رؤيا الموت – تفسير الأحلام لابن غنام
الْمَوْت فِي الْمَنَام على وُجُوه كَثِيرَة مِنْهَا أَنه نقص فِي الدّين لقَوْله تَعَالَى (إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور) فسماهم لضلالتهم.
وَمن رأى كَأَنَّهُ مَاتَ وَلم يرى لمَوْته آلَة الْمَوْت كالغسل والكفن وَغَيره فَإِن ذَلِك يدل على هدم حَائِط أَو كسر خَشَبَة فِي الدار، وَإِن رأى آلَة الْمَوْت فَذَلِك زِيَادَة نقص فِي أمر من أمور دينه.
وَقيل: الْمَوْت يؤول بسفر ونقلة لِأَن كل ميت لَا بُد لَهُ من نقلة.
وَقيل الْمَوْت يؤول بنقص في المال أو فقر إِذا كَانَ الْمَيِّت عُريَانا.
وَمن رأى كَأَنَّهُ مَاتَ وَحمل على أَعْنَاق الرِّجَال وَلم يدْفن فَإِنَّهُ يقهر أعداءه وَإِن كَانَ أَهلا للولاية نالها وَتَكون ولَايَته على نَاس بِقدر من تبعه فِي جنَازَته.
وَمن راى كَأَنَّهُ عَاشَ بعد مَوته فَإِنَّهُ يَتُوب بعد غفلته. وَإِن كَانَ غير مسلم أسلم لقَوْله تَعَالَى (وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم) ضَالِّينَ فَهدَاكُم.
وَقيل: من عَاشَ بعد مَوته فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بعد فقر، لما جرى على ألسن النَّاس: فلَان قد عَاشَ بعد أَن كَانَ مَيتا.
وَمن رأى مَيتا فَأخْبرهُ أَنه لم يمت فَإِنَّهُ فِي مقَام الشُّهَدَاء منعم فِي الْآخِرَة لقَوْله تَعَالَى (وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء).
وَمن رأى كَأَنَّهُ حمل مَيتا على غير صفة حمل الْأَمْوَات فَإِنَّهُ ينَال مَالا حَرَامًا، فَإِن حمله كَمَا تحمل الْأَمْوَات فَإِنَّهُ يخْدم سُلْطَانا.
وَمن رأى كَأَنَّهُ ميت مَعَ الْأَمْوَات فَإِنَّهُ يخالط قوما فاسقين.
وَإِذا رأى الْمَيِّت مَرِيضا فَإِنَّهُ مسؤول عَن أُمُور دينه فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى.
الميت يكون مَشْغُول عَن الْبَاطِل لأنه في دار الحق، فإن أخبر بشيء باطل في المنام فذلك من الأضغاث ولا يكون لذلك تعبير.
وَمن رأى زَوجته مَاتَت نَالَ فَائِدَة من زرع وَإِن لم يكن لَهُ زرع فبسببه.
وَمن رأى كَأَنَّهُ مَاتَ فَإِنَّهُ يُفَارق شَرِيكه أَو زَوجته أَو أَخَاهُ بسفر أَو مخاصمة أو نحو ذلك لِأَن الْمَيِّت لَا يكون مَعَ الْحَيّ.
وَمن راى كَأَنَّهُ يحيي الْمَوْتَى فَإِنَّهُ يدبغ الْجُلُود أَو يُفِيد الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين.
وَمن رأى كأنه وجد مَيتا أصَاب مَالا.
وَمن رأى مَيتا جَاءَ إِلَيْهِ وَأقسم أَنه لَا يروح إِلَّا بِهِ وأخذه وَدخل بِهِ إِلَى بَيت مَجْهُول بعيد فخرج من الْمَكَان هَارِبا فَإِنَّهُ يمرض ويشفى من مرضه وينجو.
وَإِذا أخبر ميت حَيا بوَقت مَعْلُوم فَإِن الْيَوْم قد يكون شهرا والشهر عَاما وَالْعَام عشرَة.
وَمن رأى كَأَنَّهُ يمشي فِي أثر ميت فَإِنَّهُ يَقْتَدِي بسيرته أَو يعِيش كَمَا عَاشَ ذَلِك الْمَيِّت.
وَمن نكح مَيتا مَعْرُوفا أَو مَجْهُولا فَإِنَّهُ يظفر بحاجة لم يكن يرجوها أَو يصل أحدا من عقب الْمَيِّت بفائدة. وَمن نكح مَحَارمه من الْأَمْوَات في المنام فَإِنَّهُ يصلهم ببر وإحسان.
وَمن رأى مَيتا يعرفهُ نَائِم على فرَاش فَإِنَّهُ منعم فِي الْآخِرَة.
وَمن نبش قبر ميت يعرفهُ فَإِنَّهُ يَقْتَدِي بسيرة ذَلِك الْمَيِّت فِي علم كَانَ يحصله أَو مَال وَإِن وصل فِي نبشه إِلَى الْمَيِّت ووجده مَيتا فَلَا خير فِي مقْصده.
وَإِن احتار النَّاس أَحَي هُوَ أم ميت فَإِن الْأَمر الَّذِي هُوَ طَالبه ملتبس بَين حمد وذم.
وَمن رأى كَأَنَّهُ فِي نزاع الْمَوْت فَإِنَّهُ ظَالِم لنَفسِهِ أَو لغيره لقَوْله تَعَالَى (وَلَو ترى إذ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون) الآية.
وَإِن رأى سجين كَأَنَّهُ قد مَاتَ فَإِنَّهُ يعْتق.
وإذا رأى الْغَائِب الْمُسَافِر كَأَنَّهُ قد مَاتَ فَإِنَّهُ يقدم من سَفَره لِأَن الْمَيِّت لَا بُد لَهُ من نقلة.
وَمهما أَخذ الْإِنْسَان من الْمَيِّت فِي الْمَنَام فَهُوَ خير مِمَّا يُعْطِيهِ إِلَّا أَن يَأْخُذ الْمَيِّت مَا يدل على الْهم كَالثَّوْبِ الْخلق -الرث المهترئ- أَو شَيْئا مرا أَو أصفرا فَإِنَّهُ ذهَاب الْمَرَض والهم عَن الْحَيّ.
وَإِذا أخبر الْمَيِّت بِشَيْء وهو لَيْسَ بِشَيْء فإن ذلك أضغاث أَحْلَام لِأَنَّهُ مَشْغُول عَن الْبَاطِل وَأَن أخبر بِحَق فَلَا يكون إِلَّا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ مَأْمُور بِهِ.
وَأما صَلَاة الْمَيِّت فَإِنَّهَا دَلِيل خير لَهُ وَلمن هُوَ من عقبه.