معنى كلمة رأي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي

معنى كلمة رأي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


معنى كلمة رأي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


رأي: الرُّؤْيَةُ بِالْعَيْنِ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَبِمَعْنَى الْعِلْمِ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، يُقَالُ: رَأَى زَيْدًا عَالِمًا وَرَأَى رَأْيًا وَرُؤْيَةً وِرَاءَةً، مِثْلُ رَاعَهُ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرُّؤْيَةُ النَّظَرُ بِالْعَيْنِ وَالْقَلْبِ. وَحَكَى ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: عَلَى رِيَّتِكَ، أَيْ: رُؤْيَتِكَ، وَفِي ضَعَةٌ، وَحَقِيقَتُهَا أَنَّهُ أَرَادَ رُؤْيَتَكَ فَأَبْدَلَ الْهَمْزَةَ وَاوًا إِبْدَالًا صَحِيحًا، فَقَالَ: رُويَتِكَ، ثُمَّ أَدْغَمَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَاوَ قَدْ صَارَتْ حَرْفَ عِلَّةٍ لِمَا سُلِّطَ عَلَيْهَا مِنَ الْبَدَلِ فَقَالَ رُيَّتِكَ، ثُمَّ ڪَسَرَ الرَّاءَ لِمُجَاوِرَةِ الْيَاءِ فَقَالَ رِيَّتِكَ. وَقَدْ رَأَيْتُهُ رَأْيَةً وَرُؤْيَةً، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ فِي رَأْيَةٍ هُنَا لِلْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرٌ ڪَرُؤْيَةٍ إِلَّا أَنْ تُرِيدَ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ فَيَكُونَ رَأَيْتُهُ رَأْيَةً ڪَقَوْلِكَ ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً، فَأَمَّا إِذَا لَمْ تُرِدْ هَذَا فَرَأْيَةٌ ڪَرُؤْيَةٍ لَيْسَتِ الْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ. وَرَأَيْتُهُ رِئْيَانًا: ڪَرُؤْيَةٍ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَرَيْتُهُ عَلَى الْحَذْفِ، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
وَجْنَاءُ مُقْوَرَّةُ الْأَقْرَابِ يَحْسَبُهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلَا     حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا خَلْقُ أَرْبَعَةٍ
فِي لَازِقٍ لَاحِقِ الْأَقْرَابِ فَانْشَمَلَا
خَلْقُ أَرْبَعَةٍ: يَعْنِي ضُمُورَ أَخْلَافِهَا، وَانْشَمَلَ: ارْتَفَعَ ڪَانْشَمَرَ، يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَرَهَا قَبْلُ ظَنَّهَا جَمَلًا لِعِظَمِهَا حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا ضُمُورُ أَخْلَافِهَا فَيَعْلَمَ حِينَئِذٍ أَنَّهَا نَاقَةٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَلَ لَيْسَ لَهُ خِلْفٌ، وَأَنْشَدَ ابْنُ جِنِّي:
حَتَّى يَقُولَ مَنْ رَآهُ إِذْ رَاهْ     يَا وَيْحَهُ مِنْ جَمَلٍ مَا أَشْقَاهْ
أَرَادَ ڪُلَّ مَنْ رَآهُ إِذْ رَآهُ، فَسَكَّنَ الْهَاءَ وَأَلْقَى حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ، وَقَوْلُهُ:
مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدَانَ بْنِ يَحْيَى     إِذَا مَا النِّسْعُ طَالَ عَلَى الْمَطِيَّهْ
وَمَنْ رَا مِثْلَ مَعْدَانَ بْنِ يَحْيَى     إِذَا هَبَّتْ شَآمِيَةٌ عَرِيَّهْ
أَصْلُ هَذَا مِنْ رَأَى فَخَفَّفَ الْهَمْزَةَ عَلَى حَدِّ: لَا هُنَاكَ الْمَرْتَعُ، فَاجْتَمَعَتْ أَلِفَانِ فَحَذَفَ إِحْدَاهُمَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَصْلُهُ رَأَى فَأَبْدَلَ الْهَمْزَةَ يَاءً ڪَمَا يُقَالُ فِي سَأَلْتُ سَيَلْتُ، وَفِي قَرَأْتُ قَرَيْتُ، وَفِي أَخْطَأْتُ أَخْطَيْتُ، فَلَمَّا أُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ الَّتِي هِيَ عَيْنٌ يَاءً أَبْدَلُوا الْيَاءَ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ حُذِفَتِ الْأَلِفُ الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْأَلِفِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ، قَالَ: وَسَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ قَالَ:
مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدَانَ بْنِ يَحْيَى
فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَعَلْتُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: رَيَيْتُ، وَيَجْعَلُهُ مِنْ بَابِ حَيَيْتُ وَعَيَيْتُ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْهَمْزَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِذَا أُبْدِلَتْ عَنِ الْيَاءِ تُقْلَبُ، وَذَهَبَ أَبُو عَلِيٍّ فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ أَنَّهُ أَرَادَ رَأَى فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ ڪَمَا حَذَفَهَا مِنْ أَرَيْتُ وَنَحْوِهِ، وَكَيْفَ ڪَانَ الْأَمْرُ فَقَدْ حُذِفْتَ الْهَمْزَةُ وَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا، وَهَذَانِ إِعْلَالَانِ تَوَالَيَا فِي الْعَيْنِ وَاللَّامِ، وَمِثْلُهُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: جَا يَجِي فَهَذَا إِبْدَالُ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ يَاءٌ أَلِفًا، وَحَذَفَ الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا، فَأَعَلَّ اللَّامَ وَالْعَيْنَ جَمِيعًا. وَأَنَا أَرَاهُ، وَالْأَصْلُ أَرْآهُ، حَذَفُوا الْهَمْزَةَ وَأَلْقَوْا حَرَكَتَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا. قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: ڪُلُّ شَيْءٍ ڪَانَتْ أَوَّلُهُ زَائِدَةً سِوَى أَلِفِ الْوَصْلِ مَنْ رَأَيْتُ فَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى تَخْفِيفِ هَمْزِهِ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِيَّاهُ، جَعَلُوا الْهَمْزَةَ تُعَاقِبُ، يَعْنِي أَنَّ ڪُلَّ شَيْءٍ ڪَانَ أَوَّلُهُ زَائِدَةً مِنَ الزَّوَائِدِ الْأَرْبَعِ نَحْوَ أَرَى وَيَرَى وَنَرَى وَتَرَى فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ بِالْهَمْزِ، أَيْ: أَنَّهَا لَا تَقُولُ أَرْأَى وَلَا يَرْأَى وَلَا نَرْأَى وَلَا تَرْأَى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا هَمْزَةَ الْمُتَكَلِّمِ فِي أَرَى تُعَاقِبُ الْهَمْزَةَ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ، وَهِيَ هَمْزَةُ أَرْأَى حَيْثُ ڪَانَتَا هَمْزَتَيْنِ، وَإِنْ ڪَانَتِ الْأُولَى زَائِدَةً وَالثَّانِيَةُ أَصْلِيَّةً، وَكَأَنَّهُمْ إِنَّمَا فَرُّوا مِنِ الْتِقَاءِ هَمْزَتَيْنِ، وَإِنْ ڪَانَ بَيْنَهُمَا حَرْفٌ سَاكِنٌ، وَهِيَ الرَّاءُ، ثُمَّ أَتْبَعُوهَا سَائِرَ حُرُوفِ الْمُضَارَعَةِ، فَقَالُوا: يَرَى وَنَرَى وَتَرَى ڪَمَا قَالُوا أَرَى، قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ قَدْ أَرْآهُمْ، يَجِيءُ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَذَلِكَ قَلِيلٌ، قَالَ:
أَحِنُّ إِذَا رَأَيْتُ جِبَالَ نَجْدٍ     وَلَا أَرْأَى إِلَى نَجْدٍ سَبِيلَا
  وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا أَرَى عَلَى احْتِمَالِ الزِّحَافِ، قَاْلَ سُرَاقَةُ الْبَارِقِيُّ:
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تَرْأَيَاهُ     ڪِلَانَا عَالِمٌ بِالتُّرَّهَاتِ
وَقَدْ رَوَاهُ الْأَخْفَشُ: مَا لَمْ تَرَيَاهُ، عَلَى التَّخْفِيفِ الشَّائِعِ عَنِ الْعَرَبِ فِي هَذَا الْحَرْفِ. التَّهْذِيبُ: وَتَقُولُ: الرَّجُلُ يَرَى ذَاكَ، عَلَى التَّخْفِيفِ. قَالَ: وَعَامَّةُ ڪَلَامِ الْعَرَبِ فِي يَرَى وَنَرَى وَتَرَى وَأَرَى عَلَى التَّخْفِيفِ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُحَقِّقُهُ فَيَقُولُ – وَهُوَ قَلِيلٌ – زَيْدٌ يَرْأَى رَأْيًا حَسَنًا ڪَقَوْلِكَ يَرْعَى رَعْيًا حَسَنًا، وَأَنْشَدَ بَيْتَ سُرَاقَةَ الْبَارِقِيِّ. وَارْتَأَيْتُ وَاسْتَرْأَيْتُ: ڪَرَأَيْتُ أَعْنِي مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ. قَاْلَ اللِّحْيَانِيُّ: قَاْلَ الْكِسَائِيُّ: اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى هَمْزِ مَا ڪَانَ مِنْ رَأَيْتُ وَاسْتَرْأَيْتُ وَارْتَأَيْتُ فِي رُؤْيَةِ الْعَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ يَتْرُكُ الْهَمْزَ وَهُوَ قَلِيلٌ، قَالَ: وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي ڪِتَابِ اللَّهِ مَهْمُوزٌ، وَأَنْشَدَ فِيمَنْ خَفَّفَ:
صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ     رَدَّ فِي الضَّرْعِ مَا قَرَى فِي الْحِلَابِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا جَاءَ مَاضِيهِ بِلَا هَمْزٍ، وَأَنْشَدَ هَذَا الْبَيْتَ أَيْضًا:
صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ
وَيُرْوَى: فِي الْعِلَابِ، وَمِثْلُهُ لِلْأَحْوَصِ:
أَوْ عَرَّفُوا بِصَنِيعٍ عِنْدَ مَكْرُمَةٍ     مَضَى وَلَمْ يَثْنِهِ مَا رَا وَمَا سَمِعَا
وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي أَرَأَيْتَ وَأَرَأَيْتَكَ: أَرَيْتَ وَأَرَيْتَكَ، بِلَا هَمْزٍ. قَاْلَ أَبُو الْأَسْوَدِ:
أَرَيْتَ امْرَأً ڪُنْتُ لَمْ أَبْلُهُ     أَتَانِي فَقَالَ اتَّخِذْنِي خَلِيلًا
فَتَرَكَ الْهَمْزَةَ، وَقَالَ رَكَّاضُ بْنُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيُّ:
فَقُولَا صَادِقَيْنِ لِزَوْجِ     حُبَّى جُعِلْتُ لَهَا وَإِنْ بَخِلَتْ
فِدَاءَ أَرَيْتَكَ إِنْ مَنَعْتَ ڪَلَامَ     حُبَّى أَتَمْنَعُنِي عَلَى لَيْلَى الْبُكَاءَ
وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ ڪَلَامُ حُبَّى     وَالَّذِي رُوِيَ ڪَلَامُ لَيْلَى
، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أَرَيْتَ إِذَا جَالَتْ بِكَ الْخَيْلُ جَوْلَةً     وَأَنْتَ عَلَى بِرْذَوْنَةٍ غَيْرُ طَائِلِ
قَالَ: وَأَنْشَدَ ابْنُ جِنِّي لِبَعْضِ الرُّجَّازِ:
أَرَيْتَ إِنْ جِئْتِ بِهِ أُمْلُودَا     مُرَجَّلًا وَيَلْبَسُ الْبُرُودَا
أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي هَذَا الْبَيْتِ الْأَخِيرِ شُذُوذٌ، وَهُوَ لِحَاقُ نُونِ التَّأْكِيدِ لِاسْمِ الْفَاعِلِ. قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْكَلَامُ الْعَالِي فِي ذَلِكَ الْهَمْزُ، فَإِذَا جِئْتَ إِلَى الْأَفْعَالِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الَّتِي فِي أَوَائِلِهَا الْيَاءُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ وَالْأَلِفُ اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ – الَّذِينَ يَهْمِزُونَ وَالَّذِينَ لَا يَهْمِزُونَ – عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ ڪَقَوْلِكَ يَرَى وَتَرَى وَنَرَى وَأَرَى، قَالَ: وَبِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ نَحْوَ قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَقَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى وَ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِلَّا تَيْمَ الرِّبَابِ فَإِنَّهُمْ يَهْمِزُونَ مَعَ حُرُوفِ الْمُضَارَعَةِ فَتَقُولُ هُوَ يَرْأَى وَتَرْأَى وَنَرْأَى وَأَرْأَى – وَهُوَ الْأَصْلُ – فَإِذَا قَالُوا مَتَى نَرَاكَ قَالُوا مَتَى نَرْآكَ، مِثْلَ نَرْعَاكَ، وَبَعْضٌ يَقْلِبُ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُ: مَتَى نَرَاؤُكَ، مِثْلَ نَرَاعُكَ، وَأَنْشَدَ:
أَلَا تِلْكَ جَارَاتُنَا بِالْغَضَى     تَقُولُ أَتَرْأَيْنَهُ لَنْ يُضِيفَا
وَأَنْشَدَ فِيمَنْ قَلَبَ:
مَاذَا نَرَاؤُكَ تُغْنِي فِي أَخِي رَصَدٍ     مِنْ أُسْدِ خَفَّانَ جَأْبِ الْوَجْهِ ذِي لِبَدِ
وَيُقَالُ: رَأَى فِي الْفِقْهِ رَأْيًا، وَقَدْ تَرَكَتِ الْعَرَبُ الْهَمْزَ فِي مُسْتَقْبَلِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي ڪَلَامِهِمْ، وَرُبَّمَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ فَهَمَزَتْهُ، قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَنْشَدَ شَاعِرُ تَيْمِ الرِّبَابِ، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِلْأَعْلَمِ بْنِ جَرَادَةَ السَّعْدِيِّ:
أَلَمْ تَرْأَ مَا لَاقَيْتُ وَالدَّهْرُ أَعْصُرٌ     وَمَنْ يَتَمَلَّ الدَّهْرَ يَرْأَ وَيَسْمَعِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى وَيَسْمَعُ، بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ؛ لِأَنَّ الْقَصِيدَةَ مَرْفُوعَةٌ، وَبَعْدَهُ:
بِأَنَّ عَزِيزًا ظَلَّ يَرْمِي بِحَوْزِهِ     إِلَيَّ وَرَاءَ الْحَاجِزَيْنِ وَيُفْرِعُ
يُقَالُ: أَفْرَعَ إِذَا أَخَذَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، قَالَ: وَشَاهِدُ تَرْكِ الْهَمْزَةِ مَا أَنْشَدَهُ أَبُو زَيْدٍ:
لَمَّا اسْتَمَرَّ بِهَا شَيْحَانُ مُبْتَجِحٌ     بِالْبَيْنِ عَنْكَ بِمَا يَرْآكَ شَنَآنَا
قَالَ: وَهُوَ ڪَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ، فَإِذَا جِئْتَ إِلَى الْأَمْرِ فَإِنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ يَتْرُكُونَ الْهَمْزَ فَيَقُولُونَ: رَ ذَلِكَ، وَلِلِاثْنَيْنِ: رَيَا ذَلِكَ، وَلِلْجَمَاعَةِ: رَوْا ذَلِكَ، وَلِلْمَرْأَةِ رَيْ ذَلِكَ، وَلِلِاثْنَيْنِ ڪَالرَّجُلَيْنِ، وَلِلْجَمْعِ: رَيْنَ ذَاكُنَّ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَهْمِزُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ: ارْأَ ذَلِكَ وَارْأَيَا، وَلِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ ارْأَيْنَ، قَالَ: فَإِذَا قَالُوا أَرَيْتَ فُلَانًا مَا ڪَانَ مِنْ أَمْرِهِ أَرَيْتَكُمْ فُلَانًا أَفَرَيْتَكُمْ فَلَانًا فَإِنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ يَهْمِزُونَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ڪَلَامِهِمُ الْهَمْزُ، فَإِذَا عَدَوْتَ أَهْلَ الْحِجَازِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْعَرَبِ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ، نَحْوَ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ أَرَيْتَكُمْ، وَبِهِ قَرَأَ الْكِسَائِيُّ، تَرَكَ الْهَمْزَ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَقَالُوا: وَلَوْ تَرَ مَا أَهْلُ مَكَّةَ، قَاْلَ أَبُو عَلِيٍّ: أَرَادُوا وَلَوْ تَرَى مَا، فَحَذَفُوا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ إِنَّهُ لِخَبِيثٌ وَلَوْ تَرَ مَا فُلَانٌ وَلَوْ تَرَى مَا فُلَانٍ، رَفْعًا وَجَزْمًا، وَكَذَلِكَ وَلَا تَرَ مَا فُلَانٌ وَلَا تَرَى مَا فُلَانٌ، فِيهِمَا جَمِيعًا وَجْهَانِ: الْجَزْمُ وَالرَّفْعُ، فَإِذَا قَالُوا إِنَّهُ لَخَبِيثٌ وَلَمْ تَرَ مَا فُلَانٌ قَالُوهُ بِالْجَزْمِ، وَفُلَانٌ فِي ڪُلِّهِ رُفِعَ وَتَأْوِيلُهَا وَلَا سِيَّمَا فُلَانٌ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْكِسَائِيِّ ڪُلُّهُ. وَإِذَا أَمَرْتَ مِنْهُ عَلَى الْأَصْلِ قُلْتَ: ارْءَ وَعَلَى الْحَذْفِ: رَا.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ عَلَى الْحَذْفِ رَهْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مِنْهُ رَ زَيْدًا وَالْهَمْزَةُ سَاقِطَةٌ مِنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ قَالَ: الْعَرَبُ لَهَا فِي أَرَأَيْتَ لُغَتَانِ وَمَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلَ الرَّجُلَ: أَرَأَيْتَ زَيْدًا  بِعَيْنِكَ؟ فَهَذِهِ مَهْمُوزَةٌ، فَإِذَا أَوْقَعْتَهَا عَلَى الرَّجُلِ مِنْهُ قُلْتَ أَرَأَيْتَكَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ، يُرِيدُ هَلْ رَأَيْتَ نَفْسَكَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ، ثُمَّ تُثَنِّي وَتَجْمَعُ فَتَقُولُ لِلرَّجُلَيْنِ: أَرَأَيْتُمَاكُمَا، وَلِلْقَوْمِ أَرَأَيْتُمُوكُمْ، وَلِلنِّسْوَةِ أَرَأَيْتُنَّ ڪُنَّ، وَلِلْمَرْأَةِ أَرَأَيْتِكِ، بِخَفْضِ التَّاءِ لَا يَجُوزُ إِلَّا ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنْ تَقُولَ أَرَأَيْتَكَ وَأَنْتَ تَقُولُ أَخْبِرْنِي، فَتَهْمِزُهَا وَتَنْصِبُ التَّاءَ مِنْهَا وَتَتْرُكُ الْهَمْزَ إِنْ شِئْتَ، وَهُوَ أَكْثَرُ ڪَلَامِ الْعَرَبِ، وَتَتْرُكُ التَّاءَ مُوَحَّدَةً مَفْتُوحَةً لِلْوَاحِدِ وَالْوَاحِدَةِ وَالْجَمْعِ فِي مُؤَنَّثِهِ وَمُذَكَّرِهِ، فَتَقُولُ لِلْمَرْأَةِ: أَرَأَيْتَكِ زَيْدًا هَلْ خَرَجَ، وَلِلنِّسْوَةِ: أَرَأَيْتُكُنَّ زَيْدًا مَا فَعَلَ، وَإِنَّمَا تَرَكَتِ الْعَرَبُ التَّاءَ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مِنْهَا وَاقِعًا عَلَى نَفْسِهَا فَاكْتَفَوْا بِذِكْرِهَا فِي الْكَافِ وَوَجَّهُوا التَّاءَ إِلَى الْمُذَكَّرِ وَالتَّوْحِيدِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ وَاقِعًا، قَالَ: وَنَحْوُ ذَلِكَ قَاْلَ الزَّجَّاجُ فِي جَمِيعِ مَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي هَذِهِ الْكَافِ الَّتِي فِي أَرَأَيْتَكُمْ، فَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ: لَفْظُهَا لَفْظُ نَصْبٍ وَتَأْوِيلُهَا تَأْوِيلُ رَفْعٍ، قَالَ: وَمِثْلُهَا الْكَافُ الَّتِي فِي: دُونَكَ زَيْدًا لِأَنَّ الْمَعْنَى خُذْ زَيْدًا، قَاْلَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَهَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَقُلْهُ النَّحْوِيُّونَ الْقُدَمَاءُ، وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّ قَوْلَكَ أَرَأَيْتَكَ زَيْدًا مَا شَأْنُهُ، يُصَيِّرُ أَرَأَيْتَ قَدْ تَعَدَّتْ إِلَى الْكَافِ وَإِلَى زَيْدٍ فَتَصِيرُ ” أَرَأَيْتَ ” اسْمَيْنِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَرَأَيْتَ نَفْسَكَ زَيْدًا مَا حَالُهُ، قَالَ: وَهَذَا مُحَالٌ وَالَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ النَّحْوِيُّونَ الْمَوْثُوقُ بِعِلْمِهِمْ أَنَّ الْكَافَ لَا مَوْضِعَ لَهَا وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَرَأَيْتَ زَيْدًا مَا حَالُهُ وَإِنَّمَا الْكَافُ زِيَادَةٌ فِي بَيَانِ الْخِطَابِ وَهِيَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي الْخِطَابِ فَتَقُولُ لِلْوَاحِدِ الْمُذَكَّرِ: أَرَأَيْتَكَ زَيْدًا مَا حَالُهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْكَافِ، وَتَقُولُ فِي الْمُؤَنَّثِ: أَرَأَيْتَكِ زَيْدًا مَا حَالُهُ يَا مَرْأَةُ فَتُفْتَحُ التَّاءُ عَلَى أَصْلِ خِطَابِ الْمُذَكَّرِ، وَتُكْسَرُ الْكَافُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ آخِرَ مَا فِي الْكَلِمَةِ، وَالْمُنْبِئَةَ عَنِ الْخِطَابِ، فَإِنَّ عَدَّيْتَ الْفَاعِلَ إِلَى الْمَفْعُولِ فِي هَذَا الْبَابِ صَارَتِ الْكَافُ مَفْعُولَةً، تَقُولُ: رَأَيْتُنِي عَالِمًا بِفُلَانٍ، فَإِذَا سَأَلَتْ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ قُلْتَ لِلرَّجُلِ: أَرَأَيْتَكَ عَالِمًا بِفُلَانٍ، وَلِلِاثْنَيْنِ أَرْأَيْتُمَاكُمَا عَالِمَيْنِ بِفُلَانٍ، وَلِلْجَمْعِ أَرَأَيْتُمُوكُمْ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي تَأْوِيلِ أَرَأَيْتُمْ أَنْفُسَكُمْ، وَتَقُولُ لِلْمَرْأَةِ: أَرَأَيْتِكِ عَالِمَةً بِفُلَانٍ – بِكَسْرِ التَّاءِ – وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ: أَرَأَيْتَكَ زَيْدًا قَائِمًا، إِذَا اسْتَخْبَرَ عَنْ زَيْدٍ تَرَكَ الْهَمْزَ وَيَجُوزُ الْهَمْزُ وَإِذَا اسْتَخْبَرَ عَنْ حَالِ الْمُخَاطَبِ ڪَانَ الْهَمْزُ الِاخْتِيَارَ، وَجَازَ تَرْكُهُ، ڪَقَوْلِكَ: أَرَأَيْتَكَ نَفْسَكَ، أَيْ: مَا حَالُكَ، مَا أَمْرُكَ وَيَجُوزُ أَرَيْتَكَ نَفْسَكَ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَإِذَا جَاءَتْ أَرَأَيْتَكُمَا وَأَرَأَيْتَكُمْ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي ڪَانَتِ التَّاءُ مُوَحَّدَةً، فَإِنْ ڪَانَتْ بِمَعْنَى الْعِلْمِ ثَنَّيْتَ وَجَمَعْتَ، قُلْتَ: أَرَأَيْتُمَاكُمَا خَارِجَيْنِ، وَأَرَأَيْتُمُوكُمْ خَارِجِينَ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ أَرَأَيْتَكَ وَأَرَأَيْتَكُمْ وَأَرَأَيْتَكُمَا، وَهِيَ ڪَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ الِاسْتِخْبَارِ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي وَأَخْبِرَانِي وَأَخْبِرُونِي، وَتَاؤُهَا مَفْتُوحَةٌ أَبَدًا: وَرَجُلٌ رَءَّاءٌ: ڪَثِيرُ الرُّؤْيَةِ، قَاْلَ غِيلَانُ الرَّبَعِيُّ:
كَأَنَّهَا وَقَدْ رَآهَا الرَّءَّاءُ
وَيُقَالُ: رَأَيْتُهُ بِعَيْنِي رُؤْيَةً وَرَأَيْتُهُ رَأْيَ الْعَيْنِ، أَيْ: حَيْثُ يَقَعُ الْبَصَرُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: مِنْ رَأْيِ الْقَلْبِ ارْتَأَيْتُ، وَأَنْشَدَ:
أَلَا أَيُّهَا الْمُرْتَئِي فِي الْأُمُورِ     سَيَجْلُو الْعَمَى عَنْكَ تِبْيَانُهَا
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: إِذَا أَمَرْتَ مَنْ رَأَيْتَ قُلْتَ ارْأَ زَيْدًا ڪَأَنَّكَ قُلْتَ ارْعَ زَيْدًا، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ رَ زَيْدًا فَتُسْقِطُ أَلِفَ الْوَصْلِ لِتَحْرِيكِ مَا بَعْدَهَا. قَالَ: وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزِ – قَوْلُكَ: رَأَيْتُ الرَّجُلَ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ: رَأَيْتَ الرَّجُلَ، فَحَرَّكْتَ الْأَلِفَ بِغَيْرِ إِشْبَاعِ الْهَمْزِ وَلَمْ تُسْقِطِ الْهَمْزَةَ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مُتَحَرِّكٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: تَرَاءَيْنَا الْهِلَالَ بِذَاتِ عِرْقٍ فَسَأَلْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَدَّهُ إِلَى رُؤْيَتِهِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ. قَاْلَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ تَرَاءَيْنَا الْهِلَالَ، أَيْ: تَكَلَّفْنَا النَّظَرَ إِلَيْهِ هَلْ نَرَاهُ أَوْ لَا، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: انْطَلِقْ بِنَا حَتَّى نُهِلَّ الْهِلَالَ، أَيْ: نَنْظُرَ، أَيْ: نَرَاهُ. وَقَدْ تَرَاءَيْنَا الْهِلَالَ، أَيْ: نَظَرْنَاهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ رَاءَيْتُ وَرَأَيْتُ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ تَعَالَى: ” يُرَاوُونَ النَّاسَ “. وَقَدْ رَأَيْتُ تَرْئِيَةً، مِثْلَ: رَعَّيْتُ تَرْعِيَةً. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَرَيْتُهُ الشَّيْءَ إِرَاءَةً وَإِرَايَةً وَإِرْءَاءَةً. الْجَوْهَرِيُّ: أَرَيْتُهُ الشَّيْءَ فَرَآهُ، وَأَصْلُهُ أَرْأَيْتُهُ. وَالرِّئْيُ وَالرُّوَاءُ وَالْمَرْآةُ: الْمَنْظَرُ، وَقِيلَ: الرِّئْيُ وَالرُّوَاءُ – بِالضَّمِّ – حُسْنُ الْمَنْظَرِ فِي الْبَهَاءِ وَالْجَمَالِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رِئْيُهُمَا، وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ، أَيْ: مَنْظَرُهُمَا، وَمَا يُرَى مِنْهُمَا. وَفُلَانٌ مِنِّي بِمَرْأًى وَمَسْمَعٍ، أَيْ: بِحَيْثُ أَرَاهُ وَأَسْمَعُ قَوْلَهُ. وَالْمَرْآةُ عَامَّةً: الْمَنْظَرُ حَسَنًا ڪَانَ أَوْ قَبِيحًا. وَمَا لَهُ رُوَاءٌ وَلَا شَاهِدٌ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا. وَيُقَالُ: امْرَأَةٌ لَهَا رُوَاءٌ إِذَا ڪَانَتْ حَسَنَةَ الْمِرْآةِ وَالْمَرْأَى، ڪَقَوْلِكَ الْمَنْظَرَةُ وَالْمَنْظَرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْمَرْآةُ بِالْفَتْحِ عَلَى مَفْعَلَةٍ: الْمَنْظَرُ الْحَسَنُ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَرْآةِ وَالْمَرْأَى، وَفُلَانٌ حَسَنٌ فِي مَرْآةِ الْعَيْنِ، أَيْ: فِي النَّظَرِ. وَفِي الْمَثَلِ: تُخْبِرُ عَنْ مَجْهُولِهِ مَرْآتُهُ، أَيْ: ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى بَاطِنِهِ.
وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا: فَإِذَا رَجُلٌ ڪَرِيهُ الْمَرْآةِ، أَيْ: قَبِيحُ الْمَنْظَرِ. يُقَالُ: رَجُلٌ حَسَنُ الْمَرْأَى وَالْمَرْآةِ حَسُنَ فِي مَرْآةِ الْعَيْنِ، وَهِيَ مَفْعَلَةٌ مِنَ الرُّؤْيَةِ. وَالتَّرْئِيَةُ: حُسْنُ الْبَهَاءِ وَحُسْنُ الْمَنْظَرِ، اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ، قَاْلَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَمَّا الرُّوَاءُ فَفِينَا حَدُّ تَرْئِيَةٍ     مِثْلُ الْجِبَالِ الَّتِي بِالْجِزْعِ مِنْ إِضَمِ
وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا قُرِئَتْ: ” رِئْيًا “، بِوَزْنِ رِعْيًا، وَقُرِئَتْ: ” رِيًّا “، قَاْلَ الْفَرَّاءُ: الرِّئْيُ الْمَنْظَرُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الرِّيُّ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِمَّا رَأَيْتَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقْرَءُونَهَا ” رِيًّا ” بِغَيْرِ هَمْزٍ، قَالَ: وَهُوَ وَجْهٌ جَيِّدٌ مِنْ رَأَيْتَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ آيَاتٍ لَسْنَ مَهْمُوزَاتِ الْأَوَاخِرِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ ذَهَبَ بِالرِّيِّ إِلَى رَوِيتَ إِذَا لَمْ يُهْمَزْ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَاْلَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قَرَأَ رِيًّا – بِغَيْرِ هَمْزٍ – فَلَهُ تَفْسِيرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَنْظَرَهُمْ مُرْتَوٍ مِنَ النِّعْمَةِ ڪَأَنَّهُ النَّعِيمُ بَيِّنٌ فِيهِمْ وَيَكُونُ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ مِنْ رَأَيْتَ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ هَمَزَهُ جَعَلَهُ مِنَ الْمَنْظَرِ مِنْ رَأَيْتَ، وَهُوَ مَا رَأَتْهُ الْعَيْنُ مِنْ حَالٍ حَسَنَةٍ وَكُسْوَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِمُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ:
أَشَاقَتْكَ الظَّعَائِنُ يَوْمَ بَانُوا     بِذِي الرِّئْيِ الْجَمِيلِ مِنَ الْأَثَاثِ
وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ أَوْ يَكُونَ مِنْ رَوِيَتْ  أَلْوَانُهُمْ وَجُلُودُهُمْ رِيًّا أَيِ: امْتَلَأَتْ وَحَسُنَتْ. وَتَقُولُ لِلْمَرْأَةِ: أَنْتِ تَرَيْنَ، وَلِلْجَمَاعَةِ: أَنْتُنَّ تَرَيْنَ; لِأَنَّ الْفِعْلَ لِلْوَاحِدَةِ وَالْجَمَاعَةِ سَوَاءٌ فِي الْمُوَاجَهَةِ فِي خَبَرِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ، إِلَّا أَنَّ النُّونَ الَّتِي فِي الْوَاحِدَةِ عَلَامَةُ الرَّفْعِ وَالَّتِي فِي الْجَمْعِ إِنَّمَا هِيَ نُونُ الْجَمَاعَةِ، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفَرْقٌ ثَانٍ أَنَّ الْيَاءَ فِي تَرَيْنَ لِلْجَمَاعَةِ حَرْفٌ، وَهِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ، وَالْيَاءُ فِي فِعْلِ الْوَاحِدَةِ اسْمٌ، وَهِيَ ضَمِيرُ الْفَاعِلَةِ الْمُؤَنَّثَةِ. وَتَقُولُ: أَنْتِ تَرَيْنَنِي، وَإِنْ شِئْتَ أَدْغَمْتَ وَقُلْتَ تَرَيِنِّي – بِتَشْدِيدِ النُّونِ – ڪَمَا تَقُولُ تَضْرِبِنِّي. وَاسْتَرْأَى الشَّيْءَ: اسْتَدْعَى رُؤْيَتَهُ وَأَرَيْتُهُ إِيَّاهُ إِرَاءَةً وَإِرَاءً، الْمَصْدَرُ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: الْهَاءُ لِلتَّعْوِيضِ، وَتَرَكَهَا عَلَى أَنْ لَا تُعَوَّضَ وَهُمْ مِمَّا يُعَوِّضُونَ بَعْدَ الْحَذْفِ وَلَا يُعَوِّضُونَ. وَرَاءَيْتُ الرَّجُلَ مُرَاآةً وَرِيَاءً: أَرَيْتُهُ أَنِّي عَلَى خِلَافِ مَا أَنَا عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَفِيهِ: الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ أَيْ: إِذَا صَلَّى الْمُؤْمِنُونَ صَلَّوْا مَعَهُمْ يُرَاؤُونَهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ مُرَاءٍ وَقَوْمٌ مُرَاؤُونَ، وَالِاسْمُ الرِّيَاءُ. يُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ رِيَاءً وَسُمْعَةً. وَتَقُولُ مِنَ الرِّيَاءِ يُسْتَرْأَى فُلَانٌ، ڪَمَا تَقُولُ يُسْتَحْمَقُ وَيُسْتَعْقَلُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو. وَيُقَالُ: رَاءَى فُلَانٌ النَّاسَ يُرَائِيهِمْ مُرَاآةً، وَرَايَاهُمْ مُرَايَاةً، عَلَى الْقَلْبِ – بِمَعْنًى – وَرَاءَيْتُهُ مُرَاآةً وَرِيَاءً قَابَلْتُهُ فَرَأَيْتُهُ، وَكَذَلِكَ تَرَاءَيْتُهُ قَاْلَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُقِيدَكَ بَعْدَمَا     تَرَاءَيْتُمُونِي مِنْ قَرِيبٍ وَمَوْدِقِ
يَقُولُ: أَقَادَ اللَّهُ مِنْكَ عَلَانِيَةً وَلَمْ يُقِدْ غِيلَةً. وَتَقُولُ: فُلَانٌ يَتَرَاءَى أَيْ: يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ فِي الْمِرْآةِ أَوْ فِي السَّيْفِ. وَالْمِرْآةُ: مَا تَرَاءَيْتَ فِيهِ، وَقَدْ أَرَيْتُهُ إِيَّاهَا. وَرَأَيْتُهُ تَرْئِيَةً: عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ أَوْ حَبَسْتُهَا لَهُ يَنْظُرُ نَفْسَهُ وَتَرَاءَيْتُ فِيهَا وَتَرَأَّيْتُ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: لَا يَتَمَرْأَى أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ أَيْ: لَا يَنْظُرُ وَجْهَهُ فِيهِ، وَزْنُهُ يَتَمَفْعَلُ مِنَ الرُّؤْيَةِ ڪَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: تَمَسْكَنَ مِنَ الْمَسْكَنَةِ، وَتَمَدْرَعَ مِنَ الْمَدْرَعَةِ، وَكَمَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَمَنْدَلْتُ بِالْمِنْدِيلِ. وَفِي الْحَدِيثِ: لَا يَتَمَرْأَى أَحَدُكُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ: لَا يَنْظُرُ فِيهَا، قَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَتَمَرْأَى أَحَدُكُمْ بِالدُّنْيَا مِنَ الشَّيْءِ الْمَرْئِيِّ. وَالْمِرْآةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ: الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا، وَجَمْعُهَا الْمَرَائِي وَالْكَثِيرُ الْمَرَايَا، وَقِيلَ: مَنْ حَوَّلَ الْهَمْزَةَ قَاْلَ الْمَرَايَا قَاْلَ أَبُو زَيْدٍ: تَرَاءَيْتُ فِي الْمِرْآةِ تَرَائِيًا وَرَأَيْتُ الرَّجُلَ تَرْئِيَةً إِذَا أَمْسَكْتَ لَهُ الْمِرْآةَ لِيَنْظُرَ فِيهَا. وَأَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا تَرَاءَى فِي الْمِرْآةِ، وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
إِذَا الْفَتَى لَمْ يَرْكَبِ الْأَهْوَالَا     فَأَعْطِهِ الْمِرْآةَ وَالْمِكْحَالَا
وَاسْعَ لَهُ وَعُدَّهُ عِيَالَا
وَالرُّؤْيَا: مَا رَأَيْتَهُ فِي مَنَامِكَ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ رُيَّا، قَالَ: وَهَذَا عَلَى الْإِدْغَامِ بَعْدَ التَّخْفِيفِ الْبَدَلِيِّ، شَبَّهُوا وَاوَ رُويَا الَّتِي هِيَ فِي الْأَصْلِ هَمْزَةٌ مُخَفَّفَةٌ بِالْوَاوِ الْأَصْلِيَّةِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ فِيهَا الْهَمْزُ، نَحْوُ لَوَيْتُ لَيًّا وَشَوَيْتُ شَيًّا، وَكَذَلِكَ حَكَى أَيْضًا رِيَّا، أَتْبَعَ الْيَاءَ الْكَسْرَةَ ڪَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْيَاءِ الْوَضْعِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَاْلَ بَعْضُهُمْ فِي تَخْفِيفِ رُؤْيَا رِيَّا – بِكَسْرِ الرَّاءِ – وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ڪَانَ التَّخْفِيفُ يُصَيِّرُهَا إِلَى رُويَا ثُمَّ شُبِّهَتِ الْهَمْزَةُ الْمُخَفَّفَةُ بِالْوَاوِ الْمُخَلَّصَةِ نَحْوُ قَوْلِهِمْ قَرْنٌ أَلْوَى وَقُرُونٌ لُيٌّ وَأَصْلُهَا لُويٌ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ إِلَى الْيَاءِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَكُنْ أَقْيَسُ الْقَوْلَيْنِ قَلْبَهَا، ڪَذَلِكَ أَيْضًا ڪُسِرَتِ الرَّاءُ فَقِيلَ رِيَّا ڪَمَا قِيلَ قُرُونٌ لِيٌّ، فَنَظِيرُ قَلْبِ وَاوِ رُؤْيَا إِلْحَاقُ التَّنْوِينِ مَا فِيهِ اللَّامُ، وَنَظِيرُ ڪَسْرِ الرَّاءِ إِبْدَالُ الْأَلِفِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُنَوَّنِ الْمَنْصُوبِ مِمَّا فِيهِ اللَّامُ نَحْوُ الْعِتَابَا، وَهِيَ الرُّؤَى. وَرَأَيْتُ عَنْكَ رُؤًى حَسَنَةً: حَلَمْتُهَا وَأَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا ڪَثُرَتْ رُؤَاهُ بِوَزْنِ رُعَاهُ، وَهِيَ أَحْلَامُهُ جَمْعُ الرُّؤْيَا. وَرَأَى فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا، عَلَى فُعْلَى بِلَا تَنْوِينٍ، وَجَمْعُ الرُّؤْيَا رُؤًى – بِالتَّنْوِينِ – مِثْلُ رُعًى، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ الرُّؤْيَا فِي الْيَقَظَةِ، قَاْلَ الرَّاعِي:
فَكَبَّرَ لِلرُّؤْيَا وَهَشَّ فُؤَادُهُ     وَبَشَّرَ نَفْسًا ڪَانَ قَبْلُ يَلُومُهَا
وَعَلَيْهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ قَاْلَ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ:
وَرُؤْيَاكَ أَحْلَى فِي الْعُيُونِ مِنَ الْغَمْضِ
التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ ڪُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ إِذَا تَرَكَتِ الْعَرَبُ الْهَمْزَ مِنَ الرُّؤْيَا قَالُوا الرُّويَا طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، فَإِذَا ڪَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ تَحْوِيلُ الْوَاوِ إِلَى الْيَاءِ قَالُوا: لَا تَقْصُصْ رُيَّاكَ – فِي الْكَلَامِ – وَأَمَّا فِي الْقُرْآنِ فَلَا يَجُوزُ، وَأَنْشَدَ أَبُو الْجَرَّاحِ:
لَعِرْضٌ مِنَ الْأَعْرَاضِ يُمْسِي حَمَامُهُ     وَيُضْحِي عَلَى أَفْنَانِهِ الْغِينِ يَهْتِفُ
أَحَبُّ إِلَى قَلْبِي مِنَ الدِّيكِ رُيَّةً     وَبَابٍ إِذَا مَا مَالَ لِلْغَلْقِ يَصْرِفُ
أَرَادَ رُؤْيَةً، فَلَمَّا تَرَكَ الْهَمْزَ وَجَاءَتْ وَاوٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَهَا يَاءٌ تَحَوَّلَتَا يَاءً مُشَدَّدَةً، ڪَمَا يُقَالُ لَوَيْتُهُ لَيًّا وَكَوَيْتُهُ ڪَيًّا، وَالْأَصْلُ لَوْيًا وَكَوْيًا، قَالَ: وَإِنْ أَشَرْتَ فِيهَا إِلَى الضَّمَّةِ فَقُلْتَ رُيَّا فَرَفَعْتَ الرَّاءَ فَجَائِزٌ، وَتَكُونُ هَذِهِ الضَّمَّةُ مِثْلَ قَوْلِهِ وَحُيِلَ وَسُيِقَ بِالْإِشَارَةِ. وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَعْرَابِيًّا يَقْرَأُ: إِنْ ڪُنْتُمْ لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: رَأَيْتُ رُيَّا حَسَنَةً، قَالَ: وَلَا تُجْمَعُ الرُّؤْيَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: تُجْمَعُ الرُّؤْيَا رُؤًى ڪَمَا يُقَالُ عُلْيًا وَعُلًى. وَالرَّئِيُّ وَالرِّئِيُّ: الْجِنِّيُّ يَرَاهُ الْإِنْسَانُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَهُ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ وَرِئِيٌّ إِذَا ڪَانَ يُحِبُّهُ وَيُؤَالِفُهُ، وَتَمِيمٌ تَقُولُ رِئِيٌّ – بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ – مِثْلُ سِعِيدٍ وَبِعِيرٍ. اللَّيْثُ: الرَّئِيُّ جِنِّيٌّ يَتَعَرَّضُ لِلرَّجُلِ يُرِيهِ ڪَهَانَةً وَطِبًّا، يُقَالُ: مَعَ فُلَانٍ رَئِيٌّ. قَاْلَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: بِهِ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ بِوَزْنِ رَعِيٍّ وَهُوَ الَّذِي يَعْتَادُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْجِنِّ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا صَارَ لَهُ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَاْلَ لِسَوَادِ بْنِ قَارِبٍ: أَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ. يُقَالُ لِلتَّابِعِ مِنَ الْجِنِّ: رَئِيٌّ بِوَزْنِ ڪَمِيٍّ، وَهُوَ فَعِيلٌ أَوْ فَعَوْلٌ سُمِّيَ بِهِ; لِأَنَّهُ يَتَرَاءَى لِمَتْبُوعِهِ أَوْ هُوَ مِنَ الرَّأْيِ، مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ رَئِيُّ قَوْمِهِ إِذَا ڪَانَ صَاحِبَ رَأْيِهِمْ، قَالَ: وَقَدْ تُكْسَرُ رَاؤُهُ لِاتِّبَاعِهَا مَا بَعْدَهَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ: فَإِذَا رَئِيٌّ مِثْلُ نَحْيٍ، يَعْنِي حَيَّةً عَظِيمَةً ڪَالزِّقِّ، سَمَّاهَا بِالرَّئِيِّ الْجِنِّ; لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَيَّاتِ مِنْ مَسْخِ الْجِنِّ، وَلِهَذَا سَمَّوْهُ شَيْطَانًا وَحُبَابًا وَجَانًّا. وَيُقَالُ: بِهِ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ  أَيْ: مَسٌّ. وَتَرَاءَى لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْجِنِّ، وَلِلِاثْنَيْنِ تَرَاءَيَا، وَلِلْجَمْعِ تَرَاءَوْا. وَأَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا تَبَيَّنَتِ الرَّأْوَةُ فِي وَجْهِهِ، وَهِيَ الْحَمَاقَةُ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ عَلَى وَجْهِهِ رَأْوَةُ الْحُمْقِ إِذَا عَرَفْتَ الْحُمْقَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ تُخْبَرَهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ فِي وَجْهِهِ لَرَأْوَةً أَيْ: نَظْرَةً وَدَمَامَةً، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ رَأْوَةَ الْحُمْقِ. قَاْلَ أَبُو عَلِيٍّ: حَكَى يَعْقُوبُ عَلَى وَجْهِهِ رَأْوَةٌ، قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ مِثْلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي تَصْرِيفِ رَأَى. وَرَأْوَةُ الشَّيْءِ: دَلَالَتُهُ. وَعَلَى فُلَانٍ رَأْوَةُ الْحُمْقِ أَيْ: دَلَالَتُهُ. وَالرَّئِيُّ وَالرِّئِيُّ: الثَّوْبُ يُنْشَرُ لِلْبَيْعِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ. التَّهْذِيبُ: الرِّئْيُ بِوَزْنِ الرِّعْيِ بِهَمْزَةٍ مُسَكَّنَةٍ الثَّوْبُ الْفَاخِرُ الَّذِي يُنْشَرُ لِيُرَى حُسْنُهُ، وَأَنْشَدَ:
بِذِي الرِّئْيِ الْجَمِيلِ مِنَ الْأَثَاثِ
وَقَالُوا: رَأْيَ عَيْنِي زِيدٌ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ الْمَصَادِرِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَنَظِيرُهُ سَمْعَ أُذُنِي، وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا فِي الْمُتَعَدِّيَاتِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَاْلَ أَبُو زَيْدٍ: بِعَيْنٍ مَا أَرَيَنَّكَ أَيِ: اعْجَلْ وَكُنْ ڪَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكَ. وَفِي حَدِيثِ حَنْظَلَةَ: تُذَكِّرُنَا بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ڪَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ. تَقُولُ: جَعَلْتُ الشَّيْءَ رَأْيَ عَيْنِكَ وَبِمَرْأًى مِنْكَ أَيْ: حِذَاءَكَ وَمُقَابِلَكَ بِحَيْثُ تَرَاهُ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: ڪَأَنَّا نَرَاهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ. وَالتَّرْئِيَةُ، بِوَزْنِ التَّرْعِيَةِ: الرَّجُلُ الْمُخْتَالُ، وَكَذَلِكَ التَّرَائِيَةُ بِوَزْنِ التَّرَاعِيَةِ. وَالتَّرِيَّةُ وَالتَّرِّيَّةُ وَالتَّرْيَةُ، الْأَخِيرَةُ نَادِرَةٌ: مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنْ صُفْرَةٍ أَوْ بَيَاضٍ أَوْ دَمٍ قَلِيلٍ عِنْدَ الْحَيْضِ، وَقَدْ رَأَتْ، وَقِيلَ: التَّرِيَّةُ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَعْرِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ حَيْضَهَا مِنْ طُهْرِهَا، وَهُوَ مِنَ الرُّؤْيَةِ. وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: ذَاتُ التَّرِيَّةِ، وَهِيَ الدَّمُ الْقَلِيلُ، وَقَدْ رَأَتْ تَرِيَّةً أَيْ: دَمًا قَلِيلًا. اللَّيْثُ: التَّرِّيَّةُ مُشَدَّدَةُ الرَّاءِ وَالتَّرِيَّةُ خَفِيفَةُ الرَّاءِ، وَالتَّرْيَةُ بِجَزْمِ الرَّاءِ ڪُلُّهَا لُغَاتٌ، وَهُوَ مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنْ بَقِيَّةِ مَحِيضِهَا مِنْ صُفْرَةٍ أَوْ بَيَاضٍ، قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: ڪَأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ تَرْئِيَةٌ، وَهِيَ تَفْعِلَةٌ مِنْ رَأَيْتُ، ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ، فَقِيلَ تَرْيِيَةٌ ثُمَّ أُدْغِمَتِ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ، فَقِيلَ: تَرِيَّةٌ. أَبُو عُبَيْدٍ: التِّرِيَّةُ فِي بَقِيَّةِ حَيْضِ الْمَرْأَةِ أَقَلُّ مِنَ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ وَأَخْفَى، تَرَاهَا الْمَرْأَةُ عِنْدَ طُهْرِهَا لِتَعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا، قَاْلَ شَمِرٌ: وَلَا تَكُونُ التَّرِيَّةُ إِلَّا بَعْدَ الِاغْتِسَالِ، فَأَمَّا مَا ڪَانَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ فَلَيْسَ بِتَرِيَّةٍ، وَهُوَ حَيْضٌ وَذَكَرَ الْأَزْهَرِيُّ هَذَا فِي تَرْجَمَةِ التَّاءِ وَالرَّاءِ مِنَ الْمُعْتَلِّ. قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّرِيَّةُ الشَّيْءُ الْخَفِيُّ الْيَسِيرُ مِنَ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ تَرَاهَا الْمَرْأَةُ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ. وَقَدْ رَأَتِ الْمَرْأَةُ تَرِيئَةً إِذَا رَأَتِ الدَّمَ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْحَيْضِ، وَقِيلَ: التَّرِيَّةُ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْأَصْلُ فِي تَرِيَّةٍ تَرْئِيَةٌ، فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى الرَّاءِ فَبَقِيَ تَرِئْيَةٌ ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا ڪَمَا فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمَرَاةِ وَالْكَمَاةِ، وَالْأَصْلُ الْمَرْأَةُ فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إِلَى الرَّاءِ ثُمَّ أُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ أَلِفًا لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا. وَفِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: ڪُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ وَالتَّرِيَّةَ شَيْئًا، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ الْأَثِيرِ تَفْسِيرَهُ فَقَالَ: التَّرِيَّةُ – بِالتَّشْدِيدِ – مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْحَيْضِ وَالِاغْتِسَالِ مِنْهُ مِنْ ڪُدْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ الْبَيَاضُ الَّذِي تَرَاهُ عِنْدَ الطُّهْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَعْرِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ حَيْضَهَا مِنْ طُهْرِهَا، وَالتَّاءُ فِيهَا زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ مِنَ الرُّؤْيَةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْهَمْزُ، وَلَكِنَّهُمْ تَرَكُوهُ وَشَدَّدُوا الْيَاءَ فَصَارَتِ اللَّفْظَةُ ڪَأَنَّهَا فَعِيلَةٌ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُشَدِّدُ الرَّاءَ وَالْيَاءَ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَائِضَ إِذَا طَهُرَتْ وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ عَادَتْ رَأَتْ صُفْرَةً أَوْ ڪُدْرَةً لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي طُهْرِهَا. وَتَرَاءَى الْقَوْمُ: رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَتَرَاءَى لِي وَتَرَأَّى، عَنْ ثَعْلَبٍ: تَصَدَّى لِأَرَاهُ. وَرَأَى الْمَكَانُ الْمَكَانَ: قَابَلَهُ حَتَّى ڪَأَنَّهُ يَرَاهُ، قَاْلَ سَاعِدَةُ:
لَمَّا رَأَى نَعْمَانَ حَلَّ بِكِرْفِئٍ     عَكِرٍ ڪَمَا لَبَجَ النُّزُولَ الْأَرْكُبُ
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: وَأَرْنَا مَنَاسِكَنَا، وَهُوَ نَادِرٌ لِمَا يَلْحَقُ الْفِعْلَ مِنَ الْإِجْحَافِ وَأَرْأَتِ النَّاقَةُ وَالشَّاةُ مِنَ الْمَعَزِ وَالضَّأْنِ، بِتَقْدِيرِ أَرْعَتْ وَهِيَ مُرْءٍ وَمُرْئِيَةٌ: رُؤِيَ فِي ضَرْعِهَا الْحَمْلُ وَاسْتُبِينَ وَعَظُمَ ضَرْعُهَا، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَجَمِيعُ الْحَوَامِلِ إِلَّا فِي الْحَافِرِ وَالسَّبُعِ. وَأَرْأَتِ الْعَنْزُ: وَرِمَ حَيَاؤُهَا، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِيهَا. التَّهْذِيبُ: أَرْأَتِ الْعَنْزُ خَاصَّةً، وَلَا يُقَالُ لِلنَّعْجَةِ أَرْأَتْ، وَلَكِنْ يُقَالُ أَثْقَلَتْ لِأَنَّ حَيَاءَهَا لَا يَظْهَرُ. وَأَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا اسْوَدَّ ضَرْعُ شَاتِهِ. وَتَرَاءَى النَّخْلُ: ظَهَرَتْ أَلْوَانُ بُسْرِهِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكُلُّهُ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ. وَدُورُ الْقَوْمِ مِنَّا رِئَاءٌ أَيْ: مُنْتَهَى الْبَصَرِ حَيْثُ نَرَاهُمْ. وَهُمْ مِنِّي مَرْأًى وَمَسْمَعٌ، وَإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَ، وَهُوَ مِنَ الظُّرُوفِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ مُجْرَى غَيْرِ الْمَخْصُوصَةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ مَنَاطَ الثُّرَيَّا وَمَدْرَجَ السُّيُولِ، وَمَعْنَاهُ: هُوَ مِنِّي بِحَيْثُ أَرَاهُ وَأَسْمَعُهُ. وَهُمْ رِئَاءُ أَلْفٍ أَيْ: زُهَاءُ أَلْفٍ فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ. وَرَأَيْتُ زَيْدًا حَلِيمًا: عَلِمْتُهُ وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ. وَقَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ): أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَلَمْ تَعْلَمْ أَيْ: أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلَى هَؤُلَاءِ، وَمَعْنَاهُ اعْرِفْهُمْ يَعْنِي عُلَمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عَلِمَ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ تَرَ أَلَمْ تُخْبِرْ، وَتَأْوِيلُهُ سُؤَالٌ فِيهِ إِعْلَامٌ، وَتَأْوِيلُهُ أَعْلِنْ قِصَّتَهُمْ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى فُلَانٍ، وَأَلَمْ تَرَ إِلَى ڪَذَا، وَهِيَ ڪَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ، وَعِنْدَ تَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ، ڪَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ أَيْ: أَلَمْ تَعْجَبْ لِفِعْلِهِمْ، وَأَلَمْ يَنْتَهِ شَأْنُهُمْ إِلَيْكَ. وَأَتَاهُمْ حِينَ جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْيًا وَرَأْيٌ رَأْيًا أَيْ: حِينَ اخْتَلَطَ الظَّلَامُ فَلَمْ يَتَرَاءَوْا. وَارْتَأَيْنَا فِي الْأَمْرِ وَتَرَاءَيْنَا: نَظَرْنَاهُ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – وَذَكَرَ الْمُتْعَةَ: ارْتَأَى امْرُؤٌ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ أَنْ يَرْتَئِيَ أَيْ: فَكَّرَ وَتَأَنَّى، قَالَ: وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْ رُؤْيَةِ الْقَلْبِ أَوْ مِنَ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ ڪُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، قِيلَ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: أَيْ: يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَاعِدَ مَنْزِلَهُ عَنْ مَنْزِلِ الْمُشْرِكِ وَلَا يَنْزِلَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي إِذَا أُوقِدَتْ فِيهِ نَارُهُ تَلُوحُ وَتَظْهَرُ لِنَارِ الْمُشْرِكِ إِذَا أَوْقَدَهَا فِي مَنْزِلِهِ، وَلَكِنَّهُ يَنْزِلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِهِمْ، وَإِنَّمَا ڪَرِهَ مُجَاوِرَةَ الْمُشْرِكِينَ; لِأَنَّهُمْ لَا عَهْدَ لَهُمْ وَلَا أَمَانَ وَحَثَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ بِلَادَ الْمُشْرِكِينَ فَيَكُونَ مَعَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَرَى  ڪُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَارَ صَاحِبِهِ. وَالتَّرَائِي: تَفَاعُلٌ مِنَ الرُّؤْيَةِ. يُقَالُ: تَرَاءَى الْقَوْمُ إِذَا رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَتَرَاءَى لِي الشَّيْءُ أَيْ: ظَهَرَ حَتَّى رَأَيْتُهُ، وَإِسْنَادُ التَّرَائِي إِلَى النَّارَيْنِ مَجَازٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَارِي تَنْظُرُ إِلَى دَارِ فُلَانٍ أَيْ: تُقَابِلُهَا يَقُولُ نَارَاهُمَا مُخْتَلِفَتَانِ، هَذِهِ تَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَهَذِهِ تَدْعُو إِلَى الشَّيْطَانِ، فَكَيْفَ تَتَّفِقَانِ؟ وَالْأَصْلُ فِي تَرَاءَى تَتَرَاءَى فَحُذِفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا. وَيُقَالُ: تَرَاءَيْنَا فُلَانًا أَيْ: تَلَاقَيْنَا فَرَأَيْتُهُ وَرَآنِي. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا: أَيْ: لَا يَتَّسِمُ الْمُسْلِمُ بِسِمَةِ الْمُشْرِكِ وَلَا يَتَشَبَّهُ بِهِ فِي هَدْيِهِ وَشَكْلِهِ وَلَا يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِهِ، مِنْ قَوْلِكَ مَا نَارُ بَعِيرِكَ أَيْ: مَا سِمَةُ بَعِيرِكَ، وَقَوْلُهُمْ: دَارِي تَرَى دَارَ فُلَانٍ أَيْ: تُقَابِلُهَا، وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
سَلِ الدَّارَ مِنْ جَنْبَيْ حِبِرٍّ فَوَاحِفِ     إِلَى مَا رَأَى هَضْبَ الْقَلِيبِ الْمُصَبَّحِ
أَرَادَ: إِلَى مَا قَابَلَهُ. وَيُقَالُ: مَنَازِلُهُمْ رِئَاءٌ عَلَى تَقْدِيرِ رِعَاءٍ إِذَا ڪَانَتْ مُتَحَاذِيَةً، وَأَنْشَدَ:
لَيَالِيَ يَلْقَى سِرْبُ دَهْمَاءَ سِرْبَنَا     وَلَسْنَا بِجِيرَانٍ وَنَحْنُ رِئَاءُ
وَيُقَالُ: قَوْمٌ رِئَاءٌ يُقَابِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَذَلِكَ بُيُوتُهُمْ رِئَاءٌ. وَتَرَاءَى الْجَمْعَانِ: رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ رَمَلِ الطَّوَافِ: إِنَّمَا ڪُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ هُوَ فَاعَلْنَا مِنَ الرُّؤْيَةِ أَيْ: أَرَيْنَاهُمْ بِذَلِكَ أَنَّا أَقْوِيَاءُ. وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ عِلِّيِّينَ ڪَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي ڪَبِدِ السَّمَاءِ، قَاْلَ شَمِرٌ: يَتَرَاءَوْنَ أَيْ: يَتَفَاعَلُونَ أَيْ: يَرَوْنَ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ ڪَمَا تَرَوْنَ. وَالرَّأْيُ: مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَرْآءٌ، وَآرَاءٌ أَيْضًا مَقْلُوبٌ، وَرَئِيٌّ عَلَى فَعِيلٍ مِثْلُ ضَأْنٍ وَضَئِينٍ. وَفِي حَدِيثِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ: وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْيٌ. يُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ أَيْ: أَنَّهُ يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَيَقُولُ بِمَذْهَبِهِمْ، وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا، وَالْمُحَدِّثُونَ يُسَمُّونَ أَصْحَابَ الْقِيَاسِ أَصْحَابَ الرَّأْيِ يَعْنُونَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِآرَائِهِمْ فِيمَا يُشْكِلُ مِنَ الْحَدِيثِ أَوْ مَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ حَدِيثٌ وَلَا أَثَرٌ. وَالرَّأْيُ: الِاعْتِقَادُ، اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ، وَالْجَمْعُ آرَاءٌ، قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُكَسَّرْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي جَمْعِهِ أَرْءٍ مِثْلُ أَرْعٍ وَرُئِيٌّ وَرِئِيٌّ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَرَاءَى بِرَأْيِ فُلَانٍ إِذَا ڪَانَ يَرَى رَأْيَهُ وَيَمِيلُ إِلَيْهِ وَيَقْتَدِي بِهِ، وَأَمَّا مَا أَنْشَدَهُ خَلَفٌ الْأَحْمَرُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَمَا تَرَانِي رَجُلًا ڪَمَا تَرَى     أَحْمِلُ فَوْقِي بِزَّتِي ڪَمَا تَرَى
عَلَى قَلُوصٍ صَعْبَةٍ ڪَمَا تَرَى     أَخَافُ أَنْ تَطْرَحَنِي ڪَمَا تَرَى
فَمَا تَرَى فِيمَا تَرَى ڪَمَا تَرَى
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ أَنَّهَا لَوْ ڪَانَتْ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةً لَكَانَ الْخَطْبُ فِيهَا أَيْسَرَ، وَذَلِكَ لِأَنَّكَ ڪُنْتَ تَجْعَلُ وَاحِدًا مِنْهَا مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ ڪَقَوْلِكَ ڪَمَا تُبْصِرُ، وَالْآخَرَ مِنْ رُؤْيَةِ الْقَلْبِ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ فَيَصِيرُ ڪَقَوْلِكَ ڪَمَا تَعْلَمُ، وَالثَّالِثَ مِنْ رَأَيْتُ الَّتِي بِمَعْنَى الرَّأْيِ الِاعْتِقَادِ ڪَقَوْلِكَ فُلَانٌ يَرَى رَأْيَ الشُّرَاةِ أَيْ: يَعْتَقِدُ اعْتِقَادَهُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ فَحَاسَّةُ الْبَصَرِ هَاهُنَا لَا تَتَوَجَّهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى أَعْلَمَكَ اللَّهُ لِأَنَّهُ لَوْ ڪَانَ ڪَذَلِكَ لَوَجَبَ تَعَدِّيهِ إِلَى ثَلَاثَةِ مَفْعُولِينَ، وَلَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا مَفْعُولَانِ: أَحَدُهُمَا: الْكَافُ فِي أَرَاكَ، وَالْآخَرُ: الضَّمِيرُ الْمَحْذُوفُ لِلْغَائِبِ أَيْ: أَرَاكَهُ وَإِذَا تَعَدَّتْ أَرَى هَذِهِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الثَّالِثِ بُدٌّ، أَوَلَا تَرَاكَ تَقُولُ فُلَانٌ يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَا تَعْنِي أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَدَّعُونَ هُمْ عِلْمَهُ، وَإِنَّمَا تَقُولُ إِنَّهُ يَعْتَقِدُ مَا يَعْتَقِدُونَ وَإِنْ ڪَانَ هُوَ وَهُمْ عِنْدَكَ غَيْرَ عَالِمِينَ بِأَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ، فَهَذَا قِسْمٌ ثَالِثٌ لِرَأَيْتُ، قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلِذَلِكَ قُلْنَا لَوْ ڪَانَتِ الْأَبْيَاتُ ثَلَاثَةً لَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا إِيطَاءٌ لِاخْتِلَافِ الْمَعَانِي وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْأَلْفَاظُ، وَإِذْ هِيَ خَمْسَةٌ وَظَاهِرُ أَمْرِهَا أَنْ تَكُونَ إِيطَاءً لِاتِّفَاقِ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي جَمِيعًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ أَجْرَتِ الْمَوْصُولَ وَالصِّلَةَ مُجْرَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَنَزَّلَتْهُمَا مَنْزِلَةَ الْخَبَرِ الْمُنْفَرِدِ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ): وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْفَاعِلُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ ڪُلِّهَا وَحْدَهُ، وَالشَّيْءُ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَمَّا ڪَانَتِ الصِّلَةُ وَالْمَوْصُولُ ڪَالْخَبَرِ الْوَاحِدِ وَأَرَادَ عَطْفَ الصِّلَةِ جَاءَ مَعَهَا بِالْمَوْصُولِ لِأَنَّهُمَا ڪَأَنَّهُمَا ڪِلَاهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ مُفْرَدٌ، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَيَا ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنَةَ مَالِكٍ     وَيَا ابْنَةَ ذِي الْجَدَّيْنِ وَالْفَرَسِ الْوَرْدِ
إِذَا مَا صَنَعْتِ الزَّادَ فَالْتَمِسِي لَهُ     أَكِيلًا فَإِنِّي لَسْتُ آكُلُهُ وَحْدِي
فَإِنَّمَا أَرَادَ: أَيَا ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَالِكٍ وَذِي الْجَدَّيْنِ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ صَنَعْتِ وَلَمْ يَقُلْ صَنَعْتُنَّ؟ فَإِذَا جَازَ هَذَا فِي الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ ڪَانَ فِي الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ أَسْوَغَ; لِأَنَّ اتِّصَالَ الصِّلَةِ بِالْمَوْصُولِ أَشَدُّ مِنَ اتِّصَالِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ بِالْمُضَافِ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْأَعْرَابِيِّ وَقَدْ سَأَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
بَنَاتُ وَطَّاءٍ عَلَى خَدِّ اللَّيْلِ
فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ الْقَافِيَةُ؟ فَقَالَ: خَدِّ اللَّيْلِ، قَاْلَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ: ڪَأَنَّهُ يُرِيدُ الْكَلَامَ الَّذِي فِي آخِرِ الْبَيْتِ قَلَّ أَوْ ڪَثُرَ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا يَجْعَلُ مَا تَرَى وَمَا تَرَى جَمِيعًا الْقَافِيَةَ، وَيَجْعَلُ مَا مَرَّةً مَصْدَرًا وَمَرَّةً بِمَنْزِلَةِ الَّذِي فَلَا يَكُونُ فِي الْأَبْيَاتِ إِيطَاءٌ، قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَتَلْخِيصُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهَا أَمَا تَرَانِي رَجُلًا ڪَرُؤْيَتِكَ أَحْمِلُ فَوْقِي بِزَّتِي ڪَمَرْئِيِّكَ عَلَى قَلُوصٍ صَعْبَةٍ ڪَعِلْمِكَ أَخَافُ أَنْ تَطْرَحَنِي ڪَمَعْلُومِكَ فَمَا تَرَى فِيمَا تَرَى ڪَمُعْتَقَدِكَ، فَتَكُونُ مَا تَرَى مَرَّةً رُؤْيَةَ الْعَيْنِ، وَمَرَّةً مَرْئِيًّا، وَمَرَّةً عِلْمًا وَمَرَّةً مَعْلُومًا، وَمُرَّةً مُعْتَقَدًا، فَلَمَّا اخْتَلَفَتِ الْمَعَانِي الَّتِي وَقَعَتْ عَلَيْهَا مَا وَاتَّصَلَتْ بِهَا فَكَانَتْ جُزْءًا مِنْهَا لَاحِقًا بِهَا صَارَتِ الْقَافِيَةُ مَا تَرَى جَمِيعًا، ڪَمَا صَارَتْ فِي قَوْلِهِ خَدِّ اللَّيْلِ هِيَ خَدُّ اللَّيْلِ جَمِيعًا لَا اللَّيْلُ وَحْدَهُ، قَالَ: فَهَذَا قِيَاسٌ مِنَ الْقُوَّةِ بِحَيْثُ تَرَاهُ، فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا رَوِيُّ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ؟ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَوِيُّهَا الْأَلِفَ فَتَكُونُ مَقْصُورَةً يَجُوزُ مَعَهَا سَعَى وَأَتَى لِأَنَّ الْأَلِفَ لَامُ الْفِعْلِ ڪَأَلِفِ سَعَى وَسَلَا، قَالَ: وَالْوَجْهُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ رَائِيَّةً لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا قَدِ الْتُزِمَتْ، وَمِنْ غَالِبِ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ لَا تَلْتَزِمَ أَمْرًا إِلَّا مَعَ وُجُوبِهِ، وَإِنْ ڪَانَتْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ قَدْ تَتَطَوَّعُ بِالْتِزَامِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ وَأَدْوَنُهُمَا، وَالْآخَرُ أَنَّ الشِّعْرَ الْمُطْلَقَ أَضْعَافُ الشِّعْرِ الْمُقَيَّدِ، وَإِذَا جَعَلْتَهَا رَائِيَّةً فَهِيَ مُطْلَقَةٌ، وَإِذَا جَعَلْتَهَا أَلِفِيَّةً فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ جَمِيعَ مَا جَاءَ عَنْهُمْ مِنَ الشِّعْرِ الْمَقْصُورِ لَا تَجِدُ الْعَرَبَ تَلْتَزِمُ فِيهِ مَا قَبْلَ الْأَلِفِ بَلْ تُخَالِفُ لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ رَوِيًّا؟ وَأَنَّهَا قَدِ الْتَزَمَتِ الْقَصْرَ ڪَمَا تَلْتَزِمُ غَيْرَهُ مِنْ إِطْلَاقِ حَرْفِ الرَّوِيِّ، وَلَوِ الْتَزَمَتْ مَا قَبْلَ الْأَلِفِ لَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى إِلْبَاسِ الْأَمْرِ الَّذِي قَصَدُوا لِإِيضَاحِهِ، أَعْنِي الْقَصْرَ الَّذِي اعْتَمَدُوهُ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا عِنْدِي قَصِيدَةُ يَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ، الَّتِي فِيهَا مُنْهَوِي وَمُدَّوِي وَمُرْعَوِي وَمُسْتَوِي، هِيَ وَاوِيَّةٌ عِنْدَنَا لِالْتِزَامِهِ الْوَاوَ فِي جَمِيعِهَا وَالْيَاءَاتُ بَعْدَهَا وُصُولٌ لِمَا ذَكَرْنَا. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ رَأْيُ الْقَلْبِ وَالْجَمْعُ الْآرَاءُ وَيُقَالُ: مَا أَضَلَّ آرَاءَهُمْ وَمَا أَضَلَّ رَأْيَهُمْ. وَارْتَآهُ هُوَ: افْتَعَلَ مِنَ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ. وَاسْتَرْأَيْتُ الرَّجُلَ فِي الرَّأْيِ أَيِ: اسْتَشَرْتُهُ وَرَاءَيْتُهُ. وَهُوَ يُرَائِيهِ أَيْ: يُشَاوِرُهُ، وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ:
فَإِنْ تَكُنْ حِينَ شَاوَرْنَاكَ قُلْتَ لَنَا     بِالنُّصْحِ مِنْكَ لَنَا فِيمَا نُرَائِيكَا
أَيْ: نَسْتَشِيرُكَ. قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ): يُرَاءُونَ النَّاسَ وَقَوْلُهُ: يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ فَلَيْسَ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ إِذَا أَبْصَرَهُمُ النَّاسُ صَلَّوْا وَإِذَا لَمْ يَرَوْهُمْ تَرَكُوا الصَّلَاةَ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ): بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَهُوَ الْمُرَائِي ڪَأَنَّهُ يُرِي النَّاسَ أَنَّهُ يَفْعَلُ وَلَا يَفْعَلُ بِالنِّيَّةِ. وَأَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا أَظْهَرَ عَمَلًا صَالِحًا رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَأَمَّا قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ يَهْجُو قَوْمًا وَيَرْمِي امْرَأَةً مِنْهُمْ بِغَيْرِ الْجَمِيلِ:
وَبَاتَ يُرَاآهَا حَصَانًا وَقَدْ جَرَتْ     لَنَا بُرَتَاهَا بِالَّذِي أَنَا شَاكِرُهْ
قَوْلُهُ: يُرَاآهَا يَظُنُّ أَنَّهَا ڪَذَا، وَقَوْلُهُ: لَنَا بُرَتَاهَا مَعْنَاهُ أَنَّهَا أَمْكَنَتْهُ مِنْ رِجْلَيْهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: الْعَرَبُ تَقُولُ أَرَى اللَّهُ بِفُلَانٍ أَيْ: أَرَى اللَّهُ النَّاسَ بِفُلَانٍ الْعَذَابَ وَالْهَلَاكَ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الشَّرِّ، قَاْلَ الْأَعْشَى:
وَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ عَمْ     دًا خَسَّهَا وَأَرَى بِهَا
يَعْنِي قَبِيلَةً ذَكَرَهَا أَيْ: أَرَى اللَّهُ بِهَا عَدُوَّهَا مَا شَمِتَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَيْ: أَرَى اللَّهُ بِهَا أَعْدَاءَهَا مَا يَسُرُّهُمْ، وَأَنْشَدَ:
أَرَانَا اللَّهُ بِالنَّعَمِ الْمُنَدَّى
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَرَى اللَّهُ بِفُلَانٍ أَيْ: أَرَى بِهِ مَا يَشْمَتُ بِهِ عَدُوُّهُ. وَأَرِنِي الشَّيْءَ: عَاطِنِيهِ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مَرْآةٌ أَنْ يَفْعَلَ ڪَذَا أَيْ: مَخْلَقَةٌ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَقَالَ: هُوَ أَرْآهُمْ; لِأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَيْ: أَخْلَقُهُمْ. وَحَكَى ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: لَوْ تَرَ مَا وَأَوْ تَرَ مَا وَلَمْ تَرَ مَا مَعْنَاهُ ڪُلُّهُ عِنْدَهُ وَلَا سِيَّمَا. وَالرِّئَةُ، تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ: مَوْضِعُ النَّفَسِ وَالرِّيحِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ رِئَاتٌ وَرِئُونَ، عَلَى مَا يَطَّرِدُ فِي هَذَا النَّحْوِ، قَالَ:
فَغِظْنَاهُمُ حَتَّى أَتَى الْغَيْظُ مِنْهُمُ     قُلُوبًا وَأَكْبَادًا لَهُمْ وَرِئِينَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا جَازَ جَمْعُ هَذَا وَنَحْوِهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لِأَنَّهَا أَسْمَاءٌ مَجْهُودَةٌ مُنْتَقِصَةٌ وَلَا يُكَسَّرُ هَذَا الضَّرْبُ فِي أَوَّلِيَّتِهِ وَلَا فِي حَدِّ التَّسْمِيَةِ، وَتَصْغِيرُهَا رُؤَيَّةٌ، وَيُقَالُ رُوَيَّةٌ، قَاْلَ الْكُمَيْتُ:
يُنَازِعْنَ الْعَجَاهِنَةَ الرِّئِينَا
وَرَأَيْتُهُ: أَصَبْتُ رِئَتَهُ. وَرُؤِيَ رَأْيًا: اشْتَكَى رِئَتَهُ. غَيْرُهُ: وَأَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا اشْتَكَى رِئَتَهُ. الْجَوْهَرِيُّ الرِّئَةُ السَّحْرُ، مَهْمُوزَةٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى رِئِينَ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ. وَفِي حَدِيثِ لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: وَلَا تَمْلَأُ رِئَتِي جَنْبِي، الرِّئَةُ الَّتِي فِي الْجَوْفِ: مَعْرُوفَةٌ، يَقُولُ: لَسْتُ بِجَبَانٍ تَنْتَفِخُ رِئَتِي فَتَمْلَأُ جَنْبِي، قَالَ: هَكَذَا ذَكَرَهَا الْهَرَوِيُّ: وَالثَّوْرُ يَرِي الْكَلْبَ إِذَا طَعَنَهُ فِي رِئَتِهِ. قَاْلَ ابْنُ بُزُرْجَ: وَرَيْتُهُ مِنَ الرِّئَةِ، فَهُوَ مَوْرِيٌّ، وَوَتَنْتُهُ فَهُوَ مَوْتُونٌ وَشَوَيْتُهُ فَهُوَ مَشْوِيٌّ إِذَا أَصَبْتَ رِئَتَهُ وَشَوَاتَهُ وَوَتِينَهُ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مِنَ الرِّئَةِ رَأَيْتُهُ فَهُوَ مَرْئِيٌّ إِذَا أَصَبْتَهُ فِي رِئَتِهِ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الضَّيْمَ حَامِضُ الرِّئَتَيْنِ، قَاْلَ دُرَيْدٌ:
إِذَا عِرْسُ امْرِئٍ شَتَمَتْ أَخَاهُ     فَلَيْسَ بِحَامِضِ الرِّئَتَيْنِ مَحْضِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: وَقَدْ وَرَى الْبَعِيرَ الدَّاءُ أَيْ: وَقَعَ فِي رِئَتِهِ وَرْيًا. وَرَأَى الزَّنْدُ: وَقَدَ، عَنْ ڪُرَاعٍ، وَرَأَيْتُهُ أَنَا، وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وَجَذْبُ الْبُرَى أَمْرَاسَ نَجْرَانَ رُكِّبَتْ     أَوَاخِيُّهَا بِالْمُرْأَيَاتِ الرَّوَاجِفِ
يَعْنِي أَوَاخِيَّ الْأَمْرَاسِ، وَهَذَا مَثَلٌ، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: رَأْسٌ مُرْأًى بِوَزْنِ مُرْعًى طَوِيلُ الْخَطْمِ فِيهِ شَبِيهٌ بِالتَّصْوِيبِ ڪَهَيْئَةِ الْإِبْرِيقِ، وَقَالَ نُصَيْرٌ:
رُؤُوسٌ مُرْأَيَاتٌ ڪَأَنَّهَا قَرَاقِيرُ
قَالَ: وَهَذَا لَا أَعْرِفُ لَهُ فِعْلًا وَلَا مَادَّةً. وَقَالَ النَّضْرُ: الْإِرْآءُ انْتِكَابُ خَطْمِ الْبَعِيرِ عَلَى حَلْقِهِ، يُقَالُ: جَمَلٌ مُرْأًى وَجِمَالٌ مُرْآةٌ. الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ لِكُلِّ سَاكِنٍ لَا يَتَحَرَّكُ سَاجٍ وَرَاهٍ وَرَاءٍ، قَاْلَ شَمِرٌ: لَا أَعْرِفُ رَاءً بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ رَاهٍ، فَجَعَلَ بَدَلَ الْهَاءِ يَاءً. وَأَرْأَى الرَّجُلُ إِذَا حَرَّكَ بِعَيْنَيْهِ عِنْدَ النَّظَرِ تَحْرِيكًا ڪَثِيرًا وَهُوَ يُرْئِي بِعَيْنَيْهِ. وَسَامَرَّا: الْمَدِينَةُ الَّتِي بَنَاهَا الْمُعْتَصِمُ، وَفِيهَا لُغَاتٌ: سُرَّ مَنْ رَأَى، وَسَرَّ مَنْ رَأَى، وَسَاءَ مَنْ رَأَى، وَسَامَرَّا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ثَعْلَبٍ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ، وَسُرَّ مَنْ رَاءَ، وَسُرَّ مَرَّا، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا التِّبْرِيزِيِّ أَنَّهُ قَالَ: ثَقُلَ عَلَى النَّاسِ سُرَّ مَنْ رَأَى فَغَيَّرُوهُ إِلَى عَكْسِهِ فَقَالُوا: سَامَرَّى، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ أَنَّهُمْ حَذَفُوا الْهَمْزَةَ مِنْ سَاءَ وَمِنْ رَأَى فَصَارَ سَا مَنْ رَى، ثُمَّ أُدْغِمَتِ النُّونُ فِي الرَّاءِ فَصَارَ سَامَرَّى، وَمَنْ قَاْلَ سَامَرَّاءُ فَإِنَّهُ أَخَّرَ هَمْزَةَ رَأَى فَجَعَلَهَا بَعْدَ الْأَلِفِ فَصَارَ سَا مَنْ رَاءَ، ثُمَّ أَدْغَمَ النُّونَ فِي الرَّاءِ. وَرُؤَيَّةٌ: اسْمُ أَرْضٍ، وَيُرْوَى بَيْتُ الْفَرَزْدَقِ:
هَلْ تَعْلَمُونَ غَدَاةَ يُطْرَدُ سَبْيُكُمْ     بِالسَّفْحِ بَيْنَ رُؤَيَّةٍ وَطِحَالِ؟
  وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ هُنَا: رَاءَ لُغَةٌ فِي رَأَى، وَالِاسْمُ الرِّيءُ. وَرَيَّأَهُ تَرْيِئَةً: فَسَّحَ عَنْهُ مِنْ خِنَاقِهِ. وَرَايَا فُلَانًا: اتَّقَاهُ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، وَيُقَالُ رَاءَهُ فِي رَآهُ، قَاْلَ ڪُثَيِّرٌ:
وَكُلُّ خَلِيلٍ رَاءَنِي فَهُوَ قَائِلٌ     مِنَ اجْلِكَ هَذَا هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
فَلَيْتَ سُوَيْدًا رَاءَ مَنْ فَرَّ مِنْهُمُ     وَمَنْ جَرَّ إِذْ يَحْدُونَهُمْ بِالرَّكَائِبِ
وَقَالَ آخَرُ:
وَمَا ذَاكِ مِنْ أَنْ لَا تَكُونِي حَبِيبَةً     وَإِنْ رِيءَ بِالْإِخْلَافِ مِنْكِ صُدُودُ
وَقَالَ آخَرُ:
تَقَرَّبَ يَخْبُو ضَوْءُهُ وَشُعَاعُهُ     وَمَصَّحَ حَتَّى يُسْتَرَاءَ فَلَا يُرَى
يُسْتَرَاءَ: يُسْتَفْعَلَ مِنْ رَأَيْتُ. التَّهْذِيبُ: قَاْلَ اللَّيْثُ يُقَالُ مِنَ الظَّنِّ رِيتُ فُلَانًا أَخَاكَ، وَمَنْ هَمَزَ قَاْلَ رُؤِيتُ، فَإِذَا قُلْتَ أَرَى وَأَخَوَاتُهَا لَمْ تَهْمِزْ، قَالَ: وَمَنْ قَلَبَ الْهَمْزَ مِنْ رَأَى قَاْلَ رَاءَ ڪَقَوْلِكَ نَأَى وَنَاءَ. وَرُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ ثُمَّ خَطَبَ فَرُؤِيَ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ فَأَتَاهُنَّ وَوَعَظَهُنَّ، قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: رُؤِيَ فِعْلٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ رَأَيْتُ بِمَعْنَى ظَنَنْتُ، وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، تَقُولُ رَأَيْتُ زَيْدًا عَاقِلًا، فَإِذَا بَنَيْتَهُ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ فَقُلْتَ رُؤِيَ زِيدٌ عَاقِلًا، فَقَوْلُهُ: إِنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ضَمِيرُهُ. وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: أَرَاهُمُنِي الْبَاطِلُ شَيْطَانًا، أَرَادَ أَنَّ الْبَاطِلَ جَعَلَنِي عِنْدَهُمْ شَيْطَانًا. قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهِ شُذُوذٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ ضَمِيرَ الْغَائِبِ إِذَا وَقَعَ مُتَقَدِّمًا عَلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُجَاءَ بِالثَّانِي مُنْفَصِلًا تَقُولُ أَعْطَاهُ إِيَّايَ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ أَرَاهُمْ إِيَّايَ، وَالثَّانِي: أَنَّ وَاوَ الضَّمِيرِ حَقُّهَا أَنَّ تَثْبُتَ مَعَ الضَّمَائِرِ ڪَقَوْلِكَ أَعْطَيْتُمُونِي، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ أَرَاهُمُونِي، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى، فَنَصَبَ الرَّاءَ مِنْ تُرَى، قَالَ: وَهُوَ وَجْهٌ جَيِّدٌ، يُرِيدُ مِثْلَ قَوْلِكَ رُؤِيتُ أَنَّكَ قَائِمٌ وَرُؤِيتُكَ قَائِمًا، فَيَجْعَلُ سُكَارَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ; لِأَنَّ تُرَى تَحْتَاجُ إِلَى شَيْئَيْنِ تَنْصِبُهُمَا ڪَمَا تَحْتَاجُ ظَنَّ. قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: رُؤِيتُ مَقْلُوبٌ، الْأَصْلُ فِيهِ أُرِيتُ، فَأُخِّرَتِ الْهَمْزَةُ، وَقِيلَ رُؤِيتُ، وَهُوَ بِمَعْنَى الظَّنِّ.

معنى كلمة رأي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


العودة إلى معجم لسان العرب حسب الحروف – قاموس عربي عربي

اترك تعليقاً