رؤيا الجبل – تفسير الاحلام لابن نعمة
فصل فِي الْجبَال: من رأى كأنه ملك جبلا أَو طلع على رَأس جبل: تحكم من جليل الْقدر، أَو تولى ولَايَة تلِيق بِهِ، أَو قضيت لَهُ حَاجَة، وَإِن كَانَ خَائفًا أَمن. فَإِن كَانَ جبلا مليحاً فِيهِ أَشجَار نافعة أَو عُيُون مليحة فالرجل الْمَذْكُور حسن أَو ولَايَة حَسَنَة أَو معيشة أَو فَائِدَة أَو زوج جيد، وَأما إِن كَانَ أَقرع أَو فِيهِ الْحَيَّات أَو الوحوش المؤذية فَرجل ردي أَو ولَايَة نكدة. قَالَ المُصَنّف: دلّ الْجَبَل على الْجَلِيل الْقدر لعلوه وإرتفاعه، وَدلّ على المنصب وَالْولَايَة وَقَضَاء الْحَوَائِج لكَون الطالع قَصده أَعلَى رَأسه أَو الْمَكَان الَّذِي فِي خاطره وَقد نَالَ ذَلِك، وَإِن كَانَ خَائفًا أَمن لِأَن فِيهِ أَمَاكِن يخفي الهارب فِيهَا أَكثر من الأَرْض المتواطئة ولأن الطَّالِب لمن هُوَ فِي أَعلَى الْجَبَل يشق عَلَيْهِ إِدْرَاكه غَالِبا للراكب والماشي بِخِلَاف الأَرْض، وَيدل لأرباب الرياضات على الْعِبَادَة وَحسن الانفراد، وَلمن يطْلب الْعُلوم على الاطلاع على الْأَشْيَاء الغريبة المليحة لِأَن العالي على الْجَبَل ينظر الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة، وَرُبمَا كَانَ الْوَاقِف على الْجَبَل جاسوساً لكَونه يكْشف الْبعيد وَلَا يعلم بِهِ غَالِبا، وَرُبمَا دلّ الصعُود على الْجَبَل والأماكن الْعَالِيَة على مرض يحدث بِالرَّأْسِ أَو بِالْعينِ خُصُوصا إِن كَانَ وَاقِفًا على مَكَان ضيق لِأَن الصاعد على مثل ذَلِك يدوخ رَأسه ويخيل إِلَيْهِ أَن الأَرْض تَدور بِهِ، وَنَحْو ذَلِك. فافهمه موفقاً إِن شَاءَ الله.
رؤيا صعود الجبل
وَأما من طلع إِلَى رَأس جبل بطرِيق سهلة كَانَ ذَلِك رَاحَة، وَأما إِن لم يبلغ رَأسه أَو طلع طلوعاً مشقاً: دل على مرض، أو تعسرت حَاجَة الْمَذْكُور. قَالَ المُصَنّف: فَإِن طلع إِلَى الْجَبَل أَو الْمَكَان العالي بسلم فَانْظُر من أَي شَيْء السّلم من حَدِيد أَو من حجر أَو خشب أَو من حبال أَو من نُحَاس أَو من فضَّة أَو من ذهب وَنَحْو ذَلِك، وَانْظُر علو الَّذِي رقا إِلَيْهِ بالسلم، فَإِن كَانَ عَالِيا علوا لَا يُمكن أَن يعْمل لَهُ سلم دلّ على قَضَاء الْحَوَائِج لَكِن بغرامة على قدر السّلم، وَيدل على تسهيل الْأُمُور من حَيْثُ لَا يحْتَسب، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت بقرة وَحش على رَأس جبل عالي فطلبت أَخذهَا فَلم أقدر عَلَيْهَا فَنصبت سلما من ذهب وطلعت أَخَذتهَا، قلت لَهُ: كم تَقْدِير عدد درج السّلم، قَالَ: خَمْسَة عشر دَرَجَة، قلت: طلبت تتزوج امرأة من رجل جليل القدر ويتم لك ذلك. وَقَالَ آخر رَأَيْت كأنني نصبت سلما إِلَى السَّمَاء من نُحَاس وَأخذت النُّجُوم الَّتِي تسمى الذِّرَاع، قلت: أَنْت تعاشر المناحيس وَقد طلعتم إِلَى دَار جليل الْقدر أَو تَاجر أَو خياط وأخذتم من دَاره لؤلؤاً أَو مصاغاً، قَالَ: صَحِيح. وعَلى هَذَا فقس.
رؤيا هدم جبل
فصل: وَأما من هدم جبلا: سعى فِي زَوَال من دلّ الْجَبَل عَلَيْهِ، فَإِن كَانَ جبلا نَافِعًا: سعى فِي زَوَال من فِيهِ نفع لناس وَإِلَّا فَلَا، وَأما تقَاتل الْجبَال أَو مسيرها فدليل على قتال الأكابر أَو سفرهم، أما ارْتِفَاع الْجَبَل فَوق الْبَلَد أَو فَوق الْإِنْسَان فدليل على الْخَوْف والشدة.
فصل: وَأما تهدد الْجبَال أَو طيرانها أَو حرقها بالنَّار فدليل على فتن أو أمراض تهْلك فِيهَا الأكابر. قَالَ المُصَنّف: انظر مَا طير الْجَبَل أَو هده فَإِن كَانَ بثلج أَو جليد أَو هَوَاء مزعج وَنَحْو ذَلِك من الْأَشْيَاء الْبَارِدَة فأمراض بَارِدَة يصاب بهَا من دلّ الْجَبَل عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ من النيرَان فأمراض حارة، وَكَذَلِكَ مَا يدل على بَاقِي الأخلاط. مِثَاله إِذا جعلته من رُطُوبَة فَقل نكد مِمَّن يتعانى الْمِيَاه، وَمن الْحَرَارَة فَمِمَّنْ يتعانى النيرَان، وَكَذَلِكَ قس بَاقِي الأخلاط على مَا ذَكرْنَاهُ موفقا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأما الْجبَال المعظمة: – كعرفات وَالطور ولبنان وقاسيون وطر زيتا وجودي وأمثالهم – فهم دالون على الْعلمَاء والزهاد والملوك وأماكن الْعِبَادَة وَالْخَيْر، فَمَا حدث فيهم من خير أَو شَرّ نسبناه إِلَى عَالم أَو زاهد أَو كَبِير أَو ملك ذَلِك الْبَلَد. قَالَ المُصَنّف: من صَار فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ جبل من هَذِه الْجبَال نَالَ من الْعُلُوم أَو عَاشر أَرْبَابهَا أَو طلع لَهُ ولد كَذَلِك، أَو سَافر إِلَى ذَلِك الْمَكَان، أَو اجْتمع بِرَجُل كَذَلِك من ذَلِك الْمَكَان، وَكَذَلِكَ لَو طلع عَلَيْهِ أَو صَار الْجَبَل فِي مَكَانَهُ أَو جَاءَ الْجَبَل إِلَى عِنْده حصل لَهُ مَا ذكرنَا. فَافْهَم ذَلِك موفقاً إِن شَاءَ الله.
رؤيا التلة
والكدي والتلال حكمهَا حكم الْجبَال لَكِنَّهَا دونهَا فِي الرُّتْبَة. قَالَ المُصَنّف: وَرُبمَا دلّت الكدي والتلال والصخور على قَضَاء الْحَوَائِج أَكثر من الْجبَال، كَرجل طلب حَاجَة من جبل فَرَأى كَأَنَّهُ ضَعِيف أَو لَا يقدر على الصعُود إِلَى ذَلِك فطلع إِلَى كدية أَو تل أَو حجر وَوجد قَصده على ذَلِك دلّ على بُلُوغ المُرَاد من الرجل المتواضع الْقَرِيب من النَّاس السهل الْمُعَامَلَة الَّذِي لَا تتعسر حوائج القاصد إِلَيْهِ بِخِلَاف الْجَبَل فِي هَذِه الْحَال الَّتِي ذَكرنَاهَا، وَإِذا كَانَ عَادَة الْبلدَانِ يَدُور حجره بالدواب فَرَآهُ يَدُور بِالْمَاءِ أَو بالرياح وَنَحْو ذَلِك وَلم يعبر نَفعه ففائدة من حَيْثُ لَا يحْتَسب لكَونه توفرت عَلَيْهِ علوفة الدَّوَابّ وسقيها، وَأما إِن نقصت عَملهَا فنكد مِمَّن دلّ ذَلِك عَلَيْهِ، وَإِن رَآهَا فِي صفة لَا يثبت مثلهَا مثل الزّجاج وَهِي تعْمل جيدا ففائدة مِمَّن لَا يُرْجَى، وَإِن لم تعْمل صَارَت ردية، وَأما إِذا أكلهَا وطعمها طيب فَهِيَ دَالَّة على الرِّبْح والفائدة وَيدل أَيْضا على أَنه رُبمَا بَاعهَا وَأكل أثمانها، وَإِن لم يكن طعمها طيبا دلّ على ضد مَا ذكرنَا. فَافْهَم ذَلِك.