معنى كلمة يدي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
معنى كلمة يدي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
يدي: يَدِيَ: الْيَدُ: الْكَفُّ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: الْيَدُ مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْكَفِّ، وَهِيَ أُنْثَى مَحْذُوفَةُ اللَّامِ، وَزْنُهَا فَعْلٌ يَدْيٌ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ تَخْفِيفًا فَاعْتَقَبَتْ حَرَكَةَ اللَّامِ عَلَى الدَّالِ، وَالنَّسَبُ إِلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ يَدَوِيٌّ، وَالْأَخْفَشُ يُخَالِفُهُ فَيَقُولُ: يَدِيٌّ ڪَنَدِيٍّ، وَالْجُمَعُ أَيْدٍ، عَلَى مَا يَغْلِبُ فِي جَمْعِ فَعْلٍ فِي أَدْنَى الْعَدَدِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْيَدُ أَصْلُهَا يَدْيٌ عَلَى فَعْلٌ، سَاكِنَةُ الْعَيْنِ; لِأَنَّ جَمْعَهَا أَيْدٍ وَيُدِيٌّ، وَهَذَا جَمْعُ فَعْلٍ مِثْلَ فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ وَفُلُوسٍ، وَلَا يُجْمَعُ فَعَلٌ عَلَى أَفْعُلُ إِلَّا فِي حُرُوفٍ يَسِيرَةٍ مَعْدُودَةٍ مِثْلَ زَمَنٍ وَأَزْمُنٍ وَجَبَلٍ وَأَجْبُلٍ وَعَصًا وَأَعْصٍ وَقَدْ جُمِعَتِ الْأَيْدِي فِي الشِّعْرِ عَلَى أَيَادٍ، قَاْلَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى الطُّهَوِيُّ:
كَأَنَّهُ بِالصَّحْصَحَانِ الْأَنْجَلِ قُطْنٌ سُخَامٌ بِأَيَادِي غُزَّلِ
وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، مِثْلَ أَكْرُعٍ وَأَكَارِعَ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
فَأَمَّا وَاحِدًا فَكَفَاكَ مِثْلِي فَمَنْ لِيَدٍ تُطَاوِحُهَا الْأَيَادِي
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَيَادٍ جَمْعُ الْجَمْعِ; وَأَنْشَدَ أَبُو الْخَطَّابِ:
سَاءَهَا مَا تَأَمَّلَتْ فِي أَيَادِي نَا وَإِشْنَاقَهَا إِلَى الْأَعْنَاقِ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: أَكْثَرُ مَا تَسْتَعْمِلُ الْأَيَادِيَ فِي النِّعَمِ لَا فِي الْأَعْضَاءِ. أَبُو الْهَيْثَمِ: الْيَدُ اسْمٌ عَلَى حَرْفَيْنِ، وَمَا ڪَانَ مِنَ الْأَسَامِي عَلَى حَرْفَيْنِ وَقَدْ حُذِفَ مِنْهُ حَرْفٌ فَلَا يُرَدُّ إِلَّا فِي التَّصْغِيرِ أَوْ فِي التَّثْنِيَةِ أَوِ الْجَمْعِ، وَرُبَّمَا لَمْ يُرَدَّ فِي التَّثْنِيَةِ، وَيُثَنَّى عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُ الْأَيَادِي يَدًا ڪَمَا تَرَى مِثْلَ عَصًا وَرَحًا وَمَنًا، ثُمَّ ثَنَّوْا فَقَالُوا يَدَيَانِ وَرَحَيَانِ وَمَنَوَانِ; وَأَنْشَدَ:
يَدَيَانِ بَيْضَاوَانِ عِنْدَ مُحَلِّمٍ قَدْ يَمْنَعَانِكَ بَيْنُهُمْ أَنْ تُهْضَمَا
وَيُرْوَى: عِنْدَ مُحَرِّقٍ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ ڪَمَا أَنْشَدَهُ السِّيرَافِيُّ وَغَيْرُهُ:
قَدْ يَمْنَعَانِكَ أَنْ تُضَامَ وَتُضْهَدَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: وَتُجْمَعُ الْيَدُ يَدِيًّا مِثْلَ عَبْدٍ وَعَبِيدٍ، وَتَجْمَعُ أَيْدِيًا ثُمَّ تَجْمَعُ الْأَيْدِي عَلَى أَيْدِينَ، ثُمَّ تَجْمَعُ الْأَيْدِي أَيَادِيَ; وَأَنْشَدَ:
يَبْحَثْنَ بِالْأَرْجُلِ وَالْأَيْدِينَا بَحْثَ الْمُضِلَّاتِ لِمَا يَبْغِينَا
وَتُصْغُرُ الْيَدُ يُدَيَّةً; وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ لِمُضَرِّسِ بْنِ رِبْعَيِ الْأَسَدِيِّ:
فَطِرْتُ بِمُنْصُلِي فِي يَعْمَلَاتٍ دَوَامِي الْأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحَا
فَإِنَّهُ احْتَاجَ إِلَى حَذْفِ الْيَاءِ فَحَذَفَهَا وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ التَّنْكِيرَ فِي هَذَا فَشَبَّهَ لَامَ الْمَعْرِفَةِ بِالتَّنْوِينِ مِنْ حَيْثُ ڪَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ خَوَاصِّ الْأَسْمَاءِ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ لِأَجْلِ اللَّامِ ڪَمَا تَحْذِفُهَا لِأَجْلِ التَّنْوِينِ; وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
لَا صُلْحَ بَيْنِي فَاعْلَمُوهُ وَلَا بَيْنَكُمُ مَا حَمَلَتْ عَاتِقِي
سَيْفِي وَمَا ڪُنَّا بِنَجْدٍ وَمَا قَرْقَرَ قُمْرُ الْوَادِ بِالشَّاهِقِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذِهِ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ يَحْذِفُونَ الْيَاءَ مِنَ الْأَصْلِ مَعَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَقُولُونَ فِي الْمُهْتَدِي الْمُهْتَدِ، ڪَمَا يَحْذِفُونَهَا مَعَ الْإِضَافَةِ فِي مِثْلِ قَوْلِ خُفَافِ بْنِ نُدْبَةَ:
كَنَوَاحِ رِيشِ حَمَامَةٍ نَجْدِيَّةٍ وَمَسَحْتُ بِاللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الْإِثْمِدِ
أَرَادَ ڪَنُوَاحِي، فَحَذَفَ الْيَاءَ لَمَّا أَضَافَ ڪَمَا ڪَانَ يَحْذِفُهَا مَعَ التَّنْوِينِ، وَالذَّاهِبُ مِنْهَا الْيَاءُ; لِأَنَّ تَصْغِيرَهَا يُدَيَّةٌ، بِالتَّشْدِيدِ، لِاجْتِمَاعِ الْيَاءَيْنِ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ بَيْتَ خُفَافِ: وَمَسَحْتِ، بِكَسْرِ التَّاءِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ حَذْفَ الْيَاءِ فِي الْبَيْتِ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ لَا غَيْرَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ لَامَ يَدٍ يَاءٌ قَوْلُهُمْ يَدَيْتُ إِلَيْهِ يَدًا، فَأَمَّا يُدَيَّةٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَوْ ڪَانَتْ فِي الْأَصْلِ وَاوًا لَجَاءَ تَصْغِيرُهَا يُدَيَّةً ڪَمَا تَقُولُ فِي غَرِيَّةٍ غُرَيَّةً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لِذِي الثُّدَيَّةِ ذُو الْيُدَيَّةِ، وَهُوَ الْمَقْتُولُ بِنَهْرَوَانَ. وَذُو الْيَدَيْنِ: رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ڪَانَ يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَهُوَ الَّذِي قَاْلَ لِلنَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ وَرَجُلٌ مَيْدِيٌّ أَيْ مَقْطُوعُ الْيَدِ مِنْ أَصْلِهَا. وَالْيُدَاءُ: وَجَعُ الْيَدِ.
الْيَزِيدِيُّ: يَدِيَ فُلَانٌ مِنْ يَدِهَ أَيْ ذَهَبَتْ يَدُهُ وَيَبِسَتْ. يُقَالُ: مَا لَهُ يَدِيَ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ، ڪَمَا يُقَالُ تَرِبَتْ يَدَاهُ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
فَأَيٌّ مَا يَكُنْ يَكُ وَهْوَ مِنَّا بِأَيْدٍ مَا وَبَطْنَ وَلَا يَدِينَا
وَبَطْنَ: ضَعُفْنَ، وَيَدِينَ: شَلِلْنَ. ابْنُ سِيدَهْ: يَدَيْتُهُ ضَرَبَتْ يَدَهُ فَهُوَ مَيْدِيٌّ. وَيُدِيَ: شَكَا يَدَهُ، عَلَى مَا يَطَّرِدُ فِي هَذَا النَّحْوِ. الْجَوْهَرِيُّ: يَدَيْتُ الرَّجُلَ أَصَبْتُ يَدَهُ فَهُوَ مَيْدِيٌّ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنَّكَ اتَّخَذْتَ عِنْدَهُ يَدًا قُلْتَ أَيْدَيْتُ عِنْدَهُ يَدًا، فَأَنَا مُودٍ، وَهُوَ مُودًى إِلَيْهِ، وَيَدَيْتُ لُغَةٌ; قَاْلَ بَعْضُ بَنِي أَسَدٍ:
يَدَيْتُ عَلَى ابْنِ حَسْحَاسِ بْنِ وَهْبٍ بِأَسْفَلِ ذِي الْجِذَاةِ يَدَ الْكَرِيمِ
قَالَ شَمِرٌ: يَدَيْتُ اتَّخَذْتَ عِنْدَهُ يَدًا; وَأَنْشَدَ لِابْنِ أَحْمَرَ:
يَدٌ مَا قَدْ يَدَيْتُ عَلَى سُكَيْنِ وَعَبْدِ اللَّهِ إِذْ نَهِشَ الْكَفُوفُ
قَالَ: يَدَيْتَ اتَّخَذْتَ عِنْدَهُ يَدًا. وَتَقُولُ إِذَا وَقَعَ الظَّبْيُ فِي الْحِبَالَةِ: أَمَيْدِيٌّ أَمْ مَرْجُولٌ؟ أَيْ أَوَقَعَتَ يَدُهُ فِي الْحِبَالَةِ أَمْ رِجْلُهُ؟ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدِ اللَّهِ فَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ يَتَقَبَّلُ الصَّدَقَةَ وَيُضَاعِفُ عَلَيْهَا أَيْ يَزِيدُ. وَقَالُوا: قَطَعَ اللَّهُ أَدَيْهِ، يُرِيدُونَ يَدَيْهِ، أَبْدَلُوا الْهَمْزَةَ مِنَ الْيَاءِ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُهَا أُبْدِلَتْ مِنْهَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لُغَةً لِقِلَّةِ إِبْدَالٍ مِثْلَ هَذَا. وَحَكَى ابْنُ جِنِّي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ: قَطَعَ اللَّهُ أَدَهَ، يُرِيدُونَ يَدَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْيَدَا لُغَةٌ فِي الْيَدِ، جَاءَ مُتَمَّمًا عَلَى فَعَلٍ; عَنْ أَبِي زَيْدٍ; وَأَنْشَدَ:
يَا رُبَّ سَارٍ سَارَ مَا تَوَسَّدَا إِلَّا ذِرَاعَ الْعَنْسِ أَوْ ڪَفَّ الْيَدَا
وَقَالَ آخَرُ:
قَدْ أَقْسَمُوا لَا يَمْنَحُونَكَ نَفْعَةً حَتَّى تَمُدَّ إِلَيْهِمُ ڪَفَّ الْيَدَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى لَا يَمْنَحُونَكَ بَيْعَةً، قَالَ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ رَدَّ لَامَ الْكَلِمَةِ إِلَيْهَا لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ ڪَمَا رَدَّ الْآخَرُ لَامَ دَمٍ إِلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:
فَإِذَا هِيَ بِعِظَامٍ وَدَمَا
وَامْرَأَةٌ يَدِيَّةٌ أَيْ صَنَاعٌ، وَمَا أَيْدَى فُلَانَةَ، وَرَجُلٌ يَدِيٌّ. وَيَدُ الْقَوْسِ: أَعْلَاهَا عَلَى التَّشْبِيهِ ڪَمَا سَمَّوْا أَسْفَلَهَا رِجْلًا، وَقِيلَ: يَدُهَا أَعْلَاهَا وَأَسْفَلُهَا، وَقِيلَ: يَدُهَا مَا عَلَا عَنْ ڪَبِدِهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَدُ الْقَوْسِ السِّيَةُ الْيُمْنَى; يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ. وَيَدُ السَّيْفِ: مَقْبِضُهُ عَلَى التَّمْثِيلِ. وَيَدُ الرَّحَى: الْعُودُ الَّذِي يَقْبِضُ عَلَيْهِ الطَّاحِنُ. وَالْيَدُ: النِّعْمَةُ وَالْإِحْسَانُ تَصْطَنِعُهُ وَالْمِنَّةُ وَالصَّنِيعَةُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ يَدًا لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ بِالْإِعْطَاءِ، وَالْإِعْطَاءُ إِنَالَةٌ بِالْيَدِ، وَالْجَمْعُ أَيْدٍ، وَأَيَادٍ جَمْعُ الْجَمْعِ، ڪَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعُضْوِ، وَيُدِيٌّ وَيَدِيٌّ فِي النِّعْمَةِ خَاصَّةً; قَاْلَ الْأَعْشَى:
فَلَنْ أَذْكُرَ النُّعْمَانَ إِلَّا بِصَالِحٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدِي يُدِيًّا وَأَنْعُمَا
وَيُرْوَى: يَدِيًّا، وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي عُبَيْدٍ فَهُوَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَيُرْوَى: إِلَّا بِنِعْمَةٍ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ يَدِيًّا وَأَنْعُمًا: إِنَّمَا فَتَحَ الْيَاءَ ڪَرَاهَةً لِتَوَالِي الْكَسَرَاتُ، قَالَ: وَلَكَ أَنْ تَضُمَّهَا، وَتَجْمَعَ أَيْضًا عَلَى أَيْدٍ; قَاْلَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ:
تَكُنْ لَكَ فِي قَوْمِي يَدٌ يَشْكُونَهَا وَأَيْدِي النَّدَى فِي الصَّالِحِينَ قُرُوضُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ:
فَلَنْ أَذْكُرَ النُّعْمَانَ إِلَّا بِصَالِحِ
الْبَيْتُ لِضَمْرَةَ بْنِ ضَمْرَةَ النَّهْشَلِيِّ; وَبَعْدَهُ:
تَرَكْتَ بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ وَفِعْلَهُمْ وَأَشْبَهْتَ تَيْسًا بِالْحِجَازِ مُزَنَّمَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيَدِيٌّ جَمْعُ يَدٍ، وَهُوَ فَعِيلٌ مِثْلُ ڪَلْبٍ وَكَلِيبٍ، وَعَبْدٍ وَعَبِيدٍ، قَالَ: وَلَوْ ڪَانَ يَدِيٌّ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ يَدِيًّا فُعُولًا فِي الْأَصْلِ لَجَازَ فِيهِ الضَّمُّ وَالْكَسْرُ، قَالَ: وَذَلِكَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ فِيهِ. وَيَدَيْتُ إِلَيْهِ يَدًا وَأَيْدَيْتُهَا: صَنَعْتُهَا. وَأَيْدَيْتُ عِنْدَهُ يَدًا فِي الْإِحْسَانِ أَيْ أَنْعَمَتْ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لَذُو مَالٍ يَيْدِي بِهِ وَيَبُوعُ بِهِ أَيْ يَبْسُطُ يَدَهُ وَبَاعَهُ. وَيَادَيْتُ فُلَانًا: جَازَيْتُهُ يَدًا بِيَدٍ، وَأَعْطَيْتُهُ مُيَادَاةً أَيْ مِنْ يَدِيَ إِلَى يَدِهِ. الْأَصْمَعِيُّ: أَعْطَيْتُهُ مَالًا عَنْ ظَهْرِ يَدٍ، يَعْنِي تَفَضُّلًا لَيْسَ مِنْ بَيْعٍ وَلَا قَرْضٍ وَلَا مُكَافَأَةٍ. اللَّيْثُ: الْيَدُ النِّعْمَةُ السَّابِغَةُ. وَيَدُ الْفَأْسِ وَنَحْوِهَا: مَقْبِضُهَا. وَيَدُ الْقَوْسِ: سِيَتُهَا. وَيَدُ الدَّهْرِ: مَدُّ زَمَانِهِ. وَيَدُ الرِّيحِ: سُلْطَانُهَا; قَاْلَ لَبِيدٌ:
نِطَافٌ أَمْرُهَا بِيَدِ الشَّمَالِ
لَمَّا مَلَكَتِ الرِّيحُ تَصْرِيفَ السَّحَابِ جُعِلَ لَهَا سُلْطَانٌ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ الصَّنْعَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ أَيْ فِي مِلْكِهِ، وَلَا يُقَالُ فِي يَدَيْ فُلَانٍ. الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الشَّيْءُ فِي يَدِي أَيْ فِي مِلْكِي. وَيَدُ الطَّائِرِ: جَنَاحُهُ. وَخَلَعَ يَدَهُ عَنِ الطَّاعَةِ: مِثْلَ نَزَعَ يَدَهُ; وَأَنْشَدَ:
وَلَا نَازِعٌ مِنْ ڪُلِّ مَا رَابَنِي يَدًا
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بَايَعْتُهُ يَدًا بِيَدٍ، وَهِيَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الْمَصَادِرِ، ڪَأَنَّكَ قُلْتَ نَقْدًا وَلَا يَنْفَرِدُ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تُرِيدُ أَخَذَ مِنِّي وَأَعْطَانِي بِالتَّعْجِيلِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الرَّفْعُ لِأَنَّكَ لَا تُخْبِرُ أَنَّكَ بَايَعْتَهُ وَيَدُكَ فِي يَدِهِ. وَالْيَدُ: الْقُوَّةُ. وَأَيَّدَهُ اللَّهُ أَيْ قَوَّاهُ. وَمَا لِي بِفُلَانٍ يَدَانِ أَيْ طَاقَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ; قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ ڪَعْبِ بْنِ سَعْدِ الْغَنَوِيِّ:
فَاعْمِدْ لِمَا يَعْلُو فَمَا لَكَ بِالَّذِي لَا تَسْتَطِيعُ مِنَ الْأُمُورِ يَدَانِ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا، وَفِيهِ: (بِمَا ڪَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ). وَقَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَيْ ڪَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَبَعْضُهُمْ يُقَوِّي بَعْضًا، وَالْجَمْعُ أَيْدٍ، قَاْلَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَيْ هُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَأَمْرُهُمْ وَاحِدٌ، لَا يَسَعُهُمُ التَّخَاذُلُ بَلْ يُعَاوِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَلِمَتُهُمْ وَنُصْرَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمِلَلِ وَالْأَدْيَانِ الْمُحَارِبَةِ لَهُمْ، يَتَعَاوَنُونَ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَلَا يَخْذُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ڪَأَنَّهُ جَعَلَ أَيْدِيهِمْ يَدًا وَاحِدَةً وَفِعْلَهُمْ فِعْلًا وَاحِدًا. وَفِي الْحَدِيثِ: عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْفُسْطَاطِ; الْفُسْطَاطُ: الْمِصْرُ الْجَامِعُ، وَيَدُ اللَّهِ ڪِنَايَةٌ عَنِ الْحِفْظِ وَالدِّفَاعِ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ، ڪَأَنَّهُمْ خُصُّوا بِوَاقِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُسْنِ دِفَاعِهِ; وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَيْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُتَّفِقَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي ڪَنَفِ اللَّهِ، وَوِقَايَتُهُ فَوْقَهُمْ، وَهُمْ بَعِيدٌ مِنَ الْأَذَى وَالْخَوْفِ فَأَقِيمُوا بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى الْعُلْيَا; الْمُعْطِيَةُ، وَقِيلَ: الْمُتَعَفِّفَةُ، وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ، وَقِيلَ: الْمَانِعَةُ. وَقَوْلُهُ لِنِسَائِهِ: أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا; ڪَنَى بِطُولِ الْيَدِ عَنِ الْعَطَاءِ وَالصَّدَقَةِ. يُقَالُ: فُلَانٌ طَوِيلُ الْيَدِ وَطَوِيلُ الْبَاعِ إِذَا ڪَانَ سَمْحًا جَوَادًا. وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ وَهِيَ مَاتَتْ قَبْلَهُنَّ. وَحَدِيثُ قَبِيصَةَ: مَا رَأَيْتُ أَعْطَى لِلْجَزِيلِ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ مِنْ طَلْحَةَ أَيْ عَنْ إِنْعَامٍ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مُكَافَأَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ; قِيلَ: مَعْنَاهُ أُولِي الْقُوَّةِ وَالْعُقُولِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لِي بِهِ يَدٌ أَيْ مَا لِي بِهِ قُوَّةٌ، وَمَا لِي بِهِ يَدَانِ، وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ أَيْدٍ أَيْ قُوَّةٌ، وَلَهُمْ أَيْدٍ وَأَبْصَارُهُمْ أُولُو الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ. وَالْيَدُ: الْغِنَى وَالْقُدْرَةُ، تَقُولُ: لِي عَلَيْهِ يَدٌ أَيْ قُدْرَةٌ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْيَدُ النِّعْمَةُ، وَالْيَدُ الْقُوَّةُ، وَالْيَدُ الْقُدْرَةُ، وَالْيَدُ الْمِلْكُ، وَالْيَدُ السُّلْطَانُ، وَالْيَدُ الطَّاعَةُ، وَالْيَدُ الْجَمَاعَةُ، وَالْيَدُ الْأَكْلُ; يُقَالُ: ضَعْ يِدَكَ أَيْ ڪُلْ، وَالْيَدُ النَّدَمُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: سُقِطَ فِي يَدِهِ إِذَا نَدِمَ، وَأُسْقِطَ أَيْ نَدِمَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ; أَيْ نَدِمُوا، وَالْيَدُ الْغِيَاثُ، وَالْيَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، وَالْيَدُ الِاسْتِسْلَامُ، وَالْيَدُ الْكَفَالَةُ فِي الرَّهْنِ، وَيُقَالُ لِلْمُعَاتِبِ: هَذِهِ يَدِي لَكَ. وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ: لِيَدٍ مَا أَخَذَتْ; الْمَعْنَى مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. وَقَوْلُهُمْ: يَدِي لَكَ رَهْنٌ بِكَذَا أَيْ ضَمِنْتُ ذَلِكَ وَكَفَلْتُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: لَهُ عَلِيَّ يَدٌ، وَلَا يَقُولُونَ لَهُ عِنْدِي يَدٌ; وَأَنْشَدَ:
لَهُ عَلَيَّ أَيَادٍ لَسْتُ أَكْفُرُهَا وَإِنَّمَا الْكُفْرُ أَنْ لَا تُشْكَرَ النِّعَمَ
قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: الْعَرَبُ تُشَدِّدُ الْقَوَافِيَ وَإِنْ ڪَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْمُضَاعَفِ مَا ڪَانَ مِنَ الْيَاءِ وَغَيْرِهِ; وَأَنْشَدَ:
فَجَازُوهُمْ بِمَا فَعَلُوا إِلَيْكُمْ مُجَازَاةَ الْقُرُومِ يَدًا بِيَدٍّ
تَعَالَوْا يَا حَنِيفَ بَنِي لُجَيْمٍ إِلَى مَنْ فَلَّ حَدَّكُمُ وَحَدِّي
وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ: مِنْ أَمْثَالِهِمْ:
أَطَاعَ يَدًا بِالْقَوْدِ فَهْوَ ذَلُولُ
إِذَا انْقَادَ وَاسْتَسْلَمَ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَاْلَ فِي مُنَاجَاتِهِ رَبَّهُ وَهَذِهِ يَدِي لَكَ أَيِ اسْتَسْلَمْتُ إِلَيْكَ وَانْقَدْتُ لَكَ، ڪَمَا يُقَالُ فِي خِلَافِهِ: نَزَعَ يَدَهُ مِنَ الطَّاعَةِ; وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ – رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هَذِهِ يَدِي لِعَمَّارٍ أَيْ أَنَا مُسْتَسْلِمٌ لَهُ مُنْقَادٌ فَلْيَحْتَكِمْ عَلَيَّ بِمَا شَاءَ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَرَّ قَوْمٌ مِنَ الشُّرَاةِ بِقَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَدْعُونَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا بِكُمُ الْيَدَانِ أَيْ حَاقَ بِكُمْ مَا تَدْعُونَ بِهِ وَتَبْسُطُونَ أَيْدِيَكُمْ. تَقُولُ الْعَرَبُ: ڪَانَتْ بِهِ الْيَدَانِ أَيْ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ مَا يَقُولُهُ لِي، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: رَمَانِي مِنْ طُولِ الطَّوِيِّ وَأَحَاقَ اللَّهُ بِهِ مَكْرَهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ رَمْيُهُ، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ: لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ الْأَشْتَرِ قَاْلَ لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ، هَذِهِ ڪَلِمَةٌ تُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا دُعِيَ عَلَيْهِ بِالسُّوءِ، مَعْنَاهُ ڪَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ أَيْ خَرَّ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى يَدَيْهِ وَفِيهِ; وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَلَا طَرَقَتْ مَيٌّ هَيُومًا بِذِكْرِهَا وَأَيْدِي الثُّرَيَّا جُنَّحٌ فِي الْمَغَارِبِ
اسْتِعَارَةٌ وَاتِّسَاعٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَدَ إِذَا مَالَتْ نَحْوَ الشَّيْءِ وَدَنَتْ إِلَيْهِ دَلَّتْ عَلَى قُرْبِهَا مِنْهُ وَدُنُوِّهَا نَحْوَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ قُرْبَ الثُّرَيَّا مِنَ الْمَغْرِبِ لِأُفُولِهَا، فَجُعِلَ لَهَا أَيْدِيًا جُنَّحًا نَحْوَهَا; قَاْلَ لَبِيدٌ:
حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي ڪَافِرٍ وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلَامُهَا
يَعْنِي بَدَأَتِ الشَّمْسُ فِي الْمَغِيبِ، فَجَعَلَ الشَّمْسَ يَدًا إِلَى الْمَغِيبِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَصِفَهَا بِالْغُرُوبِ; وَأَصْلُ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ لِثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْمَازِنِيِّ فِي قَوْلِهِ:
فَتَذَكَّرَا ثَقَلًا رَثِيدًا بَعْدَمَا أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينِهَا فِي ڪَافِرِ
وَكَذَلِكَ أَرَادَ لَبِيدٌ أَنْ يُصَرِّحَ بِذِكْرِ الْيَمِينِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالَ الَّذِينَ ڪَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ; قَاْلَ الزَّجَّاجُ: أَرَادَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ الْكُتُبَ الْمُتَقَدِّمَةَ، يَعْنُونَ لَا نُؤْمِنُ بِمَا أَتَى بِهِ مُحَمَّدٌ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَلَا بِمَا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ – عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ; قَاْلَ الزَّجَّاجُ: يُنْذِرُكُمْ أَنَّكُمْ إِنْ عَصَيْتُمْ لَقِيتُمْ عَذَابًا شَدِيدًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ. قَاْلَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَرَكُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَلَمْ يُسْلِمُوا; وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ڪَانُوا يُكَذِّبُونَهُمْ وَيَرُدُّونَ الْقَوْلَ بِأَيْدِيهِمْ إِلَى أَفْوَاهِ الرُّسُلِ، وَهَذَا يُرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَاْلَ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ; عَضُّوا عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِمْ; قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ، أَرَادَ أَنَّهُمْ عَضُّوا أَيْدِيَهُمْ حَنَقًا وَغَيْظًا; وَهَذَا ڪَمَا قَاْلَ الشَّاعِرُ:
يَرُدُّونَ فِي فِيهِ عَشْرَ الْحَسُودِ
يَعْنِي أَنَّهُمْ يَغِيظُونَ الْحَسُودَ حَتَّى يَعَضَّ عَلَى أَصَابِعِهِ; وَنَحْوَ ذَلِكَ قَاْلَ الْهُذَلِيُّ:
قَدْ أَفْنَى أَنَامِلَهُ أَزْمُهُ فَأَمْسَى يَعَضُّ عَلَيَّ الْوَظِيفَا
يَقُولُ: أَكَلَ أَصَابِعَهُ حَتَّى أَفْنَاهَا بِالْعَضِّ فَصَارَ يَعَضُّ وَظِيفَ الذِّرَاعِ. قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَاعْتِبَارُ هَذَا بِقَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ; وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ: قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ أَيْ لَا قُدْرَةَ وَلَا طَاقَةَ. يُقَالُ: مَا لِي بِهَذَا الْأَمْرِ يَدٌ وَلَا يَدَانِ; لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ وَالدِّفَاعَ إِنَّمَا يَكُونَانِ بِالْيَدِ، فَكَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُمْ لَا يَدَيْنِ لَكَ بِهَا; مَعْنَاهُ قُوَّةٌ لَكَ بِهَا لَمْ يَحْكِهِ سِيبَوَيْهِ إِلَّا مُثَنَّى، وَمَعْنَى التَّثْنِيَةِ هُنَا الْجَمْعُ وَالتَّكْثِيرُ; ڪَقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
فَكُلُّ رَفِيقَيْ ڪُلِّ رَحْلٍ (وَإِنْ هُمَا تَعَاطَى الْقَنَا قَوْمَاهُمَا أَخَوَانِ)
قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجَارِحَةُ هُنَا; لِأَنَّ الْبَاءَ لَا تَتَعَلَّقُ إِلَّا بِفِعْلٍ أَوْ مَصْدَرٍ. وَيُقَالُ: الْيَدُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَيِ الْأَمْرُ النَّافِذُ وَالْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ، ڪَمَا تَقُولُ: الرِّيحُ لِفُلَانٍ. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ; قِيلَ: مَعْنَاهُ عَنْ ذُلٍّ، وَعَنِ اعْتِرَافٍ لِلْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ أَيْدِيَهُمْ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، وَقِيلَ: عَنْ يَدٍ أَيْ عَنْ إِنْعَامِ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ; لِأَنَّ قَبُولَ الْجِزْيَةِ، وَتَرْكَ أَنْفُسِهِمْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةٌ عَلَيْهِمْ وَيَدٌ مِنَ الْمَعْرُوفِ جَزِيلَةٌ، وَقِيلَ: عَنْ يَدٍ أَيْ عَنْ قَهْرٍ وَذُلٍّ وَاسْتِسْلَامٍ، ڪَمَا تَقُولُ: الْيَدُ فِي هَذَا لِفُلَانٍ أَيِ الْأَمْرُ النَّافِذُ لِفُلَانٍ. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَزِّيُّ عَنْ يَدٍ قَالَ: نَقْدًا عَنْ ظَهْرِ يَدٍ لَيْسَ بِنَسِيئَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ڪُلُّ مَنْ أَطَاعَ لِمَنْ قَهَرَهُ فَأَعْطَاهَا عَنْ غَيْرِ طِيبَةِ نَفْسٍ فَقَدْ أَعْطَاهَا عَنْ يَدٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ يَدٍ قَالَ: يَمْشُونَ بِهَا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا يَجِيئُونَ بِهَا رُكْبَانًا وَلَا يُرْسِلُونَ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ: وَأَعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ إِنْ أُرِيدَ بِالْيَدِ يَدُ الْمُعْطِي، فَالْمَعْنَى عَنْ يَدٍ مُوَاتِيَةٍ مُطِيعَةٍ غَيْرَ مُمْتَنِعَةٍ; لِأَنَّ مَنْ أَبَى وَامْتَنَعَ لَمْ يُعْطِ يَدَهُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا يَدُ الْآخِذِ فَالْمَعْنَى عَنْ يَدٍ قَاهِرَةٍ مُسْتَوْلِيَةٍ أَوْ عَنْ إِنْعَامِ عَلَيْهِمْ; لِأَنَّ قَبُولَ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ وَتَرْكَ أَرْوَاحِهِمْ لَهُمْ نِعْمَةٌ عَلَيْهِمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا; هَا هَذِهِ تَعُودُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي مُسِخَتْ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْفَعْلَةَ، وَمَعْنَى لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا لِلْأُمَمِ الَّتِي بَرَأَهَا وَمَا خَلْفَهَا لِلْأُمَمِ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا لِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهَا، وَهَذَا قَوْلُ الزُّجَّاجِ. وَقَوْلُ الشَّيْطَانِ: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ; أَيْ لِأُغْوِيَنَّهُمْ حَتَّى يُكَذِّبُوا بِمَا تَقَدَّمَ وَيُكَذِّبُوا بِأَمْرِ الْبَعْثِ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ لِآتِيَنَّهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ فِي الضَّلَالِ، وَقِيلَ: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، أَيْ لِأُضِلَّنَّهُمْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَلِأُضِلَّنَّهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يُتَوَقَّعُ; وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَعَلْنَاهَا يَعْنِي الْمِسْخَةَ جُعِلَتْ نَكَالًا لِمَا مَضَى مِنَ الذُّنُوبِ وَلِمَا تَعْمَلُ بَعْدَهَا. وَيُقَالُ: بَيْنَ يَدَيْكَ ڪَذَا لِكُلِّ شَيْءٍ أَمَامَكَ; قَاْلَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ. وَيُقَالُ: إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَهْوَالًا أَيْ قُدَّامَهَا. وَهَذَا مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَهُوَ تَأْكِيدٌ، ڪَمَا يُقَالُ هَذَا مَا جَنَتْ يَدَاكَ أَيْ جَنَيْتُهُ أَنْتَ إِلَّا أَنَّكَ تُؤَكِّدُ بِهَا. وَيُقَالُ: يَثُورُ الرَّهَجُ بَيْنَ يَدِي الْمَطَرِ، وَيُهَيِّجُ السِّبَابَ بَيْنَ يَدَيِ الْقِتَالِ. وَيُقَالُ: يَدِيَ فُلَانٍ مِنْ يَدِهِ إِذَا شَلَّتْ. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ; قَاْلَ الزَّجَّاجُ: يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: جَاءَ الْوَجْهَانِ فِي التَّفْسِيرِ، فَأَحَدُهُمَا يَدُ اللَّهِ فِي الْوَفَاءِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، وَالْآخَرُ يَدُ اللَّهِ فِي الثَّوَابِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، وَالثَّالِثُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، يَدُ اللَّهِ فِي الْمِنَّةِ عَلَيْهِمْ فِي الْهِدَايَةِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فِي الطَّاعَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ; أَيْ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ. قَالَ: وَالْأَفْعَالُ تُنْسَبُ إِلَى الْجَوَارِحِ، قَالَ: وَسُمِّيَتْ جَوَارِحُ لِأَنَّهَا تَكْتَسِبُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ عَمِلَ شَيْئًا يُوَبَّخُ بِهِ: يَدَاكَ أَوْكَتَا وَفُوكَ نَفَخَ; قَاْلَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا وُبِّخَ ذَلِكَ بِمَا ڪَسَبَتْ يَدَاكَ، وَإِنْ ڪَانَتِ الْيَدَانِ لَمْ تَجْنِيَا شَيْئًا لِأَنَّهُ يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا ڪَسَبَتْ يَدَاهُ; لِأَنَّ الْيَدَيْنِ الْأَصْلُ فِي التَّصَرُّفِ; قَاْلَ اللَّهُ تَعَالَى: (ذَلِكَ بِمَا ڪَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ); وَكَذَلِكَ قَاْلَ اللَّهُ تَعَالَى: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ; قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ: وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ، أَرَادَ بِالْبُهْتَانِ وَلَدًا تَحْمِلُهُ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا فَتَقُولُ هُوَ مِنْ زَوْجِهَا، وَكَنَى بِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا عَنِ الْوَلَدِ; لِأَنَّ فَرْجَهَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ، وَبَطْنَهَا الَّذِي تَحْمِلُ فِيهِ بَيْنَ الْيَدَيْنِ. الْأَصْمَعِيُّ: يَدُ الثَّوْبِ مَا فَضَلَ مِنْهُ إِذَا تَعَطَّفْتَ وَالْتَحَفْتَ. يُقَالُ: ثَوْبٌ قَصِيُّ الْيَدِ يَقْصُرُ عَنْ أَنْ يُلْتَحَفَ بِهِ. وَثَوْبٌ يَدِيٌّ وَأَدِيٌّ: وَاسْعٌ; وَأَنْشَدَ الْعَجَّاجُ:
بِالدَّارِ إِذْ ثَوْبُ الصِّبَا يَدِيٌ وَإِذْ زَمَانُ النَّاسِ دَغْفَلِيُّ
وَقَمِيصٌ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ أَيْ قَصِيرُ الْكُمَّيْنِ. وَتَقُولُ: لَا أَفْعَلُهُ يَدَ الدَّهْرِ أَيْ أَبَدًا. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَاْلَ التَّوَّزِيُّ ثَوْبٌ يَدِيٌّ وَاسِعُ الْكُمِّ وَضَيِّقُهُ، مِنَ الْأَضْدَادِ; وَأَنْشَدَ:
عَيْشٌ يَدِيٌّ ضَيِّقٌ وَدَغْفَلِي
وَيُقَالُ: لَا آتِيهِ يَدَ الدَّهْرِ أَيِ الدَّهْرِ; هَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مَعْنَاهُ لَا آتِيهِ الدَّهْرَ ڪُلَّهُ; قَاْلَ الْأَعْشَى:
رَوَاحُ الْعَشِيِّ وَسَيْرُ الْغُدُوِّ يَدَا الدَّهْرِ حَتَّى تُلَاقِيَ الْخِيَارَا
الْخِيَارُ: الْمُخْتَارُ، يَقَعُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. يُقَالُ: رَجُلٌ خِيَارٌ وَقَوْمٌ خِيَارٌ، وَكَذَلِكَ: لَا آتِيهِ يَدَ الْمُسْنَدِ أَيِ الدَّهْرِ ڪُلِّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُسْنَدَ الدَّهْرُ. وَيَدُ الرَّجُلِ: جَمَاعَةُ قَوْمِهِ وَأَنْصَارُهُ; عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ; وَأَنْشَدَ:
أَعْطَى فَأَعْطَانِي يَدًا وَدَارًا وَبَاحَةً خَوَّلَهَا عَقَارَا
الْبَاحَةُ هُنَا: النَّخْلُ الْكَثِيرُ. وَأَعْطَيْتُهُ مَالًا عَنْ ظَهْرِ يَدٍ: يَعْنِي تَفَضُّلًا لَيْسَ مِنْ بَيْعٍ وَلَا قَرْضٍ وَلَا مُكَافَأَةٍ. وَرَجُلٌ يَدِيٌّ وَأَدِيٌّ: رَفِيقٌ. وَيَدِيَ الرَّجُلُ فَهُوَ يَدٍ: ضَعُفَ; قَاْلَ الْكُمَيْتُ:
بِأَيْدٍ مَا وَبَطْنَ وَمَا يَدِينَا
ابْنُ السِّكِّيتِ: ابْتَعْتُ الْغَنَمَ الْيَدَيْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: بِالْيَدَيْنِ أَيْ بِثَمَنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بَعْضُهَا بِثَمَنٍ، وَبَعْضُهَا بِثَمَنٍ آخَرَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: بَاعَ فُلَانٌ غَنَمَهُ الْيَدَانِ، وَهُوَ أَنْ يُسْلِمَهَا بِيَدٍ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهَا بِيَدٍ. وَلَقِيتُهُ أَوَّلَ ذَاتِ يَدَيْنِ أَيْ أَوَّلَ شَيْءٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَمَّا أَوَّلَ ذَاتِ يَدَيْنِ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ. وَذَهَبَ الْقَوْمُ أَيْدِي سَبَا أَيْ مُتَفَرِّقِينَ فِي ڪُلِّ وَجْهٍ، وَذَهَبُوا أَيَادِيَ سَبَا، وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا وَاحِدًا، وَقِيلَ: الْيَدُ الطَّرِيقُ هَا هُنَا. يُقَالُ: أَخَذَ فُلَانٌ يَدَ بَحْرٍ إِذَا أَخَذَ طَرِيقَ الْبَحْرِ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ: فَأَخَذَ بِهِمْ يَدَ الْبَحْرِ أَيْ طَرِيقِ السَّاحِلِ، وَأَهْلُ سَبَا لِمَا مُزِّقُوا فِي الْأَرْضِ ڪُلَّ مُمَزَّقٍ أَخَذُوا طُرُقًا شَتَّى، فَصَارُوا أَمْثَالًا لِمَنْ يَتَفَرَّقُونَ آخِذِينَ طُرُقًا مُخْتَلِفَةً. رَأَيْتُ حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِي الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ – رَحِمَهُ اللَّهُ – قَالَ: قَاْلَ أَبُو الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيُّ قَالَتِ الْعَرَبُ افْتَرَقُوا أَيَادِيَ سَبَا فَلَمْ يَهْمِزُوا لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَأَكْثَرُهُمْ لَا يُنَوِّنُ سَبَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَعْضُهُمْ يُنَوِّنُ; قَاْلَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَيَا لَكِ مِنْ دَارٍ تَحَمَّلَ أَهْلُهَا أَيَادِي سَبًا عَنْهَا وَطَالَ انْتِقَالُهَا
وَالْمَعْنَى أَنَّ نِعَمَ سَبَا افْتَرَقَتْ فِي ڪُلِّ أَوْبٍ، فَقِيلَ: تَفَرَّقُوا أَيَادِيَ سَبَا أَيْ فِي ڪُلِّ وَجْهٍ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُمْ أَيَادِي سَبَا يُرَادُ بِهِ نِعَمُهُمْ. وَالْيَدُ: النِّعْمَةُ; لِأَنَّ نِعَمَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ تَفَرَّقَتْ بِتَفَرُّقِهِمْ، وَقِيلَ: الْيَدُ هُنَا ڪِنَايَةٌ عَنِ الْفِرْقَةِ. يُقَالُ: أَتَانِي يَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَعَيْنٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَعْنَاهُ تَفَرَّقُوا تَفَرُّقَ جَمَاعَاتِ سَبَا، وَقِيلَ: إِنْ أَهْلَ سَبَا ڪَانَتْ يَدُهُمْ وَاحِدَةً، فَلَمَّا فَرَّقَهُمُ اللَّهُ صَارَتْ يَدُهُمْ أَيَادِيَ، قَالَ: وَقِيلَ الْيَدُ هُنَا الطَّرِيقُ; يُقَالُ: أَخَذَ فُلَانٌ يَدَ بَحْرٍ أَيْ طَرِيقَ بَحْرٍ; لِأَنَّ أَهْلَ سَبَا لَمَّا مَزَّقَهُمُ اللَّهُ أَخَذُوا طُرُقًا شَتَّى. وَفِي الْحَدِيثِ: اجْعَلِ الْفُسَّاقَ يَدًا يَدًا وَرِجْلًا رِجْلًا، فَإِنَّهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ بَيْنَهُمْ فِي الشَّرِّ; قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: أَيْ فَرِّقْ بَيْنَهُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبَا أَيْ تَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بِمَا أَدَّتْ يَدٌ إِلَى يَدٍ، عِنْدَ تَأْكِيدِ الْإِخْفَاقِ، وَهُوَ الْخَيْبَةُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يُدْعَى عَلَيْهِ بِالسُّوءِ: لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ أَيْ يَسْقُطُ عَلَى يَدَيْهِ وَفَمِهِ.
معنى كلمة يدي – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي