معنى كلمة أنس – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
أنس: الْإِنْسَانُ: مَعْرُوفٌ; وَقَوْلُهُ:
أَقَلْ بَنُو الْإِنْسَانِ حِينَ عَمَدْتُمُ إِلَى مَنْ يُثِيرُ الْجِنَّ وَهْيَ هُجُودُ
يَعْنِي بِالْإِنْسَانِ آدَمَ – عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا; عَنَى بِالْإِنْسَانِ هُنَا الْكَافِرَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَيُجَادِلُ الَّذِينَ ڪَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ; هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ، فَإِنْ قِيلَ: وَهَلْ يُجَادِلُ غَيْرُ الْإِنْسَانِ؟ قِيلَ: قَدْ جَادَلَ إِبْلِيسُ وَكُلُّ مَنْ يَعْقِلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْجِنُّ تُجَادِلُ، لَكِنَّ الْإِنْسَانَ أَكْثَرُ جَدَلًا، وَالْجَمْعُ النَّاسُ، مُذَكَّرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَاأَيُّهَا النَّاسُ; وَقَدْ يُؤَنَّثُ عَلَى مَعْنَى الْقَبِيلَةِ أَوِ الطَّائِفَةِ، حَكَى ثَعْلَبٌ: جَاءَتْكَ النَّاسُ، مَعْنَاهُ: جَاءَتْكَ الْقَبِيلَةُ أَوِ الْقِطْعَةُ; ڪَمَا جَعَلَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ آدَمَ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ وَأَنَّثَ فَقَالَ أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ:
شَادُوا الْبِلَادَ وَأَصْبَحُوا فِي آدَمٍ بَلَغُوا بِهَا بِيضَ الْوُجُوهِ فُحُولًا
وَالْإِنْسَانُ أَصْلُهُ إِنْسِيَانٌ لِأَنَّ الْعَرَبَ قَاطِبَةً قَالُوا فِي تَصْغِيرِهِ: أُنَيْسِيَانٌ، فَدَلَّتِ الْيَاءُ الْأَخِيرَةُ عَلَى الْيَاءِ فِي تَكْبِيرِهِ، إِلَّا أَنَّهُمْ حَذَفُوهَا لَمَّا ڪَثُرَ النَّاسُ فِي ڪَلَامِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ صَيَّادٍ: قَاْلَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ذَاتَ يَوْمٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أُنَيْسِيَانٍ قَدْ رَأَيْنَا شَأْنَهُ; وَهُوَ تَصْغِيرُ إِنْسَانٍ، جَاءَ شَاذًّا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقِيَاسُهُ أُنَيْسَانٌ، قَالَ: وَإِذَا قَالُوا أَنَاسِينُ فَهُوَ جَمْعٌ بَيِّنٌ مِثْلَ بُسْتَانٍ وَبَسَاتِينَ، وَإِذَا قَالُوا أَنَاسِي ڪَثِيرًا فَخَفَّفُوا الْيَاءَ أَسْقَطُوا الْيَاءَ الَّتِي تَكُونُ فِيمَا بَيْنَ عَيْنِ الْفِعْلِ وَلَامِهِ مِثْلَ قَرَاقِيرَ وَقَرَاقِرَ، وَيُبَيِّنُ جَوَازَ أَنَاسِي، بِالتَّخْفِيفِ، قَوْلُ الْعَرَبِ أَنَاسِيَةٌ ڪَثِيرَةٌ، وَالْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ، وَأُنَاسٌ إِنْ شِئْتَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْإِنْسَانُ إِنْسَانًا لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ، قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: إِذَا ڪَانَ الْإِنْسَانُ فِي الْأَصْلِ إِنْسِيَانٌ، فَهُوَ إِفْعِلَانٌ مِنَ النِّسْيَانِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لَهُ، وَهُوَ مِثْلُ لَيْلِ إِضْحِيَانٍ مِنْ ضَحِيَ يَضْحَى، وَقَدْ حُذِفَتِ الْيَاءُ فَقِيلَ إِنْسَانٌ. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ مَا أَصْلُهُ؟ فَقَالَ: الْأُنَاسُ لِأَنَّ أَصْلَهُ أُنَاسٌ فَالْأَلِفُ فِيهِ أَصْلِيَّةٌ ثُمَّ زِيدَتْ عَلَيْهِ اللَّامُ الَّتِي تُزَادُ مَعَ الْأَلِفِ لِلتَّعْرِيفِ، وَأَصْلُ تِلْكَ اللَّامِ إِبْدَالٌ مِنْ أَحْرُفٍ قَلِيلَةٍ مِثْلُ الِاسْمِ وَالِابْنِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْأَلِفَاتِ الْوَصْلِيَّةِ فَلَمَّا زَادُوهُمَا عَلَى أُنَاسٍ صَارَ الِاسْمُ الْأُنَاسُ، ثُمَّ ڪَثُرَتْ فِي الْكَلَامِ فَكَانَتِ الْهَمْزَةُ وَاسِطَةً فَاسْتَثْقَلُوهَا فَتَرَكُوهَا وَصَارَ الْبَاقِي: أَلُنَاسٌ، بِتَحْرِيكِ اللَّامِ بِالضَّمَّةِ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ اللَّامُ وَالنُّونُ أَدْغَمُوا اللَّامَ فِي النُّونِ فَقَالُوا: النَّاسُ، فَلَمَّا طَرَحُوا الْأَلِفَ وَاللَّامَ ابْتَدَأُوا الِاسْمَ فَقَالُوا: قَاْلَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو الْهَيْثَمِ تَعْلِيلُ النَّحْوِيِّينَ، وَإِنْسَانٌ فِي الْأَصْلِ إِنْسِيَانٌ، وَهُوَ فِعْلِيَانٌ مِنَ الْإِنْسِ، وَالْأَلِفُ فِيهِ فَاءُ الْفِعْلِ، وَعَلَى مِثَالِهِ حِرْصِيَانٌ، وَهُوَ الْجِلْدُ الَّذِي يَلِي الْجِلْدَ الْأَعْلَى مِنَ الْحَيَوَانِ، سُمِّيَ حِرْصِيَانًا لِأَنَّهُ يُحْرَصُ أَيْ يُقْشَرُ; وَمِنْهُ أُخِذَتِ الْحَارِصَةُ مِنَ الشِّجَاجِ، يُقَالُ: رَجُلٌ حِذْرِيَانٌ إِذَا ڪَانَ حَذِرًا. قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقْدِيرُ إِنْسَانٍ فِعْلَانٌ، وَإِنَّمَا زِيدَ فِي تَصْغِيرِهِ يَاءٌ ڪَمَا زِيدَ فِي تَصْغِيرِ رَجُلٍ فَقِيلَ رُوَيْجِلٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: أَصْلُهُ إِنْسِيَانٌ عَلَى إِفْعِلَانٍ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ اسْتِخْفَافًا لِكَثْرَةِ مَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ، فَإِذَا صَغَّرُوهُ رَدُّوهَا لِأَنَّ التَّصْغِيرَ لَا يَكْثُرُ. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، النَّاسُ هَاهُنَا أَهْلُ مَكَّةَ وَالْأُنَاسُ لُغَةٌ فِي النَّاسِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْأُنَاسُ مُخَفَّفًا فَجَعَلُوا الْأَلِفَ وَاللَّامَ عِوَضًا مِنَ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ قَالُوا: الْأُنَاسُ، قَاْلَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الْمَنَايَا يَطَّلِعْ نَ عَلَى الْأُنَاسِ الْآمِنِينَا
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: النَّاسُ النَّاسُ أَيِ النَّاسُ بِكُلِّ مَكَانٍ وَعَلَى ڪُلِّ حَالٍ ڪَمَا تَعْرِفُ; وَقَوْلُهُ:
بِلَادٌ بِهَا ڪُنَّا، وَكُنَّا نُحِبُّهَا إِذِ النَّاسُ نَاسٌ وَالْبِلَادُ بِلَادُ
فَهَذَا عَلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ أَيْ إِذِ النَّاسُ أَحْرَارٌ وَالْبِلَادُ مُخْصِبَةٌ، وَلَوْلَا هَذَا الْغَرَضُ وَأَنَّهُ مُرَادٌ مُعْتَزَمٌ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِتَعَرِّي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ عَنِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، وَكَأَنَّهُ أُعِيدَ لَفْظُ الْأَوَّلِ لِضَرْبٍ مِنَ الْإِدْلَالِ وَالثِّقَةِ بِمَحْصُولِ الْحَالِ، وَكَذَلِكَ ڪَلُّ مَا ڪَانَ مِثْلَ هَذَا. وَالنَّاتُ: لُغَةٌ فِي النَّاسِ عَلَى الْبَدَلِ الشَّاذِّ; وَأَنْشَدَ:
يَا قَبَّحَ اللَّهُ بَنِي السِّعْلَاةِ! عَمْرَو بْنَ يَرْبُوعٍ شِرَارَ النَّاتِ
غَيْرَ أَعِفَّاءٍ وَلَا أَكْيَاتِ
أَرَادَ وَلَا أَكْيَاسٍ فَأَبْدَلَ التَّاءَ مِنْ سِينِ النَّاسِ وَالْأَكْيَاسِ لِمُوَافَقَتِهَا إِيَّاهَا فِي الْهَمْسِ وَالزِّيَادَةِ وَتَجَاوُرِ الْمَخَارِجِ. وَالْإِنْسُ: جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَالْجَمْعُ أُنَاسٌ، وَهُمُ الْأَنَسُ. تَقُولُ: رَأَيْتُ بِمَكَانِ ڪَذَا وَكَذَا أَنَسًا ڪَثِيرًا أَيْ نَاسًا ڪَثِيرًا; وَأَنْشَدَ:
وَقَدْ تَرَى بِالدَّارِ يَوْمًا أَنَسًا
وَالْأَنَسُ بِالتَّحْرِيكِ، الْحَيُّ الْمُقِيمُونَ وَالْأَنَسُ أَيْضًا: لُغَةٌ فِي الْإِنْسِ وَأَنْشَدَ الْأَخْفَشُ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ:
أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ: مَنُونَ أَنْتُمْ فَقَالُوا: الْجِنُّ! قُلْتُ: عِمُوا ظَلَامَا!
فَقُلْتُ إِلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مِنْهُمْ زَعِيمٌ نَحْسُدُ الْأَنَسَ الطَّعَامَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لَشَمِرِ بْنِ الْحَرِثِ الضَّبِّيِّ، وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ جَاءَ فِيهِ مَنُونَ مَجْمُوعًا لِلضَّرُورَةِ وَقِيَاسُهُ: مَنْ أَنْتُمْ؟ لِأَنَّ مَنْ إِنَّمَا تَلْحَقُهُ الزَّوَائِدُ فِي الْوَقْفِ، يَقُولُ الْقَائِلُ: جَاءَنِي رَجُلٌ، فَتَقُولُ: مَنُو؟ وَرَأَيْتُ رَجُلًا فَيُقَالُ: مَنَا؟ وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ فَيُقَالُ: مَنِي؟ وَجَاءَنِي رَجُلَانِ فَتَقُولُ: مَنَانْ؟ وَجَاءَنِي رِجَالٌ فَتَقُولُ: مَنُونْ؟ فَإِنْ وَصَلْتَ قُلْتَ: مَنْ يَا هَذَا؟ أَسْقَطْتَ الزَّوَائِدَ ڪُلَّهَا، وَمَنْ رَوَى عِمُوا صَبَاحًا فَالْبَيْتُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِجِذْعِ بْنِ سِنَانٍ الْغَسَّانِيِّ فِي جُمْلَةِ أَبْيَاتٍ حَائِيَّةٍ; وَمِنْهَا:
أَتَانِي قَاشِرٌ وَبَنُو أَبِيهِ وَقَدْ جَنَّ الدُّجَى وَالنَّجْمُ لَاحَا
فَنَازَعَنِي الزُّجَاجَةَ بَعْدَ وَهْنٍ مَزَجْتُ لَهُمْ بِهَا عَسَلًا وَرَاحَا
وَحَذَّرَنِي أُمُورًا سَوْفَ تَأْتِي أَهُزُّ لَهَا الصَّوَارِمَ وَالرِّمَاحَا
وَالْأَنَسُ: خِلَافُ الْوَحْشَةِ، وَهُوَ مَصْدَرُ قَوْلِكَ أَنِسْتُ بِهِ، بِالْكَسْرِ، أَنَسًا وَأَنَسَةً قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أَنَسْتُ بِهِ أُنْسًا مِثْلَ ڪَفَرْتُ بِهِ ڪُفْرًا. قَالَ: وَالْأُنْسُ وَالِاسْتِئْنَاسُ هُوَ التَّأَنُّسُ، وَقَدْ أَنِسْتُ بِفُلَانٍ. وَالْإِنْسِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى الْإِنْسِ، ڪَقَوْلِكَ جِنِّيٌّ وَجِنٌّ وَسِنْدِيُّ وَسِنْدٌ، وَالْجَمْعُ أَنَاسِيُّ ڪَكُرْسِيٍّ وَكَرَاسِيَّ، وَقِيلَ: أَنَاسِيُّ جَمْعُ إِنْسَانٍ ڪَسَرْحَانٍ وَسَرَاحِينَ، لَكِنَّهُمْ أَبْدَلُوا الْيَاءَ مِنَ النُّونِ; فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَنَاسِيَةٌ جَعَلُوا الْهَاءَ عِوَضًا مِنْ إِحْدَى يَاءَيْ أَنَاسِيَّ جَمْعِ إِنْسَانٍ، ڪَمَا قَاْلَ – عَزَّ مِنْ قَائِلٍ -: وَأَنَاسِيَّ ڪَثِيرًا، وَتَكُونُ الْيَاءُ الْأُولَى مِنَ الْيَاءَيْنِ عِوَضًا مُنْقَلِبَةً مِنَ النُّونِ ڪَمَا تَنْقَلِبُ النُّونُ مِنَ الْوَاوِ إِذَا نَسَبْتَ إِلَى صَنْعَاءَ وَبَهْرَاءَ فَقُلْتَ: صَنْعَانِيٌّ وَبَهْرَانِيٌّ، وَيَجُوزُ أَنْ نَحْذِفَ الْأَلِفَ وَالنُّونَ فِي إِنْسَانٍ تَقْدِيرًا وَتَأْتِي بِالْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي تَصْغِيرِهِ إِذَا قَالُوا أُنَيْسِيَانٌ، فَكَأَنَّهُمْ زَادُوا فِي الْجَمْعِ الْيَاءَ الَّتِي يَرُدُّونَهَا فِي التَّصْغِيرِ فَيَصِيرُ أَنَاسِيَ، فَيُدْخِلُونَ الْهَاءَ لِتَحْقِيقِ التَّأْنِيثِ; قَاْلَ الْمُبَرِّدُ: أَنَاسِيَةٌ جَمْعُ إِنْسِيَّةٍ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ، لِأَنَّهُ ڪَانَ يَجِبُ أَنَاسِيَّ بِوَزْنِ زَنَادِيقَ وَفَرَازِينَ، وَأَنَّ الْهَاءَ فِي زَنَادِقَةٍ وَفَرَازِنَةٍ إِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، وَأَنَّهَا لَمَّا حُذِفَتْ لِلتَّخْفِيفِ عُوِّضَتْ مِنْهَا الْهَاءُ، فَالْيَاءُ الْأُولَى مِنْ أَنَاسِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْيَاءِ مِنْ فَرَازِينَ وَزَنَادِيقَ، وَالْيَاءُ الْأَخِيرَةُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَافِ وَالنُّونِ مِنْهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ جَحْجَاحٌ وَجَحَاجِحَةٌ إِنَّمَا أَصْلُهُ جَحَاجِيحُ. قَاْلَ اللِّحْيَانِيُّ: يُجْمَعُ إِنْسَانٌ أَنَاسِيَّ وَآنَاسًا عَلَى مِثَالِ آبَاضٍ. وَأَنَاسِيَةً بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّأْنِيثِ. وَالْإِنْسُ: الْبَشَرُ، الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ وَأَنَسِيٌّ أَيْضًا، بِالتَّحْرِيكِ. وَيُقَالُ: أَنَسٌ وَآنَاسٌ ڪَثِيرٌ. قَاْلَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَأَنَاسِيَّ ڪَثِيرًا، الْأَنَاسِيُّ جِمَاعٌ، الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ إِنْسَانًا ثُمَّ جَمَعْتَهُ أَنَاسِيَّ فَتَكُونُ الْيَاءُ عِوَضًا مِنَ النُّونِ، ڪَمَا قَالُوا لِلْأَرَانِبِ أَرَانِيُّ وَلِلسَّرَاحِينِ سَرَاحِيُّ. وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا إِنْسَانٌ وَلَا يُقَالُ إِنْسَانَةٌ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ; يَعْنِي الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ، وَالْمَشْهُورُ فِيهَا ڪَسْرُ الْهَمْزَةِ، مَنْسُوبَةٌ إِلَى الْإِنْسِ، وَهُمْ بَنُو آدَمَ، الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ قَالَ: وَفِي ڪِتَابِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ فَإِنَّهُ قَاْلَ هِيَ الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ. وَالْأُنْسُ، وَهُوَ ضِدُّ الْوَحْشَةِ، الْأُنْسُ، بِالضَّمِّ، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ الْكَسْرُ قَلِيلًا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: إِنْ أَرَادَ أَنَّ الْفَتْحَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الرِّوَايَةِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ فَلَا، فَإِنَّهُ مَصْدَرُ أَنِسْتُ بِهِ آنَسُ أَنَسًا وَأَنَسَةً، وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ الْإِيسَانَ لُغَةٌ فِي الْإِنْسَانِ، طَائِيَّةٌ; قَاْلَ عَامِرُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّائِيُّ:
فَيَا لَيْتَنِي مِنْ بَعْدِ مَا طَافَ أَهْلُهَا هَلَكْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ بِهَا صَوْتَ إِيسَانِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ڪَذَا أَنْشَدَهُ ابْنُ جِنِّي، قَالَ: إِلَّا أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا فِي جَمْعِهِ أَيَاسِيُّ، بِيَاءٍ قَبْلَ الْأَلِفِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْيَاءُ غَيْرَ مُبْدَلَةٍ، وَجَائِزٌ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبَدَلِ اللَّازِمِ نَحْوَ عِيدٍ وَأَعْيَادٍ وَعُيَيْدٍ; قَاْلَ اللِّحْيَانِيُّ: فِي لُغَةِ طَيِّئٍ مَا رَأَيْتُ ثَمَّ إِيسَانًا أَيْ إِنْسَانًا; قَاْلَ اللِّحْيَانِيُّ: يَجْمَعُونَهُ أَيَاسِينَ، قَاْلَ فِي ڪِتَابِ اللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: يَاسِينَ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ; بِلُغَةِ طَيِّئٍ، قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ. قَاْلَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ جَمِيعًا يَقُولُونَ الْإِنْسَانُ إِلَّا طَيِّئًا فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ مَكَانَ النُّونِ يَاءً. وَرَوَى قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَرَأَ: يَاسِينَ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، يُرِيدُ يَا إِنْسَانُ. قَاْلَ ابْنُ جِنِّي: وَيُحْكَى أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْجِنِّ وَافَوْا قَوْمًا فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمُ النَّاسُ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَاسٌ مِنَ الْجِنِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْهُودَ فِي الْكَلَامِ إِذَا قِيلَ لِلنَّاسِ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَاسٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، فَلَمَّا ڪَثُرَ ذَلِكَ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الْجِنِّ عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْ ڪَلَامِهِمْ مَعَ الْإِنْسِ، وَالشَّيْءُ يُحْمَلُ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِيهِ وَإِنْ تَبَايَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَالْإِنْسَانُ أَيْضًا: إِنْسَانُ الْعَيْنِ، وَجَمْعُهُ أَنَاسِيُّ. وَإِنْسَانُ الْعَيْنِ: الْمِثَالُ الَّذِي يُرَى فِي السَّوَادِ; قَاْلَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبِلًا غَارَتْ عُيُونُهَا مِنَ التَّعَبِ وَالسَّيْرِ:
إِذَا اسْتَحْرَسَتْ آذَانُهَا اسْتَأْنَسَتْ لَهَا أَنَاسِيُّ مَلْحُودٌ لَهَا فِي الْحَوَاجِبِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَوْرَدَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِذَا اسْتَوْجَسَتْ، قَالَ: وَاسْتَوْجَسَتْ بِمَعْنَى تَسَمَّعَتْ، وَاسْتَأْنَسَتْ وَآنَسَتْ بِمَعْنَى أَبْصَرَتْ، وَقَوْلُهُ: مَلْحُودٌ لَهَا فِي الْحَوَاجِبِ، يَقُولُ: ڪَأَنَّ مَحَارَ أَعْيُنِهَا جُعِلْنَ لَهَا لُحُودًا، وَصَفَهَا بِالْغُئُورِ; قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ وَلَا يُجْمَعُ عَلَى أُنَاسٍ. وَإِنْسَانُ الْعَيْنِ: نَاظِرُهَا. وَالْإِنْسَانُ: الْأُنْمُلَةُ; وَقَوْلُهُ:
تَمْرِي بِإِنْسَانِهَا إِنْسَانَ مُقْلَتِهَا إِنْسَانَةٌ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ عُطْبُولُ
فَسَّرَهُ أَبُو الْعَمَيْثَلِ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ: إِنْسَانُهَا أُنْمُلَتُهَا. قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ; قَالَ:
أَشَارَتْ لِإِنْسَانٍ بِإِنْسَانِ ڪَفِّهَا لِتَقْتُلَ إِنْسَانًا بِإِنْسَانِ عَيْنِهَا
وَإِنْسَانُ السَّيْفِ وَالسَّهْمِ: حَدُّهُمَا. وَإِنْسِيُّ الْقَدَمِ. مَا أَقْبَلَ عَلَيْهَا، وَوَحْشِيُّهَا مَا أَدْبَرَ مِنْهَا. وَإِنْسِيُّ الْإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ: جَانِبُهُمَا الْأَيْسَرُ، وَقِيلَ الْأَيْمَنُ. وَإِنْسِيُّ الْقَوْسِ: مَا أَقْبَلَ عَلَيْكَ مِنْهَا، وَقِيلَ: إِنْسِيُّ الْقَوْسِ مَا وَلِيَ الرَّامِيَ، وَوَحْشِيُّهَا مَا وَلِيَ الصَّيْدَ، وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ ذَلِكَ فِي حَرْفِ الشِّينِ. التَّهْذِيبُ: الْإِنْسِيُّ مِنَ الدَّوَابِّ هُوَ الْجَانِبُ الْأَيْسَرُ الَّذِي مِنْهُ يُرْكَبُ وَيُحْتَلَبُ، وَهُوَ مِنَ الْآدَمِيِّ الْجَانِبُ الَّذِي يَلِي الرِّجْلَ الْأُخْرَى، وَالْوَحْشِيُّ مِنَ الْإِنْسَانِ الْجَانِبُ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ. أَبُو زَيْدٍ: الْإِنْسِيُّ الْأَيْسَرُ مِنْ ڪُلِّ شَيْءٍ. قَاْلَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ الْأَيْمَنُ، وَقَالَ: ڪُلُّ اثْنَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ مِثْلُ السَّاعِدَيْنِ وَالزَّنْدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ فَمَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا عَلَى الْإِنْسَانِ فَهُوَ إِنْسِيٌّ، وَمَا أَدْبَرَ عَنْهُ فَهُوَ وَحْشِيٌّ. وَالْأَنَسُ: أَهْلُ الْمَحَلِّ، وَالْجَمْعُ آنَاسٌ; قَاْلَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
مَنَايَا يُقَرِّبْنَ الْحُتُوفَ لِأَهْلِهَا جِهَارًا وَيَسْتَمْتِعْنَ بِالْأَنَسِ الْجُبْلِ
، وَقَالَ عَمْرٌو ذُو الْكَلْبِ:
بِفِتْيَانٍ عَمَارِطَ مِنْ هُذَيْلٍ هُمُ يَنْفُونَ آنَاسَ الْحِلَالِ
، وَقَالُوا: ڪَيْفَ ابْنُ إِنْسِكَ وَإِنْسُكَ أَيْ ڪَيْفَ نَفْسُكَ. أَبُو زَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ ڪَيْفَ تَرَى ابْنَ إِنْسِكَ إِذَا خَاطَبْتَ الرَّجُلَ عَنْ نَفْسِكَ. الْأَحْمَرُ: فُلَانُ ابْنُ إِنْسِ فُلَانٍ أَيْ صَفِيُّهُ وَأَنِيسُهُ وَخَاصَّتُهُ. قَاْلَ الْفَرَّاءُ: قُلْتُ لِلْدُّبَيْرِيِّ أَيْشِ، ڪَيْفَ تَرَى ابْنَ إِنْسِكَ، بِكَسْرِ الْأَلِفِ؟ فَقَالَ: عَزَاهُ إِلَى الْإِنْسِ، فَأَمَّا الْأُنْسُ عِنْدَهُمْ فَهُوَ الْغَزَلُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ ڪَيْفَ ابْنُ إِنْسِكَ وَإِنْسُكَ يَعْنِي نَفْسَهُ، أَيْ ڪَيْفَ تَرَانِي فِي مُصَاحَبَتِي إِيَّاكَ؟ وَيُقَالُ: هَذَا حِدْثِي وَإِنْسِي وَخِلْصِي وَجِلْسِي، ڪُلُّهُ بِالْكَسْرِ. أَبُو حَاتِمٍ: أَنِسْتُ بِهِ إِنْسًا، بِكَسْرِ الْأَلِفِ، وَلَا يُقَالُ أُنْسًا إِنَّمَا الْأُنْسُ حَدِيثُ النِّسَاءِ وَمُؤَانَسَتُهُنَّ. رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ. وَأَنِسْتُ بِهِ آنَسُ وَأَنُسْتُ آنُسُ أَيْضًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَالْإِينَاسُ: خِلَافُ الْإِيحَاشِ، وَكَذَلِكَ التَّأْنِيسُ. وَالْأَنَسُ وَالْأُنْسُ وَالْإِنْسُ الطُّمَأْنِينَةُ، وَقَدْ أَنَسَ بِهِ وَأَنَسَ يَأْنَسُ وَيَأْنِسُ وَأَنُسَ أُنْسًا وَأَنَسَةً وَتَأَنَّسَ وَاسْتَأْنَسَ; قَاْلَ الرَّاعِي:
أَلَا اسْلَمِي الْيَوْمَ ذَاتَ الطَّوْقِ وَالْعَاجِ وَالدَّلِّ وَالنَّظَرِ الْمُسْتَأْنِسِ السَّاجِي
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: آنَسُ مِنْ حُمَّى; يُرِيدُونَ أَنَّهَا لَا تَكَادُ تُفَارِقُ الْعَلِيلَ فَكَأَنَّهَا آنِسَةٌ بِهِ، وَقَدْ آنَسَنِي وَأَنَّسَنِي. وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ: إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ اسْتَأْنَسَ ڪُلُّ وَحْشِيٍّ وَاسْتَوْحَشَ ڪُلُّ إِنْسِيٍّ; قَاْلَ الْعَجَّاجُ:
وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا طُورِيُّ وَلَا خَلَا الْجِنَّ بِهَا إِنْسِيُّ
تَلْقَى، وَبِئْسَ الْأَنَسُ الْجِنِّيُّ! دَوِّيَّةٌ لِهَوْلِهَا دَوِيُّ
لِلرِّيحِ فِي أَقْرَابِهَا هُوِيُّ
هُوِيٌّ: صَوْتٌ. أَبُو عَمْرٍو: الْأَنَسُ سُكَّانُ الدَّارِ. وَاسْتَأْنَسَ الْوَحْشِيُّ إِذَا أَحَسَّ إِنْسِيًّا. وَاسْتَأْنَسْتُ بِفُلَانٍ وَتَأَنَّسْتُ بِهِ بِمَعْنًى; وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَكِنَّنِي أَجْمَعُ الْمُؤْنِسَاتِ إِذَا مَا اسْتَخَفَّ الرِّجَالُ الْحَدِيدَا
يَعْنِي أَنَّهُ يُقَاتِلُ بِجَمِيعِ السِّلَاحِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا بِالْمُؤْنِسَاتِ لِأَنَّهُنَّ يُؤْنِسْنَهُ فَيُؤَمِّنَّهُ أَوْ يُحَسِّنَّ ظَنَّهُ. قَاْلَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلسِّلَاحِ ڪُلِّهِ مِنَ الرُّمْحِ وَالْمِغْفَرِ وَالتِّجْفَافِ وَالتَّسْبِغَةِ وَالتُّرْسِ وَغَيْرِهِ: الْمُؤْنِسَاتُ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ الْقُدَمَاءُ تُسَمِّي يَوْمَ الْخَمِيسِ مُؤْنِسًا لِأَنَّهُمْ ڪَانُوا يَمِيلُونَ فِيهِ إِلَى الْمَلَاذِّ; قَاْلَ الشَّاعِرُ:
أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ وَإِنَّ يَوْمِي بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَوَ جُبَارِ
أَوِ التَّالِي دُبَارِ فَإِنْ يَفُتْنِي فَمُؤْنِسِ أَوْ عَرُوبَةَ أَوْ شِيَارِ
وَقَالَ مُطَرِّفٌ: أَخْبَرَنِي الْكَرِيمِيُّ إِمْلَاءً عَنْ رِجَالِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: قَاْلَ لِي عَلِيٌّ – عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إِنَّ اللَّهَ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى – خَلَقَ الْفِرْدَوْسَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَسَمَّاهَا مُؤْنِسَ. وَكَلْبٌ أَنُوسٌ: وَهُوَ ضِدُّ الْعَقُورِ، وَالْجَمْعُ أُنُسٌ. وَمَكَانٌ مَأْنُوسٌ إِنَّمَا هُوَ عَلَى النَّسَبِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا آنَسْتُ الْمَكَانَ وَلَا أَنِسْتُهُ، فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ فِعْلًا وَكَانَ النَّسَبُ يَسُوغُ فِي هَذَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ; قَاْلَ جَرِيرٌ:
حَيِّ الْهِدَمْلَةَ مِنْ ذَاتِ الْمَوَاعِيسِ فَالْحِنْوُ أَصْبَحَ قَفْرًا غَيْرَ مَأْنُوسِ
وَجَارِيَةٌ آنِسَةٌ: طَيِّبَةُ الْحَدِيثِ; قَاْلَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
بِآنِسَةٍ غَيْرِ أُنْسِ الْقِرَافِ تُخَلِّطُ بِاللِّينِ مِنْهَا شِمَاسَا
، وَكَذَلِكَ أَنُوسٌ، وَالْجَمْعُ أُنُسٌ; قَاْلَ الشَّاعِرُ يَصِفُ بَيْضَ نَعَامٍ:
أُنُسٌ إِذَا مَا جِئْتَهَا بِبُيُوتِهَا شُمُسٌ إِذَا دَاعِي السِّبَابِ دَعَاهَا
جُعِلَتْ لَهُنَّ مَلَاحِفٌ قَصَبِيَّةٌ يُعْجِلْنَهَا بِالْعَطِّ قَبْلَ بِلَاهَا
وَالْمَلَاحِفُ الْقَصَبِيَّةُ يَعْنِي بِهَا مَا عَلَى الْأَفْرُخِ مِنْ غِرْقِئِ الْبَيْضِ. اللَّيْثُ: جَارِيَةٌ آنِسَةٌ إِذَا ڪَانَتْ طَيِّبَةَ النَّفْسِ تُحِبُّ قُرْبَكَ وَحَدِيثَكَ، وَجَمْعُهَا آنِسَاتٌ وَأَوَانِسُ. وَمَا بِهَا أَنِيسٌ أَيْ أَحَدٌ وَالْأُنُسُ الْجَمْعُ. وَآنَسَ الشَّيْءَ: أَحَسَّهُ. وَآنَسَ الشَّخْصَ وَاسْتَأْنَسَهُ: رَآهُ وَأَبْصَرَهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ; أَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
بِعَيْنَيَّ لَمْ تَسْتَأْنِسَا يَوْمَ غُبْرَةٍ وَلَمْ تَرِدَا جَوَّ الْعِرَاقِ فَثَرْدَمَا
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَنِسْتُ بِفُلَانٍ أَيْ فَرِحْتُ بِهِ، وَآنَسْتُ فَزَعًا وَأَنَّسْتُهُ إِذَا أَحْسَسْتَهُ وَوَجَدْتَهُ فِي نَفْسِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا، يَعْنِي مُوسَى أَبْصَرَ نَارًا، وَهُوَ الْإِينَاسُ. وَآنَسَ الشَّيْءَ: عَلِمَهُ. يُقَالُ: آنَسْتُ مِنْهُ رُشْدًا أَيْ عَلِمْتُهُ. وَآنَسْتُ الصَّوْتَ: سَمِعْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ: فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – ڪَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا أَيْ أَبْصَرَ وَرَأَى شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ. يُقَالُ: آنَسْتُ مِنْهُ ڪَذَا أَيْ عَلِمْتُ. وَاسْتَأْنَسْتُ: اسْتَعْلَمْتُ; وَمِنْهُ حَدِيثُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ: حَتَّى تُؤْنِسَ مِنْهُ الرُّشْدَ أَيْ تَعْلَمَ مِنْهُ ڪَمَالَ الْعَقْلِ وَسَدَادَ الْفِعْلِ وَحُسْنَ التَّصَرُّفِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا، قَاْلَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى تَسْتَأْنِسُوا فِي اللُّغَةِ تَسْتَأْذِنُوا، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ تَسْتَأْنِسُوا فَتَعْلَمُوا أَيُرِيدُ أَهْلُهَا أَنْ تَدْخُلُوا أَمْ لَا؟ قَاْلَ الْفَرَّاءُ: هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ إِنَّمَا هُوَ حَتَّى تُسَلِّمُوا وَتَسْتَأْنِسُوا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ! أَأَدْخُلُ؟ قَالَ: وَالِاسْتِئْنَاسُ فِي ڪَلَامِ الْعَرَبِ النَّظَرُ. يُقَالُ: اذْهَبْ فَاسْتَأْنِسْ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ انْظُرْ مَنْ تَرَى فِي الدَّارِ، قَاْلَ النَّابِغَةُ:
بِذِي الْجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ
أَيْ عَلَى ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ أَحَسَّ بِمَا رَابَهُ فَهُوَ يَسْتَأْنِسُ أَيْ يَتَبَصَّرُ وَيَتَلَفَّتُ هَلْ يَرَى أَحَدًا، أَرَادَ أَنَّهُ مَذْعُورٌ فَهُوَ أَجَدُّ لِعَدْوِهِ وَفِرَارِهِ وَسُرْعَتِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: (حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا)، قَالَ: تَسْتَأْنِسُوا خَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: قَرَأَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ: تَسْتَأْذِنُوا، ڪَمَا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ. قَاْلَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: تَسْتَأْنِسُوا هُوَ الِاسْتِئْذَانُ، وَقِيلَ: تَسْتَأْنِسُوا تَنَحْنَحُوا. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَصْلُ الْإِنْسِ وَالْأَنَسِ وَالْإِنْسَانِ مِنَ الْإِينَاسِ، وَهُوَ الْإِبْصَارُ. وَيُقَالُ: آنَسْتُهُ وَأَنَّسْتُهُ أَيْ أَبْصَرْتُهُ; وَقَالَ الْأَعْشَى:
لَا يَسْمَعُ الْمَرْءُ فِيهَا مَا يُؤَنِّسُهُ بِاللَّيْلِ إِلَّا نَئِيمَ الْبُومِ وَالضُّوَعَا
، وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَا يُؤَنِّسُهُ أَيْ مَا يَجْعَلُهُ ذَا أَنَسٍ، وَقِيلَ لِلْإِنْسِ إِنْسٌ لِأَنَّهُمْ يُؤْنَسُونَ أَيْ يُبْصَرُونَ، ڪَمَا قِيلَ لِلْجِنِّ جِنٌّ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْنَسُونَ أَيْ لَا يُبْصَرُونَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَرَفَةَ الْوَاسِطِيُّ: سُمِّيَ الْإِنْسِيُّونَ إِنْسِيِّينَ لِأَنَّهُمْ يُؤْنَسُونَ أَيْ يُرَوْنَ، وَسُمِّيَ الْجِنُّ جِنًّا لِأَنَّهُمْ مُجْتَنُّونَ عَنْ رُؤْيَةِ النَّاسِ أَيْ مُتَوَارُونَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ڪَانَ إِذَا دَخَلَ دَارَهُ اسْتَأْنَسَ وَتَكَلَّمَ أَيِ اسْتَعْلَمَ وَتَبَصَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ; وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِينَاسِهَا؟
أَيْ أَنَّهَا يَئِسَتْ مِمَّا ڪَانَتْ تَعْرِفُهُ وَتُدْرِكُهُ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ بِبَعْثَةِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالْإِينَاسُ: الْيَقِينُ; قَالَ:
فَإِنْ أَتَاكَ امْرُؤٌ يَسْعَى بِكِذْبَتِهِ فَانْظُرْ فَإِنَّ اطِّلَاعًا غَيْرُ إِينَاسِ
الِاطِّلَاعُ: النَّظَرُ، وَالْإِينَاسُ: الْيَقِينُ; قَاْلَ الشَّاعِرُ:
لَيْسَ بِمَا لَيْسَ بِهِ بَاسٌ بَاسْ وَلَا يَضُرُّ الْبَرَّ مَا قَاْلَ النَّاسْ
وَإِنَّ بَعْدَ اطِّلَاعٍ إِينَاسْ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: بَعْدَ طُلُوعٍ إِينَاسٌ. الْفَرَّاءُ: مِنْ أَمْثَالِهِمْ: بَعْدَ اطِّلَاعٍ إِينَاسٌ; يَقُولُ: بَعْدَ طُلُوعٍ إِينَاسٌ. وَتَأَنَّسَ الْبَازِي: جَلَّى بِطَرْفِهِ. وَالْبَازِي يَتَأَنَّسُ، وَذَلِكَ إِذَا مَا جَلَّى وَنَظَرَ رَافِعًا رَأْسَهُ وَطَرْفَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: لَوْ أَطَاعَ اللَّهُ النَّاسَ فِي النَّاسِ لَمْ يَكُنْ نَاسٌ; قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَ أَنْ لَا يُوَلَدَ لَهُمْ إِلَّا الذُّكْرَانُ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْإِنَاثُ ذَهَبَ النَّاسُ، وَمَعْنَى أَطَاعَ اسْتَجَابَ دُعَاءَهُ. وَمَأْنُوسَةُ وَالْمَأْنُوسَةُ جَمِيعًا: النَّارُ. قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعْرِفُ لَهَا فِعْلًا، فَأَمَّا آنَسْتُ فَإِنَّمَا حَظُّ الْمَفْعُولِ مِنْهَا مُؤْنَسَةٌ; وَقَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
كَمَا تَطَايَرَ عَنْ مَأْنُوسَةَ الشَّرَرُ
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَلَمْ نَسْمَعْ بِهِ إِلَّا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحْمَرَ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْأَنِيسَةُ وَالْمَأْنُوسَةُ النَّارُ، وَيُقَالُ لَهَا السَّكَنُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا آنَسَهَا لَيْلًا أَنِسَ بِهَا وَسَكَنَ إِلَيْهَا وَزَالَتْ عَنْهُ الْوَحْشَةُ، وَإِنْ ڪَانَ بِالْأَرْضِ الْقَفْرِ. أَبُو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلدِّيكِ الشُّقَرُ وَالْأَنِيسُ وَالنَّزِيُّ. وَالْأَنِيسُ: الْمُؤَانِسُ وَكُلُّ مَا يُؤْنَسُ بِهِ. وَمَا بِالدَّارِ أَنِيسٌ أَيْ أَحَدٌ; وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
فِيهِنَّ آنِسَةُ الْحَدِيثِ حَيِيَّةٌ لَيْسَتْ بِفَاحِشَةٍ وَلَا مِتْفَالِ
أَيْ تَأْنَسُ حَدِيثَكَ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا تُؤْنِسُكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَقَالَ مُؤْنِسَةٌ. وَأَنَسٌ وَأُنَيْسٌ: اسْمَانِ. وَأُنُسٌ: اسْمُ مَاءٍ لِبَنِي الْعَجْلَانِ; قَاْلَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
قَالَتْ سُلَيْمَى بِبَطْنِ الْقَاعِ مِنْ أُنُسٍ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ الشَّيْبِ وَالْكِبَرِ!
وَيُونُسُ وَيُونَسُ وَيُونِسُ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ: اسْمُ رَجُلٍ، وَحُكِيَ فِيهِ الْهَمْزُ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
معنى كلمة أنس – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي