معنى كلمة سكن – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
معنى كلمة سكن – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
سكن: السُّكُونُ: ضِدُّ الْحَرَكَةِ. سَكَنَ الشَّيْءُ يَسْكُنُ سُكُونًا: إِذَا ذَهَبَتْ حَرَكَتُهُ، وَأَسْكَنَهُ هُوَ سَكَّنَهُ غَيْرُهُ تَسْكِينًا. وَكُلُّ مَا هَدَأَ فَقَدْ سَكَنَ ڪَالرِّيحِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَسَكَنَ الرَّجُلُ: سَكَتَ، وَقِيلَ: سَكَنَ فِي مَعْنَى سَكَتَ، وَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَسَكَنَ الْمَطَرُ وَسَكَنَ الْغَضَبُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ; قَاْلَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مَعْنَاهُ وَلَهُ مَا حَلَّ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ; وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا احْتِجَاجٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُنْكِرُوا أَنَّ مَا اسْتَقَرَّ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِلَّهِ أَيْ هُوَ خَالِقُهُ وَمُدَبِّرُهُ، فَالَّذِي هُوَ ڪَذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ; قَالَ: إِنَّمَا السَّاكِنُ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ خَاصَّةً، وَقَالَ: سَكَنَ هَدَأَ بَعْدَ تَحَرُّكٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، الْخَلْقُ. أَبُو عُبَيْدٍ: الْخَيْزُرَانَةُ، السُّكَّانُ، وَهُوَ الْكَوْثَلُ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْجَذَفُ السُّكَّانُ فِي بَابِ السُّفُنِ، اللَّيْثُ: السُّكَّانُ ذَنَبُ السَّفِينَةِ الَّتِي بِهِ تُعَدَّلُ، وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
كَسُكَّانٍ بُوصِيٍّ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ
وَسُكَّانُ السَّفِينَةِ عَرَبِيٌّ. وَالسُّكَّانُ مَا تُسَكَّنُ بِهِ السَّفِينَةُ تُمْنَعُ بِهِ الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ، وَالسِّكِّينُ الْمُدْيَةُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ; قَاْلَ الشَّاعِرُ:
فَعَيَّثَ فِي السَّنَامِ غَدَاةَ قُرٍّ بِسِكِّينٍ مُؤَثَّقَةِ النِّصَابِ
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
يُرَى نَاصِحًا فِيمَا بَدَا وَإِذَا خَلَا فَذَلِكَ سِكِّينٌ عَلَى الْحَلْقِ حَاذِقُ
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: لَمْ أَسْمَعْ تَأْنِيثَ السِّكِّينِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَدْ سَمِعَهُ الْفَرَّاءُ; قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَاْلَ أَبُو حَاتِمٍ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ:
بِسِكِّينٍ مُوَثَّقَةِ النِّصَابِ
هَذَا الْبَيْتُ لَا تَعْرِفُهُ أَصْحَابُنَا. وَفِي الْحَدِيثِ: فَجَاءَ الْمَلَكُ بِسِكِّينٍ دَرَهْرَهَةٍ أَيْ مُعْوَجَّةِ الرَّأْسِ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ فِي الْمُعَرَّبِ فِي بَابِ الدَّالِ، وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. ابْنُ سِيدَهْ: السِّكِّينَةُ لُغَةٌ فِي السِّكِّينِ; قَالَ:
سِكِّينَةٌ مِنْ طَبْعِ سَيْفِ عَمْرِو نِصَابُهَا مِنْ قَرْنِ تَيْسٍ بَرِّي
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ قَاْلَ الْمَلَكُ لَمَّا شَقَّ بَطْنَهُ: إِيتِنِي بِالسِّكِّينَةِ هِيَ لُغَةٌ فِي السِّكِّينِ وَالْمَشْهُورُ بِلَا هَاءٍ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا ڪُنَّا نُسَمِّيهَا إِلَّا الْمُدْيَةَ; وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ يَعْقُوبُ:
قَدْ زَمَّلُوا سَلْمَى عَلَى تِكِّينِ وَأَوْلَعُوهَا بِدَمِ الْمِسْكِينِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرَادَ عَلَى سِكِّينٍ فَأَبْدَلَ التَّاءَ مَكَانَ السِّينِ وَقَوْلُهُ بِدَمِ الْمِسْكِينِ أَيْ بِإِنْسَانٍ يَأْمُرُونَهَا بِقَتْلِهِ، وَصَانِعُهُ سَكَّانٌ وَسَكَاكِينِيٌّ قَالَ: الْأَخِيرَةُ عِنْدِي مُوَلَّدَةٌ لِأَنَّكَ إِذَا نَسَبْتَ إِلَى الْجَمْعِ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَى الْوَاحِدِ. ابْنُ دُرَيْدٍ: السِّكِّينُ فِعِّيلٌ مِنْ ذَبَحْتُ الشَّيْءَ حَتَّى سَكَنَ اضْطِرَابُهُ; وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَتْ سِكِّينًا لِأَنَّهَا تُسَكِّنُ الذَّبِيحَةَ أَيْ تُسَكِّنُهَا بِالْمَوْتِ. وَكُلُّ شَيْءٍ مَاتَ فَقَدْ سَكَنَ، وَمِثْلُهُ غِرِّيدٌ لِلْمُغَنِّي لِتَغْرِيدِهِ بِالصَّوْتِ. وَرَجُلٌ شِمِّيرٌ: لِتَشْمِيرِهِ إِذَا جَدَّ فِي الْأَمْرِ وَانْكَمَشَ. وَسَكَنَ بِالْمَكَانِ يَسْكُنُ سُكْنَى وَسُكُونًا أَقَامَ; قَاْلَ ڪُثَيِّرُ عَزَّةَ:
وَإِنْ ڪَانَ لَا سُعْدَى أَطَالَتْ سُكُونَهُ وَلَا أَهْلُ سُعْدَى آخِرَ الدَّهْرِ نَازِلُهْ
فَهُوَ سَاكِنٌ مِنْ قَوْمٍ سُكَّانٍ وَسُكْنٍ الْأَخِيرَةُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ; وَقِيلَ: جُمِعَ عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ; أَسْكَنَهُ إِيَّاهُ وَسَكَنْتُ دَارِي أَسْكَنْتُهَا غَيْرِي; وَالِاسْمُ مِنْهُ السُّكْنَى ڪَمَا أَنَّ الْعُتْبَى اسْمٌ مِنَ الْإِعْتَابِ، وَهُمْ سُكَّانُ فُلَانٍ، وَالسُّكْنَى أَنْ يُسْكِنَ الرَّجُلَ مَوْضِعًا بِلَا ڪِرْوَةٍ ڪَالْعُمْرَى; وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَالسَّكَنُ أَيْضًا سُكْنَى الرَّجُلِ فِي الدَّارِ. يُقَالُ لَكَ فِيهَا سَكَنٌ أَيْ سُكْنَى. وَالسَّكَنُ وَالْمَسْكَنُ وَالْمَسْكِنُ: الْمَنْزِلُ وَالْبَيْتُ; الْأَخِيرَةُ نَادِرَةٌ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: مَسْكَنٌ بِالْفَتْحِ. وَالسَّكْنُ: أَهْلُ الدَّارِ، اسْمٌ لِجَمْعِ سَاكِنٍ ڪَشَارِبٍ وَشَرْبٍ; قَاْلَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
لَيْسَ بِأَسْفَى وَلَا أَقْنَى وَلَا سَغِلٍ يُسْقَى دَوَاءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ
وَأَنْشَدَ الْجَوْهَرِيُّ لِذِي الرُّمَّةِ:
فَيَا ڪَرَمَ السَّكْنِ الَّذِينَ تَحَمَّلُوا عَنِ الدَّارِ وَالْمُسْتَخْلَفِ الْمُتَبَدَّلِ!
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَيْ صَارَ خَلَفًا وَبَدَلًا لِلظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ، وَقَوْلُهُ: فَيَا ڪَرَمَ يَتَعَجَّبُ مِنْ ڪَرَمِهِمْ. وَالسَّكْنُ: جَمْعُ سَاكِنٌ ڪَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ. وَفِي حَدِيثِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ: حَتَّى إِنَّ الرُّمَّانَةَ لَتُشْبِعُ السَّكْنَ; وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْكَافِ، لِأَهْلِ الْبَيْتِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّكْنُ أَيْضًا جِمَاعُ أَهْلِ الْقَبِيلَةِ. يُقَالُ: تَحَمَلَّ السَّكْنُ فَذَهَبُوا. وَالسَّكَنُ: ڪُلُّ مَا سَكَنْتَ إِلَيْهِ وَاطْمَأْنَنْتَ بِهِ مِنْ أَهْلٍ وَغَيْرِهِ وَرُبَّمَا قَالَتِ الْعَرَبُ السَّكَنُ لِمَا يُسْكَنُ إِلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا; وَالسَّكَنُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا يُسْكَنُ إِلَيْهَا. وَالسَّكَنُ السَّاكِنُ; قَاْلَ الرَّاجِزُ:
لِيَلْجَئُوا مِنْ هَدَفٍ إِلَى فَنَنْ إِلَى ذَرَى دِفْءٍ وَظِلٍّ ذِي سَكَنْ
وَفِي الْحَدِيثِ: اللَّهُمَّ أَنْزِلُ عَلَيْنَا فِي أَرْضِنَا سَكَنَهَا أَيْ غِيَاثَ أَهْلِهَا الَّذِي تَسْكُنُ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْكَافِ. اللَّيْثُ: السَّكْنُ السُّكَّانُ. وَالسُّكْنُ: أَنْ تُسْكِنَ إِنْسَانًا مَنْزِلًا بِلَا ڪِرَاءٍ، قَالَ: وَالسَّكْنُ الْعِيَالُ أَهْلُ الْبَيْتِ، الْوَاحِدُ سَاكِنٌ. وَفِي حَدِيثِالدَّجَّالِ: السُّكْنُ الْقُوتُ. وَفِي حَدِيثِ الْمَهْدِيِّ: حَتَّى إِنَّ الْعُنْقُودَ لَيَكُونُ سُكْنَ أَهْلِ الدَّارِ أَيْ قُوتَهُمْ مِنْ بَرَكَتِهِ. وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النُّزْلُ وَهُوَ طَعَامُ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَيْهِ; وَالْأَسْكَانُ: الْأَقْوَاتُ، وَقِيلَ لِلْقُوتِ: سُكْنٌ لِأَنَّ الْمَكَانَ بِهِ يُسْكَنُ، وَهَذَا ڪَمَا يُقَالُ: نُزْلُ الْعَسْكَرِ لِأَرْزَاقِهِمُ الْمُقَدِّرَةِ لَهُمْ إِذَا أُنْزِلُوا مَنْزِلًا، وَيُقَالُ: مَرْعًى مُسْكِنٌ إِذَا ڪَانَ ڪَثِيرًا لَا يُحْوِجُ إِلَى الظَّعْنِ، ڪَذَلِكَ مَرْعًى مُرْبِعٌ وَمُنْزِلٌ. قَالَ: وَالسُّكْنُ الْمَسْكَنُ، يُقَالُ: لَكَ فِيهَا سُكْنٌ وَسُكْنَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَسُكْنَى الْمَرْأَةِ: الْمَسْكَنُ الَّذِي يُسْكِنُهَا الزَّوْجُ إِيَّاهُ، يُقَالُ: لَكَ دَارِي هَذِهِ سُكْنَى إِذَا أَعَارَهُ مَسْكَنًا يَسْكُنُهُ. وَسُكَّانُ الدَّارِ: هُمُ الْجِنُّ الْمُقِيمُونَ بِهَا، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا اطَّرَفَ دَارًا ذَبَحَ فِيهَا ذَبِيحَةً يَتَّقِي بِهَا أَذَى الْجِنِّ فَنَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ. وَالسَّكَنُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّارُ; قَاْلَ يَصِفُ قَنَاةً ثَقَّفَهَا بِالنَّارِ وَالدُّهْنِ:
أَقَامَهَا بِسَكَنٍ وَأَدْهَانِ
وَقَالَ آخَرُ:
أَلَجَأَنِي اللَّيْلُ وَرِيحٌ بَلَّهْ إِلَى سَوَادِ إِبِلٍ وَثَلَّهْ
وَسَكَنٍ تُوقَدُ فِي مِظَلَّهْ
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: التَّسْكِينُ تَقْوِيمُ الصُّعْدَةِ بِالسَّكَنِ وَهُوَ النَّارُ، وَالتَّسْكِينُ أَنْ يَدُومَ الرَّجُلُ عَلَى رُكُوبِ السُّكَيْنِ وَهُوَ الْحِمَارُ الْخَفِيفُ السَّرِيعُ، وَالْأَتَانُ إِذَا ڪَانَتْ ڪَذَلِكَ سُكَيْنَةٌ، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْجَارِيَةُ الْخَفِيفَةُ الرُّوحُ سُكَيْنَةً، قَالَ: السُّكَيْنَةُ أَيْضًا اسْمُ الْبَقَّةِ الَّتِي دَخَلَتْ فِي أَنْفِ نُمْرُوذَ بْنِ ڪَنْعَانَ الْخَاطِئِ فَأَكَلَتْ دِمَاغَهُ. وَالسُّكَيْنُ: الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ; قَاْلَ أَبُو دُوَادٍ:
دَعَرْتُ السُّكَيْنَ بِهِ آيِلًا وَعَيْنَ نِعَاجٍ تُرَاعِي السِّخَالَا
وَالسَّكِينَةُ: الْوَدَاعَةُ وَالْوَقَارُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ; قَاْلَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فِيهِ مَا تَسْكُنُونَ بِهِ إِذَا أَتَاكُمْ; قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالُوا إِنَّهُ ڪَانَ فِيهِ مِيرَاثُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَصَا مُوسَى وَعِمَامَةُ هَارُونَ الصَّفْرَاءُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ ڪَانَ فِيهِ رَأْسٌ ڪَرَأْسِ الْهِرِّ إِذَا صَاحَ ڪَانَ الظَّفَرُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقِيلَ: إِنَّ السَّكِينَةَ لَهَا رَأْسٌ ڪَرَأْسِ الْهِرَّةِ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَلَهَا جَنَاحَانِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ فِي التَّابُوتِ سَكِينَةً لَا يَفِرُّونَ عَنْهُ أَبَدًا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ إِلَيْهِ، الْفَرَّاءُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ لِلسَّكِينَةِ. وَفِي حَدِيثِ قَيْلَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَاْلَ لَهَا: يَا مِسْكِينَةُ عَلَيْكِ السَّكِينَةَ. أَرَادَ عَلَيْكِ الْوَقَارَ وَالْوَدَاعَةَ وَالْأَمْنَ. يُقَالُ: رَجُلٌ وَدِيعٌ وَقُورٌ سَاكِنٌ هَادِئٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: السَّكِينَةُ مَغْنَمٌ وَتَرْكُهَا مَغْرَمٌ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهَا هَاهُنَا الرَّحْمَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ: نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ تَحْمِلُهَا الْمَلَائِكَةُ. وَقَالَ شَمِرٌ: قَاْلَ بَعْضُهُمْ: السَّكِينَةُ الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الطُّمَأْنِينَةُ، وَقِيلَ: هِيَ النَّصْرُ وَقِيلَ: هِيَ الْوَقَارُ، وَمَا يَسْكُنُ بِهِ الْإِنْسَانُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ; مَا تَسْكُنُ بِهِ قُلُوبُهُمْ. وَتَقُولُ لِلْوَقُورِ: عَلَيْهِ السُّكُونُ وَالسَّكِينَةُ; أَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِأَبِي عُرَيْفٍ الْكُلَيْبِيِّ:
لِلَّهِ قَبْرٌ غَالَهَا مَاذَا يُجِنْ نَ لَقَدْ أَجَنَّ سَكِينَةً وَوَقَارَا
وَفِي حَدِيثِ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ: عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ وَالتَّأَنِّيَ فِي الْحَرَكَةِ وَالسَّيْرِ. وَفِي حَدِيثِ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ: فَلْيَأْتِ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ. وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: ڪُنْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ; يُرِيدُ مَا ڪَانَ يَعْرِضُ لَهُ مِنَ السُّكُونِ وَالْغَيْبَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ. وَفِي الْحَدِيثِ: مَا ڪُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ; قِيلَ: هُوَ مِنَ الْوَقَارِ وَالسُّكُونِ، وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: أَرَادَ السَّكِينَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ڪِتَابِهِ الْعَزِيزِ، قِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا إِنَّهَا: حَيَوَانٌ لَهُ وَجْهٌ ڪَوَجْهِ الْإِنْسَانِ مُجْتَمِعٌ، وَسَائِرُهَا خَلْقٌ رَقِيقٌ ڪَالرِّيحِ وَالْهَوَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ صُورَةٌ ڪَالْهِرَّةِ ڪَانَتْ مَعَهُمْ فِي جُيُوشِهِمْ، فَإِذَا ظَهَرَتِ انْهَزَمَ أَعْدَاؤُهُمْ، وَقِيلَ: هِيَ مَا ڪَانُوا يَسْكُنُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أُعْطِيَهَا مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ: وَالْأَشْبَهُ بِحَدِيثِ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِنَاءِ الْكَعْبَةِ: فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ السَّكِينَةَ; وَهِيَ رِيحٌ خَجُوجٌ أَيْ سَرِيعَةُ الْمَمَرِّ. وَالسَّكِّينَةُ: لُغَةٌ فِي السَّكِينَةِ; عَنْ أَبِي زَيْدٍ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا وَلَا يُعْلَمُ فِي الْكَلَامِ فَعِّيلَةٌ. وَالسِّكِّينَةُ، بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ عَنِ الْكِسَائِيِّ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبِي عَلِيٍّ. وَتَسَكَّنَ الرَّجُلُ: مِنَ السَّكِينَةِ وَالسَّكِّينَةِ. وَتَرَكْتُهُمْ عَلَى سَكِنَاتِهِمْ وَمَكِنَاتِهِمْ وَنَزِلَاتِهِمْ وَرَبَاعَتِهِمْ وَرَبَعَاتِهِمْ أَيْ عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ وَحُسْنِ حَالِهِمْ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: عَلَى مَسَاكِنِهِمْ، وَفِي الْمُحْكَمِ: عَلَى مَنَازِلِهِمْ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْجَيِّدُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُطَابِقُ فِيهِ الِاسْمُ الْخَبَرَ، إِذِ الْمُبْتَدَأُ اسْمٌ وَالْخَبَرُ مَصْدَرٌ، فَافْهَمْ. وَقَالُوا: تَرَكْنَا النَّاسَ عَلَى مُصَابَاتِهِمْ أَيْ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ. وَالسَّكِنَةُ، بِكَسْرِ الْكَافِ: مَقَرُّ الرَّأْسِ مِنَ الْعُنُقِ; وَقَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ شَرْقِيٍّ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الطَّحَّانِ:
بِضَرْبٍ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ سَكِنَاتِهِ وَطَعْنٍ ڪَتَشْهَاقِ الْعَفَا هَمَّ بِالنَّهْقِ
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ قَاْلَ يَوْمَ الْفَتْحِ: اسْتَقِرُّوا عَلَى سَكِنَاتِكمْ فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ، أَيْ عَلَى مَوَاضِعِكُمْ وَفِي مَسَاكِنِكُمْ، وَيُقَالُ: وَاحِدَتُهَا سَكِنَةٌ مِثْلُ مَكِنَةٍ وَمَكِنَاتٍ، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ، وَأَغْنَى عَنِ الْهِجْرَةِ وَالْفِرَارِ عَنِ الْوَطَنِ خَوْفَ الْمُشْرِكِينَ. وَيُقَالُ: النَّاسُ عَلَى سَكِنَاتِهِمْ أَيْ عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ زَامِلُ بْنُ مُصَادٍ الْعَيْنِيُّ:
بِضَرْبٍ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ سَكِنَاتِهِ وَطَعْنٍ ڪَأَفْوَاهِ الْمَزَادِ الْمُخَرَّقِ
قَالَ: وَقَالَ طُفَيْلٌ:
بِضَرْبٍ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ سَكِنَاتِهِ وَيَنْقَعُ مِنْ هَامِ الرِّجَالِ الْمُشَرَّبِ
قَالَ: وَقَالَ النَّابِغَةُ:
بِضَرْبٍ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ سَكِنَاتِهِ وَطَعْنٍ ڪَإِيزَاعِ الْمَخَاضِ الضَّوَارِبِ
وَالْمِسْكِينُ وَالْمَسْكِينُ; الْأَخِيرَةُ نَادِرَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعِيلٌ: الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ يَكْفِي عِيَالَهُ، قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: الْمِسْكِينُ الَّذِي أَسْكَنَهُ الْفَقْرُ أَيْ قَلَّلَ حَرَكَتَهُ، وَهَذَا بِعِيدٍ لِأَنَّ مِسْكِينًا فِي مَعْنَى فَاعِلٍ، وَقَوْلُهُ الَّذِي أَسْكَنَهُ الْفَقْرُ يُخْرِجُهُ إِلَى مَعْنَى مَفْعُولٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ هُنَا شَيْئًا، وَهُوَ مِفْعِيلٌ مِنَ السُّكُونِ، مِثْلُ الْمِنْطِيقِ مِنَ النُّطْقِ. قَاْلَ ابْنُ الْأَنْبَارِ: قَاْلَ يُونُسُ: الْفَقِيرُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا يُقِيمُهُ، وَالْمِسْكِينُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ السِّكِّيتِ; قَاْلَ يُونُسُ: وَقُلْتُ لِأَعْرَابِيٍّ أَفَقِيرٌ أَنْتَ أَمْ مِسْكِينٌ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ بَلْ مِسْكِينٌ، فَأَعْلَمَ أَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ; وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ بِقَوْلِ الرَّاعِي:
أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي ڪَانَتْ حَلُوبَتُهُ وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ
فَأَثْبَتَ أَنَّ لِلْفَقِيرِ حَلُوبَةً وَجَعَلَهَا وَفْقًا لِعِيَالِهِ; قَالَ: وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا ڪَقَوْلِ يُونُسَ: وَرُوِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْمِسْكِينُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ; فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ مَسَاكِينُ وَأَنَّ لَهُمْ سَفِينَةً تُسَاوِي جُمْلَةً، وَقَالَ: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا; فَهَذِهِ الْحَالُ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عَنِ الْفُقَرَاءِ هِيَ دُونَ الْحَالِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عَنِ الْمَسَاكِينِ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْأَصْبِهَانِيُّ اللُّغَوِيُّ، وَيَرَى أَنَّهُ الصَّوَابُ وَمَا سِوَاهُ خَطَأٌ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ; فَأَكَّدَ عَزَّ وَجَلَّ سُوءَ حَالِهِ بِصِفَةِ الْفَقِيرِ لِأَنَّ الْمَتْرَبَةَ الْفَقْرُ، وَلَا يُؤَكَّدُ الشَّيْءُ إِلَّا بِمَا هُوَ أَوْكَدُ مِنْهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ; فَأَثْبَتَ أَنَّ لَهُمْ سَفِينَةً يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ; وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:
هَلْ لَكَ فِي أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ تُغِيثُ مِسْكِينًا قَلِيلًا عَسْكَرُهْ
عَشْرُ شِيَاهٍ سَمْعُهُ وَبَصَرُهْ قَدْ حَدَّثَ النَّفْسَ بِمِصْرٍ يَحْضُرُهْ
فَأَثْبَتَ أَنَّ لَهُ عَشْرَ شِيَاهٍ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ عَسْكَرُهُ غَنَمُهُ وَأَنَّهَا قَلِيلَةٌ، وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِبَيْتِ الرَّاعِي وَزَعَمَ أَنَّهُ أَعْدَلُ شَاهِدٍ عَلَى صِحَّةٍ ذَلِكَ; وَهُوَ قَوْلُهُ:
أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي ڪَانَتْ حَلُوبَتُهُ
لِأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي ڪَانَتْ حَلُوبَتُهُ وَلَمْ يَقُلِ الَّذِي حَلُوبَتُهُ، وَقَالَ: فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدٌ، فَأَعْلَمَكَ أَنَّهُ ڪَانَتْ لَهُ حَلُوبَةٌ تَقُوتُ عِيَالَهُ، وَمَنْ ڪَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ وَلَكِنْ مِسْكِينٍ، ثُمَّ أَعْلَمَكَ أَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْهُ فَصَارَ إِذْ ذَاكَ فَقِيرًا، يَعْنِي ابْنُ حَمْزَةَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الشَّاعِرَ لَمْ يُثْبِتْ أَنَّ لِلْفَقِيرِ حَلُوبَةً لِأَنَّهُ قَالَ: الَّذِي ڪَانَتْ حَلُوبَتُهُ، وَلَمْ يَقُلِ الَّذِي حَلُوبَتُهُ، وَهَذَا ڪَمَا تَقُولُ أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي ڪَانَ لَهُ مَالٌ وَثَرْوَةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدٌ، فَلَمْ يُثْبِتْ بِهَذَا أَنَّ لِلْفَقِيرِ مَالًا وَثَرْوَةً، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ سُوءَ حَالِهِ الَّذِي بِهِ صَارَ فَقِيرًا، بَعْدَ أَنْ ڪَانَ ذَا مَالٍ وَثَرْوَةٍ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ:
أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي ڪَانَتْ حَلُوبَتُهُ
أَنَّهُ أَثْبَتَ فَقْرَهُ لِعَدَمِ حَلُوبَتِهِ بَعْدَ أَنْ ڪَانَ مِسْكِينًا قَبْلَ عَدَمِ حَلُوبَتِهِ، وَلَمْ يُرُدِ أَنَّهُ فَقِيرٌ مَعَ وُجُودِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ ڪَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِلْفَقِيرِ مَالٌ وَثَرْوَةٌ فِي قَوْلِكَ: أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي ڪَانَ لَهُ مَالٌ وَثَرْوَةٌ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فَقِيرًا مَعَ ثَرْوَتِهِ وَمَالِهِ فَحَصَلَ بِهَذَا أَنَّ الْفَقِيرَ فِي الْبَيْتِ هُوَ الَّذِي لَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدٌ بِأَخْذِ حَلُوبَتِهِ، وَكَانَ قَبْلَ أَخْذِ حَلُوبَتِهِ مِسْكِينًا لِأَنَّ مَنْ ڪَانَتْ لَهُ حَلُوبَةٌ فَلَيْسَ فَقِيرًا، لِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ أَنَّ الْفَقِيرَ الَّذِي لَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا فَهُوَ إِمَّا غَنِيٌّ وَإِمَّا مِسْكِينٌ، وَمَنْ لَهُ حَلُوبَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَلَمْ يَبْقَ أَنْ يَكُونَ إِلَّا مِسْكِينًا، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْمِسْكِينَ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ; قَاْلَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: وَلِذَلِكَ بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْفَقِيرِ قَبْلَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ مِنَ الْمِسْكِينِ وَغَيْرِهِ، وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلَتْ قَوْلَهُ تَعَالَى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ; وَجَدْتَهُ سُبْحَانَهُ قَدْ رَتَّبَهُمْ فَجَعَلَ الثَّانِي أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثَ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالثَّامِنُ، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَسَمَّتْ بِهِ وَلَمْ تَتَسَمَّ بِفَقِيرٍ لِتَنَاهِي الْفَقْرِ فِي سُوءِ الْحَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا تَمَسْكَنَ الرَّجُلُ فَبَنَوْا مِنْهُ فِعْلًا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِالْمِسْكِينِ فِي زِيِّهِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي الْفَقِيرِ إِذْ ڪَانَتْ حَالُهُ لَا يَتَزَيَّا بِهَا أَحَدٌ؟ قَالَ: وَلِهَذَا رَغِبَ الْأَعْرَابِيُّ الَّذِي سَأَلَهُ يُونُسُ عَنِ اسْمِ الْفَقِيرِ لِتَنَاهِيهِ فِي سُوءِ الْحَالِ، فَآثَرَ التَّسْمِيَةَ بِالْمَسْكَنَةِ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ ذَلِيلٌ لِبُعْدِهِ عَنْ قَوْمِهِ وَوَطَنِهِ، قَالَ: وَلَا أَظُنُّهُ أَرَادَ إِلَّا ذَلِكَ، وَوَافَقَ قَوْلَ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ حَمْزَةَ فِي هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ; وَقَالَ قَتَادَةُ: الْفَقِيرُ الَّذِي بِهِ زِمَانَةٌ، وَالْمِسْكِينُ الصَّحِيحُ الْمُحْتَاجُ. وَقَالَ زِيَادَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: الْفَقِيرُ الْقَاعِدُ فِي بَيْتِهِ لَا يَسْأَلُ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي يَسْأَلُ، فَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ يَسْأَلُ فَيُعْطَى، وَالْفَقِيرُ لَا يَسْأَلُ وَلَا يُشْعَرُ بِهِ فَيُعْطَى لِلُزُومِهِ بَيْتِهِ أَوْ لِامْتِنَاعِ سُؤَالِهِ، فَهُوَ يَتَقَنَّعُ بِأَيْسَرِ شَيْءٍ ڪَالَّذِي يَتَقَوَّتُ فِي يَوْمِهِ بِالتَّمْرَةِ وَالتَّمْرَتَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَا يَسْأَلُ مُحَافَظَةً عَلَى مَاءِ وَجْهِهِ وَإِرَاقَتِهِ عَنِ السُّؤَالِ، فَحَالُهُ إِذًا أَشَدُّ مِنْ حَالِ الْمِسْكِينِ الَّذِي لَا يَعْدَمُ مَنْ يُعْطِيهِ، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَإِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُعْطَى، فَأَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي لَا يَسْأَلُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ السَّائِلِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْفَقِيرَ هُوَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَأَنَّ الْمِسْكِينَ هُوَ السَّائِلُ فَالْمِسْكِينُ إِذًا أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَالْفَقِيرُ أَشَدُّ مِنْهُ فَاقَةً وَضُرًّا، إِلَّا أَنَّ الْفَقِيرَ أَشْرَفُ نَفْسًا مِنَ الْمِسْكِينِ لِعَدَمِ الْخُضُوعِ الَّذِي فِي الْمِسْكِينِ، لِأَنَّ الْمِسْكِينَ قَدْ جَمَعَ فَقْرًا وَمَسْكَنَةً، فَحَالُهُ فِي هَذَا أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَلِهَذَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْمِسْكِينُ الْحَدِيثَ، فَأَبَانَ أَنَّ لَفْظَةَ الْمِسْكِينِ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاسِ أَشَدُّ قُبْحًا مِنْ لَفْظَةِ الْفَقِيرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ أَنْ تَكُونَ لِمَنْ لَا يَسْأَلُ لِذُلِّ الْفَقْرِ الَّذِي أَصَابَهُ، فَلَفْظَةُ الْمِسْكِينِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَشَدُّ بُؤْسًا مِنْ لَفْظَةِ الْفَقِيرِ، وَإِنْ ڪَانَ حَالُ الْفَقِيرِ فِي الْقِلَّةِ وَالْفَاقَةِ أَشَدَّ مِنْ حَالِ الْمِسْكِينِ، وَأَصْلُ الْمِسْكِينِ فِي اللُّغَةِ الْخَاضِعُ، وَأَصِلُ الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجُ، وَلِهَذَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ; أَرَادَ بِهِ التَّوَاضُعَ وَالْإِخْبَاتَ وَأَنْ لَا يَكُونَ مِنَ الْجَبَّارِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ أَيْ خَاضِعًا لَكَ يَا رَبِّ ذَلِيلًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ، وَلَيْسَ يُرَادُ بِالْمِسْكِينِ هُنَا الْفَقِيرُ الْمُحْتَاجُ. قَاْلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: وَقَدِ اسْتَعَاذَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَقْرِ; قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ حِكَايَةً عَنِ الْخَضِرِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ; فَسَمَّاهُمْ مَسَاكِينَ لِخُضُوعِهِمْ وَذُلِّهِمْ مِنْ جَوْرِ الْمَلِكِ الَّذِي يَأْخُذُ ڪُلَّ سَفِينَةٍ وَجَدَهَا فِي الْبَحْرِ غَصْبًا، وَقَدْ يَكُونُ الْمِسْكِينُ مُقِلًّا وَمُكْثِرًا، إِذِ الْأَصْلُ فِي الْمِسْكِينِ أَنَّهُ فِي الْمَسْكَنَةِ، وَهُوَ الْخُضُوعُ وَالذُّلُّ، وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ الْمِسْكِينَ بِالْفَقْرِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَ أَنَّ خُضُوعَهُ لِفَقْرٍ لَا لِأَمْرٍ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ; وَالْمَتْرَبَةُ: الْفَقْرُ، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ الْمِسْكِينَ أَسْوَأَ حَالًا لِقَوْلِهِ ذَا مَتْرَبَةٍ، وَهُوَ الَّذِي لَصِقَ بِالتُّرَابِ لِشِدَّةِ فَقْرِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ الْمِسْكِينَ أَصْلَحُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ أَكَّدَ حَالَهُ بِالْفَقْرِ، وَلَا يُؤَكَّدُ الشَّيْءُ إِلَّا بِمَا هُوَ أَوْكَدُ مِنْهُ. قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْمِسْكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالتَّمَسْكُنِ، قَالَ: وَكُلُّهَا يَدُورُ مَعْنَاهَا عَلَى الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ وَقِلَّةِ الْمَالِ وَالْحَالِ السَّيِّئَةِ، وَاسْتَكَانَ إِذَا خَضَعَ. وَالْمَسْكَنَةُ: فَقْرُ النَّفْسِ. وَتَمَسْكَنَ إِذَا تَشَبَّهَ بِالْمَسَاكِينِ، وَهُمْ جَمْعُ الْمِسْكِينِ، وَهُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَهُ بَعْضُ الشَّيْءِ قَالَ: وَقَدْ تَقَعُ الْمَسْكَنَةُ عَلَى الضَّعْفِ; وَمِنْهُ حَدِيثُ قَيْلَةَ: قَاْلَ لَهَا صَدَقَتِ الْمِسْكِينَةُ; أَرَادَ الضَّعْفَ وَلَمْ يُرِدِ الْفَقْرَ. قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: الْمِسْكِينُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَحَّمِ بِهَا، تَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِ الْمِسْكِينَ، تَنْصِبُهُ عَلَى أَعْنِي، وَقَدْ يَجُوزُ الْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ، وَالرَّفْعُ عَلَى إِضْمَارِ هُوَ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّرَحُّمِ مَعَ ذَلِكَ، ڪَمَا أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنْ ڪَانَ لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ فَمَعْنَاهُ مَعْنَى الدُّعَاءِ; قَالَ: وَكَانَ يُونُسُ يَقُولُ مَرَرْتُ بِهِ الْمِسْكِينَ، عَلَى الْحَالِ، وَيَتَوَهَّمُ سُقُوطَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ حَالًا وَفِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، وَلَوْ قُلْتُ هَذَا لَقُلْتُ مَرَرْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ الظَّرِيفَ تُرِيدُ ظَرِيفًا، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلَى الْفِعْلِ ڪَأَنَّهُ قَاْلَ لَقِيتُ الْمِسْكِينَ، لِأَنَّهُ إِذَا قَاْلَ مَرَرْتُ بِهِ فَكَأَنَّهُ قَاْلَ لَقِيِتُهُ، وَحُكِيَ أَيْضًا: إِنَّهُ الْمِسْكِينُ أَحْمَقُ وَتَقْدِيرُهُ: إِنَّهُ أَحْمَقُ، وَقَوْلُهُ الْمِسْكِينُ أَيْ هُوَ الْمِسْكِينُ، وَذَلِكَ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ اسْمِ إِنَّ وَخَبَرِهَا، وَالْأُنْثَى مِسْكِينَةٌ; قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: شُبِّهَتْ بِفَقِيرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الْإِكْثَارِ، وَقَدْ جَاءَ مِسْكِينٌ أَيْضًا لِلْأُنْثَى; قَاْلَ تَأَبَّطَ شَرًّا:
قَدْ أَطْعَنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلَاءَ عَنْ عُرُضٍ ڪَفَرْجِ خَرْقَاءَ وَسْطَ الدَّارِ مِسْكِينِ
عَنَى بِالْفَرَجِ مَا انْشَقَّ مِنْ ثِيَابِهَا، وَالْجَمْعُ مَسَاكِينُ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ مِسْكِينُونَ ڪَمَا تَقُولُ فَقِيرُونَ; قَاْلَ أَبُو الْحَسَنِ: يَعْنِي أَنَّ مِفْعِيلًا يَقَعُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ نَحْوَ مِحْضِيرٍ وَمِئْشِيرٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَا دَامَتِ الصِّيغَةُ لِلْمُبَالَغَةِ، فَلَمَّا قَالُوا مِسْكِينَةٌ يَعْنُونَ الْمُؤَنَّثَ وَلَمْ يَقْصِدُوا بِهِ الْمُبَالَغَةَ شَبَّهُوهَا بِفَقِيرَةٍ، وَلِذَلِكَ سَاغَ جَمْعُ مُذَكَّرِهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ. وَقَوْمٌ مَسَاكِينُ وَمِسْكِينُونَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ قِيلَ لِلْإِنَاثِ مِسْكِينَاتٍ لِأَجْلِ دُخُولِ الْهَاءِ، وَالِاسْمُ الْمَسْكَنَةُ. اللَّيْثُ: الْمَسْكَنَةُ مَصْدَرُ فِعْلِ الْمِسْكِينِ، وَإِذَا اشْتَقُّوا مِنْهُ فِعْلًا قَالُوا تَمَسْكَنَ الرَّجُلُ أَيْ صَارَ مِسْكِينًا. وَيُقَالُ: أَسْكَنَهُ اللَّهُ وَأَسْكَنَ جَوْفَهُ أَيْ جَعَلَهُ مِسْكِينًا. قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمِسْكِينُ الْفَقِيرُ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الذِّلَّةِ وَالضَّعْفِ. يُقَالُ: تَسَكَّنَ الرَّجُلُ تَمَسْكَنَ، ڪَمَا قَالُوا تَمَدْرَعَ وَتَمَنْدَلَ مِنَ الْمِدْرَعَةِ وَالْمِنْدِيلِ، عَلَى تَمَفْعَلَ، قَالَ: وَهُوَ شَاذٌّ، وَقِيَاسُهُ تَسَكَّنَ وَتَدَرَّعَ مِثْلَ تَشَجَّعَ وَتَحَلَّمَ. وَسَكَنَ الرَّجُلُ أَسْكَنَ تَمَسْكَنَ إِذَا صَارَ مِسْكِينًا، أَثْبَتُوا الزَّائِدَ، ڪَمَا قَالُوا تَمَدْرَعَ فِي الْمِدْرَعَةِ. قَاْلَ اللِّحْيَانِيُّ: تَسَكَّنَ ڪَتَمَسْكَنَ، وَأَصْبَحَ الْقَوْمُ مُسْكِنِينَ أَيْ ذَوِي مَسْكَنَةٍ. وَحُكِيَ: مَا ڪَانَ مِسْكِينًا وَمَا ڪُنْتُ مِسْكِينًا وَلَقَدْ أَسْكَنْتُ. وَتَمَسْكَنَ لِرَبِّهِ: تَضَرَّعَ; عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَتَمَسْكَنَ إِذَا خَضَعَ لِلَّهِ. وَالْمَسْكَنَةُ: الذِّلَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَاْلَ لِلْمُصَلِّي: تَبْأَسُ وَتَمَسْكَنُ وَتُقْنِعُ يَدَيْكَ; وَقَوْلُهُ تَمَسْكَنُ أَيْ تَذَلَّلُ وَتَخْضَعُ، وَهُوَ تَمَفْعَلُ مِنَ السُّكُونِ; وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَصْلُ الْحَرْفِ السُّكُونُ، وَالْمَسْكَنَةُ مَفْعَلَةٌ مِنْهُ، وَكَانَ الْقِيَاسُ تَسَكَّنْ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَالْأَفْصَحُ إِلَّا أَنَّهُ جَاءَ فِي هَذَا الْحَرْفِ تَمَفْعَلَ، وَمِثْلُهُ تَمَدْرَعَ، وَأَصْلُهُ تَدَرَّعَ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: ڪُلُّ مِيمٍ ڪَانَتْ فِي أَوَّلِ حَرْفٍ فَهِيَ مَزِيدَةٌ إِلَّا مِيمَ مِعْزَى وَمِيمَ مَعَدٍّ، تَقُولُ: تَمَعْدَدَ، وَمِيمَ مَنْجَنِيقٍ وَمِيمَ مَأْجَجٍ وَمِيمَ مَهْدَدٍ; قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهَذَا فِيمَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ مَفْعَلٍ أَوْ مِفْعَلٍ أَوْ مِفْعِيلٍ، فَأَمَّا مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ فَعْلٍ أَوْ فِعَالٍ فَالْمِيمُ تَكُونُ أَصْلِيَّةً مِثْلُ الْمَهْدِ وَالْمِهَادِ وَالْمَرَدِّ وَمَا أَشْبَهَهُ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَسَدٍ: الْمَسْكِينُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، الْمِسْكِينُ. وَالْمِسْكِينَةُ: اسْمُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدْرِي لِمَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِفَقْدِهَا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاسْتَكَانَ الرَّجُلُ: خَضَعَ وَذَلَّ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الْمَسْكَنَةِ، أُشْبِعَتْ حَرَكَةُ عَيْنِهِ فَجَاءَتْ أَلِفًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ; وَهَذَا نَادِرٌ وَقَوْلُهُ: فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ; أَيْ فَمَا خَضَعُوا، ڪَانَ فِي الْأَصْلِ فَمَا اسْتَكَنُوا فَمُدَّتْ فَتْحَةُ الْكَافِ بِأَلِفٍ ڪَقَوْلِهِ: لَهَا مَتْنَتَانِ خَظَاتًا، أَرَادَ خَظَتًا فَمَدَّ فَتْحَةَ الظَّاءِ بِأَلِفٍ. يُقَالُ: سَكَنَ وَأَسْكَنَ وَاسْتَكَنَ وَتَمَسْكَنَ وَاسْتَكَانَ أَيْ خَضَعَ وَذَلَّ. وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ ڪَعْبٍ: أَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا أَيْ خَضَعَا وَذَلَّا. وَالِاسْتِكَانَةُ: اسْتِفْعَالٌ مِنَ السُّكُونِ; قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ إِشْبَاعُ حَرَكَةِ الْعَيْنِ فِي الشِّعْرِ ڪَقَوْلِهِ يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ أَيْ يَنْبَعُ، مُدَّتْ فَتْحَةُ الْبَاءِ بِأَلِفٍ، وَكَقَوْلِهِ: أَدْنُو فَأَنْظُورُ، وَجَعَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ مِنَ الْكَيْنِ الَّذِي هُوَ لَحْمُ بَاطِنِ الْفَرْجِ لِأَنَّ الْخَاضِعَ الذَّلِيلَ خَفِيٌّ، فَشَبَّهَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَخْفَى مَا يَكُونُ مِنَ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ وَدُونِهِ; قَاْلَ ڪُثَيِّرُ عَزَّةَ:
فَمَا وَجَدُوا فِيكَ ابْنَ مَرْوَانَ سَقْطَةً وَلَا جَهْلَةً فِي مَازِقٍ تَسْتَكِينُهَا
الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ; أَيْ يَسْكُنُونَ بِهَا، وَالسَّكُونُ، بِالْفَتْحِ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. وَالسَّكُونُ: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ مَسْكِنٌ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ مِنْ أَرْضِ الْكُوفَةِ; قَاْلَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الرَّزِيَّةَ يَوْمَ مَسْ ڪِنَ وَالْمُصِيبَةَ وَالْفَجِيعَهْ
جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ فَلَمْ يَصْرِفْهُ. وَأَمَّا الْمُسْكَانُ، بِمَعْنَى الْعَرَبُونَ، فَهُوَ فُعْلَالٌ، وَالْمِيمُ أَصْلِيَّةٌ، وَجَمْعُهُ الْمَسَاكِينُ; قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ. ابْنُ شُمَيْلٍ: تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ عِنْدَ النَّوْمِ سُكْنَةٌ ڪَأَنَّهُ يَأْمَنُ الْوَحْشَةَ، وَفُلَانُ بْنُ السَّكَنِ. قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُهُ بِجَزْمِ الْكَافِ، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَاْلَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُقَالُ سَكَنٌ وَسَكْنٌ; قَاْلَ جَرِيرٌ فِي الْإِسْكَانِ:
وَنُبِّئْتُ جَوَّابًا وَسَكْنًا يَسُبُّنِي وَعَمْرَو بْنَ عَفْرَا لَا سَلَامَ عَلَى عَمْرِو!
وَسَكْنٌ وَسُكَنٌ وَسُكَيْنٌ: أَسْمَاءٌ. وَسُكَيْنٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ; قَاْلَ النَّابِغَةُ:
وَعَلَى الرُّمَيْثَةِ مِنْ سُكَيْنٍ حَاضِرٌ وَعَلَى الدُّثَيْنَةِ مَنْ بَنِي سَيَّارِ
وَسُكَيْنٌ، مُصَغَّرٌ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ فِي شِعْرِ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي هَذَا الْبَيْتَ: وَعَلَى الرُّمَيْثَةِ مِنْ سُكَيْنٍ. وَسُكَيْنَةُ: بِنْتُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَالطُّرَّةُ السُّكَيْنِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهَا.
معنى كلمة سكن – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي