معنى كلمة ألا – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي
ألا: حَرْفٌ يُفْتَتَحُ بِهِ الْكَلَامُ، تَقُولُ: أَلَا إِنَّ زَيْدًا خَارِجٌ ڪَمَا تَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ زَيْدًا خَارِجٌ. ثَعْلَبٌ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ عَنِ الْكِسَائِيِّ قَالَ: أَلَا تَكُونُ تَنْبِيهًا وَيَكُونُ بَعْدَهَا أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ أَوْ إِخْبَارٌ، تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: أَلَا قُمْ، أَلَا لَا تَقُمْ، أَلَا إِنَّ زَيْدًا قَدْ قَامَ، وَتَكُونُ عَرْضًا أَيْضًا، وَقَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ بَعْدَهَا جَزْمًا وَرَفْعًا، ڪُلُّ ذَلِكَ جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ. تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: أَلَا تَنْزِلُ تَأْكُلُ، وَتَكُونُ أَيْضًا تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا وَيَكُونُ الْفِعْلُ بَعْدَهَا مَرْفُوعًا لَا غَيْرُ، تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: أَلَا تَنْدَمُ عَلَى فِعَالِكَ، أَلَا تَسْتَحِي مِنْ جِيرَانِكَ، أَلَا تَخَافُ رَبَّكَ. قَاْلَ اللَّيْثُ: وَقَدْ تُرْدَفُ أَلَا بِلَا أُخْرَى فَيُقَالُ: أَلَا لَا; وَأَنْشَدَ:
فَقَامَ يَذُودُ النَّاسَ عَنْهَا بِسَيْفِهِ وَقَالَ: أَلَا لَا مِنْ سَبِيلٍ إِلَى هِنْدِ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: هَلْ ڪَانَ ڪَذَا وَكَذَا؟ فَيُقَالُ: أَلَا لَا، جَعَلَ أَلَا تَنْبِيهًا وَلَا نَفْيًا. غَيْرُهُ: وَأَلَا حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ وَاسْتِفْهَامٍ وَتَنْبِيهٍ نَحْوَ قَوْلِ اللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَقَوْلِهِ – تَعَالَى -: أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ قَاْلَ الْفَارِسِيُّ: فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى حَرْفِ تَنْبِيهٍ خَلَصَتْ لِلِاسْتِفْتَاحِ ڪَقَوْلِهِ:
أَلَا يَا اسْلَمِي يَا دَارَ مَيَّ عَلَى الْبِلَى
فَخَلَصَتْ هَاهُنَا لِلِاسْتِفْتَاحِ وَخُصَّ التَّنْبِيهُ بِيَا. وَأَمَّا أَلَا الَّتِي لِلْعَرْضِ فَمُرَكَّبَةٌ مِنْ لَا وَأَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ.
أَلَّا: مَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ مُثَقَّلَةٌ لَهَا مَعْنَيَانِ: تَكُونُ بِمَعْنَى هَلَّا فَعَلْتَ وَأَلَّا فَعَلْتَ ڪَذَا، ڪَأَنَّ مَعْنَاهُ: لِمَ لَمْ تَفْعَلْ ڪَذَا، وَتَكُونُ أَلَّا بِمَعْنَى أَنْ لَا فَأُدْغِمَتِ النُّونُ فِي اللَّامِ وَشُدِّدَتِ اللَّامُ، تَقُولُ: أَمَرْتُهُ أَلَّا يَفْعَلَ ذَلِكَ، بِالْإِدْغَامِ، وَيَجُوزُ إِظْهَارُ النُّونِ ڪَقَوْلِكَ: أَمَرْتُكَ أَنْ لَا تَفْعَلَ ذَلِكَ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَصَاحِفِ الْقَدِيمَةِ مُدْغَمًا فِي مَوْضِعٍ وَمُظْهَرًا فِي مَوْضِعٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَرَوَى ثَابِتٌ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: لَأَنْ يَسْأَلَنِي رَبِّي: أَلَّا فَعَلْتَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَقُولَ لِي: لِمَ فَعَلْتَ؟ فَمَعْنَى أَلَّا فَعَلْتَ هَلَّا فَعَلْتَ، وَمَعْنَاهُ: لِمَ لَمْ تَفْعَلْ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَنْ لَا إِذَا ڪَانَتْ إِخْبَارًا نَصَبَتْ وَرَفَعَتْ، وَإِذَا ڪَانَتْ نَهْيًا جَزَمَتْ.
إِلَّا: الْأَزْهَرِيُّ: إِلَّا تَكُونُ اسْتِثْنَاءً، وَتَكُونُ حَرْفَ جَزَاءٍ أَصْلُهَا إِنْ لَا، وَهْمَا مَعًا لَا يُمَالَانِ لِأَنَّهُمَا مِنَ الْأَدَوَاتِ، وَالْأَدَوَاتُ لَا تُمَالُ، مِثْلَ حَتَّى وَأَمَّا وَإِلَّا وَإِذَا، لَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا الْإِمَالَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَسْمَاءٍ، وَكَذَلِكَ إِلَى وَعَلَى وَلَدَى الْإِمَالَةُ فِيهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَلِفُ إِلَى وَعَلَى مُنْقَلِبَتَانِ مِنْ وَاوَيْنِ لِأَنَّ الْأَلِفَاتِ لَا تَكُونُ فِيهَا الْإِمَالَةُ، قَالَ: وَلَوْ سُمِّيَ بِهِ رَجُلٌ قِيلَ فِي تَثْنِيَتِهِ إِلَوَانِ وَعَلَوَانِ، فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمُضْمَرُ قَلَبْتَهُ فَقُلْتَ: إِلَيْكَ وْعَلَيْكَ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَتْرُكُهُ عَلَى حَالِهِ فَيَقُولُ إِلَاكَ وَعَلَاكَ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: لِأَنَّ الْأَلِفَاتِ لَا يَكُونُ فِيهَا الْإِمَالَةُ، قَالَ: صَوَابُهُ لِأَنَّ أَلِفَيْهِمَا وَالْأَلِفُ فِي الْحُرُوفِ أَصْلٌ وَلَيْسَتْ بِمُنْقَلِبَةٍ عَنْ يَاءٍ وَلَا وَاوٍ وَلَا زَائِدَةٍ، وَإِنَّمَا قَاْلَ سِيبَوَيْهِ أَلِفُ إِلَى وَعَلَى مُنْقَلِبَتَانِ عَنْ وَاوٍ إِذَا سَمَّيْتَ بِهِمَا وَخَرَجَا مِنَ الْحَرْفِيَّةِ إِلَى الِاسْمِيَّةِ. قَالَ: وَقَدْ وَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ، فَإِذَا سَمَّيْتَ بِهِمَا لَحِقَتْ بِالْأَسْمَاءِ فَجُعِلَتِ الْأَلِفُ فِيهَا مُنْقَلِبَةً عَنِ الْيَاءِ وَعَنِ الْوَاوِ نَحْوَ: بَلَى وَإِلَى وَعَلَى، فَمَا سُمِعَ فِيهِ الْإِمَالَةُ يُثَنَّى بِالْيَاءِ نَحْوَ بَلَى، تَقُولُ فِيهَا بَلَيَانِ، وَمَا لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ الْإِمَالَةُ ثُنِّيَ بِالْوَاوِ نَحْوَ إِلَى وَعَلَى، تَقُولُ فِي تَثْنِيَتِهِمَا اسْمَيْنِ: إِلَوَانِ وَعَلَوَانِ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَأَمَّا مَتَى وَأَنَّى فَيَجُوزُ فِيهِمَا الْإِمَالَةُ لِأَنَّهُمَا مَحَلَّانِ وَالْمَحَالُّ أَسْمَاءٌ، قَالَ: وَبَلَى يَجُوزُ فِيهَا الْإِمَالَةُ لِأَنَّهَا يَاءٌ زِيدَتْ فِي بَلْ، قَالَ: وَهَذَا ڪُلُّهُ قَوْلُ حُذَّاقِ النَّحْوِيِّينَ. فَأَمَّا إِلَّا الَّتِي أَصْلُهَا إِنْ لَا فَإِنَّهَا تَلِي الْأَفْعَالَ الْمُسْتَقْبَلَةَ فَتَجْزِمُهَا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ ڪَبِيرٌ فَجَزَمَ تَفْعَلُوهُ وَتَكُنْ بِإِلَّا ڪَمَا تَفْعَلُ إِنْ الَّتِي هِيَ أُمُّ الْجَزَاءِ وَهِيَ فِي بَابِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: وَأَمَّا إِلَّا فَهِيَ حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ يُسْتَثْنَى بِهَا عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: بَعْدَ الْإِيجَابِ، وَبَعْدَ النَّفْيِ، وَالْمُفَرَّغِ، وَالْمُقَدَّمِ، وَالْمُنْقَطِعِ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ عِبَارَةٌ سَيِّئَةٌ، قَالَ: وَصَوَابُهَا أَنْ يَقُولَ: الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا يَكُونُ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَبَعْدَ النَّفْيِ مُتَّصِلًا وَمُنْقَطِعًا وَمُقَدَّمًا وَمُؤَخَّرًا، وَإِلَّا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُسَلِّطَةٌ لِلْعَامِلِ نَاصِبَةٌ أَوْ مُفَرَّغَةٌ غَيْرُ مُسَلِّطَةٍ، وَتَكُونُ هِيَ وَمَا بَعْدَهَا نَعْتًا أَوْ بَدَلًا. قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: فَتَكُونُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ بِمَعْنَى لَكِنْ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَقَدْ يُوصَفُ بِإِلَّا، فَإِنْ وَصَفْتَ بِهَا جَعَلْتَهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ غَيْرَ وَأَتْبَعْتَ الِاسْمَ بَعْدَهَا مَا قَبْلَهُ فِي الْإِعْرَابِ فَقُلْتَ جَاءَنِي الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدٌ، ڪَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ ڪَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي ڪَرِبَ:
وَكُلُّ أَخٍ مُفَارِقُهُ أَخُوهُ لَعَمْرُ أَبِيكَ! إِلَّا الْفَرْقَدَانِ
كَأَنَّهُ قَالَ: غَيْرُ الْفَرْقَدَيْنِ. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الْآمِدِيُّ فِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِحَضْرَمِيِّ بْنِ عَامِرٍ; وَقَبْلَهُ:
وَكُلُّ قَرِينَةٍ قُرِنَتْ بِأُخْرَى وَإِنْ ضَنَّتْ بِهَا سَيُفَرَّقَانِ
قَالَ: وَأَصْلُ إِلَّا الِاسْتِثْنَاءُ، وَالصِّفَةُ عَارِضَةٌ، وَأَصْلُ غَيْرَ صِفَةٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ عَارِضٌ; وَقَدْ تَكُونُ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ فِي الْعَطْفِ ڪَقَوْلِ الْمُخَبَّلِ:
وَأَرَى لَهَا دَارًا بِأَغْدِرَةِ ال سِّيدَانِ لَمْ يَدْرُسْ لَهَا رَسْمُ
إِلَّا رَمَادًا هَامِدًا دَفَعَتْ عَنْهُ الرِّيَاحُ خَوَالِدٌ سُحْمُ
يُرِيدُ: أَرَى لَهَا دَارًا وَرَمَادًا; وَآخِرُ بَيْتٍ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
إِنِّي وَجَدْتُ الْأَمْرَ أَرْشَدُهُ تَقْوَى الْإِلَهِ وَشَرُّهُ الْإِثْمُ
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَمَّا إِلَّا الَّتِي هِيَ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِمَعْنَى غَيْرِ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى سِوَى، وَتَكُونُ بِمَعْنَى لَكِنْ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى لَمَّا، وَتَكُونُ بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمَحْضِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: إِذَا اسْتَثْنَيْتَ بِإِلَّا مِنْ ڪَلَامٍ لَيْسَ فِي أَوَّلِهِ جَحْدٌ فَانْصِبْ مَا بَعْدَ إِلَّا، وَإِذَا اسْتَثْنَيْتَ بِهَا مِنْ ڪَلَامٍ أَوَّلُهُ جَحْدٌ فَارْفَعْ مَا بَعْدَهَا، وَهَذَا أَكْثَرُ ڪَلَامِ الْعَرَبِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ; مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَنُصِبَ لِأَنَّهُ لَا جَحْدَ فِي أَوَّلِهِ. وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ فَرُفِعَ لِأَنَّ فِي أَوَّلِهِ الْجَحْدَ، وَقِسْ عَلَيْهِمَا مَا شَاكَلَهُمَا; وَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَكُلُّ أَخٍ مُفَارِقُهُ أَخُوهُ لَعَمْرُ أَبِيكَ إِلَّا الْفَرْقَدَانِ
فَإِنَّ الْفَرَّاءَ قَالَ: الْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي مَعْنَى جَحْدٍ وَلِذَلِكَ رَفَعَ بِإِلَّا ڪَأَنَّهُ قَاْلَ مَا أَحَدٌ إِلَّا مُفَارِقُهُ أَخُوهُ إِلَّا الْفَرْقَدَانِ فَجَعَلَهَا مُتَرْجَمًا عَنْ قَوْلِهِ مَا أَحَدٌ; قَاْلَ لَبِيدٌ:
لَوْ ڪَانَ غَيْرِي سُلَيْمَى الْيَوْمَ غَيَّرَهُ وَقْعُ الْحَوَادِثِ إِلَّا الصَّارِمُ الذَّكَرُ
جَعَلَهُ الْخَلِيلُ بَدَلًا مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ ڪَأَنَّهُ قَالَ: مَا أَحَدٌ إِلَّا يَتَغَيَّرُ مِنْ وَقْعِ الْحَوَادِثِ إِلَّا الصَّارِمُ الذَّكَرُ، فَإِلَّا هَاهُنَا بِمَعْنَى غَيْرَ، ڪَأَنَّهُ قَالَ: غَيْرِي وَغَيْرَ الصَّارِمِ الذَّكَرِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: لَوْ ڪَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا، قَالَ: إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَنْزِلَةِ سِوَى ڪَأَنَّكَ قُلْتَ لَوْ ڪَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ سِوَى اللَّهِ لَفَسَدَتَا. قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ النَّحْوِيِّينَ مَعْنَاهُ مَا فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ، وَلَوْ ڪَانَ فِيهِمَا سِوَى اللَّهِ لَفَسَدَتَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَفْعُهُ عَلَى نِيَّةِ الْوَصْلِ لَا الِانْقِطَاعِ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ قَاْلَ الْفَرَّاءُ: قَاْلَ مَعْنَاهُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا فَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ. وَهَذَا ڪَقَوْلِكَ فِي الْكَلَامِ: النَّاسُ ڪُلُّهُمْ لَكَ حَامِدُونَ إِلَّا الظَّالِمَ لَكَ الْمُعْتَدِيَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِتَرْكِهِ الْحَمْدَ لِمَوْضِعِ الْعَدَاوَةِ، وَكَذَلِكَ الظَّالِمُ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَقَدْ سُمِّيَ ظَالِمًا. قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الزَّجَّاجُ فَقَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشِ: الْقَوْلُ عِنْدِي فِي هَذَا وَاضِحٌ، الْمَعْنَى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ بِاحْتِجَاجِهِ فِيمَا قَدْ وُضِّحَ لَهُ. ڪَمَا تَقُولُ: مَا لَكَ عَلَيَّ حُجَّةٌ إِلَّا الظُّلْمُ وَإِلَّا أَنْ تَظْلِمَنِي، الْمَعْنَى: مَا لَكَ عَلَيَّ حُجَّةٌ الْبَتَّةَ وَلَكِنَّكَ تَظْلِمُنِي، وَمَا لَكَ عَلَيَّ حُجَّةٌ إِلَّا ظُلْمِي، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ظُلْمُهُ هُنَا حُجَّةً لِأَنَّ الْمُحْتَجَّ بِهِ سَمَّاهُ حُجَّةً، وَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، قَاْلَ اللَّهُ تَعَالَى: حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ فَقَدْ سُمِّيَتْ حُجَّةً إِلَّا أَنَّهَا حُجَّةُ مُبْطِلٍ، فَلَيْسَتْ بِحُجَّةٍ مُوجِبَةٍ حَقًّا، قَالَ: وَهَذَا بَيَانٌ شَافٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ – تَعَالَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ – تَعَالَى -: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ – تَعَالَى -: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ أَرَادَ سِوَى مَا قَدْ سَلَفَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ – تَعَالَى -: فَلَوْلَا ڪَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ فَمَعْنَاهُ فَهَلَّا ڪَانَتْ قَرْيَةٌ أَيْ: أَهْلُ قَرْيَةٍ آمَنُوا، وَالْمَعْنَى مَعْنَى النَّفْيِ أَيْ: فَمَا ڪَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنُوا عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا. ثُمَّ قَالَ: إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ، اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ ڪَأَنَّهُ قَالَ: لَكِنَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا انْقَطَعُوا مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ الَّذِينَ لَمْ يَنْفَعْهُمْ إِيمَانُهُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ; وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
عَيَّتْ جَوَابًا، وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَوَارِيَّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا
فَنَصَبَ أَوَارِيَّ عَلَى الِانْقِطَاعِ مِنَ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ حُذَّاقِ النَّحْوِيِّينَ، قَالَ: وَأَجَازُوا الرَّفْعَ فِي مِثْلِ هَذَا، وَإِنْ ڪَانَ الْمُسْتَثْنَى لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ وَكَانَ أَوَّلُهُ مَنْفِيًّا يَجْعَلُونَهُ ڪَالْبَدَلِ; وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ إِلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ
لَيْسَتِ الْيَعَافِيرُ وَالْعِيسُ مِنَ الْأَنِيسِ فَرَفَعَهَا، وَوَجْهُ الْكَلَامِ فِيهَا النَّصْبُ. قَاْلَ ابْنُ سَلَامٍ: سَأَلْتُ سِيبَوَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَوْلَا ڪَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ نُصِبَ؟ قَالَ: إِذَا ڪَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: إِلَّا لَكِنْ نُصِبَ. قَاْلَ الْفَرَّاءُ: نُصِبَ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لِأَنَّهُمْ مُنْقَطِعُونَ مِمَّا قَبْلُ إِذْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ جِنْسِهِ وَلَا مِنْ شَكْلِهِ، ڪَأَنَّ قَوْمَ يُونُسَ مُنْقَطِعُونَ مِنْ قَوْمِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. قَالَ: وَأَمَّا إِلَّا بِمَعْنَى لَمَّا فَمِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِنْ ڪُلٌّ إِلَّا ڪَذَّبَ الرُّسُلَ وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ إِنْ ڪُلُّهُمْ لَمَّا ڪَذَّبَ الرُّسُلَ، وَتَقُولُ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتَنِي وَلَمَّا أَعْطَيْتَنِي بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: وَحَرْفٌ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ تَرْفَعُ بِهِ الْعَرَبُ وَتَنْصِبُ لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، وَهُوَ قَوْلُكَ أَتَانِي إِخْوَتُكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَيْدًا وَزَيْدٌ، فَمَنْ نَصَبَ أَرَادَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ زَيْدًا، وَمَنْ رَفَعَ بِهِ جَعَلَ ڪَانَ هَاهُنَا تَامَّةً مُكْتَفِيَةً عَنِ الْخَبَرِ بِاسْمِهَا، ڪَمَا تَقُولُ ڪَانَ الْأَمْرُ، ڪَانَتِ الْقِصَّةُ. وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ حَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءِ إِذَا وَقَعَ بِإِلَا مُكَرَّرًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَقَالَ: الْأَوَّلُ: حَطٌّ، وَالثَّانِي: زِيَادَةٌ، وَالثَّالِثُ: حَطٌّ، وَالرَّابِعُ: زِيَادَةٌ، إِلَّا أَنْ تَجْعَلَ بَعْضَ إِلَّا إِذَا جُزْتَ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ زِيَادَةً لَا غَيْرَ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي إِلَّا الْأُولَى: إِنَّهَا تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَهُوَ خَطَأٌ عِنْدَ الْحُذَّاقِ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: أَمَا إِنَّ ڪُلَّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَّا مَا لَا إِلَّا مَا لَا). أَيْ: إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْإِنْسَانِ مِنَ الْكِنِّ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحَيَاةُ.
معنى كلمة ألا – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي