فصل فِي رُؤْيا البحر و رؤيا السباحة و رؤيا الغرق و رؤيا العوم و رؤيا الغوص في المنام.
رؤيا البحر – تفسير الاحلام لابن شاهين
وَهِي على أوجه للمعبرين فِي ذَلِك مبَاحث وأصول وتفريع.
قَالَ دانيال: رُؤْيا البحور مُطلقًا تؤول بالخليفة أَو السُّلْطَان أَو عَالم فَاضل يُسْتَفَاد من علمه.
فمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ بحرا رائقا هادئا فَإِنَّهُ ملك عَادل دين. وَإِن كَانَ بِخِلَاف ذَلِك فتعبيره ضِدّه.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ شرب مِنْهُ فَإِنَّهُ يحصل لَهُ مِمَّا ينْسب إِلَيْهِ ذَلِك الْبَحْر خير وَمَنْفَعَة.
وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه نزل بحرا وغاص فِيهِ إِلَى أن وصل إِلَى قاعه وتلوث من طينه فَإِنَّهُ يصل إِلَيْهِ من سُلْطَان هم وغم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ نزل بحرا وَهُوَ يعوم ويغوص في داخله فإن ذلك يدل على هم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يعوم فِي بَحر وَلَا يجد لَهُ مخلصا وَلَا يرى برا فَإِنَّهُ حُصُول هم من جهة ملك.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ غرق فِي الْبَحْر ثمَّ نجا مِنْهُ فَإِنَّهُ يغرق فِي أُمُور الدُّنْيَا ومحنها ثمَّ يتَخَلَّص من ذَلِك.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ ينظر إِلَى بَحر من بعيد وَلم يقرب مِنْهُ فَإِنَّهُ يؤمل أملا وَلَا يصل إِلَيْهِ.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ سَار على وَجه الْبَحْر وَلم تبتل قدماه فَإِنَّهُ ينجو من شر وَيكون فِي الدُّنْيَا مصلحا.
وَقَالَ الْكرْمَانِي: من رأى أَنه يشرب من الْبَحْر وَهُوَ بَارِد فَإِنَّهُ يحصل بَينه وَبَين أحد خُصُومَة. وَإِن كَانَ عَالما فَإِنَّهُ يحصل لَهُ من الْعلم مَا هُوَ غَرَضه. وَإِن كَانَ من اخصاء الْملك فَإِنَّهُ يعْتَمد عَلَيْهِ فِي أُمُوره.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يشرب من الْبَحْر مَاء حارا فَإِنَّهُ حُصُول هم وغم لقَوْله تَعَالَى: {وَسقوا مَاء حميما}. وَإِن كَانَ كريه الطّعْم والرائحة فَهُوَ حُصُول غَلَبَة من خَصمه وَرُبمَا كَانَ نكد عَيْش من قبل الملك.
وقال جَابر المغربي: من رأى أَن الْبَحْر يبس فَإِنَّهُ نقص فِي عَسْكَر الْملك وَرُبمَا كَانَ أمر مكروه لهم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ شرب بحرا جملَة حَتَّى لم ير أَنه تَأَخّر مِنْهُ شَيْء فَإِنَّهُ يملك ملكا أَو علما ويظفر بِهِ ان كَانَ أَهلا لذَلِك وَإِلَّا فَهُوَ حُصُول ظفر.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن شَيْئا من حَيَوَان الْبَحْر كَلمه فَإِنَّهُ يبِيح بسر الْملك.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن مَاء الْبَحْر هاج وتلاطمت أمواجه واسودت بِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ دَلِيل على الْفساد أو العصيان وأو كَثْرَة الإثم والذنُوب لقَوْله تَعَالَى: {يَغْشَاهُ موج من فَوْقه موج من فَوْقه سَحَاب}.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ أخرج من الْبَحْر مَا يُؤْكَل فَإِنَّهُ حُصُول رزق من وَجه حل.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ شرب من الْبَحْر مَاء مالحا فَإِنَّهُ يكْتَسب مَالا من وَجه حرَام والعذب مَال حَلَال.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ أخرج شَيْئا من الْبَحْر سَوَاء كَانَ من أَنْوَاع الْمَعَادِن أَو الْجَوَاهِر أَو غَيره مِمَّا لم يُنكر مثله فِي الْيَقَظَة فَهُوَ حُصُول خير وَمَنْفَعَة. وَأَمَّا مَا يُنكر مثله فَهُوَ ظفر. وَإِن كَانَ أهل الْعلم فَإِنَّهُ زِيَادَة فِي علمه. (وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ أخرج شَيْئا مُؤْذِيًا فَإِنَّهُ يملك عَدو الْملك.
وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الْبَحْر تؤول على سِتَّة: ملك وَرَئِيس وعالم وَعلم وَمَال وشغل كَبِير.
وقال بعض المعبرين: رؤيا البحر تدل على رجل جليل كريم لقول بعض الشعراء:
سخي العطايا والمواهب كَفه ** يزِيد على الْبَحْر الْمُحِيط إِذا عطا
وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: يبس الْبَحْر العذب موت الْخَلِيفَة وَالْبَحْر العالي هم وطغيان لقَوْله تَعَالَى: {إِنَّا لما طَغى المَاء} الْآيَة.
وَالْغَرق يدل على ارْتِكَاب مَعْصِيّة أو إظهار بِدعَة. وَالْمَوْت فِي الْغَرق هو في المنام غير محمود.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) كَأَنَّهُ غرق وَجعل يغوص مرّة ويطفو أُخْرَى ويحرك يَدَيْهِ فَإِنَّهُ ينَال منزلَة ودولة.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ نزل الْبَحْر ثمَّ خرج مِنْهُ فَإِنَّهُ يرجع فِي أَمر الدُّنْيَا إِلَى الدّين وَالصَّلَاح.
وَرُبمَا كَانَ الْغَرق سفرا فِي سَلامَة.
وَقيل: من رأى أَنه وَاقِف على سطح بَحر فَإِنَّهُ يُصِيب شَيْئا من السُّلْطَان لم يرجه.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن الْبَحْر ارْتَفع من الأَرْض فَهُوَ سُلْطَان غشوم ظَالِم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن الْبَحْر نقص وَصَارَ خليجا فَإِن سلطاناً يضعف وَيذْهب عَن تِلْكَ الْبِلَاد ويصيب النَّاس خيرا.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ دخل بحرا فَإِنَّهُ قَابل على أَمر السُّلْطَان. وَإِن كَانَ مَرِيضا لم يكن ذلك محمودا.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ خرج من الْبَحْر فَإِنَّهُ يُصِيب من السُّلْطَان خيرا وَيذْهب عَنهُ الْهم وَالْغَم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يسبح فِي الْبَحْر فَإِنَّهُ هم من قبل السُّلْطَان فَإِن خرج مِنْهُ شفَاه الله تَعَالَى وَفرج همه.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ قطع بحرا إِلَى الْجَانِب الآخر يَقع فِي هم وَيسلم مِنْهُ. وَقِيلَ: إنه نجاة.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يجوز بحرا فَإِنَّهُ يُسَافر وَيذْهب همه ويلقي خيرا.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن بحرا طاميا حَال بَينه وَبَين الطَّرِيق فَإِن كَانَ مُسَافِرًا فَإِنَّهُ يقطع الطَّرِيق وَرُبمَا كَانَ عاقة من قبل السُّلْطَان أَو كربَة.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن الْبَحْر غمره فَإِنَّهُ يُصِيب هما وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ مَاؤُهُ عكرا وَفِيه وَحل.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ سبح فِي بَحر فَإِنَّهُ يعالج أمرا هُوَ فِيهِ وَيكون مَحْبُوسًا ملتزما فِي ذَلِك الْأَمر وَيطول عَلَيْهِ بِقدر مَا يعالج فِي السباحة.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ غاص فِي الْبَحْر وَغَابَ فيه وَرَأى مَعَ ذَلِك شدَّة فَإِنَّهُ يخَاف عَلَيْهِ من أَيدي النَّاس أَو يَمُوت شَهِيدا لِأَن الغريق شَهِيد وَرُبمَا كَانَت رؤيا غير محمود قال الله تَعَالَى: {مِمَّا خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نَارا}.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ غرق فِي بَحر فَهُوَ يغرق فِي هم الدُّنْيَا لقَوْل بعض الْعَرَب: فلَان غرق فِي النَّعيم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يغوص فِي بَحر لإخراج أو إطلاع شَيْء مِنْهُ فَإِنَّهُ يسْعَى فِي أَمر وَيكون مبلغه من ذَلِك بِقدر مَا طلع منه.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ يَأْخُذ مَاء من الْبَحْر نَالَ من السُّلْطَان مَالا أَو جمع علما على قدر إصابته من المَاء. (وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ أَخذ المَاء من الْبَحْر فَمنع فتعبيره ضِدّه.
رؤيا البحر المحيط
وَقيل رُؤْيا الْبَحْر الْمُحِيط ملك غَالب أَو من يُنَاسِبه فِي القَوْل وَالْعَمَل إِذا كَانَ من الْمُلُوك الْمُسلمين الضخام.
ورؤيا سيحون تؤول بِملك الْهِنْد.
ورؤيا جيحون تؤول بِملك خُرَاسَان.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَنَّهُ عَائم فِي بَحْر مالح جدا فَلَا خير فِي ذلك وَكَذَلِكَ الشّرْب مِنْهُ وَاخْتلف فِي مَائه فَمنهمْ من قَالَ: من رأى أَنه أَخذ شَيْئا فَهُوَ حُصُول مَال غير حلال وَمِنْهُم من قَالَ حُصُول هم وغم.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن بحرا يجْرِي من الْأَنْوَاع السائرة فَإِنَّهُ تغير ملك ذَلِك الْمَكَان.
وَقِيلَ: ان كَانَ نَوعه مِمَّا يحمد في علم التعبير فهو خير في حق الملك، وإن كان نوعه مكروها فهو ضده.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن بحرا سائرا قد وقف فَإِنَّهُ تَعْطِيل أَحْوَال الْملك.
(وَمَنْ رَأَى فِي الْمَنَامِ) أَن بحرا طلع بمَكَان لم يعْهَد فِيهِ فَإِن الْملك يجتاز بِهِ أَو جنده.
وَأَمَّا الْبَحْر إِذا كَانَ من دم فَإِنَّهُ يدل على فتْنَة يحصل فِيهَا سفك الدِّمَاء.