا، ڪَأَنَّهَا عُوَمُ
وَسَبْحُ الْفَرَسِ: جَرْيُهُ. وَفَرَسٌ سَبُوحٌ وَسَابِحٌ: يَسْبَحُ بِيَدَيْهِ فِي سَيْرِهِ. وَالسَّوَابِحُ: الْخَيْلُ لِأَنَّهَا تَسْبَحُ وَهِيَ صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَفِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ أَنَّهُ ڪَانَ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى فَرَسٍ، يُقَالُ: لَهُ سَبْحَةُ؛ قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ سَابِحٌ إِذَا ڪَانَ حَسَنَ مَدِّ الْيَدَيْنِ فِي الْجَرْيِ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ:
لَقَدْ ڪَانَ فِيهَا لِلْأَمَانَةِ مَوْضِعٌ وَلِلْعَيْنِ مُلْتَذٌّ، وَلِلْكَفِّ مَسْبَحٌ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِذَا لَمَسَتْهَا الْكَفُّ، وَجَدَتْ فِيهَا جَمِيعَ مَا تُرِيدُ. وَالنُّجُومُ تَسْبَحُ فِي الْفَلَكِ سَبْحًا إِذَا جَرَتْ فِي دَوَرَانِهَا. وَالسَّبْحُ: الْفَرَاغُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا؛ إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ فَرَاغًا طَوِيلًا، وَتَصَرُّفًا، وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ فَرَاغًا لِلنَّوْمِ؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مُنْقَلَبًا طَوِيلًا وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: هُوَ الْفَرَاغُ وَالْجَيْئَةُ وَالذَّهَابُ؛ قَاْلَ أَبُو الدُّقَيْشِ: وَيَكُونُ السَّبْحُ أَيْضًا فَرَاغًا بِاللَّيْلِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ لَكَ فِي النَّهَارِ مَا تَقْضِي حَوَائِجَكَ؛ قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: مَنْ قَرَأَ سَبْخًا فَمَعْنَاهُ قَرِيبٌ مِنَ السَّبْحِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مَنْ قَرَأَ سَبْحًا فَمَعْنَاهُ اضْطِرَابًا وَمَعَاشًا، وَمَنْ قَرَأَ سَبْخًا، أَرَادَ رَاحَةً وَتَخْفِيفًا لِلْأَبْدَانِ. قَاْلَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ أَبَا الْجَهْمِ الْجَعْفَرِيَّ يَقُولُ: سَبَحْتُ فِي الْأَرْضِ وَسَبَخْتُ فِيهَا إِذَا تَبَاعَدْتَ فِيهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ؛ أَيْ يَجْرُونَ، وَلَمْ يَقُلْ تَسْبَحُ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِفِعْلِ مَنْ يَعْقِلُ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا؛ هِيَ النُّجُومُ تَسْبَحُ فِي الْفَلَكِ، أَيْ تَذْهَبُ فِيهَا بَسْطًا ڪَمَا يَسْبَحُ السَّابِحُ فِي الْمَاءِ سَبْحًا، وَكَذَلِكَ السَّابِحُ مِنَ الْخَيْلِ يَمُدُّ يَدَيْهِ فِي الْجَرْيِ سَبْحًا؛ وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَمْ فِيهِمُ مِنْ شَطْبَةٍ خَيْفَقٍ وَسَابِحٍ ذِي مَيْعَةٍ ضَامِرِ!
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا؛ قِيلَ: السَّابِحَاتُ السُّفُنُ، وَالسَّابِقَاتُ الْخَيْلُ، وَقِيلَ: إِنَّهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ تَخْرُجُ بِسُهُولَةٍ؛ وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ تَسْبَحُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَسَبَحَ الْيَرْبُوعُ فِي الْأَرْضِ إِذَا حَفَرَ فِيهَا، سَبَحَ فِي الْكَلَامِ إِذَا أَكْثَرَ فِيهِ. وَالتَّسْبِيحُ: التَّنْزِيهُ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ: مَعْنَاهُ تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنَ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَقِيلَ: تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ڪُلِّ مَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوصَفَ، قَالَ: وَنَصْبُهُ أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ فِعْلٍ عَلَى مَعْنَى تَسْبِيحًا لَهُ، تَقُولُ: سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا لَهُ أَيْ نَزَّهْتُهُ تَنْزِيهًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا؛ قَالَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ الْمَعْنَى أُسَبِّحُ اللَّهَ تَسْبِيحًا. قَالَ: وَسُبْحَانَ فِي اللُّغَةِ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ السُّوءِ؛ قَاْلَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ ڪَأَنَّ إِنْسَانًا فَسَّرَ لِي سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ: أَمَا تَرَى الْفَرَسَ يَسْبَحُ فِي سُرْعَتِهِ؟ وَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ السُّرْعَةُ إِلَيْهِ وَالْخِفَّةُ فِي طَاعَتِهِ، وَجِمَاعُ مَعْنَاهُ بُعْدُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ شَرِيكٌ أَوْ نِدٌّ أَوْ ضِدٌّ، قَاْلَ سِيبَوَيْهِ زَعَمَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ ڪَقَوْلِكَ بَرَاءَةَ اللَّهِ أَيْ أُبَرِّئُ اللَّهَ مِنَ السُّوءِ بَرَاءَةً؛ وَقِيلَ: قَوْلُهُ سُبْحَانَكَ أَيْ أُنَزِّهُكَ يَا رَبِّ مِنْ ڪُلِّ سُوءٍ وَأُبَرِّئُكَ. وَرَوَى الْأَزْهَرِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ ابْنَ الْكَوَّا سَأَلَ عَلِيًّا، رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، عَنْ سُبْحَانَ اللَّهِ: فَقَالَ: ڪَلِمَةٌ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ فَأَوْصَى بِهَا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ سُبْحَانَ مِنْ ڪَذَا إِذَا تَعَجَّبَتْ مِنْهُ وَزَعَمَ أَنَّ قَوْلَ الْأَعْشَى فِي مَعْنَى الْبَرَاءَةِ أَيْضًا:
أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِرِ!
أَيْ بَرَاءَةً مِنْهُ؛ وَكَذَلِكَ تَسْبِيحُهُ تَبْعِيدُهُ؛ وَبِهَذَا اسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ سُبْحَانَ مَعْرِفَةٌ إِذْ لَوْ ڪَانَ نَكِرَةً لَانْصَرَفَ. وَمَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ أَيْضًا الْعَجَبُ مِنْهُ إِذْ يَفْخَرُ، قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يُنَوَّنْ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ وَفِيهِ شَبَهُ التَّأْنِيثِ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنَّمَا امْتَنَعَ صَرْفُهُ لِلتَّعْرِيفِ وَزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ، وَتَعْرِيفُهُ ڪَوْنُهُ اسْمًا عَلَمًا لِلْبَرَاءَةِ ڪَمَا أَنَّ نَزَالِ اسْمُ عَلَمٍ لِلنُّزُولِ، وَشَتَّانَ اسْمُ عَلَمٍ لِلتَّفَرُّقِ؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ سُبْحَانَ مُنَوَّنَةً نَكِرَةً؛ قَاْلَ أُمَيَّةُ:
سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبَحَانًا يَعُودُ لَهُ وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجُمُدُ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُبْحَانَ اسْمُ عَلَمٍ لِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ وَالتَّنْزِيهِ بِمَنْزِلَةِ عُثْمَانَ وَعِمْرَانَ، اجْتَمَعَ فِي سُبْحَانَ التَّعْرِيفُ وَالْأَلِفُ وَالنُّونُ، وَكِلَاهُمَا عِلَّةٌ تَمْنَعُ مِنَ الصَّرْفِ. وَسَبَّحَ الرَّجُلُ: قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: ڪُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ؛ قَاْلَ رُؤْبَةُ:
سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِ
وَسَبَحَ: لُغَةً، حَكَى ثَعْلَبٌ: سَبَّحَ تَسْبِيحًا وَسُبْحَانًا، وَعِنْدِي أَنَّ سُبْحَانًا لَيْسَ بِمَصْدَرِ سَبَّحَ، إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرُ سَبَحَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا وَسُبْحَانًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَالْمَصْدَرُ تَسْبِيحٌ وَالِاسْمُ سُبْحَانَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: قِيلَ: إِنَّ ڪُلَّ مَا خَلَقَ اللَّهُ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَإِنَّ صَرِيرَ السَّقْفِ وَصَرِيرَ الْبَابِ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْخِطَابُ لِلْمُشْرِكِينَ وَحْدَهُمْ: وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ: وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَسْبِيحُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِمَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ لَا نَفْقَهُ مِنْهُ إِلَّا مَا عُلِّمْنَاهُ، قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أَيْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، خَالِقُهُ وَأَنَّ خَالِقَهُ حَكِيمٌ مُبَرَّأٌ مِنَ الْأَسْوَاءِ، وَلَكِنَّكُمْ أَيُّهَا الْكُفَّارُ لَا تَفْقَهُونَ أَثَرَ الصَّنْعَةِ فِي هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ؛ قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِهَذَا ڪَانُوا مُقِرِّينَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ وَخَالِقُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، فَكَيْفَ يَجْهَلُونَ الْخِلْقَةَ وَهُمْ عَارِفُونَ بِهَا؟ قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ تَسْبِيحَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ تَسْبِيحٌ تَعَبَّدَتْ بِهِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجِبَالِ: يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَمَعْنَى أَوِّبِي سَبِّحِي مَعَ دَاوُدَ النَّهَارَ ڪُلَّهُ إِلَى اللَّيْلِ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجِبَالِ بِالتَّأْوِيبِ إِلَّا تَعَبُّدًا لَهَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ فَسُجُودُ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ عِبَادَةٌ مِنْهَا لِخَالِقِهَا لَا نَفْقَهُهَا عَنْهَا ڪَمَا لَا نَفَقُهُ تَسْبِيحَهَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ؛ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ هُبُوطَهَا مِنْ خَشْيَتِهِ وَلَمْ يُعَرِّفْنَا ذَلِكَ فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِمَا أُعْلِمْنَا وَلَا نَدَّعِي بِمَا لَا نُكَلَّفُ بِأَفْهَامِنَا مِنْ عِلْمِ فِعْلِهَا ڪَيْفِيَّةً نَحُدُّهَا. وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: السُّبُّوحُ الْقُدُّوسُ؛ قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: السُّبُّوحُ الَّذِي يُنَزَّهُ عَنْ ڪُلِّ سُوءٍ، وَالْقُدُّوسُ الْمُبَارَكُ، وَقِيلَ: الطَّاهِرُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ مِنْ صِفَةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُ يُسَبَّحُ وَيُقَدَّسُ، وَيُقَالُ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ؛ قَاْلَ اللِّحْيَانِيُّ: الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ فِيهَا الضَّمُّ، قَالَ: فَإِنْ فَتَحْتَهُ فَجَائِزٌ؛ هَذِهِ حِكَايَتُهُ. وَلَا أَدْرِي مَا هِيَ، قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: إِنَّمَا قَوْلُهُمْ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ فَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ سُبْحَانَ، لِأَنَّ سُبُّوحًا قُدُّوسًا صِفَةٌ ڪَأَنَّكَ قُلْتَ ذَكَرْتُ سُبُّوحًا قُدُّوسًا، فَنَصَبْتَهُ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إِظْهَارُهُ ڪَأَنَّهُ خَطَرَ عَلَى بَالِهِ، أَنَّهُ ذَكَرَهُ ذَاكِرٌ، فَقَالَ: سُبُّوحًا أَيْ ذَكَرْتُ سُبُّوحًا أَوْ ذَكَرَهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ فَأَضْمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَمَّا رَفْعُهُ فَعَلَى إِضْمَارِ الْمُبْتَدَإِ، وَتَرْكُ إِظْهَارِ مَا يَرْفَعُ ڪَتَرْكِ إِظْهَارِ مَا يَنْصِبُ؛ قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَيْسَ فِي ڪَلَامِ الْعَرَبِ بِنَاءٌ عَلَى فُعُّولٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ غَيْرُ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ وَحَرْفٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُمْ لِلذِّرِّيحِ وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ ذُرُّوحٌ زَادَهَا ابْنُ سِيدَهْ؛ فَقَالَ: وَفُرُّوجٌ قَالَ: وَقَدْ يُفْتَحَانِ ڪَمَا يُفْتَحُ سُبُّوحٌ وَقُدُّوسٌ رَوَى ذَلِكَ ڪُرَاعٌ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: ڪُلُّ اسْمٍ عَلَى فَعُّولٍ فَهُوَ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ إِلَّا السُّبُّوحَ وَالْقُدُّوسَ، فَإِنَّ الضَّمَّ فِيهِمَا ” أَكْثَرُ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعُّولٌ بِوَاحِدَةٍ، هَذَا قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ؛ قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَسَائِرُ الْأَسْمَاءِ تَجِيءُ عَلَى فَعُّولٍ مِثْلَ سَفُّودٍ وَقَفُّورٍ وَقَبُّورٍ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَالْفَتْحُ فِيهِمَا أَقْيَسُ، وَالضَّمُّ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا، وَهُمَا مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّنْزِيهُ، وَسُبُحَاتُ وَجْهِ اللَّهِ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ: أَنْوَارُهُ وَجَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ، وَقَالَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ لِلَّهِ دُونَ الْعَرْشِ سَبْعِينَ حِجَابًا لَوْ دَنَوْنَا مِنْ أَحَدِهَا لَأَحْرَقَتْنَا سُبُحُاتُ وَجْهِ رَبِّنَا؛ رَوَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ، قَاْلَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سُبُحُاتُ وَجْهِهِ نُورُ وَجْهِهِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ حِجَابُهُ النُّورُ وَالنَّارُ، لَوْ ڪَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحُاتُ وَجْهِهِ ڪُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ سُبُحُاتُ وَجْهِ اللَّهِ جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ جَمْعُ سُبْحَةٍ؛ وَقِيلَ: أَضْوَاءُ وَجْهِهِ؛ وَقِيلَ: سُبُحَاتُ الْوَجْهِ مَحَاسِنُهُ لِأَنَّكَ إِذَا رَأَيْتَ الْحَسَنَ الْوَجْهِ قُلْتَ سُبْحَانَ اللَّهِ! وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَنْزِيهٌ لَهُ أَيْ سُبْحَانَ وَجْهِهِ؛ وَقِيلَ: سُبُحَاتُ وَجْهِهِ ڪَلَامٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ أَيْ لَوْ ڪَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ ڪُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَأَحْرَقَتْ سُبُحُاتُ اللَّهِ ڪُلَّ شَيْءٍ أَبْصَرَهُ ڪَمَا تَقُولُ لَوْ دَخَلَ الْمَلِكُ الْبَلَدَ لَقُتِلَ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، ڪُلُّ مِنْ فِيهِ؛ قَالَ: وَأَقْرَبُ مِنْ هَذَا ڪُلِّهِ أَنَّ الْمَعْنَى لَوِ انْكَشَفَ مِنْ أَنْوَارِ اللَّهِ الَّتِي تُحْجَبُ الْعِبَادُ عَنْهُ شَيْءٌ لَأَهْلَكَ ڪُلَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ النُّورُ، ڪَمَا خَرَّ مُوسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ صَعِقًا وَتَقَطَّعَ الْجَبَلُ دَكًّا، لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وَيُقَالُ: السُّبُحُاتُ مَوَاضِعُ السُّجُودِ. وَالسُّبْحَةُ: الْخَرَزَاتُ الَّتِي يَعُدُّ الْمُسَبِّحُ بِهَا تَسْبِيحَهُ، وَهِيَ ڪَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ. وَقَدْ يَكُونُ التَّسْبِيحُ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ تَقُولُ قَضَيْتُ سُبْحَتِي، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَلَدَ رَجُلَيْنِ سَبَّحَا بَعْدَ الْعَصْرِ أَيْ صَلَّيَا قَاْلَ الْأَعْشَى:
وَسَبِّحْ عَلَى حِينِ الْعَشِيَّاتِ وَالضُّحَى وَلَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاعْبُدَا
يَعْنِي الصَّلَاةَ بِالصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَعَلَيْهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حِينَ تُمْسُونَ الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ، وَحِينَ تُصْبِحُونَ صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَعَشِيًّا الْعَصْرُ، وَحِينَ تُظْهِرُونَ الْأُولَى. وَقَوْلُهُ وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ أَيْ وَصَلِّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (: فَلَوْلَا أَنَّهُ ڪَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ أَرَادَ مِنَ الْمُصَلِّينَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَاْلَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ (؛ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي ڪُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. وَقَوْلُهُ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ يُقَالُ: إِنَّ مَجْرَى التَّسْبِيحِ فِيهِمْ ڪَمَجْرَى النَّفَسِ مِنَّا لَا يَشْغَلُنَا عَنِ النَّفَسِ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ أَيْ تَسْتَثْنَوْنَ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، فَوَضَعَ تَنْزِيهَ اللَّهِ مَوْضِعَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَالسُّبْحَةُ الدُّعَاءُ وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ وَالنَّافِلَةُ؛ يُقَالُ: فَرَغَ فُلَانٌ مِنْ سُبْحَتِهِ أَيْ مِنْ صَلَاتِهِ النَّافِلَةِ سُمِّيَتِ الصَّلَاةُ تَسْبِيحًا لِأَنَّ التَّسْبِيحَ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَتَنْزِيهُهُ مِنْ ڪُلِّ سُوءٍ؛ قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَإِنَّمَا خُصَّتِ النَّافِلَةُ بِالسُّبْحَةِ، وَإِنْ شَارَكَتْهَا الْفَرِيضَةُ فِي مَعْنَى التَّسْبِيحِ لِأَنَّ التَّسْبِيحَاتِ فِي الْفَرَائِضِ نَوَافِلُ، فَقِيلَ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ سُبْحَةٌ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ ڪَالتَّسْبِيحَاتِ وَالْأَذْكَارِ فِي أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ السُّبْحَةِ فِي الْحَدِيثِ ڪَثِيرًا فَمِنْهَا: اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً أَيْ نَافِلَةً، وَمِنْهَا ڪُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلًا لَا نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَالَ؛ أَرَادَ صَلَاةَ الضُّحَى بِمَعْنَى أَنَّهُمْ ڪَانُوا مَعَ اهْتِمَامِهِمْ بِالصَّلَاةِ لَا يُبَاشِرُونَهَا حَتَّى يَحُطُّوا الرِّحَالَ وَيُرِيحُوا الْجِمَالَ رِفْقًا بِهَا وَإِحْسَانًا. وَالسُّبْحَةُ: التَّطَوُّعُ مِنَ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ. قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَقَدْ يُطْلَقُ التَّسْبِيحُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ مَجَازًا ڪَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَغَيْرِهِمَا وَسُبْحَةُ اللَّهِ جَلَالُهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا:)؛ أَيْ فَرَاغًا لِلنَّوْمِ، وَقَدْ يَكُونُ السَّبْحُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّبْحُ أَيْضًا النَّوْمُ نَفْسُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُلَقَّبُ بِنَفْطَوَيْهِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أَيْ سَبِّحْهِ بِأَسْمَائِهِ وَنَزِّهْهُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِغَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، قَالَ: وَمَنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، فَهُوَ مُلْحِدٌ فِي أَسْمَائِهِ، وَكُلُّ مَنْ دَعَاهُ بِأَسْمَائِهِ فَمُسَبِّحٌ لَهُ بِهَا إِذْ ڪَانَتْ أَسْمَاؤُهُ مَدَائِحَ لَهُ وَأَوْصَافًا؛ قَاْلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا؛ وَهِيَ صِفَاتُهُ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَكُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ بِأَسْمَائِهِ فَقَدْ أَطَاعَهُ وَمَدَحَهُ وَلَحِقَهُ ثَوَابُهُ. وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَالسَّبْحُ أَيْضًا السُّكُونُ، وَالسَّبْحُ التَّقَلُّبُ وَالِانْتِشَارُ فِي الْأَرْضِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمَعَاشِ، فَكَأَنَّهُ ضِدٌّ، وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ: فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ؛ السَّبَّاحَةُ وَالْمُسَبِّحَةُ: الْإِصْبَعُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ، وَالسَّبْحَةُ بِفَتْحِ السِّينِ: ثَوْبٌ مِنْ جُلُودٍ وَجَمْعُهَا سِبَاحٌ؛ قَاْلَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الْهُذَلِيُّ:
وَسَبَّاحٌ وَمَنَّاحٌ وَمُعْطٍ إِذَا عَادَ الْمَسَارِحُ ڪَالسِّبَاحِ
وَصَحَّفَ أَبُو عُبَيْدَةَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَرَوَاهَا بِالْجِيمِ؛ قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرْ يَعْنِي الْجَوْهَرِيَّ السَّبْحَةَ، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ الثِّيَابُ مِنَ الْجُلُودِ، وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّصْحِيفُ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ السُّبْجَةُ بِالْجِيمِ وَضَمِّ السِّينِ، وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ. وَإِنَّمَا السُّبْجَةُ ڪِسَاءٌ أَسْوَدُ، وَاسْتَشْهَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِقَوْلِ مَالِكٍ الْهُذَلِيِّ:
إِذَا عَادَ الْمَسَارِحُ ڪَالسِّبَاجِ
فَصَحَّفَ الْبَيْتَ أَيْضًا، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْ قَصِيدَةٍ حَائِيَّةٍ مَدَحَ بِهَا زُهَيْرَ بْنَ الْأَغَرِّ اللِّحْيَانِيَّ، وَأَوَّلُهَا:
فَتًى مَا ابْنُ الْأَغَرِّ، إِذَا شَتَوْنَا وَحُبَّ الزَّادُ فِي شَهْرَيْ قُمَاحِ
وَالْمَسَارِحُ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَسْرَحُ إِلَيْهَا الْإِبِلُ، فَشَبَّهَهَا لَمَّا أَجْدَبَتْ بِالْجُلُودِ الْمُلْسِ فِي عَدَمِ النَّبَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ سَبَجَ، بِالْجِيمِ، مَا صُوُرَتُهُ: وَالسِّبَاجُ ثِيَابٌ مِنْ جُلُودٍ، وَاحِدَتُهَا سُبْجَةٌ، وَهِيَ بِالْحَاءِ أَعْلَى، عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا قَدْ قَاْلَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صَحَّفَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَرَوَاهَا بِالْجِيمِ، ڪَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَمِنَ الْعَجَبِ وُقُوعُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ حِكَايَتِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ وَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ أَنْ يَذْكُرَهُ أَيْضًا فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عِنْدَ تَخْطِئَتِهِ لِأَبِي عُبَيْدَةَ وَنِسْبَتِهِ إِلَى التَّصْحِيفِ لِيَسْلَمَ هُوَ أَيْضًا مِنَ التُّهْمَةِ وَالِانْتِقَادِ. أَبُو عَمْرٍو: ڪِسَاءٌ مُسَبَّحٌ، بِالْبَاءِ، قَوِيٌّ شَدِيدٌ، قَالَ: وَالْمُسَبَّحُ، بِالْبَاءِ أَيْضًا، الْمُعَرَّضُ، وَقَالَ شَمِرٌ: السِّبَاحُ، بِالْحَاءِ، قُمُصٌ لِلصِّبْيَانِ مِنْ جُلُودٍ؛ وَأَنْشَدَ:
كَأَنَّ زَوَائِدَ الْمُهُرَاتِ عَنْهَا جَوَارِي الْهِنْدِ، مُرْخِيَةَ السِّبَاحِ
قَالَ: وَأَمَّا السُّبْجَةُ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْجِيمِ، فَكِسَاءٌ أَسْوَدُ. وَالسُّبْحَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْقُطْنِ. وَسَبُوحَةُ، بِفَتْحِ السِّينِ مُخَفَّفَةً: الْبَلَدُ الْحَرَامُ، وَيُقَالُ: وَادٍ بِعَرَفَاتٍ؛ وَقَالَ يَصِفُ نُوقَ الْحَجِيجِ:
خَوَارِجُ مِنْ نَعْمَانَ، أَوْ مِنْ سَبُوحَةٍ إِلَى الْبَيْتِ، أَوْ يَخْرُجْنَ مِنْ نَجْدِ ڪَبْكَبِ
معنى كلمة سبح – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
العودة إلى معجم لسان العرب حسب الحروف – قاموس عربي عربي