تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع والثلاثون: في الأرض و جبالها و ترابها و بلادها و قراها و دورها و أبنيتها و قصورها و حصونها و مرافقها و مفاوزها و سرابها و رمالها و تلالها و حماماتها و أرحيتها و أسواقها و حوانيتها و سقوفها و أبوابها و طرقها و سجونها و بيعها و كنائسها و بيوت نيرانها و نواويسها وما أشبه ذلك.
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع والثلاثون: في الأرض و جبالها و ترابها و بلادها و قراها و دورها و أبنيتها و قصورها و حصونها و مرافقها و مفاوزها و سرابها و رمالها و تلالها و حماماتها و أرحيتها و أسواقها و حوانيتها و سقوفها و أبوابها و طرقها و سجونها و بيعها و كنائسها و بيوت نيرانها و نواويسها وما أشبه ذلك.
أما الأرض فتدل على الدنيا لمن ملكها على قدر اتساعها وكبرها وضيقها وصغرها وربما دلت الأرض على الدنيا والسماء على الآخرة لان الدنيا أدنيت والآخرة أخرت سيما أن الجنة في السماء وتدل الأرض المعروفة على المدينة التي هو فيها وعلى أهلها وساكنها وتدل على السفر إذا كانت طريقا مسلوكا كالصحاري والبراري وتدل على المرأة إذا كانت مما يدرك حدودها ويرى أولها وآخرها وتدل على الأمة والزوجة لأنها توطأ وتحرث وتبذر وتسقى فتحمل وتلد وتضع نباتها إلى حين تمامها وربما كانت الأرض أما لأنا خلقنا منها فمن ملك أرضا مجهولة استغنى إن كان فقيرا أو تزوج إن كان عزبا وولى إن كان عاملا وإن باع أرضا أو خرج منها إلى غيرها مات إن كان مريضا سيما إن كانت الأرض التي انتقل إليها مجهولة وافتقر إن كان موسرا سيما إن كانت الأرض التي فارقها ذات عشب وكلا أو خرج من مذهب إلى مذهب إن كان نظارا فان خرج من أرض جدبة إلى أرض خصبة انتقل من بدعة إلى سنة وإن كان على خلاف ذلك فالأمر على ضده وإن رأى ذلك مؤمل السفر فهو ما يلقاه في سفره فان رأى كأن الأرض انشقت فخرج منها شاب ظهرت بين أهلها عداوة فان خرج منها شيخ سعد جدهم ونالوا خصبا وإن رآها انشقت فلم يخرج منها شيء ولم يدخل فيها شيء حدث في الأرض حادثة شر فان خرج منها سبع دل على ظهور سلطان ظالم فان خرج منها حية فهي عذاب باق في تلك الناحية وإن انشقت الأرض بالنبات نال أهلها خصبا فان رأى أنه يحفر الأرض ويأكل منها نال مالا بمكر لان الحفر مكر فان رأى أرضا تفطرت بالنبات وفى ظنه أنه ملكه وفرح بذلك دل على أنه ينال ما يشتهى ويموت سريعا لقوله تعالى – حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة – ومن تولى طي الأرض بيده نال ملكا وقيل إن وطئ الأرض أصاب ميراثا وضيق الأرض ضيق المعيشة ومن كلمته الأرض بالخير نال خيرا في الدين والدنيا وكلامها المشتبه المجهول المعنى مال من شبهة والخسف بالأرض زوال النعم وانقلاب الأحوال والغيبة في الأرض من غير حفر طول غربة في طلب الدنيا أو موت في طلب الدنيا فان غاب في حفيرة ليس فيها منفذ فإنه يمكر به في أمره بقدر ذلك ومن كلمته الأرض بكلام توبيخ فليتق الله فإنه مال حرام ومن رأى أنه قائم في مكان فخسف به فإن كان واليا فإنه تنقلب عليه الدنيا ويصير الصديق عدوه وسروره غما لقوله تعالى – فخسفنا به وبداره الأرض – فان رأى محلة أو أرضا طويت على الناس فإنه يقع هناك موت أو قال وقيل يهلك فيه أقوام بقدر الذي طويت عليهم أو ينالهم ضيق وقحط أو شدة فإن كان ما طوى له وحده فهو ضيق معيشته وأموره فان رأى أنها بسطت له أو نشرت له فهو طول حياته وخير يصيبه.
المفازة: اسمها مستحب وهي فوز من شدة إلى رخاء ومن ضيق إلى سعة ومن ذنب إلى توبة ومن خسران إلى ربح ومن مرض إلى صحة ومن رأى أنه في بر فإنه ينال فسحة وكرامة وفرحا وسرورا بقدر سعة البر والصحراء وخضرتها وزرعها والأرض القفر فقر والوادي بلا زرع حج لقوله تعالى – ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع – ومن رأى أنه يهيم في واد فإنه يقول مالا يفعل لقوله تعالى عن الشعراء – ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون -.
الجبل: ملك أو سلطان قاسى القلب قاهر أو رجل ضخم على قدر الجبل وعظمه وطوله وقصره وعلوه ويدل على العالم والناسك ويدل على المراتب العالية والأماكن الشريفة والمراكب الحسنة والله تعالى خلق الجبال أوتادا للأرض حين اضطربت فهي كالعلماء والملوك لأنهم يمسكون مالا تمسكه الجبال الراسية وربما دل على الغايات والمطالب لان الطالع إليه لا يصعد إلا بجاهه فمن رأى نفسه فوق جبل أو مسندا إليه أو جالسا في ظله تقرب من رجل رئيس واشتهر به واحتمى به إما سلطان أو فقيه عالم عابد ناسك فكيف به إن كان فوقه يؤذن أذان السنة مستقبل القبلة أو كان يرمى عن قوس بيده فإنه يمتد صيته في الناس على قدر امتداد صوته وتنفذ كتبه وأوامره إلى المكان الذي وصلت إليه سهامه وإن كان من رأى نفسه عليه خائفا في اليقظة أمن وإن كان في سفينة نالته في بحره شدة وعقبة يرسى من أجلها وكان صعوده فوقه عصمة لقوله تعالى – سآوي إلى جبل يعصمني من الماء – قال ابن سيرين الجبل حينئذ عصمة إلا أن يرى في المنام كأنه فر من سفينة إلى جبل فإنه يعطب ويهلك لقصة ابن نوح وقد يدل ذلك لمن لم يكن في يقظته في سفينة ولا بحر على مفارقة رأى الجماعة والانفراد بالهوى والبدعة فكيف إذا كان معه وحش الجبال وسباعها أو كانت السفينة التي فر منها إلى الجبل فيها قاض أو رئيس في العلم أو إمام عادل وأما صعود الجبال فإنه مطلب يطلبه وأمر يرومه فيسئل عما قدهم به في اليقظة أو أمله فيها من صحبة السلطان أو عالم أو الوقوف إليهما في حاجة أو في سفر في البر وأمثال ذلك فإن كان صعوده إياه كما يصعد الجبال أو بدرج أو طريق أمن سهل عليه كل ما أمله وخف عليه كل ما حاوله وإن نالته فيه شدة أو صعد إليه بلا درج ولا سلم ولا سبب ناله خوف وكان أمره غررا كله فان خلص إلى أعلاه نجا من بعد ذلك وإن هب من نومه دون الوصول أو سقط في المنام هلك في مطلوبه وحيل بينه وبين مراده أو فسد دينه في عمله وعند ما ينزل به من التلاف والإصابة من الضرر والمصيبة والحزن على قدر ما انكسر من أعضائه وأما السقوط من فوق الجبل والكوادي والروابي والسقوف وأعالي الحيطان والنخل والشجر فإنه يدل على مفارقة من يدل ذلك الشيء الذي سقط عنه في التأويل عليه من سلطان أو عالم أو زوج أو زوجة أو عبد أو ملك أو عمل حال من الأحوال يسأل الرائي عن أهم ما هو عليه في يقظته مما يرجوه ويخافه ويقدمه ويؤخره في فراقه له ومداومته إياه فان أشكلت اليقظة لكثرة ما فيها من المطالب والأحوال أو لتغيرها من الآمال حكم له بمفارقة من سقط عنه في المنام على قدر دليله في التأويل ويستدل على التفرقة بين أمريه على قدر دليله وإن علمه باستمكانه من الشيء الذي كان عليه وقوته وضعفه واضطرابه وبما أفضى إليه من سقوطه من جدب أو خصب أو وعر أو سهل أو حجر أو رمل أو أرض أو بحر وربما دل عليه في جسمه حين سقوطه ويدل على السقوط في المعاصي والفتن والردى إذا كان سقوطه فيما يدل على ذلك مثل أن يسقط إلى الوحش والغربان والحيات وأجناس الفأر أو إلى القاذورات والحمأة وقد يدل ذلك على ترك الذنوب والاقلاع عن البدع إذا كان فراره عن مثل ذلك أو كان سقوطه في مسجد أو روضة أو إلى نبي أو أخذ مصحف أو إلى صلاة في جماعة وأما ما عاد إلى الجبل من سقوط أو هدم أو احتراق فإنه دال على هلاك من دل الجبل عليه أو دماره أو قتله إلا أن يرتفع في الهواء على رؤوس الخلق فإنه خوف شديد يظل على الناس من ناحية الملك لان بنى إسرائيل رفع الجبل فوقهم كالظلة تخويفا من الله لهم وتهديدا على العصيان وأما تسيير الجبال فدليل على قيامة قائمة إما حرب تتحرك فيه الملوك بعضها على بعض أو اختلاف واضطراب يجرى بين علماء الأرض في فتنة وشدة يهلك فيها العامة وقد يدل ذلك على موت وطاعون لأنها من علامات القيامة وأما رجوع الجبل زبدا أو رمادا أو ترابا فلا خير فيه لمن دل الجبل عليه لا في حياته ولا في دينه فإن كان المضاف إليه ممن عز بعد ذلته وآمن بعد كفره واتقى الله من بعد طغيانه عاد إلى ما كان عليه ورجع إلى أولى حالتيه لان الله تعالى خلق الجبال فيما زعموا من زبد الماء والزبد باطل كما عبر به تعالى في كتابه والجبل الذي فيه الماء والنبات والخضرة فإنه ملك صاحب دين وإذا لم يكن فيه نبات ولا ماء فإنه ملك كافر طاغ لأنه كالميت لا يسبح الله تعالى ولا يقدسه والجبل القائم غير الساقط فهو حي وهو خير من الساقط والساقط الذي صار صخورا فهو ميت لأنه لا يذكر الله ولا يسبحه ومن ارتقى على جبل وشرب من مائه وكان أهلا للولاية نالها من رجل ملك قاسى القلب نفاع ومالا بقدر ما شرب وإن كان تاجرا ارتفع أمره وربح وسهولة صعوده فيه سهولة الإفادة للولاية من غير تعب والعقبة عقوبة وشدة فان هبط منه نجا وإن صعد عليه فإنه ارتفاع وسلطنة مع تعب والصخور التي حول الجبل والأشجار قواد ذلك المكان وكل صعود رفعة وكل هبوط ضعة وكل طلوع يدل على هم فنزوله فرج وكل صعود يدل على ولاية فنزوله عزل وإن رأى أنه حمل جبلا يثقل عليه فإنه يحمل مؤنة رجل ضخم أو تاجر يثقل عليه فان خف خف عليه فان رأى أنه دخل في كهف جبل فإنه ينال رشدا في دينه وأموره ويتولى أمور السلطان ويتمكن فان دخل كهف جبل في غار فإنه يمكر بملك أو رجل منيع فان استقبله جبل استقبله هم أو سفر أو رجل منيع أو أمر صعب أو امرأة صعبة قاسية فان رأى أنه صعد الجبل فان الجبل غاية مطلبه يبلغها بقدر ما صعد حتى يستوى فوقه فان رأى أنه يأكل الحجر فإنه ييأس من رجاء يرجوه فان أكله مع الخبز فإنه يداري ويحتمل بسبب معيشته صعوبة فان رأى أنه يقذف الناس بالحجر فإنه يلوط لأن القذف من أفعال قوم لوط وكل صعود يراه الانسان أو عقبة أو تل أو سطح أو غير ذلك فإنه نيل ما هو طالب من قضاء الحاجة التي يريدها والصعود مستويا مشقة ولا خير فيه فان رأى أنه هبط من تل أو قصر أو جبل فان الامر الذي يطلبه ينتقض ولا يتم، ومن رأى أنه يهدم جبلا فإنه يهلك رجلا ومن رأى أنه يهم بصعود جبل أو يزاوله كان ذلك الجبل حينئذ غاية يسمو إليها فان هو علاه نال أمله فان سقط عنه يقترب حاله والصعود المحمود على الجبل أن يعرج في ذلك كما يفعل صاعد الجبل وكل الارتفاع محمود إلا أن يكون مستويا لقوله تعالى – سأرهقه صعودا -.
التراب: يدل على الناس لأنهم خلقوا منه وربما دل على الانعام والدواب ويدل على الدنيا وأموالها لأنه من الأرض وبه قوام الناس والعرب تقول أترب الرجل إذا استغنى وربما دل على الفقر والميتة والقبر لأنه فراش الموتى والعرب تقول ترب الرجل إذا افتقر. قال تعالى – أو مسكينا ذا متربة فمن حفر أرضا واستخرج ترابها فإن كان مريضا أو عنده مريض فان ذلك قبره وإن كان مسافرا كان حفره سفره وترابه كسبه وماله فائدته لان الضرب في الأرض سفر لقوله تعالى – وآخرون يضربون في الأرض – وإن كان طالبا للنكاح كانت الأرض زوجة والحفر افتضاضها والمعول الذكر والتراب مال المرأة أو دم عذرتها وإن كان صيادا فحفره ختله للصيد وترابه كسبه وما يستفيده وإلا كان حفره مطلوبا يطلبه في سعيه ومكسبه مكرا أو حيلة وأصل الحفر ما يحفر للسباع من الربا لتسقط فيها فلزم الحفر المكر من أجل ذلك وأما من عفر يديه من التراب أو ثوبه من الغبار أو تمعك به في الأرض فإن كان غنيا ذهب ماله ونالته ذلة وحاجة وإن كان عليه دين أو عنده وديعة رد ذلك إلى أهله وزال جميعه من يده واحتاج من بعده وإن كان مريضا نقصت يده من مكاسب الدنيا وتعرى من ماله ولحق بالتراب وضرب الأرض بالتراب دال على المضاربة بالمكاسبة وضربها بسير أو عصا يدل على سفر بخير. وقال بعضهم: المشي في التراب التماس مال فان جمعه أو أكله فإنه يجمع مالا ويجري على يديه مال وإن كانت الأرض لغيره فالمال لغيره فان حمل شيئا من التراب أصاب منفعة بقدر ما حمل فان كنس بيته وجمع منه ترابا فإنه يحتال حتى يأخذ من امرأته مالا فان جمعه من حانوته جمع مالا من معيشته ومن رأى أنه يستف التراب فهو مال يصيبه لأنه التراب مال ودراهم فان رأى أنه كنس تراب سقف بيته وأخرجه فهو ذهاب مال امرأته فان مطرت السماء ترابا فهو صالح ما لم يكن غالبا ومن انهدمت داره وأصابه من ترابها وغبارها أصاب مالا من ميراث فان وضع ترابا على رأسه أصاب مالا من تشنيع ووهن ومن رأى كأن إنسانا يحثى التراب في عينه فان الحاثي ينفق مالا على المحثى ليلبس عليه أمرا وينال منه مقصوده فان رأى كأن السماء أمطرت ترابا كثيرا فهو عذاب ومن كنس دكانه وأخرج التراب ومعه قماش فإنه يتحول من مكان إلى مكان .
الرمل: أيضا يجري مجرى التراب في دلالة الموت والحياة والغنى والمسكنة لأنه من الأرض والعرب تقول أرمل الرجل إذا افتقر ومنه أيضا المرملات وهن اللوائي قد مات أزواجهن وربما دل السعي فيه على القيود والعقلة والحصار والشغب والنصب وكل ما سعى فيه من الهم والحزن والخصومة والظلم لان الماشي فيه يحجل ولا يركض راجلا يمشي فيه أو راكبا على قدر كثرته وقلته ونزول القدم فيه تكون دلالته في الشدة والخفة ومن رأى أن يده في الرمل فإنه يتلبس بأمر من أمور الدنيا فان رأى أنه استف الرمل أو جمعه أو حمله فإنه يجمع مالا ويصيب خيرا ومن مشى في الرمل فإنه يعالج شغلا شاغلا على قدر كثرته وقلته.
التل والرابية: إذا كانت من الأرض دالة على الناس إذ منها خلقوا فكل نشز منها وتل ورابية وكدية وشرف يدل على كل من ارتفع ذكره على العامة بنسب أو علم أو مال وسلطان وقد تدل على الأماكن الشريفة والمراتب العالية والمراكب الحسنة فمن رأى نفسه فوق شيء منها فإن كان مريضا كان ذلك نعشه سيما إن رأى الناس تحته وإن لم يكن مريضا وكان طالبا للنكاح تزوج امرأة شريفة عالية الذكر لها من سعة الدنيا بقدر ما حوت الرابية من سعة الأرض وكثرة التراب والرمل وإن رأى أنه يخطب الناس فوق ذلك أو يؤذن فإن كان أهلا للملك ناله أو القضاء أو الفتيا أو الأذان أو الخطبة أو الشهرة والسمعة لأنها مقام أشراف العرب ومن رأى أرضا مستوية فيها رابية أو تل فإنه رجل له من سعة الدنيا بقدر ما حوله من الأرض المستوية فان رأى حوله خضرة فإنه دينه أو حسن معاملته فمن رأى أنه قعد على ذلك التل أو تعلق به أو استمكن منه فإنه يتعلق برجل عظيم كما وصفت فان رأى أنه جالس في ظل التل فإنه يعيش في كنف الرجل فان رأى أنه سائر على التلال فإنه ينجو ومن رأى أنه ينزل من مكان مرتفع فإنه يناله هم وغم والسير في الوهدة عسر يرجو صاحبه اليسر في عاقبته.
والمدينة تدل على أهلها وساكنيها وتدل على الاجتماع والسواد الأعظم والأمان والتحصين لان موسى حين دخل إلى مدين قال له شعيب لا تخف نجوت وربما دلت القرية على الدنيا والمدينة على الآخرة لان نعيمها أجل وأهلها أنعم ومساكنها أكبر وربما دلت المدينة على الدنيا والقرية على الجبانة وذلك أنها بارزة منعزلة عنها مع غفلة أهلها وربما دلت المدينة المعروفة على دار الدنيا والمجهولة على الآخرة وربما دلت المدينة المجهولة الجميلة على الجنة والقرية السوداء المكروهة على النار لنعيم أهل المدن وشقاء أهل القرى فمن انتقل في منامه من قرية مجهولة إلى مدينة كذلك فانظر في حاله فإن كان كافرا أسلم وإن كان مذنبا تاب وإن كان صالحا فقيرا حقيرا فإنه يستغنى ويعز وإن كان مع صلاحه خائفا أمن وإن كان صاحب سرية تزوج وإن كان مع صلاحه عليلا مات وإن رؤى ذلك الميت انتقل حاله وتبدلت داره فإنما هناك داران إحداهما أحسن من الأخرى فمن انتقل من الدار القبيحة إلى الحسنة الجميلة نجا من النار ودخل الجنة إن شاء الله وأما من خرج من مدينة إلى قرية مجهولتين فعلى عكس الأول وإن كانتا معروفتين اعتبرت أسماءهما وجواهرهما فتحكم للمنتقل بمعاني ذلك كالخارج من غابة إلى مدينة مصر فإنه يخلص من بغي ويبلغ سؤله ويأمن خوفه لقوله تعالى – ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين – فإن كان خروجه من سر من رأى إلى خراسان انتقل من سرور إلى سوء قد آن وقته وكذلك الخارج من المهدية والداخل إلى سوسة خارج من هدى وحق إلى سوء وفساد على نحو هذا ومأخذه في سائر القرى والمدن المعروفة وأما أبواب المدينة المعروفة فولاتها أو حكامها ومن يحرسها ويحفظها وأما دورها فأهلها من الرؤساء وكبراء محلتها وكل درب دال على من يجاوره ومن يحتاج إليه أهل تلك المحلة في مهماتهم وأمورهم ويرد عنهم حوادثهم بجاهه وسلطانه أو بعلمه وماله، وقال بعضهم المدينة رجل عالم إن رأيتها من بعيد وقيل المدينة دين والخروج من المدينة خوف لقوله تعالى – فخرج منها خائفا يترقب – ودخول المدينة صلح فيما بينه وبين الناس يدعونه إلى حق، قال الله تعالى – ادخلوا في السلم كافة – وهو المدينة فان رأى أن مدينة عتيقة قد خربت قديما وانهدمت دورها فجاء قوم فحفروا أساس دورها وبنوها أحكم مما كانت قديما فإنه يظهر أو يولد هناك عالم أو إمام يحدث هناك ورعا ونسكا ومن رأى أنه دخل بلدا فرأى مدينة خربة لا حيطان لها ولا بنيان ولا آثار فإنه إن كان في ذلك اليوم علماء ماتوا وذهبوا ودرسوا ولم يبق منهم ولا من ذريتهم أحد فان رأى أنه يعمر فإنه يولد من نسل العلماء الباقين ولد يظهر فيه سيرة أولئك العلماء ومن رأى مدينة أو بلدا خاليين من السلطان فان سعر الطعام يغلو هناك فان رأى مدينة أو بلدا مخصبة حسنة الزرع فذلك خير حال أهلها، وقال بعضهم: إذا كانت المدن هادئة ساكنة فإنها في الخصب دليل على الجدب وفى الحدب دليل على الخصب والأفضل أن يرى الانسان المدن العامرة الكثيرة الخصب فإنها تدل على رفعة وخصب وإن رأى أن الجدبة القليلة الأهل دلت على قلة الخير وبلدة الانسان تدل على الآباء. مثال ذلك أن رجلا رأى كأن مدينته وقعت من الزلازل فحكم على والده بالقتل. وحكي أن وكيعا كان مع قتيبة لما سار من الري إلى خراسان فرأى وكيع في منامه كأنه هدم شرف مدينته ونسفها فسأل المعبر فقال أشراف يسقطون من جاههم على يدك ويوسمون فكان كذلك.
القرية المعروفة تدل على نفسها وعلى أهلها وعلى ما يجيء منها ويعرف بها لان المكان يدل على أهله كما قال تعالى – واسأل القرية – يعنى أهلها وربما دلت القرية على دار الظلم والبدع والفساد والخروج عن الجماعة والشذوذ عن جماعة رأي أهل المدينة ولذا وسم الله تعالى دور الظالمين في كتابه بالقرى وقد تدل على بيت النمل ويدل بيت النمل على القرية لان العرب تسميها قرية فمن هدم قرية أو فسدها أو رآها خربت وذهب من فيها أو ذهب سيل بها أو احترقت بالنار فان كانت معروفة جار عليها سلطان وقد يدل ذلك على الجراد والبرد والجوائح والوباء وإلا ردم كوة النمل في سقف البيت وكذلك في المقلوب من صنع ذلك بكوة النمل أو الحيات عاد على أهل القرية بالظلم والعدوان أو على كنيسة أو دار مشهورة بالفسوق، ومن رأى أنه دخل قرية حصينة فإنه يقتل أو يقاتل لقوله تعالى – لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة – وقيل من رأى أنه يجتاز من بلد إلى قرية فإنه يختار أمرا وضيعا على أمر رفيع أو قد عمل عملا محمودا يظن أنه غير محمود أو قد عمل خيرا يظن أنه شر فيرجع عنه وليس بجازم فان رأى أنه دخل قرية فإنه يلي سلطانا فان خرج من قرية فإنه ينجو من شدة ويستريح لقوله تعالى – أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها – فان رأى كأن قرية عامرة خربت والمزارع المعروفة تعطلت فإنه ضلالة أو مصيبة لأربابها وإن رآها عامرة فهو صلاح دين أربابها.
الصخور: الميتة المقطوعة الملقاة على الأرض ربما دلت على الموتى لانقطاعها من الجبال الحية المسبحة وتدل على أهل القساوة والغفلة والجهلة وقد شبه الله تعالى بها قلوب الكفار والحكماء تشبه الجاهل بالحجر وربما أخذت الشدة من طبعها والحجر والمنع من اسمها فمن رأى كأنه ملك حجرا أو اشترى له أو قام عليه ظفر برجل على نعته أو تزوج امرأة على شبهه على قدر ما عنده من الحال في اليقظة ومن تحول فصار حجرا قسا قلبه وعصى ربه وفسد دينه وإن كان مريضا ذهبت حياته وتعجلت وفاته وإلا أصابه فالج تبطل منه حركاته وأما سقوط الحجر من السماء إلى الأرض على العالم أو في الجوامع فإنه رجل قاس وال أو عشار يرمى به السلطان على أهل ذلك المكان إلا أن يكونوا يتوقعون قتالا فإنها وقعة تكون الدائرة فيها والشدة والمصيبة على أهل ذلك المكان فكيف إن تكسر الحجر وطارت فلق تكسيره إلى الدور والبيوت فان ذلك دلالة على افتراق الأنصباء في تلك الوقعة وتلك البلية فكل من دخلت داره منها فلقة نزل بها منها مصيبة وإن كان الناس في جدب يتقون دوامه ويخافون عاقبته كان الحجر شدة تنزل بالمكان على قدر عظم الحجر وشدته وحاله فكيف إن كان سقوطه في الأنادر أو في رحاب الطعام وإن كانت حجارة عظيمة قد رمى بها الخلق من السماء فعذاب ينزل من السماء بالمكان لان الله سبحانه قتل أصحاب الفيل حين رمتهم الطير بها فإما وباء أو جراد أو برد أو ريح أو مغرم أو غارة ونهبة وأمثال ذلك على قدر زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة.
الحصا: تدل على الرجال والنساء وعلى الدراهم البيض المعدودة لأنها من الأرض وعلى الحفظ والاحصاء لما ألم به طالبه من علم أو شعر وعلى الحج ورمي الجمار أو على القساوة والشدة وعلى السباب والقذف فمن رأى طائرا نزل من السماء إلى الأرض فالتقط حصاة وطار بها فإن كان ذلك في مسجد هلك منه رجل صالح أو من صلحاء الناس فإن كان صاحب الرؤيا مريضا وكان من أهل الخير أو ممن يصلي أيضا فيه ولم يشركه في المرض أحد ممن يصلي أيضا فيه فصاحب الرؤيا ميت وإن كان التقاط الحصاة من كنيسة كان الاعتبار في فساد المريض كالذي قدمناه وإن التقطها من دار أو من مكان مجهول فمريض صاحب الرؤيا من ولد أو غيره هالك فأما من التقط عددا من الحصا وصيرها في ثوبه أو ابتلعها في جوفه فإن كان التقاطه إياها من مسجد أو دار عالم أو حلقة ذكر أحصى من العلم والقرآن وانتفع من الذكر والبيان بمقدار ما التقط من الحصا وإن كان التقاطه من الأسواق أو من الفدادين وأصول الشجر فهي فوائد من الدنيا ودراهم تتألف له من سبب الثمار أو النبات أو من التجارة والسمسرة أو من السؤال والصدقة لكل انسان على قدر همته وعادته في يقظته وإن كان التقاطه من طف البحر فعطايا من السلطان إن كان يخدمه أو فوائد من البحر إن كان يتجر فيه أو علم يكتسبه من عالم إن كان ذلك طلبه أو هبة وصلة من زوجة غنية إن كانت له أو ولد أو نحوه وأما من رمى بها في بحر ذهب ماله فيه وإن رمى بها في بئر أخرج مالا في نكاح أو شراء خادم وإن رمى بها في مطر أو ظرف من ظروف الطعام أو في مخزن من مخازن البحر اشترى بما معه أو بمقدار ما رمى به تجارة يستدل عليها بالمكان الذي رمى ما كان معه فيه والعامة تقول رمى فلان ما كان معه من دراهم في حنطة أو زيت أو غيرهما وإن رمى بها حيوانا كالأسد والقرد والجراد والغراب وأشباهها فإن كان ذلك في أيام الحج بشرته بالحج ورمى الجمار في مستقبل أمره لأن أصل رمي الجمار أن جبريل عليه السلام أمر آدم صلى الله عليه وسلم أن يقذف الشيطان بها حين عرض له فصارت سنة لولده وإن لم يكن في ذلك في أيام الحج كانت الحصاة دعاءه على عدو أو فاسق أو سبه وشتمه أو شهادات يشهد بها عليه وإن رمى بها خلاف هذه الأجناس كالحمام والمسلمين من الناس كان الرجل سبابا مغتابا متكلما في الصلحاء والمحصنات من النساء.
الدور: وأما الدور فهي دالة على أربابها فما نزل بها من هدم أو ضيق أو سعة أو خير أو شر عاد ذلك على أهلها وأربابها وسكانها والحيطان رجال والسقوف نساء لان الرجال قوامون على النساء لكونها من فوقها ودفعها للأسواء عنها فهي كالقوام فما تأكدت دلالته رجع إليه وعمل عليه وتدل دار الرجل على جسمه وتقسيمه وذاته لأنه يعرف بها وتعرف به في مجده وذكره واسمه وسترة أهله وربما دلت على ماله الذي به قوامه وربما دلت على ثوبه لدخوله فيه فإذا كانت جسمه كان بابها وجهه وإذا كانت زوجته كان بابها فرجه وإذا كانت دنياه وماله كان بابها الباب الذي يتسبب فيه ومعيشته وإذا كانت ثوبه كان بابها طوقه وقد يدل الباب إذا انفرد على رب الدار وقد يدل عليه منه الفرد الذي يفتح ويغلق والفرد الآخر على زوجته التي يعانقها في الليل وينصرف عنها في الدخول أو الخروج بالنهار ويستدل فيها على الذكر والأنثى بالشكل والغلق فالذي فيه الغلق هو الذكر والذي فيه العروة هو الأنثى زوجته لأن القفل الداخل في العروة ذكر مجموع الشكل إذا انغلق كالزوجين وربما دلا على ولدي صاحب الدار ذكر وأنثى وعلى الأخوين والشريكين في تلك الدار وأما أسكفة الباب ودوارته وكل ما يدخل فيه منه لسان فذاك على الزوجة والخادم وأما قوائمه فربما دلت على الأولاد الذكران أو العبيد والاخوة والأعوان وأما قوائمه وحلقة الباب فتدل على أذن صاحبه وعلى حاجبه ومنادمه فمن رأى في شيء من ذلك نقصا أو حدثا أو زيادة أو جدة عاد ذلك على المضاف إليه بزيادة الأدلة وشواهد اليقظة وأما الدار المجهولة سوى المعروفة فهي دار الآخرة لأن الله تعالى سماها دارا فقال – تلك الدار الآخرة – وكذلك إن كانت معروفة لها اسم يدل على الآخرة كدار عقبة أو دار السلام فمن رأى نفسه فيها وكان مريضا أفضى إليها سالما معافى من فتن الدنيا وشرها وإن كان غير مريض فهي له بشارة على قدر عمله من حج أو جهاد أو زهد أو عبادة أو علم أو صدقة أو صلة أو صبر على مصيبة يستدل على ما أوصله إليها وعلى الذي من أجله بشر به بزيادة الرؤيا وشواهد اليقظة فان رأى معه في المنام كتبا يتعلمها فيها فعلمه أداه إليها وإن كان فيها مصليا فبصلاته نالها وإن كان معه فرسه وسيفه فبجهاده بلغها ثم على المعنى وأما اليقظة فينظر إلى أشهر أعمالها عند نفسه وأقربها بمنامه من سائر طاعاته إن كانت كثيرة فيها كانت البشارة في المنام وأما من بنى دارا غير داره في مكان معروف أو مجهول فانظر إلى حاله فإن كان مريضا أو عنده مريض فذلك قبره وإن لم يكن شئ من ذلك فهي دنيا يفيدها إن كانت في مكان معروف فان بناها باللبن والطين كانت حلالا وإن كانت بالآجر والجص والكلس كانت حراما من أجل النار التي توقد على عمله وإن كان بناؤه الدار في مكان مجهول ولم يكن مريضا فان كانت باللبن فهو عمل صالح يعمله للآخرة أو قد عمله وإن كانت بالآجر فهي أعمال مكروهة يندم في الآخرة عليها إلا أن يعود إلى هدمها في المنام فإنه يتوب منها وأما الدار المجهولة البناء والتربة والموضع والأهل المنفردة عن الدور ولا سيما إن رأى فيها موتى يعرفهم فهي دار الآخرة فمن رأى أنه دخلها فإنه يموت إن لم يخرج منها فان دخلها وخرج منها فإنه يشرف على الموت ثم ينجو ومن رأى أنه دخل دارا جديدة كاملة المرافق وكانت بين الدور في موضع معروف فإن كان فقيرا استغنى وإن كان غنيا ازداد غنى وإن كان مهموما فرج عنه وإن كان عاصيا تاب على قدر حسنها وسعتها إن كان لا يعرف لها صاحبها فإن كان لها صاحب فهي لصاحبها وإن كانت مطينة كان ذلك حلالا وإن كانت مجصصة كان ذلك حراما وسعة الدار سعة دنياه وسخاؤه وضيقها ضيق دنياه وبخله وجدتها تجديد عمله وتطيينها دينه وأما إحكامها فإحكام تدبيره ومرمتها سروره والدار من حديد طول عمر صاحبها ودولته، ومن خرج من داره غضبان فإنه يحبس لقوله تعالى – وذا النون إذ ذهب مغاضبا فان رأى أنه دخل دار جاره فإنه يدخل في سره وإن خان فاسقا فإنه يخونه في امرأته ومعيشته وبناء الدار للعزب امرأة مرتفعة يتزوجها، ومن رأى دارا من بعيد نال دنيا بعيدة فان دخلها وهي من بناء وطين ولم تكن منفردة عن البيوت والدور فإنه دنيا يصيبها حلالا، ومن رأى خروجه من الأبنية مقهورا أو متحولا فهو خروجه من دنياه أو مما يملك على قدر ما يدل عليه وجه خروجه. وحكي أن رجلا من أهل اليمن أتى معبرا فقال رأيت كأني في دار لي عتيقة فانهدمت علي فقال تجد ميراثا فلم يلبث أن مات ذو قرابة فورثه ستة آلاف درهم، ورأى آخر كأنه جالس على سطح دار من قوارير وقد سقط منه عريانا فقص رؤياه على معبر فقال تتزوج امرأة من دار الملك جميلة لكنها تموت عاجلا فكان كذلك وبيوت الدار نساء صاحبها والطرز والزقاق رجال والشرفات للدار شرف الدنيا ورياسة وخزانها أمناؤه على ماله من أهل داره وصحنها وسط دولة دنياه وسطحها اسمه ورفعته، والدار للإمام العدل ثغر من ثغور المسلمين وهدم دار الملك المتعزز نقص في سلطانه وكون الرجل على سطح مجهول نيل رفعة واستعانة برجل رفيع الذكر وطلب المعونة منه وقالت النصارى من رأى كأنه يكنس داره أصابه غم أو مات فجأة، وقيل إن كنس الدار ذهاب الغم والله أعلم بالصواب، وقيل إن هدم الدار موت صاحبها.
البيوت: بيت الرجل زوجته المستورة في بيته التي يأوي إليها ومنه يقال دخل فلان بيته إذا تزوج فيكنى عنها به لكونها فيه ويكون بابه فرجها أو وجهها ويكون المخدع والخزانة بكرا كابنته أو ربيبته لأنها محجوبة والرجل لا يسكنها وربما دل بيته على جسمه أيضا وبيت الخدمة خادمه ومخزن الحنطة والدته التي كانت سبب تعيشه باللبن للنمو والتربية والكنيف يدل على الخادم المبذولة للكنس والغسل وربما دل على الزوجة التي يخلو معها لقضاء حاجته خاليا من ولده وسائر أهله ونظر انسان من كوة بيته يدل على مراقبته فرج زوجته أو دبرها فما عاد على ذلك من نقص أو زيادة أو هدم أو إصلاح عاد إلى المنسوبة إليه مثل أن يقول رأيت كأني بنيت في داري بيتا جديدا فإن كان مريضا أفاق وصح جسمه وكذلك إن كان في داره مريض دل على صلاحه إلا أن يكون عادته دفن من مات له في داره فان يكون ذلك قبر المريض في الدار سيما إن كان بناؤه إياه في مكان مستحيل أو كان مع ذلك طلاء بالبياض أو كان في الدار عند ذلك زهر أو رياحين أو ما تدل عليه المصائب وإن لم يكن هناك مريض تزوج إن كان عزبا أو زوج ابنته أو أدخلها عنده إن كانت كبيرة أو اشترى سرية على قدر البيت وخطره ومن رأى أنه يهدم دارا جديدة أصابه هم وشر ومن بنى دارا أو ابتاعها أصاب خيرا كثيرا ومن رأى أنه في بيت مجصص جديد مجهول مفرد عن البيوت وكان مع ذلك كلام يدل على الشر كان قبره ومن رأى أنه حبس في بيت موثقا مقفلا عليه بابه والبيت وسط البيوت نال خيرا وعافية ومن رأى أنه احتل بيتا أو سارية احتمل مؤنة امرأة فان احتمله بيت أو سارية احتملت مرأة مؤنته وباب البيت امرأة وكذلك أسكفته ومن رأى أنه يغلق بابا تزوج امرأة والأبواب المفتحة أبواب الرزق وأما الدهليز فخادم على يديه يجرى الحل والعقد والامر القوي ومن رأى أنه دخل بيتا وأغلق بابه على نفسه فإنه يمتنع من معصية الله تعالى لقوله تعالى – وغلقت الأبواب – فان رأى أنه موثق فيه مغلق الأبواب والبيت مبسوط نال خيرا وعافية فان رأى أن بيته من ذهب أصابه حريق في بيته ومن رأى أنه يخرج من بيت ضيق خرج من هم والبيت بلا سقف وقد طلعت فيه الشمس أو القمر امرأة تتزوج من هناك ومن رأى في داره بيتا واسعا مطينا لم يكن فيه فإنها امرأة صالحة تزيد في تلك الدار فإن كان مجصصا أو مبنيا بآجر فإنه امرأة سليطة منافقة، فإن كان تحت البيت سرب فهو رجل مكار، فإن كان من طين فإنه مكر في الدين والبيت المظلم امرأة سيئة الخلق رديئة وإن رأته المرأة فرجل كذلك فان رأى أنه دخل بيتا مرشوشا أصابه هم من امرأة بقدر البلل وقدر الوحل ثم يزول ويصلح فان رأى أن بيته أوسع مما كان فان الخير والخصب يتسعان عليه وينال خيرا من قبل امرأة ومن رأى أنه ينقش بيتا أو يزوقه وقع في البيت خصومة وجلبة والبيت المضيء دليل خير وحسن أخلاق المرأة.
الحائط: رجل وربما كان حال الرجل في دنياه إذا رأى أنه قائم عليه وإن سقط عنه زال عن حاله وإن رأى أنه دفع حائطا فطرحه أسقط رجلا من مرتبته وأهلكه والحائط رجل ممتنع صاحب دين ومال وقدر على قدر الحائط في عرضه وإحكامه ورفعته والعمارة حوله بسببه ومن رأى حيطان بناء قائمة محتاجة إلى مرمة فإنه رجل عالم أو إمام قد ذهبت دولته فان رأى أن أقواما يرمونها فان له أصحابا يرمون أموره ومن رأى أنه سقط عليه حائط أو غيره فقد أذنب ذنوبا كثيرة وتعجل عقوبته والشق في الحائط أو الشجرة أو في الغصن مصير الواحد من أهل بيته اثنين بمنزلة القرطين والحلمتين ومن رأى حيطانا دارسة فهو رجل امام عادل ذهبت أصحابه وعترته فان جددها فإنهم يتجددون وتعود حالتهم الأولى في الدولة فان رأى أنه متعلق بحائط فإنه يتعلق برجل رفيع ويكون استمكانه منه بقدر استمكانه من الحائط ومن نظر في حائط فرأى مثاله فيه فإنه يموت ويكتب على قبره.
السقف: رجل رفيع فإن كان من خشب فإنه رجل غرور فان رأى سقفا يكاد أن ينزل عليه ناله خوف من رجل رفيع فان نزل عليه التراب من السقف فأصاب ثيابه فإنه ينال بعد الخوف مالا فان انكسر جذع فهو موت صاحب الدار أو آفة تنزل به فان رأى أن عارضته انشقت طولا بنصفين فلم يسقط فهو جميع ما ينسب إلى ذلك البيت والطرز وغيره مضاعف الواحد اثنان والخشب والجذوع في البناء رجل منافق متحمل لأمور الناس وكسره موت رجل بهذه الصفة.
القصر: للفاسق سجن وضيق ونقص مال وللمستور جاه ورفعة أمر وقضاء دين وإذا رآه من بعيد فهو ملك والقصر رجل صاحب ديانة وورع فمن رأى أنه دخل قصرا فإنه يصير إلى سلطان كبير ويحسن دينه ويصير إلى خير كثير لقوله تعالى – إن شاء جعل لك خيرا من ذلك – جنات تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا – ومن رأى كأنه نائم في قصر وكان القصر له فإنه يصيب رفعة عظيمة وجلالة وقدرة وإن كان القصر لغيره فإنه يصيب من صاحبه منفعة وخيرا.
الإيوان الأزج: الأزج من اللبن امرأة قروية صاحبة دين وبالجص دنيا مجددة وبالآجر مال يصير إليه حرام وقيل هو امرأة منافقة ومن رأى أنه يعقد أزجا بآجر صهريج فإنه يؤدب ولده والجص والآجر من عمل أهل النار والفراعنة.
القبة: قوة، من رأى أنه بنى قبة على السحاب فإنه يصيب سلطانا وقوة بحلمه ومن رأى أن له بنيانا بين السماء والأرض من القباب الخضر فان ذلك حسن حاله وموته على الشهادة ويدل البناء على بناء الرجل بامرأته وقيل من رأى كأنه يبني بناء فإنه يجمع أقرباءه وأصدقاءه على سرور ومن رأى أنه طين قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحج بمال واللبن إذا كان مجموعا ولا يستعمل في بناء فهو دراهم ودنانير ومن رأى أنه يجدد بنيانا عتيقا لعالم فإنه تجديد سيرة ذلك العالم وإن كان البناء لفرعون أو ظالم فإنه تجديد سيرته وقال النبي صلى الله عليه وسلم ” من رأى كأنه يبني بنيانا فإنه يعمل عملا ” ومن رأى أنه ابتدأ في بناء فحفره من أساسه وبناه من قراره حتى شيده فإنه طلب علم وولاية أو حرفة وسينال حاجته فيما يروم وقيل من رأى أنه يبني بنيانا في بلدة أو قرية فإنه يتزوج هناك امرأة فان بناه من خزف فتزيين ورياء وإن بناه من طين فإنه حلال وكسب وإن كان منقوشا فهو ولاية أو علم مع لهو وطرب وإن بناه من جص وآجر عليه صورة فإنه يخوض في الأباطيل.
الغرفة: تدل على الرفعة وعلى استبدال السرية بالحرة لعلو الغرفة على البيت وتدل على أمن الخائف لقوله تعالى – وهم في الغرفات آمنون – وتدل على الجنة لقوله تعالى – أولئك يجزون الغرفة بما صبروا – وتدل أيضا على المحراب لان العرب تسميها بذلك فمن بنى غرفة فوق بيته ورأى زوجته تنهاه عن ذلك وتسخط فعله أو تبكي بالعويل أو كأنها ملتحفة في كساء فإنه يتزوج على امرأته أخرى أو يتسرى وإن كانت زوجته عطرة جميلة متبسمة كانت الغرفة زيادة في دنياه ورفعة وإن صعد إلى غرفة مجهولة فإن كان خائفا أمن وإن كان مريضا صار إلى الجنة وإلا نال رفعة وسرورا وعلوا وإن كان معه جمع يتبعه في صعوده يرأس عليهم بسلطان أو علم أو إمامة في محراب وإن رأى عزبا أنه في غرفة تزوج امرأة حسنة رئيسة دينة وإن رأى له غرفتين أو ثلاثة أو أكثر فإنه يأمن مما يخاف وإن رأى أن البيت الأعلى سقط على البيت الأسفل ولم يضره فإنه يقدم له غائب فإن كان معه غبار كان معه مال.
المنظرة: رجل منظور إليه فمن رآها من بعيد فإنه يظفر بأعدائه وينال ما يتمنى ويعلو أمره في سرور فان رآها تاجر فإنه يصيب ربحا ودولة ويعلو نضاره حيث كان ويكون وبناء المنظرة يجري مجرى بناء الدور.
وأما الأسطوانة: من خشب أو من طين أو من جص أو آجر فهي قيم دار أو خادم أهل الدار وحامل ثقلهم وبيوتهم ويقوى على ما كلفوه فما يحدث فيها ففي ذلك الذي ينسب إليه والكوة في البيت الطرز والغرفة ملك يصيبه صاحبها وعز وغنى يناله وللمكروب فرج وللمريض شفاء وللعزب امرأة وللمرأة زوج وإذا رؤيت الكوة في البيت الذي ليس فيه كوة فإنها لأهل الولاية ولاية وللتاجر تجارة.
الدرج: تدل على أسباب العلو والرفعة والاقبال في الدنيا والآخرة لقول العرب ارتفعت درجة فلان وفلان رفيع الدرجة وتدل على الاملاء والاستدراج لقوله تعالى سنستدرجهم من حيث لا يعلمون – وربما دلت على مراحل السفر ومنازل المسافرين التي ينزلونها منزلة منزلة ومرحلة مرحلة وربما دلت على أيام العمر المؤدية إلى غايته ويدل المعروف منها على خادم الدار وعلى عبد صاحبها ودابته فمن صعد درجا مجهولا نظرت في أمره فان وصل إلى آخره وكان مريضا مات فان دخل في أعلاه غرفة وصلت روحه إلى الجنة وإن حبس دونها حجب عنها بعد الموت وإن كان سليما ورام سفرا خرج لوجهه ووصل على الرزق إن كان سفره في المال وإن كان لغير ذلك استدللت بما أفضى إليه أو لقيه في حين صعوده مما يدل على الخير والشر وتمام الحوائج ونقصها مثل أن يلقاه أربعون رجلا أو يجد دنانير على هذا العدد فان ذلك بشارة بتمام ما خرج إليه وإن كان العدد ثلاثين لم يتم له ذلك لان الثلاثين نقص والأربعين تمام أتمها الله عز وجل لموسى بعشر ولو وجد ثلاثة وكان خروجه في وعد تم له لقوله تعالى في الثلاثة – ذلك وعد غير مكذوب – وكذلك إن أذن في طلوعه وكان خروجه إلى الحج تم له حجه وإن لم يؤمل شيئا من ذلك ولا رأى ذلك في أشهر الحج نال سلطانا ورفعة إما بولاية أو بفتوى أو بخطابة أو بأذان على المنار أو بنحو ذلك من الأمور الرفيعة المشهورة وأما نزول الدرج فإن كان مسافرا قدم من سفره وإن كان مذكورا رئيسا نزل عن رياسته وعزل عن عمله وإن كان راكبا مشى راجلا وإن كانت له امرأة عليلة هلكت وإن كان هو المريض نظرت فإن كان نزوله إلى مكان معروف أو إلى أهله وبيته أو إلى تبن كثير أو شعير أو إلى ما يدل على أموال الدنيا وعروضها أفاق من علته وإن كان نزوله إلى مكان مجهول لا يدريه أو برية أو إلى قوم موتى قد عرفهم ممن تقدمه أو كان سقوطه تكويرا أو سقط منها في حفرة أو بئر أو مطمورة أو إلى أسد افترسه أو إلى طائر اختطفه أو إلى سفينة مرسية أقلعت به أو إلى راحلة فوقها هودج فسارت به فان الدرج أيام عمره وجميع ما نزل إليه منها موته حين تم أجله وانقضت أيامه وإن كان سليما في اليقظة من السقم وكان طاغيا أو كافرا نظرت فيما نزل إليه فان دل على الصلاح كالمسجد والخصب والرياض والاغتسال ونحو ذلك فإنه يسلم ويتوب وينزل عما هو عليه ويتركه ويقطع عنه وإن كان نزوله إلى ضد ذلك مما يدل على العظائم والكبائر والكفر كالجدب والنار العظيمة المخيفة والأسد والحيات والمهاوي العظام فإنه يستدرج له ولا يؤخذ بغتة حتى يرد عليه ما يهلك فيه ويعطب عنده ولا يقدر على الفرار منه وتجدد بناء الدرج يستدل به على صلاح ما يدل عليه من فساده فإن كان من لبن كان صالحا وإن كان من آجر كان مكروها وقال بعضهم الدرجة أعمال الخير أولها الصلاة والثانية الصوم والثالثة الزكاة والرابعة الصدقة والخامسة الحج والسادسة الجهاد والسابعة القرآن وكل المراقى أعمال الخير لقوله صلى الله عليه وسلم ” اقرأ وارق ” فالصعود منها إذا كان من طين أو لبن حسن الدين والإسلام ولا خير فيها إذا كانت من آجر وإن رأى أنه على غرفة بلا مرقاة ولا سلم صعد فيه فإنه كمال دينه وارتفاع درجته عند الله لقوله تعالى – نرفع درجات من نشاء – والمرقي من طين للوالي رفعة وعز مع دين وللتجار تجارة مع دين وإن كانت من حجارة فإنها رفعة مع قساوة قلب وإن كانت من خشب فإنها رفعة مع نفاق ورياء وإن كانت من ذهب فإنه ينال دولة وخصبا وخيرا وإن كانت من فضة فإنه ينال جواري بعدد كل مرقاة وإن كانت من صفر فإنه ينال متاع الدنيا ومن صعد مرقاة استفاد فهما وفطنة يرتفع به وقيل الدرجة رجل زاهد عابد ومن قرب منه نال رفعة ونسكا لقوله تعالى – يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات – وكل درجة للوالي ولاية سنة، والسلم الخشب رجل رفيع منافق والصعود فيه إقامة بينة لقوله تعالى – أو سلما في السماء فتأتيهم بآية وقيل إن الصعود فيه استعانة بقوم فيهم نفاق، وقيل هو دليل سفر فان صعد فيه ليستمع كلاما من انسان فإنه يصيب سلطانا لقوله – أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين وقال رجل لابن سيرين رأيت كأني فوق سلم فقال أنت رجل تستمع على الناس والسلم الموضوع على الأرض مرض وانتصابه صحة.
الطاق الواسعة: دليل على حسن خلق المرأة والضيقة دليل على سوء خلقها والرجل إذا رأى أنه جالس في طاق ضيق فإنه يطلق امرأته جهارا وإن كان موضعه من الطاق واسعا فان المرأة تطلق من زوجها سرا والصفة رئيس يعتمده أهل البيت.
الأبواب: الأبواب المفتحة أبواب الرزق وباب الدار قيمها فما حدث فيه فهو في قيم الدار فان رأى في وسط داره بابا صغيرا فهو مكروه لأنه يدخل على أهل العورات وسيدخل تلك الدار خيانة في امرأته وأبواب البيوت معناها يقع على النساء فان كانت جددا فهن أبكار وإن كانت خالية من الاغلاق فهن ثيبات وإن رأى باب دار قد سقط أو قلع إلى خارج أو محترقا أو مكسورا فذلك مصيبة في قيم الدار فان عظم باب داره أو اتسع وقوى فهو حسن حال القيم فان رأى أنه يطلب باب داره فلا يجده فهو حائر في أمره دنياه، ومن رأى أنه دخل من باب فإن كان في خصومة فهو غالب لقوله تعالى – ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون – فإذا رأى أبوابا فتحت من مواضع معروفة أو مجهولة فان أبواب الدنيا تفتح له ما لم يجاوز قدرها فان جاوز فهو تعطيل تلك الدار وخرابها فان كانت الأبواب إلى الطريق فان ما ينال من دنياه تلك يخرج إلى الغرباء والعامة فان كانت مفتحة إلى بيت في الدار كان ما يناله لأهل بيته فان رأى أن باب داره اتسع فوق قدر الأبواب فهو دخول قوم عليه بغير إذن في مصيبة وربما كان زوال باب الدار عن موضعه زوال صاحب الدار عن خلقه وتغيره لأهل داره فان رأى أنه خرج من باب ضيق إلى سعة فهو خروجه من ضيق إلى سعة ومن هم إلى فرج وإن رأى أن لداره بابين فان امرأته فاسدة فمن رأى لبابه حلقتين فان عليه دينا لنفسين فان رأى أنه قلع حلقة بابه فإنه يدخل في بدعة وانسداد باب الدار مصيبة عظيمة لأهل الدار.
العتبة: امرأة روى أن إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم قال لامرأة ابنه إسماعيل قولي له غير عتبة بابك فقالت له ذلك فطلقها وقيل إن العتبة الدولة والأسكفة هي المرأة والعضادة رئيس الدار وقيمها فقلعها ذل لقيم الدار بعد العز وتغييبها عن البصر موت القيم كما أن قلع أسكفته تطليق المرأة وحكي أن امرأة أتت ابن سيرين فقالت رأيت في المنام أسكفة بابي العليا وقعت على السفلى ورأيت المصراعين قد سقطا فوقع أحدهما خارج البيت والآخر داخل البيت فقال لها ألك زوج وولد غائبان قالت نعم فقال أما سقوط الأسكفة العليا فقدوم زوجك سريعا وأما وقوع المصراع خارجا فان ابنك يتزوج امرأة غريبة فلم تلبث إلا قليلا حتى قدم زوجها وابنها مع ابنة غريبة.
الغلق: من خشب هو البلط إذا فتح يكون فيه مكر، ومن رأى أنه يغلق باب داره بالبلط فإنه محكم في حفظ دنياه فان لم يكن له بلط فليس له ضبط في أمر دنياه فان رأى أنه يريد إغلاق باب دار هو لا ينغلق فإنه يمتنع من أمر يعجز عنه وإن رأى غاز أنه يفتح بابا يغلق فإنه ينقب حصنا أو يفتحه فان فتحه رجل فإنه يمكر بالمنسوب إلى ذلك النقب ويفتح عليه خير من قبل ذلك الرجل ودخول الدار دخول في سوم تاجر أو ولاية وال أو صناعة ذي حرفة فمن رأى دربا مفتوحا فإنه يدخل في عمل كما ذكرت.
مرافق الدار: المطبخ طباخة والمبرز امرأة فإن كان واسعا نظيفا غير ظاهر الرائحة فان امرأته حسنة المعاشرة ونظافته صلاحها وسعته طاعتها وقلة نتنه حسن بناتها وإن كان ضيقا مملوءا عذرة لا يجد صاحبه منه مكانا يقعد فيه فإنها تكون ناشزة وإن كانت رائحته منتنة فإنها تكون سليطة وتشتهر بالسلاطة وعمق بئرها تدبيرها وقيامها في أمورها وإن نظر فيها فرأى فيها دما فإنه يأتي امرأته وهي حائض فان رأى بئرها قد امتلأت فإنه تدبيرها ومنعها للرجل من النفقة الكبيرة مخافة التبذير فان رأى بيده خشبة يحرك بها في البئر فان في بيته امرأة مطلقة فان كانت البئر ممتلئة لا يخاف فورها فان امرأته حبلى ومن رأى أنه جعل في مستراح فإنه يمكر به فان أغلق عليه بابه فإنه يموت وقد تقدم في ذكر الكنيف والمبرز في أول الباب ما فيه كفاية والمعلف عز لأنه لا يكون إلا لمن له الظهر والدواب وقيل إنه امرأة الرجل ومن رأى كأن في بيته معلفا يعتلف عليه دابتان فإنه يدل على تخليط في امرأة مع رجلين إما امرأته أو غيرها من أهل الدار وأما الجحر في الأرض أو الحائط فإنه الفم فمن رأى جحرا خرج منه حيوان فإنه فم يخرج منه كلام بمنزلة ذاك الحيوان وتأويله. وحكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت جحرا ضيقا خرج منه ثور عظيم فقال الجحر هو الفم تخرج منه الكلمة العظيمة ولا تستطيع العود إليه وقد حكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت كأن يزيد بن المهلب عقد طاقا بين داري وداره فقال ألك أم قال نعم قال هل كانت أمة قال لا أدرى فأتى الرجل أمه فاستخبرها فقالت صدق كنت أمة ليزيد بن المهلب ثم صرت إلى أبيك.
السرب: كل حفيرة مكر فمن رأى أنه يحفر سربا أو يحفر له غيره فإنه يمكر مكرا أو يمكر به غيره فان رأى أنه دخل فيه رجع ذلك المكر إليه دون غيره فان رأى أنه دخله حتى استترت السماء عنه فإنه تدخل بيته اللصوص ويسرقون أمتعة بيته فإن كان مسافرا فإنه يقطع عليه الطريق فان رأى أنه توضأ في ذلك السرب وضوء صلاة أو اغتسل فإنه يظفر بما سرق منه أو يعوض عاجلا وتقر عينه لأنه يأخذ بتأويل الماء وإن كان عليه دين قضاه الله تعالى فان رأى أنه استخرج مما احتفره أو حفر له ماء جاريا أو راكدا فان ذلك معيشة في مكر لمن احتفر.
الحفائر: دالة على المكر والخداع والشباك ودور الزناة والسجون والقيود والمراصد وأمثال ذلك وأصل ذلك ما يحفر للسباع من الربا لتصاد فيها إذا سقطت إليها والمطمورة ربما دلت على الأم الكافلة الحاملة المربية لان قوت الطفل في بطن أمه مكنوز بمنزلة الطعام في المطمورة يقتات منه صاحبه شيئا بعد شيء حتى يفرغ أو يستغنى عنه بغيره وربما دلت المجهولة على رحبة الطعام وجرت فيما تجرى الحفائر فيه لأنها حفرة فمن رأى مطمورة انهدمت أو ارتدمت فان كانت أمه عليلة هلكت وإن كانت عنده حامل خلصت وردم قبرها لان قبر الحامل مفتوح إلا أن يأتي في الرؤيا ما يؤكد موتها فيكون ذلك دفنها وإذا لم يكن شيء من ذلك فانظر فإن كان عنده طعام فيها في اليقظة باعه وكان ما ردمت به من التراب والأزبال عوضه وهو ثمنه وإن رأى طعامه بعينه زبلا أو ترابا رخص سعره وذهب فيه ماله وإن لم يكن له فيها طعام ورآها مملوءة بالزبل أو التراب ملأها بالطعام عند رخصه وإن كانت مملوءة بالطعام حملت زوجته إن كان فقيرا أو أمته فان كانت المطمورة مجهولة في جامع أو سماط أو عليها جمع من الناس وكان فيها طعام وهي ناقصة نقص من السعر في الرحبة بمقدار ما نقص من المطمورة وإن فاضت وسالت والناس يفرقون منها ولا ينقصونها رخص السعر وكثر الطعام وإن رأى نارا وقعت في الطعام كان في الطعام الذي فيها غلاء عظيم أو حادث من السلطان في الرحبة أو جراد أو حجر في الفدادين فان رأى في طعامها تمرا أو سكرا فان السعر يغلو والجنس الذي فيها من الطعام يغلو على قدر ما فيه من الحلاوة في القلة والكثرة فإن كان كقدر نصف طعامها فهو على النصف وإلا فعلى هذا المقدار وأما من سقط في مطمورة أو حفير مجهول فعلى ما تقدم في اعتبار السقوط في البئر.
الآبار: أما بئر الدار فربما دلت على ربها لأنه قيمها وربما دلت على زوجته لأنه يدلي فيها دلوه وينزل فيها حبله في استخراج الماء وتحمل الماء في بطنها وهي مؤنثة وإذا كان تأويلها رجلا فماؤها ماله وعيشه الذي يجود به على أهلها وكلما كثر كثر خيره ما لم يفض في الدار فإذا فاض كان ذلك سره وكلامه وكلما قل ماؤه قل كسبه وضعف رزقه وكلما بعد غوره دل على بخله وشحه وكلما قرب ماؤه من اليد دل ذلك على جوده وسخائه وقرب ما عنده وبذله لماله وإذا كانت البئر امرأة فماؤها أيضا مالها وجنينها فكلما قرب من اليد تدانت ولادتها وإن فاض على وجه الأرض ولدته أو أسقطته وربما دلت البئر على الخادم والعبد والدابة وعلى كل من يجود في أهله بالنفع من بيع الماء وأسبابه أو من سفر ونحوه لان البئر المجهولة ربما دلت على السفر لان الدلاء تمضي فيها وتجيء وتسافر وترجع بمنزلة المسافرين الطالعين والنازلين وربما دلت البئر المجهولة المبذولة في الطرقات المسبلة في الفلوات على الأسواق التي ينال منها كل من أتاها ما قدر له ودلوه وحبله تشبثه بها وربما دلت على البحر وربما دلت على الحمام وعلى المسجد الذي يغسل فيه أوساخ المصلين وربما دلت على العالم الذي يستقى العلم من عنده الذي يكشف الهموم وربما دلت على الزانية المبذولة لمن مر بها وأرادها وربما دلت على السجن والقبر لما جرى على يوسف في الجب فمن رأى كأنه سقط في بئر مجهولة فإن كان مريضا مات وإن كان في سفينة عطب وصار في الماء وإن كان مسافرا في البر قطع من الطريق ومكر به وغدر في نفسه وإن كان مخاصما سجن وإلا دخل حماما مكرها أو دخل دار زانية وأما إن استقى بالدلو من بئر مجهولة فإن كان عنده حمل بشر عنه بغلام لقوله تعالى – فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام – وإن كانت له بضاعة في البحر أو في البر قدمت عليه أو وصلت إليه وإن كان عنده عليل أفاق ونجا وخلص وإن كان له مسجون نجا من السجن وإن كان له مسافر قدم من سفره فان لم يكن شيء من ذلك وكان عزبا تزوج وإلا توسل إلى سلطان أو حاكم في حاجته وتمت له وكل ذلك إذا طلع دلوه سليما مملوءا والعرب تقول دلونا إليك بكذا أي توسلنا إليك وإن لم يكن شئ من ذلك طلب علما فان لم يلق به ذلك فالبئر سوقه واستقاؤه وتسببه فما أفاد من الماء أفاد مثله وإن مجه أو أراقه أتلفه وأنفقه قال الشاعر:
وما طلب المعيشة بالتمني * ولكن ألق دلوك في الدلاء
تجئ بمائها طورا وطورا * تجئ بحمأة وقليل ماء
وقال بعضهم إذا رأى الرجل البئر فهي امرأة ضاحكة مستبشرة وإذا رأتها امرأة فهو رجل حسن الخلق ومن رأى أنه احتفر بئرا وفيها ماء تزوج امرأة موسرة ومكر بها لان الحفر مكر فان لم يكن فيها ماء فان المرأة لا مال لها فان شرب من مائها فإنه يصيب مالا من مكر إذا كان هو الذي احتفر وإلا فعلى يد من احتفر أو سميه أو عقبه بعده فان رأى بئرا عتيقة في محلة أو دار أو قرية يستقى منها الصادرون والواردون بالحبل والدلو، فان هناك امرأة أو بعل امرأة أو قيمها ينتفع به الناس في معايشهم ويكون له في ذلك ذكر حسن لمكان الحبل الذي تدلى به إلى الماء لقوله عز وجل – واعتصموا بحبل الله جميعا – فان رأى أن الماء فاض من تلك البئر فخرج منها فإنه هم وحزن وبكاء في ذلك الموضع فان امتلأت ماء ولم يفض فلا بأس أن يلقى خير ذلك وشره فان رأى أنه يحفر بئرا يسقى منها بستانه فإنه يتناول دواء يجامع به أهله فان رأى أن بئره فاضت أكثر مما سال فيها حتى دخل الماء البيوت فإنه يصيب مالا يكون وبالا عليه فان طرق لذلك حتى يخرج من الدار فإنه ينجو من هم ويذهب من ماله بقدر ما يخرج من الدار، ومن رأى أنه وقع في بئر فيها ماء كدر فإنه يتصرف مع رجل ذي سلطان جائر ويبتلى بكيده وظلمه وإن كان الماء صافيا فإنه يتصرف لرجل صالح يرضى به كفافا فان رأى أنه يهوي أو يرسل في بئر فإنه يسافر والبئر إذا رآها الرجل في موضع مجهول وكان فيها ماء عذب فإنها دنيا الرجل ويكون فيها مرزوقا طيب النفس طويل العمر بقدر الماء وإن لم يكن فيها ماء فقد نفد عمره وانهدام البئر موت المرأة فان رأى أن رجليه تدلتا في البئر فإنه يمكر بماله كله أو يغصب فان نزل في بئر وبلغ نصفها وأذن فيها فإنه سفر وإذا بلغ طريقه نال رياسة وولاية أو ربحا عن تجارة وبشارة فان سمع الأذان في نصف البئر عزل إن كان واليا وخسر إن كان تاجرا. وقال بعضهم: من رأى بئرا في داره وأرضه فإنه ينال سعة في معيشته ويسرا بعد عسر ومنفعة. وقيل من أصاب بئرا مطمورة أصاب مالا مجموعا.
الحمام: يدل على المرأة لحل الإزار عنده ويأخذ الانسان معه مع خروج عرقه كنزول نطفته في الرحم وهو كالفرج وربما دل على دور أهل النار وأصحاب الشر والخصام والكلام كدور الزناة والسجون ودور الحكام والجناة لناره وظلمته وجلبة أهله وحسن أبوابه وكثرة جريان الماء فيه وربما دل على البحران والأسقام وعلى جهنم فمن رأى نفسه في حمام أو رآه غيره فيه فان رأى فيه ميتا فإنه في النار والحميم لان جهنم أدراك وأبواب مختلفة وفيها الحميم والزمهرير وإن رأى مريض ذلك نظرت في حاله فان رأى أنه خارج من بيت الحرارة إلى بيت الطهر وكانت علته في اليقظة حرا تجلت عنه فان اغتسل وخرج منه خرج سليما وإن كانت علته بردا تزايدت به وخيف عليه فان اغتسل مع ذلك ولبس بياضا من الثياب خلاف عادته وركب مركوبا لا يليق به فان ذلك غسله وكفنه ونعشه وإن كان ذلك في الشتاء خيف عليه الفالج وإن رأى أنه دخل في بيت الحرارة فعلى ضد ما تقدم في الخروج يجرى الاعتبار ويكون البيت الأوسط لمن جلس فيه من المرضى دالا على توسطه في علته حتى يدخل أو يخرج فإما نكسة أو إفاقة وإن كان غير مريض وكانت له خصومة أو حاجة في دار حاكم أو سلطان أو جاب حكم له وعليه على قدر ما ناله في الحمام من شدة حرارته أو برده أو زلق أو رش فان لم يكن شيء من ذلك وكان الرجل عزبا تزوج أو حضر في وليمة أو جنازة وكان فيها من الجلبة والضوضاء والهموم والغموم كالذي يكون في الحمام وإلا ناله عنه سبب من مال الدنيا عند حاكم لما فيه من جريان الماء والعرق وهي أموال وربما دل العرق خاصة على الهم والتعب والمرض مع غمة الحمام وحرارته فإن كان فيه متجردا من ثيابه فالأمر مع زوجته ومن أجلها وناحيتها وناحية أهلها يجرى عليه ما تؤذن الحمام به فإن كان فيه بأثوابه فالأمر من ناحية أجنبية أو بعض المحرمات كالأم والابنة والأخت حتى تعتبر أحواله أيضا وتنقل مراتبه ومقاماته وما لقيه أو يلقاه بتصرفه في الحمام وانتقاله فيه من مكان إلى مكان وإن رأى أنه دخله من قناة أو طاقة صغيرة في بابه أو كان فيه أسد أو سباع أو وحش أو غربان أو حيات فإنها امرأة يدخل إليها في زينة ويجتمع عندها مع أهل الشر والفجور من الناس، وقال بعضهم: الحمام بيت أذى ومن دخله أصابه هم لا بقاء له من قبل النساء والحمام اشتق من اسمه الحميم فهو حم والحم صهر أو قريب فان استعمل فيه ماء حارا أصاب هما من قبل النساء وإن كان مغموما ودخل الحمام خرج من غمه فان اتخذ في الحمام مجلسا فإنه يفجر بامرأة ويشهر بأمره لان الحمام موضع كشف العورة فان بنى حماما فإنه يأتي بفحشاء ويشنع عليه بذلك فإن كان الحمام حارا لينا فان أهله وصهره وقرات نسائه موافقون مساعدون له مشفقون عليه فإن كان باردا فإنهم لا يخالطونه ولا ينتفع بهم وإن كان شديد الحرارة فإنهم يكونون غلاظ الطباع لا يرى منهم سرورا لشدتهم وقيل إن رأى أنه في البيت الحار فان رجلا يخونه في امرأته وهو يجهد أن يمنعه فلا يتهيأ له فان امتلأ الحوض وجرى الماء من البيت الحار إلى البيت الأوسط فإنه يغضبه على امرأته وإن كان الحمام منسوبا إلى غضارة الدنيا فإن كان باردا فان صاحب الرؤيا فقير قليل الكسب لا تصل يده إلى ما يريد وإن كان حارا لينا واستطابه فان أموره تكون على محبة ويكون كسوبا صاحب دولة يرى فيها فرحا وسرورا وإن كان حارا شديد الحرارة فإنه يكون كسوبا ولا يكون له تدبير ولا يكون له عند الناس محمدة، وقيل من رأى أنه دخل حماما فهو دليل الحمى النافض فان رأى أنه شرب من البيت الحار ماء سخنا أو صب عليه أو اغتسل به على غير هيئة الغسل فهو هم وغم ومرض وفزع بقدر سخونة الماء وإن شربه من البيت الأوسط فهي حمى صالبة وإن شربه من البيت البارد فهو برسام فان رأى أنه اغتسل بالماء الحار وأراد سفرا فلا يسافر فإن كان مستجيرا بإنسان يطلب منفعته فليس عنده فرج لقوله تعالى: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل} فإذا اجتمع الحمام والاغتسال والنورة فخذ بالاغتسال والنورة ودع الحمام فان ذلك أقوى في التأويل فان رأى في محلة حماما مجهولا فان هناك امرأة ينتابها الناس وقال بعضهم من رأى كأنه يبنى حماما قضيت حاجته. وحكي أن رجلا رأى كأنه زلق في الحمام فقصها على معبر فقال شدة تصيبك فعرض له أنه زلق في الحمام فانكسرت رجله والأتون أمر جليل على كل حال وسرور فمن رأى أنه يبني أتونا فإنه ينال ولاية وسلطانا وإن لم يكن متحملا فإنه يشغل الناس بشيء عظيم.
الفرن: المعروف دال على مكان معيشة صاحبه وغلته ومكسبه كحانوته وفدانه ومكان متجره لما يأوى إليه من الطعام وما يوقد فيه من النار النافعة وما يرى فيه من زكاة الحنطة المطحونة وريعها وطحن الدواب والأرحية وخدمتها وربما دل على نفسه فما جرى عليه من خير أو شر أو زيادة أو نقص أو خلاء أو عمارة عاد عليه أو على مكان كسبه وغلته وأما الفرن المجهول فربما دل على دار السلطان ودار الحاكم لما فيه من وقيد النار والنار سلطان يضر وينفع ولها كلام وألسنة وأما العجين والحنطة التي تجبى إليه من كل مكان وكل دار فهي كالجبايات والمواريث التي تجبى إلى دار السلطان وإلى دار الحاكم ثم يردونها أرزاقا والدواب كالأبناء والأعوان والوكلاء وكذلك ألواح الخبز وربما دل على السوق لان أرزاق الخلق أيضا تساق إليها ويكون فيها الربح كرماده المطحون والخسارة كنقص المخبوز والحرام والكلام للنار التي فيه فمن بعث بحنطة أو شعير إلى الفرن المجهول فإن كان مريضا مات ومضى بماله إلى القاضي وإن لم يكن مريضا وكان عليه عشر للسلطان أو كراء أو بقية من مغرم ونحو ذلك أدى ما عليه وإلا بعث بسلعة إلى السوق فإن كان المطحون والمبعوث به إلى الفرن شعيرا أتاه في سلعته قريب من رأس ماله وإن كانت حنطة ربح فيها ثلثا للدينار أو ربعا أو نصفا على قدر زكاتها إن كان قد كالها أو وقع في ضميره شيء منها.
الرحى: الطاحون تدل على معيشة صاحبها وحانوته وكل من يتعيش عنده أو كل من يخدمه ويصلح طعامه وينكحه من زوجة وأمة وربما دلت على السفر لدورانها وربما دلت على الوباء والحرب لسحقها والعرب والشعراء كثيرا ما يعبرون بها عنها فمن اشترى رحى تزوج إن كان عزبا أو زوج ابنته أو ابنه أو اشترى خادما للخدمة أو سافر إذا كان من أهل السفر وإن كان فقيرا استفاد ما يكتفى به لان الرحى لا يحتاج إليها إلا من عنده ما يطحنه فيها وأما من نصب رحى ليطحن فيها للناس على ماء أو بحر أو غيره فإنه يفتح دكانا أو حانوتا إن لم يكن له حانوت ويدر فيه رزقه إن كان قد تعذر عليه أو جلس للناس بمساعدة سلطان لحكومة أو منفعة أو أمانة وكان له حس في الناس وأما من تولى الطحين بيده فان يتزوج أو يتسرى أو يجامع لان الحجرين كالزوجين والقطب كالذكر والعصمة وإن كانت بلا قطب كان الجماع حراما وقد تكون امرأتين يتساحقان فان لم يكن عنده شيء من ذلك فلعله يتوسط العقد بين زوجين أو شريكين أو يسافر في طلب الرزق وأما الرحى الكبيرة إذا رؤيت في وسط المدينة أو في الجوامع فان كانت بلد حرب كان حربا سيما إن كانت تطحن نارا أو صخرا وإلا كانت طاحونا سيما إن كان المطحون شعيرا معفونا أو ماء وطينا ولحاء هزيلا، وقال بعضهم الرحى على الماء رجل يجري على يديه أموال كثيرة سائس للأمور ومن التجأ إليه حسن جده فمن رأى رحى تدور در عليه خير بمقدار الدقيق ومجرى الماء الذي يدخل إلى الرحى من جهة هذا المذكور وربما كانت الرحى إذا دارت سفرا فان دارت بلا حنطة فهو شغب والرحى إذا دارت معوجة يغلو الطعام ورحى اليد رجلان قاسيان شريكان لا يتهيأ لغيرهما إصلاحهما. وحكي أن رجلا رأى كأن رحى تدور بغير ماء فقص رؤياه على معبر فقال قد تقارب أجلك ورحى الريح خصومة لا بقاء لها وانكسار الرحى مختلف في تأويله فمنهم من قال تدل على فرج صاحبها من الهموم ومنهم من قال تدل على موت صاحبها ومن رأى له رحى تطحن أصاب خيرا من كد غيره والرحى تدل على الحرب لقول العرب فيها رحى الحرب.
السوق: تدل على المسجد كما يدل المسجد على السوق لان كليهما يتجر فيه ويربح وقد يدل على ميدان الحرب الذي يربح فيه قوم ويخسر فيه قوم وقد سمى الله تعالى الجهاد تجارة في قوله – هل أدلكم على تجارة تنجيكم – فأهل الأسواق يجاهدون بعضهم بعضا بأنفسهم وأموالهم وربما دلت على مكان فيه ثواب وأجر وربح كدار العلم والرباط وموسم الحج، ومما يباع في السوق يستدل على ما يدل عليه وكل ذلك ما كانت السوق مجهولة فسوق اللحم أشبه شيء بمكان الحرب لما يسفك فيه من الدماء وما فيه من الحديد وسوق الجوهر والبز أشبه شيء بحلق الذكر ودور العلم وسوق الصرف أشبه شئ بدار الحاكم لما فيها من تصاريف الكلام والوزن والميزان فمن رأى نفسه في سوق مجهولة قد فاتته فيها صفقة أو ربح في سلعة فإن كان في اليقظة في جهاد فاتته الشهادة وولى مدبرا وإن كان في حج فاته أو فسد عليه وإن كان طالبا للعلم تعطل عنه أو فاته فيه موعد وطلبه لغير الله وإن لم يكن في شيء من ذلك فاتته صلاة الجماعة في المسجد، وأما من يسرق في سوقه في بيعه وشرائه فإن كان مجاهدا غل وإن كان حاجا محرما اصطاد أو جامع أو تمتع وإن كان عالما ظلم في مناظرته أو خان في فتاويه وإلا راءى بصلاته أو سبق إمامه فيها بركوعه أو سجوده أو لم يتم هو ذلك في صلاة نفسه لان ذلك أسوأ السرقة كما في الخبر، وأما السوق المعروفة فمن رآها عامرة بالناس أو رأى حريقا وقع فيها أو ساقية صافية تجرى في وسطها أو كان التبن محشوا في حوانيتها أو ريحا طيبة تهب من خلالها درت معيشة أهلها وأتتهم أرباح وجاءهم نفاق وإن رأى أهل السوق في نعاس أو الحوانيت مغلقة أو كأن العنكبوت قد نسج عليها أو على ما يباع كان فيها كساد أو نزلت بأهلها عطلة وإن رأى سوقا انتقلت انتقلت حالة المنتقل إلى جوهر ما انتقلت إليه كسوق البز ترى القصابين فيه فإنه يكثر أرباح البزازين في افتراق المتاع وخروجه وإن رأى فيه أصحاب الفخار والغلال قلت أرباحهم وضعفت أكسابهم وإن رأى فيه أصحاب هرائس ومقالي نزلت فيه محنة إما من حريق أو نهب أو هدم أو نحوه وقال بعضهم السوق الدنيا واتساع السوق اتساع الدنيا وقيل السوق تدل على اضطراب وشغب بسبب من يجتمع إليها من العامة فأما من تعيش من السوق فإنها دليل على خير إذا رأى فيها خلقا كثيرا أو شغلا فأما إذا كانت السوق هادئة دلت على بطالة السوقيين.
الحانوت: يدل على كل مكان يستفيد المرء فيه فائدة في دنياه وأخراه كبستانه وفدانه ونخلته وشجرته وزوجته ووالده ووالدته أو كتابه من قول العامة لمن اعتمد مكانا للفائدة جعله حانوته فمن رأى حانوته انهدم فإن كان والده مريضا مات لان معيشته منه وإن كانت أمه مريضة هلكت لأنها كانت تربيه بلبنها وتقويه بعيشها وإن كانت زوجته حاملا أو سقيمة ماتت لأنها دنياه ولذته ومتعته ومن في بطنها ماؤه وولده الذي هو في التأويل ماله فان لم يكن شئ من ذلك تعذرت عليه معيشته وتعطلت عليه الأماكن التي بها قوامه ومن رأى أنه يكسر باب حانوت فإنه يتحول منه وإن رأى أبواب الحوانيت مغلقة نالهم كساد في أمتعتهم وانغلاق في تجارتهم فان رأى أبوابها مسدودة ماتوا وذهب ذكرهم فان رآها مفتحة تفتح عليهم أبواب التجارة.
الخان: فندق الرجل يدل على ما تدل عليه داره من جسمه واسمه ومجده وذكره وحمامه وفرنه ومجلس قضائه فما جرى عليه عاد عليه وأما المجهول منها فدال على السفر لأنه منزلهم وربما دل على دار الدنيا لأنها دار سفر يرحل منها قوم وينزل آخرون وربما دل على الجبانة لأنها منزل من سافر عن بيته وخرج عن وطنه إلى غير بلاده وهو في حين غربته إلى أن يخرج منها مع صحابته وأهل رفقته فمن رأى كأنه دخل في فندق مجهول مات إن كان مريضا أو سافر إن كان صحيحا أو انتقل من مكان إلى مكان فأما من خرج من فندق إلى فندق فركب دابة عند خروجه أو خرج بها عن وسطه نظرت إلى حاله فإن كان مريضا خرج محمولا وإن كان في سفر تحرك منه وسافر عنه وكذلك إن رأى رفقة نازلة في فندق مجهول ركبانا أو خرجوا منه كذلك فإنه يكون وباء في الناس أو الرفاق كما تقدم أو يخرج يفرق بين الامرين بأهل الرفقة وأحوالهم في اليقظة ولمالهم ومعروفهم ومجهولهم وبرهم ومراكبهم .
السجن: يدل على ما يدل عليه الحمام وربما دل على المرض المانع من التصرف والنهوض وربما دل على العقلة عن السفر وربما دل على القبر وربما دل على جهنم لأنها سجن العصاة والكفرة ولان السجن دار العقوبة ومكان أهل الجرم والظلم فمن رأى نفسه في سجن فانظر في حاله وحال السجن فإن كان مريضا والسجن مجهولا فذلك قبره يحبس فيه إلى القيامة وإن كان السجن معروفا طال مرضه ورجيت إفاقته وقيامه إلى الدنيا التي هي سجن لمثله لما في الخبر ” إنها سجن المؤمن وجنة الكافر ” وإن كان المريض مجرما فالسجن المجهول قبره والمعروف دال على طول إقامته في علته ولم ترج حياته إلا أن يتوب أو يسلم في مرضه وإن رأى ميتا في السجن فإن كان كافرا فذاك دليل على جهنم وإن كان مسلما فهو محبوس عن الجنة بذنوب وتبعات بقيت عليه وأما الحي السليم يرى نفسه في سجن فانظر أيضا إلى ما هو فيه فإن كان مسافرا في بر أو سفينة أصابته عقلة وعاقة بمطر أو ريح أو عدو أو حرب أو أمر من سلطان وإن لم يكن مسافرا دخل مكانا يعصى الله فيه كالكنيسة ودار الكفر والبدع أو دار زانية أو خمار كل انسان على قدره وما في يقظته مما ينكشف عند المسألة أو يعرف عنه بالشهرة أو بزيادة منامه من كلامه وأفعاله في أحلامه وقال بعضهم ومن رأى أنه اختار سجنا لنفسه فان امرأة تراوده عن نفسه والله يصرف عنه كيدها ويبلغه مناه لقوله تعالى – رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه -، وحكي أن سابور بن أردشير في حياة والده رأى كأنه يبنى السجون ويأخذ الخنازير والقردة من الروم فيدخلها فيه وكان عليه أحد وثلاثون تاجا فسأل المعبر عنه فقال تملك إحدى وثلاثين سنة وأما بناء السجون فبعددها تبني مدائن وتأخذ الروم وتأسر منهم فكان كذلك فإنه بعد موت أبيه أخذ ملك الروم وبنى مدينة نيسابور ومدينة الأهواز ومدينة ساوران.
المزبلة: هي الدنيا وبها شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها والزبل الماء لأنه من تراب الأرض وفضول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشون به من عظام وخزف ونوى وتبن ونحو ذلك مما هو في التأويل أموال فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلوكة فانظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله فإن كان مريضا أو خائفا من الهلاك بسبب من الأسباب بشرته بالنجاة أو بالقيام إلى الدنيا المشبهة بالمزبلة وإن رأى ذلك فقير استغنى بعد فقره وكسب أموالا بعد حاجته وإن كان له من يرجو ميراثه ورثه لان الزبل من جمع غيره ومن غير كسبه والمزبلة مثل مال مجموع من ههنا ومن ههنا بلا ورع ولا تحر لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات وإن كان أعزب تزوج وكان الأزبال شوارها وقشها المقشش من كل ناحية والمشترى من كل مكان والمستعار من كل دار فان لم يكن ذلك فالمزبلة دكانه وحانوته ولا يبعد أن يكون صرافا أو خمارا أو سقاطا أو من يعامل الخدم والمهنة كالفران وإن كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولى ذلك وكانت الأموال تجئ إليه والفوائد تهدى إليه والمغارم والمواريث لان الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة إلا من بعد الكنس والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والموت وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله وللقاضي دار أمينه وصاحب ودائعه، وأما من يقرأ فوق مزبلة فإن كان واليا عزل وإن مريضا مات وإن كان فقيرا تزهد وافتقر.
الطرق الجادة: الطريق هو الصراط المستقيم والصراط هو الدين والاستقامة فمن يسلك فيه فهو على الطريق المستقيم ومنهاج الدين وشرائع الاسلام ومتمسك بالعروة الوثقى من الحق فان ضل الطريق فهو متحير في أمر نفسه ودينه وإن رأى أنه يمشي مستويا على الطريق فإنه على الحق فإن كان صاحب دنيا فإنه يهدى إلى تجارة مربحة، وأما الطريق المضلة فضلالة لسالكها فان استرشد وأصاب عاد إلى الحق والطريق الخفي غرور وبدعة. وأما الطريق المنعرج في السلوك فيكون في المذاهب والاعمال. قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: رأيت كأني أخذت جواد كثيرة فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه وإلى جنبه أبو بكر رضوان الله عليه قلت إنا لله وإنا إليه راجعون. وأما السراب فمن رأى سرابا فإنه يسعى في أمر قد طمع فيه لا يحصل له منه مقصود لقوله تعالى كسراب بقيعة -.
بئر الكنيف: تدل على المطمورة وعلى المخزن وعلى الكيس لما فيها من العذرة الدالة على المال فمن كنسها ورمى بما فيها من العذرة باع ما عنده من السلع الكاسدة أو بعث بماله في سفره أو عامل به نسيئة إن كان ذلك شأنه إذا حمل ما فيها في الجرار وإن صب في القناة أو وجدها لا شيء فيها ذهب ماله ودنا فقره وإن كان فقيرا ذهب همه ونقص حزنه حزن الفقر لكنسها عند امتلائها في يقظته وقد يدل على الدين فإن كان مديونا قضى دينه لأنها حش وأما من بال فيها لبنا أو عسلا أتى دبرا حراما إن كانت مجهولة وإن كانت في داره صنع ذلك مع أهله.
الجبانة: تدل على الآخرة لأنها ركابها وإليها يمضى بمن وصل إليها وهي محبس من وصل إليها وربما دلت على دار الرباط والنسك والعبادة والتخلي عن الدنيا والبكاء والمواعظ لان أهلها في تزاويهم عن الناس عبرة لمن زارهم وموعظة لمن رآهم وانكشفت إليه أحوالهم وأجسامهم المنهوكة وفرقهم المسحوقة وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلها وسلم على ساكنيها دار قوم مؤمنين وربما دلت على الموت لأنها داره وربما دلت على دار الكفار وأهل البدع ومحلة أهل الذمة لان من فيها موتى والموت في التأويل فساد الدين وربما دلت على دور المستخفين بالأعمال المهلكة والفساد كدور الزناة ودور الخمور التي فيها السكارى مطروحين كالموتى ودور الغافلين الذين لا يصلون ولا يذكرون الله تعالى ولا ترفع لهم أعمال وربما دلت على السجن لان الميت مسجون في قبره فمن دخل جبانة في المنام وكان مريضا في اليقظة صار إليها ومات من علته لا سيما إن كان بنى فيها بيتا أو دارا فان لم يكن مريضا فانظر فإن كان في حين دخوله متخشعا باكيا بعينه أو تاليا لكتاب الله تعالى أو مصليا إلى القبلة فإنه يكون مداخلا لأهل الخير وحلق الذكر ونال نسكا وانتفع بما يراه أو يسمعه وإن كان حين دخوله ضاحكا أو مكشوف السوأة أو بائلا على القبور أو ماشيا مع الموتى فإنه يداخل أهل الشر والفسوق وفساد الدين ويخالطهم على ما هم عليه وإن دخلها بالأذان وعظ من لا يتعظ وأمر بالمعروف من لا يأتمر وقام بحق وشهد بصدق بين قوم غافلين جاهلين أو كافرين وأما من رأى الموتى وثبوا من قبورهم أو رجعوا إلى دورهم مجهولين غير معروفين فإنه يخرج من في السجن أو يسلم أهل مدينة مشركون أو ينبت ما زرعه الناس من الحب في الأرض مما قد أيسوا منه لدوام القحط على قدر ما في زيادة الرؤيا وما في اليقظة من الشواهد والأدلة والأمور الظاهرة الغالبة وأما من نبش القبور فان النباش يطلب مطلوبا خفيا مندرسا قديما لان العرب تسميه مختفيا إما في خير أو شر فان نبش قبر عالم فقيه نبش على مذهبه وإحياء ما اندرس من علمه وكذلك قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يفضى به نبشه إلى رمة بالية وخرق متمزقة أو تكسر عظامه فإنه يخرج في علمه إلى بدعة وحادثة وإن وجده حيا استخرج من قبره أمرا صالحا وبلغ مراده من إحياء سنته وشرائعه على قدره ونحوه وإن نبش قبر كافر أو ذي بدعة أو أحد من أهل الذمة طلب مذهب أهل الضلالة أو عالج مالا حراما بالمكر والخديعة وإن أفضى به النبش إلى جيفة منتنة أو حمأة وعذرة كثيرة كان ذلك أقوى في الدليل وأدل على الوصول إلى الفساد المطلوب وأما من رأى ميتا قد عاش فان سنته تحيا في خير أو شر لرائيها خاصة إن كان من أهل بيته أو رآه في داره أو للناس كافة إن كان سلطانا أو عالما وأما أكل الميت من دار فيها مريض فدليل على هلاكه وإلا ذهب لأهلها مال وأما من ناداه الميت فإن كان مريضا لحقه وإن كان مفيقا فقد وعظه وذكره فيما لابد منه ليرجع عما هو فيه ويصلح ما هو عليه وأما من ضربه ميت أو تلقاه بالعبوس والتهديد وترك السلام فليحذر وليصلح ما قد خلفه عليه من وصية إن كانت إليه أو في أعمال نفسه وذنوبه فيما بينه وبين الله تعالى وإن تلقاه بالبشر والشكر والسلام والمعانقة فقد بشره بضد حال الأول وقد تقدم في ذكر باب الأموات ما فيه غنى وأما الحمل فوق النعش فمؤيد لما دل عليه الموت في الرؤيا وقد يلي ولاية يقهر فيها الرقاب وأما الدفن فمحقق لما دل عليه الموت وربما كان يأسا لمن فسد دينه من الصلاح وربما دل على طول إقامة السفر وعلى النكاح والعروس ودخول البيت في الكلمة مع العروس من بعد الاغتسال ولبس البياض ومس الطيب ثم يزوره إخوانه في أسبوعه وربما دل على السجن لمن يتوقعه فان وسع عليه ونوم نومة عروس كان ما يدل عليه خيرا كله وحسنت فيه عقباه وكثرت دنياه وإن كان على خلاف ذلك ساءت حالته وكانت معيشته ضنكا، وكان ابن سيرين يقول أحب أن آخذ من الميت وأكره أن أعطيه وقال إذا أخذ منك الميت فهو شئ يموت ومن مات ولم ير هناك هيئة الأموات فإنه انهدام داره أو شيء منها وإذا رأى الحي أنه يحفر لنفسه قبرا بنى دارا في ذلك البلد أو تلك المحلة وثوى فيها ومن دفن في قبر وهو حي حبس وضيق عليه وإن رأى ميتا عانقه وخالطه كان ذلك طول حياة الحي وإن رأى الميت نائما كان ذلك راحته.
وأما السور: فسور المدينة دال على سلطانها وواليها، وأما المجهول منه فيدل على الاسلام والعلم والقرآن وعلى المال والأمان وعلى الورع والدعاء وعلى كل ما يتحصن به من سائر الأعداء وجميع الأسواء من علم أو زوجة أو زوج أو درع أو سيد أو والد أو نحوهم، فمن رأى سور المدينة مهدوما مات واليها أو عزل عن عمله وإن رآه ماشيا كما يمشي الحيوان فإنه يسافر في سلطان إلى الناحية التي مشى عليها في المنام فإن كان فوقه سافر معه، وأما من بنى سورا على نفسه أو على داره أو على مدينته فانظر في حاله فإن كان سلطانا حفظ من عدوه ودفع الأسواء عن رعيته وإن كان عالما صنف في علمه ما فيه عصمة لغيره وإن كان عبدا ناسكا حفظ الناس بدعائه ونجا هو من الفتنة به وإن كان فقيرا أفاد ما يستغنى به أو تزوج زوجة إن كان عزبا تحصنه وتدفع فتنة الشيطان عنه ومن رأى سورا مجهولا وقد تثلم منه ثلم حتى دخل إلى المدينة لصوص أو أسد فان أمر الاسلام يضعف أو العلم في ذلك المكان أو ثلم من أركان الدين ركن فإن كان ذلك فيما رآه كأنه فيما يخصه وكأنه كان فيه وحده دخل ذلك عليه في دينه أو علمه أو في ماله أو في درعه إن كان في الجهاد أو في عقوق والد أو والدة أو زوج أو سيد فيصل إليه من ذلك الآثام .
القلعة: انقلاع من هم إلى فرج والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير إلى شر فمن رأى كأنه دخل قلعة رزق رزقا ونسكا في دينه، ومن رأى قلعة من بعيد فإنه يسافر من موضع إلى موضع ويرتفع أمره ومن رأى أنه بنى حصنا أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل فان رأى أنه خرب حصنه أو داره أو قصره فهو فساد دينه أو دنياه أو موت امرأته ومن رأى أنه في قلعة أو مدينة أو حصن فإنه يرزق صلاحا وذكرا ونسكا في دينه فان رأى أنه قاعد على شرف حصن فإنه يستعبد أخا أو رئيسا أو والدا ينجو به وقيل الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد فمن رآه من بعيد فإنه علو ذكره وتحصين فرجه، ومن رأى أنه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكون حاله في دينه وقيل من رأى أنه تحصن في قلعة نصر.
وأما البرج: فمن رأى أنه على برج أو فيه فإنه يموت ولا خير فيه لقوله تعالى – أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة -.
خراب العمران: من رأى الدنيا خربة من المزارع والمساكن ورأى نفسه في خراب مع حسن هيئة من لباس ومركب فإنه في ضلالة ومن رأى حيطان الدار انهدمت من سيل ماء فهو موت أهلها فان رأى الخراب في محلته فإنه موت يقع هناك، ومن رأى أنه وثب على بيته فهدمه فهو موت امرأته ومن رأى أن بيته سقط عليه وكان هناك غبار فهو حصبة وربما كان سقوط السقف عليه نكبة ومن رأى خرابا عاد عمرانا صحيحا فان ذلك صلاح في دين صاحبه ورجوعه من الضلالة إلى الهدى ومن رأى سقوط شيء من داره أو قصره أو بيته إلى داخل وكان له غائب قدم عليه وإن كان عنده شيء يخطب إليه خطب منه ابنة أو أخت أو غيرهما وإن هدمت الريح دارا فهو موت من في ذلك المكان على يد سلطان جائر.
القناطر: القنطرة المجهولة تدل على الدنيا سيما إن كانت بين المدينة والجبانة لان الدنيا تعبر ولا تعمر وربما دلت على السفن لأنها كالمسافة والسبيل المسلوك المتوسط بين المكانين وربما دلت على السلطان والحاكم والمفتي وكل من يتوصل الناس به إلى أمورهم ويجعلون ظهره جسرا في نوازلهم وربما دلت على الصراط لأنه عقبة في المحشر بينه وبين الجنة فمن جاز في المنام على قنطرة عبر الدنيا إلى الآخرة سيما إن لقي من بعد عبوره موتى أو دخل دارا مجهولة البناء والأهل والموضع أو طار به طائر أو ابتلعته دابة أو سقط في بئر أو حفير أو صعد إلى السماء كل ذلك إذا كان مريضا في اليقظة وإن لم يكن مريضا نظرت فإن كان مسافرا بشرته بتقضي سفره واستدللت على ما تقدم عليه بالذي أفضى عليه عند نزول القنطرة من دلائل الخير والغنى أو الشر والفقر فان نزل إلى خصب أو تبن أو شعير أو تمر أو امرأة أو عجوز وصل إلى فائدة ومال وإن نزل إلى أرض ومسجد نال مراده في سفره إما حج أو غزو أو رباط وإن تلقته أسد أو حمأة أو جدب أو تين أو عنب أسود أو سودان أو ماء قاطع أو سيل دافق فلا خير في جميع ما يلقاه في سفره أو حين وصوله إلى أهله فان كانت له خصومة أو عند رئيس حاجة نال منها ورأى منه فيها ما يدل على جميع ما نزل إليه من خير أو شر وأما من صار جسرا أو قنطرة فإنه ينال سلطانا ويحتاج إليه وإلى جاهه وإلى ما عنده.
الأعمدة: العمود يدل على كل من يعتمد عليه وما هو عمدة وعماد ودعامة كالإسلام والقرآن والسنن والفقه للدين والسلطان والفقيه والحاكم والوالد والسيد والزوج والوصي والشاهد والزوجة والمال وبمكان العمود وزيادة المنام وصفات النائم يستدل على تأويل الامر وحقيقة الرؤيا فمن رأى عمودا قد مال عن مكانه وكاد أن يسقط من تحت بنائه فإن كان ذلك في الجامع الأعظم فإنه رجل من رجال السلطان ينافق عليه أو يهم بالخروج عن طاعته أو عن مذهبه أو رجل من العلماء أو الصلحاء يجور عن علمه ويميل عن استوائه لفتنة دخلت عليه أو بلية نزلت به وإن كان في مسجد من مساجد القبائل فإنه إمامه أو مؤذنه أو من يعمره ويخدمه وإن كان العمود في داره ومسكنه فإن كان صاحب الرؤيا عبدا فالعمود سيده يتغير عليه ويبدو إليه منه ما يكره ويخافه إذا كان قد خاف منه في المنام من سقوطه عليه وإن كانت امرأة فالعمود زوجها وإن كان رجلا فالعمود والده وسقوط العمود مرض المنسوب إليه أو هلك إن كان مريضا وكذلك إن ارتفع إلى السماء فغاب فيها أو سقط في بئر أو حفير فلم ير وإن كان العمود من أعمدة الكنائس فالمنسوب فيما جرى عليه كافر أو مبتدع كالرهبان والشمامسة ورؤوس البدع .
المساجد: المسجد يدل على الآخرة لأنها تطلب فيه كما تدل المزبلة على الدنيا وتدل على الكعبة لأنها بيت الله وتدل على الأماكن الجامعة للربح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والموسم والرباط وميدان الحرب والسوق لأنه سوق الآخرة ثم يدل كل مسجد على نحوه في كبره واشتهاره وجوهره فمن بنى مسجدا في المنام فإن كان أهلا للقضاء ناله وكذلك إن كان موضعا للفتوى وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه وفى الوراق على مصحف يكتبه وفى الأعزب على نكاح وتزويج ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجرى عليه غلته وتدوم فائدته كالحمام والفندق والحانوت والفرن والسفينة وأمثال ذلك لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة ومجيء الناس إليه من كل ناحية ودخولهم فيه بغير إذن ومن كان في يقظته مؤثرا للدنيا وأموالها أو كان مؤثرا لآخرته على عاجلته عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفوائد في الدنيا له أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته وأما من هدم مسجدا فإنه يجرى في ضد من بناه وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه ويحدثه في موضعه من بعد هدمه فان بنى حانوتا آثر الدنيا على الآخرة وإن بنى حماما فسد دينه بسبب امرأة وإن حفر في مكانه حفرا أثم من مكر مكره أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل أو من أجل حاكم عزله أو رجل صالح قتله أو مكان فيه من عطله أو نكاح معقود أفسده وأبطله وإن رأى نفسه مجردا من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد فإن كان ذلك في أيام الحج فإنه يحج إن شاء الله سيما إن كان يؤذن فيه وإن كان مذنبا خرج مما هو فيه إلى التوبة والطاعة وإن كان يصلي فيه على غير حاله إلى غير القبلة بادي السوأة فإنه يتجرد إلى طلب الدنيا في سوق من الأسواق وموسم من المواسم فيحرم فيه ما أمله أو يخسر في كل ما قد اشتراه وباعه لفساد صلاته وخسارة تعبه وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به وأما المسجد الحرام فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجوهره في ذلك ودليله لان الكعبة التي إليها الحج فيه وقد يدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السوق العظيم الشأن الكبير الحرام كسوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيهما من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والاثم وكذلك كل الحرام بما الانسان فيه مطلوب بالتحفظ من إتيان المحرمات ومن التعدي على الحيوانات ومن إماطة الأذى وأما جامع المدينة فدال على أهلها وأعاليه رؤساؤها وأسافله عامتها وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك ومحرابه إمام الناس ومنبره سلطانهم أو خطيبهم وقناديله أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلى فيه وأما مئذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعى الناس إليه ويرضى بقوله ويقتدى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعوته ويؤمن على دعائه وأما أبوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم فما أصاب شيئا من هذه الأشياء أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.
الكعبة: ربما دلت على الصلاة لأنها قبلة المصلين وتدل على المسجد والجامع لأنها بيت الله وتدل على من يقتدى به ويهتدى بهديه ويرجع إلى أمره ولم يخالف إلى غيره كالإسلام والقرآن والسنن والمصحف والسلطان والحاكم والعالم والوالد والسيد والزوج والوالدة والزوجة وقد تدل على الجنة لأنها بيت الله والجنة داره وبها يوصل إليها وقد تدل على ما تدل عليه الجوامع والمساجد من المواسم والجماعات والأسواق والرحاب فمن رأى الكعبة صارت داره سعى إليه الناس وازدحموا على بابه لسلطان يناله أو علم يعلمه أو امرأة شريفة عالية سلطانية أو ناسكة تتزوجه وإن كان عبدا فان سيده يعتقه لان الله تعالى أعتق بيته من أيدي الجبابرة وأما إن كان حولها أو يعمل عملا من مناسكها فهو يخدم سلطانا أو عالما أو عابدا أو والده أو والدته أو زوجة أو سيدا بنصح وبر وكد وتعب وإن رأى كأنه دخلها تزوج إن كان عزبا وأسلم إن كان كافرا وعاد إلى الصلاة والصلاح إن كان غافلا وإلى طاعة والديه إن كان عاقا وإلا دخل دار سلطان أو حاكم أو فقيه لأمر من الأمور الذي يستدل عليه بزيادة منامه وأحواله في يقظته إلا أن يكون خائفا في اليقظة فإنه يأمن ممن يريده وإن كان مريضا فذلك موته وفوزه سيما إن كان في المنام قد حمل إليها في محمل صامتا غير متكلم أو ملبيا متجردا من الثياب فإنه يخرج من الدنيا ويستجيب لداعى الله تعالى ويفضى إن شاء الله إلى الجنة وأما إن رآها في بلاد أو في محلة فان كانت الرؤيا خاصة لرائيها ولم ير جماعة من الناس معه عند رؤياها فانظر إلى حالته فإن كان منتظر الزوجة قد عقد نكاحها وطال عليه انتظارها فقد دنا أمرها وقرب إليه مجيئها سيما إن رآها في محلتها أو في محلته وإن دخلها وهي عنده أهديت إليه وإن دخلها وهي في محلتها دخل عليها في دارها عاجلا سريعا لقرب الكعبة منه من بعد بعدها ومشقة مسافتها وإن رآها في ذلك من كان غافلا في دينه أو تاركا للصلاة فإنها له نذير وتحذير من تركه لما عليه أن يعمله من التوجه إليها في مكانه وكذلك إن كان ممن يلزمه الحج وقد غفل عنه فقد ذكرته في نفسها واقتضته في المجيء إليها وإن لم يكن شيء من ذلك وكانت الرؤيا لعامة الناس كاجتماعهم حولها في المنام وضجيجهم عندها في الأحلام فإما سلطان عادل يلي عليهم ويقدم عليهم أو حاكم أو رجل عالم إمام مذكور يقدم من حج الناس أو سفر بعيد أو يخرج من داره من بعد تزاويه لحادث يحدث له أو فرض يلزمه أو ميت يموت له فيتبعه الناس ويطوفون حوله بالدعاء له والتبرك به ونحو ذلك.
الكنيسة: دالة على المقبرة وعلى دار الزانية وعلى حانوت الخمر ودار الكفر والبدع وعلى دار المعازف والزمر والغناء وعلى دار النوح والسواد والعويل وعلى جهنم ودار من عصى ربه وعلى السجن فمن رأى نفسه في كنيسة فإن كان فيها ذاكرا لله تعالى أو باكيا أو مصليا إلى الكعبة فإنه يدخل جبانة الموتى لزيارة أو لصلاة على جنازة وإن كان بكاؤه بالعويل أو كان حاملا فيها ما يدل على الهموم فإنه يسجن في السجن وإن رأى فيها ميتا فهو في النار محبوس مع أهل العصيان وإن دخلها حيا مؤذنا أو تاليا للقرآن فإن كان في جهاد غلب هو ومن معه على بلد العود وإن كان في حاضرة دخل على قومه في عصيان أو بدع وإلحاد فوعظهم وذكرهم وحجهم وقام بحجة الله فيهم وإن كان يرى معهم أو يصلى بصلاتهم ويعمل مثل أعمالهم فإن كان رجلا خالط قوما على كفر أو بدعة أو زنا أو خمر أو على معصية كبيرة كالغناء والزمر وضرب البربطة والطبل سيما إن كان قد سجد معهم للصليب لأنه من خشب وإن كان امرأة حضرت في عرس فيه معازف وطبول فخالطتهم أو في جنازة فيها شق وسواد ونوح وعويل فشاركتهم .
الصومعة: تدل على السلطان وعلى الرئيس العالي الذكر بالعلم والعبادة وكذلك المنازل وبمكانها ومنافعها وجوهرها ومعروفها ومجهولها يستدل على تأويلها وحاله المنسوب إليها فما أصابها أو نزل بها من هدم أو سقوط أو غير ذلك عاد تأويله على من دلت عليه وما كان منها في الهواء أو في الجبانة أو في البرية فدالة على قبور الاشراف ونفوس الشهداء على قدر ألوانها وجوهر بنائها وما كان منها أسود اللون أو مملوءا بالخنازير فهي كنائس والبيعة مجراها في التأويل وأما الناس فإذا رأى فيه الموتى دل على بيت مال حرام وإذا رآه خاليا من الموتى فيدل على رجل سوء يأوي إليه رجال سوء.
تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع والثلاثون: في الأرض و جبالها و ترابها و بلادها و قراها و دورها و أبنيتها و قصورها و حصونها و مرافقها و مفاوزها و سرابها و رمالها و تلالها و حماماتها و أرحيتها و أسواقها و حوانيتها و سقوفها و أبوابها و طرقها و سجونها و بيعها و كنائسها و بيوت نيرانها و نواويسها وما أشبه ذلك.