معنى كلمة جزي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
معنى كلمة جزي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
جَزِيَ: الْجَزَاءُ: الْمُكَافَأَةُ عَلَى الشَّيْءِ، جَزَاهُ بِهِ وَعَلَيْهِ جَزَاءً وَجَازَاهُ مُجَازَاةً وَجِزَاءً; وَقَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جَوَازِيَهُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَاْلَ ابْنُ جِنِّي: ظَاهِرُ هَذَا أَنْ تَكُونَ جَوَازِيَهُ جَمْعُ جَازٍ، أَيْ: لَا يَعْدَمُ جَزَاءً عَلَيْهِ، وَجَازَ أَنْ يُجْمَعَ جَزَاءٌ عَلَى جَوَازٍ لِمُشَابَهَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِلْمَصْدَرِ، فَكَمَا جُمِعَ سَيْلٌ عَلَى سَوَائِلَ، ڪَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَازِيَهُ جَمْعَ جَزَاءٍ. وَاجْتَزَاهُ: طَلَبَ مِنْهُ الْجَزَاءَ; قَالَ:
يَجْزُونَ بِالْقَرْضِ إِذَا مَا يُجْتَزَى
وَالْجَازِيَةُ: الْجَزَاءُ، اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ ڪَالْعَافِيَةِ. أَبُو الْهَيْثَمِ: الْجَزَاءُ يَكُونُ ثَوَابًا وَيَكُونُ عِقَابًا. قَاْلَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ ڪُنْتُمْ ڪَاذِبِينَ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ; قَالَ: مَعْنَاهُ: فَمَا عُقُوبَتُهُ إِنْ بَانَ ڪَذِبُكُمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ أَيْ: مَا عُقُوبَةُ السَّرِقِ عِنْدَكُمْ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ؟ قَالُوا: جَزَاءُ السَّرِقِ عِنْدَنَا مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ أَيِ: الْمَوْجُودُ فِي رَحْلِهِ ڪَأَنَّهُ قَالَ: جَزَاءُ السَّرِقِ عِنْدَنَا اسْتِرْقَاقُ السَّارِقِ الَّذِي يُوجَدُ فِي رَحْلِهِ سَنَةً، وَكَانَتْ سُنَّةَ آلِ يَعْقُوبَ. ثُمَّ وَكَّدَهُ فَقَالَ: فَهُوَ جَزَاؤُهُ. وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ جَزَيْتُهُ وَجَازَيْتُهُ فَقَالَ: قَاْلَ الْفَرَّاءُ: لَا يَكُونُ جَزَيْتُهُ إِلَّا فِي الْخَيْرِ وَجَازَيْتُهُ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ: وَغَيْرُهُ يُجِيزُ جَزَيْتُهُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَجَازَيْتُهُ فِي الشَّرِّ. وَيُقَالُ: هَذَا حَسْبُكَ مِنْ فُلَانٍ، وَجَازِيكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَهَذَا رَجُلٌ جَازِيكَ مِنْ رَجُلٍ أَيْ: حَسْبُكَ; وَأَمَّا قَوْلُهُ:
جَزَتْكَ عَنِّي الْجَوَازِي
فَمَعْنَاهُ: جَزَتْكَ جَوَازِي أَفْعَالِكَ الْمَحْمُودَةِ. وَالْجَوَازِي: مَعْنَاهُ: الْجَزَاءُ، جَمْعُ الْجَازِيَةِ مَصْدَرٌ عَلَى فَاعِلَةٍ، ڪَقَوْلِكَ: سَمِعْتُ رَوَاغِيَ الْإِبِلِ وَثَوَاغِيَ الشَّاءِ; قَاْلَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
فَإِنْ ڪُنْتَ تَشْكُو مِنْ خَلِيلٍ مَخَانَةً فَتِلْكَ الْجَوَازِي عُقْبُهَا وَنَصِيرُهَا
أَيْ: جُزِيتَ ڪَمَا فَعَلْتَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُ فِي خَلِيلَتِهِ; قَاْلَ الْقَطَامِيُّ:
وَمَا دَهْرِي يُمَنِّينِي وَلَكِنْ جَزَتْكُمْ يَا بَنِي جُشْمَ الْجَوَازِي
أَيْ: جَزَتْكُمْ جَوَازِيَ حُقُوقِكُمْ وَذِمَامِكُمْ وَلَا مِنَّةَ لِي عَلَيْكُمْ. الْجَوْهَرِيُّ: جَزَيْتُهُ بِمَا صَنَعَ جَزَاءً، وَجَازَيْتُهُ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: جَازَيْتُهُ فَجَزَيْتُهُ أَيْ: غَلَبْتُهُ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ: فُلَانٌ ذُو جَزَاءٍ وَذُو غَنَاءٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا. قَاْلَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ الْأَخْفَشُ إِلَى أَنَّ الْبَاءَ فِيهَا زَائِدَةٌ، قَالَ: وَتَقْدِيرُهَا عِنْدَهُ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا، وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا. قَاْلَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا مَذْهَبٌ حَسَنٌ، وَاسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنَّ الْآيَةَ قَدْ تَحْتَمِلُ مَعَ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ تَأْوِيلَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مَعَ مَا بَعْدَهَا هُوَ الْخَبَرُ، ڪَأَنَّهُ قَالَ: جَزَاءُ سَيِّئَةٍ ڪَائِنٌ بِمِثْلِهَا، ڪَمَا تَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا بِكَ أَيْ: ڪَائِنٌ مَوْجُودٌ بِكَ، وَذَلِكَ إِذَا صَغَّرْتَ نَفْسَكَ لَهُ. وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ: تَوَكُّلِي عَلَيْكَ، وَإِصْغَائِي إِلَيْكَ، وَتَوَجُّهِي نَحْوَكَ، فَتُخْبِرُ عَنِ الْمُبْتَدَإِ بِالظَّرْفِ الَّذِي فِعْلُ ذَلِكَ الْمَصْدَرِ يَتَنَاوَلُهُ، نَحْوَ قَوْلِكَ: تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ وَأَصْغَيْتُ إِلَيْكَ، وَتَوَجَّهْتُ نَحْوَكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الظُّرُوفَ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ أَخْبَارٌ عَنِ الْمَصَادِرِ قَبْلَهَا تَقَدُّمُهَا عَلَيْهَا. وَلَوْ ڪَانَتِ الْمَصَادِرُ قَبْلَهَا وَاصِلَةً إِلَيْهَا، وَمُتَنَاوِلَةً لَهَا لَكَانَتْ مِنْ صِلَاتِهَا، وَمَعْلُومٌ اسْتِحَالَةُ تَقَدُّمِ الصِّلَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى الْمَوْصُولِ، وَتَقَدُّمُهَا نَحْوُ قَوْلِكَ: عَلَيْكَ اعْتِمَادِي، وَإِلَيْكَ تَوَجُّهِي، وَبِكَ اسْتِعَانَتِي. قَالَ: وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي بِمِثْلِهَا مُتَعَلِّقَةً بِنَفْسِ الْجَزَاءِ، وَيَكُونُ الْجَزَاءُ مُرْتَفِعًا بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، ڪَأَنَّهُ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ڪَائِنٌ أَوْ وَاقِعٌ. التَّهْذِيبُ: وَالْجَزَاءُ الْقَضَاءُ. وَجَزَى هَذَا الْأَمْرُ أَيْ: قَضَى; وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا; يَعُودُ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ذَكَرَهُمَا مَرَّةً بِالْهَاءِ وَمَرَّةً بِالصِّفَةِ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ ڪَقَوْلِهِ: لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، وَتُضْمِرُ الصِّفَةَ ثُمَّ تُظْهِرُهَا فَتَقُولُ: لَا تَجْزِي فِيهِ نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، قَالَ: وَكَانَ الْكِسَائِيُّ لَا يُجِيزُ إِضْمَارَ الصِّفَةِ فِي الصِّلَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ إِضْمَارُ الْهَاءِ وَالصِّفَةِ وَاحِدٌ عِنْدَ الْفَرَّاءِ تَجْزِي وَتَجْزِي فِيهِ إِذَا ڪَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا; قَالَ: وَالْكِسَائِيُّ يُضْمِرُ الْهَاءَ، وَالْبَصْرِيُّونَ يُضْمِرُونَ الصِّفَةَ; وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: مَعْنَى لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا أَيْ: لَا تَجْزِي فِيهِ، وَقِيلَ: لَا تَجْزِيهِ، وَحَذْفُ فِي هَهُنَا سَائِغٌ; لِأَنَّ فِي مَعَ الظُّرُوفِ مَحْذُوفَةٌ. وَقَدْ تَقُولُ: أَتَيْتُكَ الْيَوْمَ وَأَتَيْتُكَ فِي الْيَوْمِ، فَإِذَا أَضْمَرْتَ قُلْتَ: أَتَيْتُكَ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: أَتَيْتُكَهُ; وَأَنْشَدَ:
وَيَوْمًا شَهِدْنَاهُ سُلَيْمًا وَعَامِرًا قَلِيلًا سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ نَوَافِلُهْ
أَرَادَ: شَهِدْنَا فِيهِ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا تَقْضِي فِيهِ نَفْسٌ شَيْئًا. يُقَالُ: جَزَيْتُ فُلَانًا حَقَّهُ أَيْ: قَضَيْتُهُ. وَأَمَرْتُ فُلَانًا يَتَجَازَى دَيْنِي أَيْ: يَتَقَاضَاهُ. وَتَجَازَيْتُ دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ إِذَا تَقَاضَيْتَهُ. وَالْمُتَجَازِي: الْمُتَقَاضِي. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا ڪَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ، وَكَانَ لَهُ ڪَاتِبٌ وَمُتَجَازٍ. وَهُوَ الْمُتَقَاضِي. يُقَالُ: تَجَازَيْتُ دَيْنِي عَلَيْهِ أَيْ: تَقَاضَيْتُهُ. وَفَسَّرَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا; فَقَالَ: مَعْنَاهُ: لَا تُغْنِي، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَجْزَيْتُكَ عَنْهُ أَيْ: أَغْنَيْتُكَ. وَتَجَازَى دَيْنَهُ: تَقَاضَاهُ. وَفِي صَلَاةِ الْحَائِضِ: قَدْ ڪُنَّ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَحِضْنَ أَفَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَجْزِينَ أَيْ: يَقْضِينَ؟. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا أَيْ: أَعْطَاهُ جَزَاءَ مَا أَسْلَفَ مِنَ طَاعَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: إِذَا أَجْرَيْتَ الْمَاءَ عَلَى الْمَاءِ جَزَى عَنْكَ. وَرُوِيَ بِالْهَمْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ. قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: أَكْثَرَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّهُ لِمَ خَصَّ الصَّوْمَ وَالْجَزَاءَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -، وَإِنْ ڪَانَتِ الْعِبَادَاتُ ڪُلُّهَا لَهُ، وَجَزَاؤُهَا مِنْهُ؟ وَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا مَدَارُهَا ڪُلُّهَا عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ سِرٌّ بَيْنَ اللَّهِ وَالْعَبْدِ، لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ، فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ صَائِمًا حَقِيقَةً إِلَّا وَهُوَ مُخْلِصٌ فِي الطَّاعَةِ، وَهَذَا وَإِنْ ڪَانَ ڪَمَا قَالُوا، فَإِنَّ غَيْرَ الصَّوْمِ مِنَ الْعِبَادَاتِ يُشَارِكُهُ فِي سِرِّ الطَّاعَةِ ڪَالصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، أَوْ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْرَارِ الْمُقْتَرِنَةِ بِالْعِبَادَاتِ الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا اللَّهُ وَصَاحِبُهَا. قَالَ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ مِنْ صَلَاةٍ وَحَجٍّ وَصَدَقَةٍ وَاعْتِكَافٍ وَتَبَتُّلٍ وَدُعَاءٍ وَقُرْبَانٍ وَهَدْيٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ قَدْ عَبَدَ الْمُشْرِكُونَ بِهَا مَا ڪَانُوا يَتَّخِذُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا. وَلَمْ يُسْمَعْ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ طَوَائِفِ الْمُشْرِكِينَ وَأَرْبَابِ النِّحَلِ فِي الْأَزْمَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَبَدَتْ آلِهَتَهَا بِالصَّوْمِ وَلَا تَقَرَّبَتْ إِلَيْهَا بِهِ، وَلَا عُرِفَ الصَّوْمُ فِي الْعِبَادَاتِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرَائِعِ، فَلِذَلِكَ قَاْلَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: الصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ. أَيْ: لَمْ يُشَارِكْنِي فِيهِ أَحَدٌ، وَلَا عُبِدَ بِهِ غَيْرِي، فَأَنَا حِينَئِذٍ أَجْزِي بِهِ، وَأَتَوَلَّى الْجَزَاءَ عَلَيْهِ بِنَفْسِي، لَا أَكِلُهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى قَدْرِ اخْتِصَاصِهِ بِي. قَاْلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَدْ قِيلَ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ أَقَاوِيلُ ڪُلُّهَا تُسْتَحْسَنُ، فَمَا أَدْرِي لِمَ خَصَّ ابْنُ الْأَثِيرِ هَذَا بِالِاسْتِحْسَانِ دُونَهَا، وَسَأَذْكُرُ الْأَقَاوِيلَ هُنَا لِيُعْلَمَ أَنَّ ڪُلَّهَا حَسَنٌ: فَمِنْهَا أَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ تَشْرِيفًا وَتَخْصِيصًا ڪَإِضَافَةِ الْمَسْجِدِ وَالْكَعْبَةِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ; لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: بَيْتُ اللَّهِ، بَيَّنْتَ بِذَلِكَ شَرَفَهُ عَلَى الْبُيُوتِ، وَهَذَا هُوَ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ. وَمِنْهَا: الصَّوْمُ لِي أَيْ: لَا يَعْلَمُهُ غَيْرِي; لِأَنَّ ڪُلَّ طَاعَةٍ لَا يَقْدِرُ الْمَرْءُ أَنْ يُخْفِيَهَا، وَإِنْ أَخْفَاهَا عَنِ النَّاسِ لَمْ يُخْفِهَا عَنِ الْمَلَائِكَةِ، وَالصَّوْمُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَهُ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ بَشَرٌ وَلَا مَلَكٌ، ڪَمَا رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الصَّالِحِينَ أَقَامَ صَائِمًا أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ، وَكَانَ يَأْخُذُ الْخُبْزَ مِنْ بَيْتِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي طَرِيقِهِ، فَيَعْتَقِدُ أَهْلُ سُوقِهِ أَنَّهُ أَكَلَ فِي بَيْتِهِ، وَيَعْتَقِدُ أَهْلُ بَيْتِهِ أَنَّهُ أَكَلَ فِي سُوقِهِ. وَمِنْهَا: الصَّوْمُ لِي أَيْ: أَنَّ الصَّوْمَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ مَلَائِكَتِي، فَإِنَّ الْعَبْدَ فِي حَالِ صَوْمِهِ مَلَكٌ; لِأَنَّهُ يَذْكُرُ وَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَقْضِي شَهْوَةً، وَمِنْهَا، وَهُوَ أَحْسَنُهَا، أَنَّ الصَّوْمَ لِي أَيْ: أَنَّ الصَّوْمَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِي، لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَطْعَمُ، فَالصَّائِمُ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ إِلَّا فِي الصَّوْمِ وَأَعْمَالُ الْقُلُوبِ ڪَثِيرَةٌ ڪَالْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ. وَمِنْهَا: الصَّوْمُ لِي أَيْ: أَنَّ ڪُلَّ عَمَلٍ قَدْ أَعْلَمْتُكُمْ مِقْدَارَ ثَوَابِهِ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنِّي انْفَرَدْتُ بِعِلْمِ ثَوَابِهِ لَا أُطْلِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا. وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَاْلَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ڪُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَاْلَ – اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ – إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي. فَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ثَوَابَ الصِّيَامِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَقَالَ: وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَمَا أَحَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُجَازَاةَ عَنْهُ عَلَى نَفْسِهِ إِلَّا وَهُوَ عَظِيمٌ. وَمِنْهَا: الصَّوْمُ لِي أَيْ: يَقْمَعُ عَدُوِّي، وَهُوَ الشَّيْطَانَ; لِأَنَّ سَبِيلَ الشَّيْطَانِ إِلَى الْعَبْدِ عِنْدَ قَضَاءِ الشَّهَوَاتِ، فَإِذَا تَرَكَهَا بَقِيَ الشَّيْطَانُ لَا حِيلَةَ لَهُ. وَمِنْهَا: وَهُوَ أَحْسَنُهَا، أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: الصَّوْمُ لِي أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ الْعَبْدَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتِهِ، وَيَأْتِي قَدْ ضَرَبَ هَذَا وَشَتَمَ هَذَا وَغَصَبَ هَذَا; فَتُدْفَعُ حَسَنَاتُهُ لِغُرَمَائِهِ إِلَّا حَسَنَاتِ الصِّيَامِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّوْمُ لِي لَيْسَ لَكُمْ إِلَيْهِ سَبِيلٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَجَزَى الشَّيْءُ يَجْزِي ڪَفَى، وَجَزَى عَنْكَ الشَّيْءُ قَضَى، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَاْلَ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ حِينَ ضَحَّى بِالْجَذَعَةِ: تَجْزِي عَنْكَ وَلَا تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. أَيْ: تَقْضِي. قَاْلَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ: قَدْ جَزَى عَنِّي هَذَا الْأَمْرُ يَجْزِي عَنِّي، وَلَا هَمْزَ فِيهِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ: لَا تَقْضِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. وَيُقَالُ: جَزَتْ عَنْكَ شَاةٌ أَيْ: قَضَتْ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ: أَجْزَأَتْ عَنْكَ شَاةٌ بِالْهَمْزِ أَيْ: قَضَتْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي ڪِتَابِ فَعَلْتُ وَأَفْعَلْتُ: أَجْزَيْتُ عَنْ فُلَانٍ إِذَا قُمْتَ مَقَامَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَزَيْتُ عَنْكَ فُلَانًا ڪَافَأْتُهُ، وَجَزَتْ عَنْكَ شَاةٌ وَأَجْزَتْ بِمَعْنًى. قَالَ: وَتَأْتِي جَزَى بِمَعْنَى: أَغْنَى. وَيُقَالُ: جَزَيْتُ فُلَانًا بِمَا صَنَعَ جَزَاءً، وَقَضَيْتُ فُلَانًا قَرْضَهُ، وَجَزَيْتُهُ قَرْضَهُ. وَتَقُولُ: إِنْ وَضَعْتَ صَدَقَتَكَ فِي آلِ فُلَانٍ جَزَتْ عَنْكَ، وَهِيَ جَازِيَةٌ عَنْكَ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ: أَجْزَى بِمَعْنَى: قَضَى. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يَجْزِي قَلِيلٌ مِنْ ڪَثِيرٍ وَيَجْزِي هَذَا مِنْ هَذَا أَيْ: ڪُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهِ. وَأَجْزَى الشَّيْءُ عَنِ الشَّيْءِ: قَامَ مَقَامَهُ وَلَمْ يَكْفِ. وَيُقَالُ: اللَّحْمُ السَّمِينُ أَجْزَى مِنَ الْمَهْزُولِ; وَمِنْهُ يُقَالُ: مَا يُجْزِينِي هَذَا الثَّوْبُ أَيْ: مَا يَكْفِينِي; وَيُقَالُ: هَذِهِ إِبِلٌ مَجَازٍ يَا هَذَا، أَيْ: تَكْفِي، الْجَمَلُ الْوَاحِدُ مُجْزٍ. وَفُلَانٌ بَارِعٌ مَجْزًى لِأَمْرِهِ أَيْ: ڪَافٍ أَمْرَهُ; وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ أَنْشَدَهُ لِبَعْضِ بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ:
وَنَحْنُ قَتَلْنَا بِالْمَخَارِقِ فَارِسًا جَزَاءَ الْعُطَاسِ لَا يَمُوتُ الْمُعَاقِبُ
قَالَ: يَقُولُ: عَجَّلْنَا إِدْرَاكَ الثَّأْرِ ڪَقَدْرٍ مَا بَيْنَ التَّشْمِيتِ وَالْعُطَاسِ، وَالْمُعَاقِبُ الَّذِي أَدْرَكَ ثَأْرَهُ، لَا يَمُوتُ الْمُعَاقِبُ لِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ ذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمُهَلْهَلِ
فَقَتْلَى يَقْتُلَانَا وَجَزٌّ يَجُزُّنَا جَزَاءَ الْعُطَاسِ لَا يَمُوتُ مَنْ أَثْأَرْ
أَيْ: لَا يَمُوتُ ذِكْرُهُ. وَأَجْزَى عَنْهُ مُجْزَى فُلَانٍ وَمُجْزَاتُهُ وَمَجْزَاهُ وَمَجْزَاتُهُ; الْأَخِيرَةُ عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الزَّائِدِ أَعْنِي: لُغَةً فِي أَجْزَأَ. وَفِي الْحَدِيثِ: الْبَقَرَةُ تُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ. بِضَمِّ التَّاءِ; عَنْ ثَعْلَبٍ، أَيْ: تَكُونُ جَزَاءً عَنْ سَبْعَةٍ. وَرَجُلٌ ذُو جَزَاءٍ أَيْ: غَنَاءٍ، تَكُونُ مِنَ اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا. وَالْجِزْيَةُ: خَرَاجُ الْأَرْضِ، وَالْجَمْعُ جِزًى وَجِزْيٌ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: الْجِزَى وَالْجِزْيُ وَاحِدٌ ڪَالْمِعَى وَالْمِعْيِ لِوَاحِدِ الْأَمْعَاءِ، وَالْإِلَى وَالْإِلْيِ لِوَاحِدِ الْآلَاءِ، وَالْجَمْعُ جِزَاءٌ; قَاْلَ أَبُو ڪَبِيرٍ:
وَإِذَا الْكُمَاةُ تَعَاوَرُوا طَعْنَ الْكُلَى تَذَرُ الْبِكَارَةَ فِي الْجِزَاءِ الْمُضْعَفِ
وَجِزْيَةُ الذِّمِّيِّ مِنْهُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجِزْيَةُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْجَمْعُ الْجِزَى، مِثْلُ لِحْيَةٍ وَلِحَى. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْجِزْيَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَالِ الَّذِي يَعْقِدُ الْكِتَابِيُّ عَلَيْهِ الذِّمَّةَ، وَهِيَ فِعْلَةٌ مِنَ الْجَزَاءِ ڪَأَنَّهَا جَزَتْ عَنْ قَتْلِهِ; وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: لَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ جِزْيَةٌ. أَرَادَ أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَسْلَمَ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ الْحَوْلِ لَمْ يُطَالَبْ مِنَ الْجِزْيَةِ بِحِصَّةِ مَا مَضَى مِنَ السَّنَةِ; وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَسْلَمَ وَكَانَ فِي يَدِهِ أَرْضٌ صُولِحَ عَلَيْهَا بِخَرَاجٍ، تُوضَعُ عَنْ رَقَبَتِهِ الْجِزْيَةُ وَعَنْ أَرْضِهِ الْخَرَاجُ; وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا. أَرَادَ بِهِ الْخَرَاجَ الَّذِي يُؤَدَّى عَنْهَا، ڪَأَنَّهُ لَازِمٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ڪَمَا تَلْزَمُ الْجِزْيَةُ الذِّمِّيَّ; قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هَكَذَا قَاْلَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ أَنْ يُسْلِمَ وَلَهُ أَرْضُ خَرَاجٍ، فَتُرْفَعُ عَنْهُ جِزْيَةُ رَأْسِهِ، وَتُتْرَكُ عَلَيْهِ أَرْضُهُ يُؤَدِّي عَنْهَا الْخَرَاجَ; وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ – رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: أَنَّ دِهْقَانًا أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنْ قُمْتَ فِي أَرْضِكَ رَفَعْنَا الْجِزْيَةَ عَنْ رَأْسِكَ وَأَخَذْنَاهَا مِنْ أَرْضِكَ، وَإِنْ تَحَوَّلْتَ عَنْهَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَا. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ دِهْقَانٍ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ جِزْيَتَهَا. قِيلَ: اشْتَرَى هَهُنَا بِمَعْنَى: اكْتَرَى. قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ، قَالَ: وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: إِنْ ڪَانَ مَحْفُوظًا، وَإِلَّا فَأَرَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جِزْيَتَهَا لِلسَّنَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْبَيْعُ فَضَمَّنَهُ أَنْ يَقُومَ بِخَرَاجِهَا. وَأَجْزَى السِّكِّينَ: لُغَةٌ فِي أَجْزَأَهَا جَعَلَ لَهَا جُزْأَةً. قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدْرِي ڪَيْفَ ذَلِكَ لِأَنَّ قِيَاسَ هَذَا إِنَّمَا هُوَ أَجْزَأُ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَادِرًا.
معنى كلمة جزي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي