رؤيا الوضوء – تفسير الاحلام لابن نعمة
وَدلّ الْوضُوء على شرح الصَّدْر لزوَال الْوَسخ، وَحسن الْبدن بعد رداءة منظره. وَكَذَلِكَ الْغسْل من الْجَنَابَة وَالْحيض. وَدلّ على بَاقِي أَحْكَامه من قَضَاء الدُّيُون والحوائج وَنَحْو ذَلِك كَمَا دلّت الْفُرُوض. فَإِن صلى لما تَوَضَّأ لَهُ بلغ مُرَاده وَإِلَّا فَلَا. وَتكلم على مَا تَوَضَّأ. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني أتوضأ لأصلي صَلَاة الْكُسُوف، قلت: عزمت على السَّعْي فِي خلاص مسجون، قلت: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: صليت، قَالَ: نعم، قلت: خلصت غريقا. وَمثله قَالَ آخر، قلت: سعيت فِي رد مَعْزُول إِلَى منصبه، قَالَ: نعم، وَمثله قَالَ آخر، قلت: شفعت فِي عود إِنْسَان إِلَى بَلَده أَو منزله، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني تَوَضَّأت لأصلي على جَنَازَة، قلت: شفعت فِي مُسَافر إِلَى عِنْد مخدومه، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: تَوَضَّأت لأصلي صَلَاة الاسْتِسْقَاء، قلت: أنقذت إنْسَانا من ألم الْعَطش، قَالَ: نعم. وَقلت لآخر: شفعت فِي خلاص حق لإِنْسَان من الْمِيَاه، قَالَ: نعم. وَإِذا فسد وضوءه أَو صلَاته بِمَا سَيَأْتِي لم يتم لَهُ شَيْء مِمَّا قَصده.
فصل: فَإِن تَوَضَّأ بِمَا لَا يَصح الْوضُوء بِهِ، أَو صلى إِلَى غير الْقبْلَة، أَو على غير طَهَارَة، أَو قَرَأَ بالأعجمية لمن يقدر على الْعَرَبيَّة، أَو بالأشعار: لم يتم لَهُ شَيْء من ذَلِك. وَيكون على بِدعَة، أَو ضَلَالَة، وَهُوَ يعْتَقد أَنه على الصَّوَاب.
رؤيا التيمم
وَأما التَّيَمُّم: دَال على مَا دلّ عَلَيْهِ الْوضُوء، إِلَّا أَنه أنقص مِنْهُ. وَيدل على السّفر، وربما دل عَلى مرض السَّلِيم في بعض الرؤى، وعافية السقيم. وَأما الْتيمم، مَعَ وجود المَاء: يدل على الْأَعْمَال الْبَاطِلَة.
قَالَ المُصَنّف: قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني أَقرَأ فِي الصَّلَاة بالأشعار، قلت: تتقرب إِلَى الأكابر بالشعر، وَلَا يقبلوك. وَآخر قَالَ: كنت أَقرَأ بالأعجمية، قلت: تصير ترجمانا، وتقف قُدَّام جليل الْقدر، وتتكلم بِخِلَاف الْمَقْصُود مِنْك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أُصَلِّي إِلَى غير قِبْلَتِي، قلت: يَأْمُرك كبيرك بِأَمْر تفعل خِلَافه، وتعتقد أَنَّك ممتثل. وَمثله قَالَ آخر، قلت لَهُ: ينْتَقل دينك إِلَى الْجِهَة الَّتِي صليت إِلَيْهَا. وَدلّ التَّيَمُّم على مَا دلّ الْوضُوء عَلَيْهِ لكَونه تُؤَدّى بِهِ الْفُرُوض والنوافل، وَدلّ على السّفر لِأَن الْغَالِب اسْتِعْمَاله فِي الْأَسْفَار، وَلمن هُوَ فِي عَافِيَة دَال على مَرضه إِذا لم يكن مُسَافِرًا؛ لِأَن الْمَرِيض يُبَاح لَهُ اسْتِعْمَال ذَلِك إِذا عجز عَن الْوضُوء كَمَا قلت لمن صلى جَالِسا إنذار بِمَرَض، وَدلّ التَّيَمُّم على عَافِيَة الْمَرِيض لِأَن التَّعَب فِي حركات الْوضُوء كثير وَالتَّيَمُّم أنزل مِنْهُ، وَإِذا بَطل عَنهُ التَّعَب زَالَ عَنهُ تَعب الْمَرَض فَافْهَم ذَلِك.